aleqt: 06-12-2023 (11013)

7 NO.11013 ، العدد 2023 ديسمبر 6 هـ، الموافق 1445 جمادى الأولى 22 الأربعاء بنجلادش أمام مشهد غذائي مليء بالمفارقات .. الجوع وحشعصي على الترويض كانت بنجلادش -وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم من 2001- المتحدة "فاو" في عام بين الدول العشر الأولى المنتجة سلعة زراعية، وبحلول عام 11 لـ كانت بين الــدول العشر 2011 سلعة زراعية، 17 الأولى المنتجة لـ والآن تصنف من بين الدول العشر منتجا زراعيا 22 الأولى في إنتاج رئيسا. عاما من الاستقلال، 52 وخلال زاد إنتاج الحبوب الغذائية في بـنـجـ دش خمس مـــرات، ففي إنتاج الأرز تحتل المرتبة الثالثة عالميا وتتمتع بالاكتفاء الذاتي، والـسـادسـة في إنـتـاج العدس والفواكه الاستوائية، والسابعة في إنتاج البصل والبطاطس، والثامنة في الشاي واليقطين، والتاسعة في المانجو والجوافة والقرنبيط والــروكــي، أي باختصار يحق لبنجلادش أن تفتخر بإنجازاتها الزراعية، وتحقق الاكتفاء الذاتي في عديد من المنتجات الغذائية. إذن نحن نقف أمــام تجربة زراعية رائدة.. لكن التمهل وعدم التسرع في استخلاص النتائج، قد يجعلانا نرى وجها آخر للعملة.. فعلينا أن نتذكر دائما أن لكل عملة وجهين. ووفقا لمؤشر الجوع العالمي، 81 فإن بنجلادش تحتل المرتبة دولة، تحسنت قليلا 125 من بين عن أعوام سابقة لكنها لا تزال في النصف الأسفل من القائمة، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، فأسرتان أسر أو أكــر مـن بـ كـل عـ تعانيان انعدام الأمن الغذائي، وهذا اتجاه متزايد منذ شهر مايو الماضي. ووفقا لأحدث عملية مسح قام بها برنامج الأغذية العالمي أجري في أغسطس المـاضي، كان نحو 40 في المائة من السكان أو 24 مليون نسمة يعانون انعدام الأمن الغذائي، إذ إن تلك النسبة من المواطنين ليس لديها ما يكفي من الـغـذاء أو النوع المناسب من الغذاء لتلبية احتياجاتهم الغذائية وعيش حياة صحية ونشيطة، وهـذا بطبيعة الحال له آثار سلبية في صحة السكان الجسدية والقدرة التعليمية وحتى التماسك الأسري والاجتماعي. في 47 كما كشف المسح أن المائة من الذين يعانون انعدام الأمـــن الـغـذائي ينتمون إلى 30 أسر منخفضة الدخل، و في المائة من الأسر أبلغت عن عـدم كفاية استهلاكها في المائة من 74 الغذائي، و الأسر تقوم بــ اء كميات صغيرة أو أغذية أقـل تكلفة من السوق. قد تبدو تلك الأرقام مفزعة في دولــة زراعـيـة في الأســاس، تفتخر بإنتاجها الزراعي والسمكي وتحقيق الاكتفاء الـذاتي منهما، وبالتدقيق سنكتشف أن المشهد الــغــذائي في بـنـجـ دش مـيء بالتناقضات، فبينما تتقدم الدولة في مجال الإنتاج الزراعي، وتتنامي الاستثمارات لديها فيهذا القطاع، يبدو انعدام الأمن الغذائي بين شريحة واسعة من المواطنين وحشا عصيا على الترويض. هنا يرى البوفيسور جوهان فليبس أستاذ الزراعة الحديثة، أن بنجلادش أدخلت عديدا من التحسينات الكبيرة في المـــعـــايـــ الغذائية العامة في البلاد خلال العقد والـــنـــصـــف المـاضي، وقفز إنتاج الـخـراوات على سبيل المثال من ثلاثة ملايين مليون 22 إلى 2009 طن عـام طن حاليا. لكنه يقول لـ"الاقتصادية"، "إن جائحة كورونا تسببت في انخفاض الدخل لـدى قطاعات متعددة من سكان البلاد، وأوجد ذلــك