aleqt (11002) 2023/11/25

إصدار يومي باتفاق خاص مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية 13 NO.11002 ، العدد 2023 نوفمبر 25 هـ، الموافق 1445 جمادى الأولى 11 السبت يصل ميشيل بارنييه وهو يحمل، بالطبع، مجلدين مليئين بـالأوراق. طويل القامة ومهذب، يعرف المـفـاوض السابق بشأن خـــروج بريطانيا مــن الاتـحـاد الأوروبي قوة المظاهر. خلال المحادثات، أوجد جوا من السلطة الأخلاقية، حيث رأى مؤيدو البقاءفي الاتحاد فيه صوت العقل، حتى أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي احترموه على مضض. فقد قـال نايجل فـاراج المحبط "أتمـنـى أن نتمكن من توظيفه". احتفظ بارنييه بهدوئه، بينما كـان نظراؤه البريطانيون ينفجرون غضبا ويلومونه على ذلك. قال بارنييه "أنـا لست هادئا دائمـا -اسـأل زوجتي أو أطفالي- لكنني قررت في البداية أن أكون هادئا. كنت أعرف أنه من الممكن أن تكون حقيقة كوني فرنسيا نقطة ضعف، وكنت أعلم أنني سأكون في نيران الصحف الشعبية. كانوا ينتظرون أن أغضب. وقد حاولوا إغضابي عدة مرات". كان بارنييه ناضجا نظرا لتقدمه في السن ورحلاته في جبال الألب ، أشارت 2020 الفرنسية. في عام بعض الصحف البريطانية إلى أنـه ربمـا كـان "المـريـض الأول" في داونينج ستريت، ومن عدى بوريس جونسون رئيس الوزراء. ابتلع غضبه. م ـس ـ ة الــرجــل الـبـالـغ من عاما مؤطرة بإنجازين: 72 العمر تنظيم دورة الألعاب الأولمبية ،1992 الشتوية في ألبرتفيل عام التي يذكرها بشكل متكرر بشكل مدهش، والتفاوض على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يقول "إن إنجاز ألبرتفيل كان إيجابيا، وخـــروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سلبيا. وأرى أن المملكة المتحدة لم تفز في أي منهما". بارنييه لم ير النكتة في ذلك. ويقول بهدوء يمكن التنبؤ به "الفوز بالنسبة إلى المملكة المـتـحـدة في دورة الألـعـاب الأولمبية الشتوية أصعب مما هو عليه في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية". لكن، مثل ديفيد كاميرون، رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق الـذي عاد إلى الخطوط الأمـامـيـة للسياسة الأسـبـوع الماضي، فإن بارنييه لم ينته بعد. فقد حـاول وفشل في أن يصبح مرشح يمين الوسط في الانتخابات .2022 الرئاسية الفرنسية لعام والآن يحث يمـ الـوسـط على التوحد لدرء مارين لوبان. عبر قيامه بذلك، خيب آمال زمـ ئـه الـقـدامـى في بروكسل وأولئك الذين كانوا يرونه رمزا لمـبـادئ الاتـحـاد الأوروبي غير القابلة للمساومة. فقبل انتخابات ، ادعى مفوض الاتحاد 2022 عام الأوروبي السابق مرتين أن الهجرة "خرجت عن السيطرة". واقترح أن تعلق فرنسا جميع أشكال الهجرة من البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاثة إلى خمسة أعوام. يقول النقاد "إن بارنييه انضم إلى الموجة الشعبوية التي كان يحتقرها في السابق". ويرد قائلا "لقد كنت أوروبيا قبلهم، وسأظل أوروبيا بعدهم". كما يلقي باللوم على محكمة العدل الأوروبيةفي الحد من حرية البلدان في التصرف باسم الأمن القومي وتوسيع حقوق المهاجرين في جلب أفراد أسرهم، "لا يمكنك العثور على أي شيء في الدستور الفرنسي يتعلق بالهجرة، ولا يوجد شيء تقريبا في المعاهدات عاما، كان 40 أو 30 الأوروبية. لمدة هناك نوع من التفسير الذي يكون دائما فيمصلحة المهاجرين.. علينا إعادة كتابة شيء ما في معاهدات الاتحاد الأوروبي أو في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان". إذن فهو يأملفي إصلاح الاتحاد الأوروبي، كما فعل كاميرون عام ، يقول "علينا إثـارة نقاش 2015 على المستوى الأوروبي.. خلال هذا الوقت، يتعين علينا إنشاء درع دستوري (السماح للقانون الوطني بأن تكون له الأسبقية)، ومطالبة الشعب الفرنسي باتخاذ الــقــرار". بعبارة أخـــرى، إجـراء استفتاء يتضمن تحديد حصص الهجرة السنوية. ربما كان بارنييه معجبا كبيرا بـخـروج بريطانيا مـن الاتـحـاد الأوروبي لدرجة أنـه قـرر تكرار التجربة. وهو يصر على العكس. "إذا لم نفعل ذلك -بما أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان غير محتمل وحـدث- فقد يحدث شيء غـ محتمل في فرنسا: انتخاب السيدة لوبان رئيسة". ويضيف بتكلف "ربما أنا الوحيد في فرنسا الذي يعرف على وجه التحديد سبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". خلال عامين ونصف منذ تنحيه عـن مسؤولياته بـشـأن خـروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقد تراجعت هـذه القضية في جـدول أعـ ل الاتحاد الأوروبي. لكن في المملكة المتحدة، لا تزال