تحديات مختلفة، منها تراجع القدرة الشرائية للقطاعات محدودة الدخل والأسر الفقيرة، كما أن المخاطر البيئية تسهم في زيادة الجوع وانعدام الأمن الغذائي، وهذا التحدي سيزداد مستقبلا بسبب الفيضانات، كما في المائة من سكان البلاد 16 أن ستعاني تآكل الأنهار". ويواصل البوفيسور جوهان فليبس القول "كـان هناك تأثير ســلــبــي لـلـحـرب الأوكــــرانــــيــــة، والــــــوضــــــع الاقــتــصــادي الـــعـــالمـــي وزيــــــــــادة التضخم، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبالطبع تـــفـــاقـــم الأمــــن الغذائي". لكن وجهة النظر تلك لا تلقى قبولا شديدا من بيبيا كريستوفر الباحثة الاقتصادية التي تـرى أن الأسـبـاب التي ذكرها البوفيسور جوهان فيليبس أسباب تركز على الأزمة الراهنة، وتتجاهل أن الجوع وانـعـدام الأمــن الغذائي يــكــادان يـكـونـان من الأمراض المستوطنة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لبنجلادش منذ خمسة عقود ونيف، وأن الأمر لا يرتبط بارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا، أو بعجز الموارد، إنمـا بعوامل أخـرى أكـر تجذرا في سياق التطور الاقتصادي لبنجلادش. وقالت لـ"الاقتصادية"، "إن الدولة البنجلادشية في مرحلة ما بعد الاستقلال افتقرت إلى القدرة الإداريــة والمؤسسات الفعالة، ولذلك تقف عاجزة عن تحقيق قـفـزات تنموية أو اقتصادية، والدولة -على الرغم مما حققته من إنجازات في المجال الزراعي في الأعــوام الأخــ ة- إلا أنها لم تدعم الزراعة المحلية بشكل يـحـدث طفرة ضخمة في الإنتاج تتناسب مع الزيادة السكانية وبمـــا يـقـيعــ انــعــدام الأمن الغذائي، ونتيجة للنظام البيروقراطي والتوازنات السياسية لا يعني أن النجاح الزراعي يقابله غياب لمعضلة الأمن الغذائي". وأضافت "التدخلات السياسية تضعف بل وأحيانا تفشل آليات قوى السوق، وتحول دون عملها بشكل فعال، فالجهود التي تبذلها الدولة لمراقبة الأســواق وطرح مـبـادرات لتثبيت أسعار المـواد الغذائية وجعلها متاحة للجميع، غالبا ما لا تعمل وفق المعايير الاقتصادية، إنما وفق المعايير السياسية، لهذا تفشل ولا تحقق الإنصاف ولا تساعد على تحقيق الكفاءة الاقتصادية". ويواجه القطاع الـزراعـي في في 12 بنجلادش -الـذي يسهم بـ المائة من الناتج المحل الإجمالي- تحديات متعددة تجعل من تلبية الطلب المتزايد عـ الحبوب الغذائية أمـرا شديد الصعوبة، فالمزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة يجدون صعوبات جمة من أجـل زيــادة الإنتاج بطريقة فعالة في ظل التكلفة الإنتاجية المتصاعدة، خاصة مع ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة، وغالبا ما يجد صغار المزارعين صعوبة في المشاركة في السوق بشكل فعال نظرا لصغر حجم إنتاجهم وارتفاع تكاليف المعاملات والقدرة التخزينية المحدودة. تلك العوامل تدفع بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى إعـــادة النظر في فلسفة حل معضلة الأمن الغذائي في بنجلادش، فعلى المستوى الدولي يقدر أن ثلث جميع الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري تفقد أو تهدر في مكان ما بين المزرعة ومــائــدة الـطـعـام، وفي بلد مثل بنجلادش تقدر المنظمة الدولية أن الخسائر تحدث في الأغلب في المزارع وفي المراحل الأولى من سلاسل التوريد بعد الحصاد، وهذا يعني أن جزءا كبيرا من الإنتاج لا يصل إلى الأسواق. ووفقا لهذا المفهوم تعمل منظمة الأغذية والزراعة على طرح أفكار جديدة تتعلق بالاهتمام بتعبئة المنتج الـزراعـي خاصة الأرز، باعتبار ذلك مدخلا رئيسا لمعالجة مشكلة الأمن الغذائيفي بنجلادش عب تقليص المهدر من المحصول، ومن ثم وصول كميات أكب من المــواد الغذائية إلى الأسـواق المحلية، ما يضمن انخفاض أسعارها بحيث تصبح في متناول قطاعات أكب من المستهلكين من الطبقات الفقيرة، وتأمل المنظمة الدولية القيام باستثمارات تسمح ألف مزارع من 123 لها بمساعدة أصحاب الحيازات الصغيرة. مع هذا، يرى دي. ديفيد أستاذ الاقتصاد الزراعيفيجامعة لندن، أن هناك ثلاثة تحديات رئيسة وراء تفاقم الأمن الغذائيفي بنجلادش تتمثل من وجهة نظره في الحاجة المتزايدة في البلاد إلى الحبوب الغذائية نتيجة تزايد الاستهلاك المحلمنها، وانخفاضالقوى الشرائية لأغلبية السكان، والتفاوت السائد فيما يتعلق بتوزيع الدخل في المجتمع. لكنه مـع ذلــك يشير إلى جانب تقني مهم يعوق الجهود الحكومية المبذولة لوضع حد لمشكلة الأمن الغذائي التي تمسك بتلابيب البلاد. وذكـر لـ"الاقتصادية" أنه "لا يمكن تصور الزراعة الحديثة دون استخدام الأسمدة الكيماوية، والـــعـــام المــــاضي بـلـغ طلب بنجلادش من الأسمدة ستة ملاين طن متري وتبلغ نسبة الاستيراد في المـائـة، وقـد أدت 80 نحو الحرب الروسية - الأوكرانية إلى زيــادة أسعار الأسـمـدة، وأوجـد هـذا ضغطا شديدا على أسعار المحاصيل الزراعية خاصة أن بنجلادش تستورد الجزء الأكب من احتياجاتها من الأسمدة من روسيا". وتثير توقعات منظمة الأغذية والزراعة بشأن بنجلادش القلق، ففي العام الماضي أشار التقرير العالمي حـول الأزمـات إلى أن 2022 الغذائية لعام دولة 50 بنجلادش من بين أكث من تعاني أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما يتطلب اتخاذ إجـــراءات حكومية أكـر انحيازا لصغار المــزارعــ عـر ضمان حصولهم على إعانات حكومية تمكنهم من خفض تكلفة الإنتاج الزراعي، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة. كما يتطلب الأمر من الحكومة ضمان حصول المزارعين على سعر عادل لمنتجاتهم، فبدون أسـعـار تفضيلية لـن يتشجع المزارعون على مواصلة العملية الإنتاجية، ومما يفاقم الأزمة الغذائية في البلاد، أن الدعم الحكومي لأصحاب الحيازات الصغيرة قد يترك بصمة ثقيلة نوعا ما علىالميزانية العامة المثقلة بكثير من الأعباء، لكنه في الوقت ذاته يضمن انتعاش القطاع الزراعي ودرجــة أعـ من الأمـن الغذائي مليون شخصهم عدد سكان 170 لـ بنجلادش. مليون شخص يعانون رغم تقدم الإنتاج الغذائي والتصنيف الزراعي للدولة 40 من لندن هشام محمود الزراعة تواجه أزمات تجعل تلبية الطلب على الحبوب شديدة الصعوبة الجوع وانعدام الأمن الغذائي يكادان يكونان من الأمراض المستوطنة في بنجلادش % ممن يعانون 47 انعدام الأمن الغذائي ينتمون إلى أسر منخفضة الدخل الجائحة تسببت في انخفاض الدخل لقطاعات سكان متعددة ما أوجد تحديات النجاح الزراعي يقابله غياب الأمن الغذائي بسبب النظام البيروقراطي أسواق وأرقام

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=