هـذه المشكلة دون حـل. ففي استطلاعات الرأي الأخيرة، يقول في المائة من الجمهور "إنه 57 33 ،" كـان من الخطأ المـغـادرة في المائة يعتقدون أنه كان قرارا في 58 صحيحا، ويقولون بهامش في المائة "إنهم 42 المائة مقابل سيصوتون للعودة إلى الاتحاد الأوروبي". ويتفكر بارنييه قائلا "يبدو لي أن خـروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قضية نقاش دائم في المملكة المتحدة. وهـذا يعني أن خـروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يكن واضحا. فمنذ اليوم الأول، لم يكتف وزراء المملكة المتحدة بالتقليل من أهمية عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فحسب، بل لم يدركوا عواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". ويرفض الوعد الــذي قطعه ديفيد لامي وزير خارجية الظل، بمراجعة اتفاقية التجارة بين المملكة المـتـحـدة والاتــحــاد الأوروبي "صفحة تلو الأخـرى" إذا تم انتخاب حزب العمال "حظا سعيدا" كما قال، لكنه يشعر بالود تجاه السير كير ستارمر زعيم حزب العمال، الذي يريد علاقات أوثـق، وإن كان ذلك مع البقاء خارج السوق الموحدة والاتحاد الجمركي. يـرى بارنييه "أعتقد أن ستارمر أوروبي مثلي.. وطني وأوروبي". تصف إحدى المذكرات من عام في كتاب بارنييه "مذكراتي 2018 الـريـة" خـ ل خــروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستارمر بأنه السياسي البريطاني "الـذي يثير إعجابي أكـر من غـ ه، لقدرته على أن يفهم بالتفصيل ما هو على المحك في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. لـــدي شـعـور بـــأن كــ ستارمر سيصبح يوما ما رئيسا لــوزراء المملكة المتحدة". ويبدو أن خطة ستارمر، التي تتضمن اتفاقية تجارة الحيوانات ومنتجاتها بين المملكة المتحدة والاتــحــاد الأوروبي "واقعية وممكنة". ويريد بارنييه منه أن يذهب إلى أبـعـد، بمـا في ذلك إبرام معاهدة دفاعية بين المملكة المـتـحـدة والاتــحــاد الأوروبي ولخريطة طريق مشتركة للسلام في الشرق الأوسـط. يقول "لدينا -فرنسا والمملكة المتحدة على وجه الخصوص، لكن أيضا إيطاليا وإسبانيا وبعض البلدان الأخرى- مسؤولية تاريخية". يـسـارع بارنييه إلى تقديم تفاصيل عـن أخـطـاء التفاوض السابقة التي ارتكبتها المملكة المـتـحـدة. فقد أمــى الأشهر التسعة التي سبقت بدء محادثات خـــروج بريطانيا مــن الاتـحـاد 2017 الأوروبي في يونيو عـام في التحضير مع فريقه "لا أعتقد أن المملكة المـتـحـدة فعلت الشيء نفسه". حيث أشار ديفيد ديفيس، أول وزير لشؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كـان باستطاعة لندن الاحتفاظ بمقر اثنتين من الهيئات التنظيمية الرئيسة. "مستحيل تماما، يبدو لي أن هناك نقطة ضعف كبيرة: أن تخلط بين رغباتك والواقع". ثـم كـان هناك إلـغـاء تيريزا ماي للاتحاد الجمركي وعضوية الـسـوق المـوحـدة منذ البداية "كان بارنييه مندهشا"، والتزام بوريس جونسون بمغادرة الاتحاد الأوروبي في موعد محدد. "كان ذلك خطأ فادحا. لم يكن لديه وقت". عندما شبه جيريمي هانت، وزير الخارجية، الاتحاد الأوروبي بالاتحاد السوفياتي، كتب بارنييه في مذكراته "ما الفائدة من الجدال مع جيريمي هـانـت؟". لقد كان ودودا مع ديفيس، وهو سياسي ثرثار مثله، لكنه فقد كل الثقة في ديفيد فروست، مفاوض جونسون الـعـدواني في محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بسبب تهديده بخرق معاهدة الانفصال التي وافق عليها للتو. هل اعتقد بارنييه يوما أنه يمكن أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاقية؟ "نعم، عندما فشلت تيريزا مـاي للمرة الثالثة في التوصل إلى اتفاق في مجلس العموم". لكن في ظل رئاسة جونسون، بدا عدم التوصل إلى اتفاق بمنزلة خدعة. فقد "قال جونسون ذات مرة: أريد اتفاقية لأنني بحاجة إلى اتفاقية". وكانت هذه الجملة محورية بالنسبة إلي.. لم أفاجأ من استراتيجية الرجل المجنون. لقد قيل لي إن هذه الاستراتيجية يتم تدريسها في الجامعاتفي المملكة المتحدة". كـان أسلوب بارنييه منهجيا. فعندما كان مراهقا، راسل جورج بومبيدو بعد الإطاحة به من منصب رئيس الوزراء الفرنسي، وتلقى ردا شخصيا. ومنذ ذلك الحين، قرر الرد على كل رسالة يتلقاها. وعلى نحو مشابه، التقى المشرعين بلا توقف بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما ترك مهمة السياسات لفريقه ليتولاها، خاصة نائبته سابين وياند. حيث يقول أحد المراقبين "لقد جعل كثيرا من الناس يشعرون بأهميتهم البالغة". والأهــم من ذلــك، لقد نجح بارنييه في الحفاظ على الاتحاد 27 الأوروبي موحدا، حيث أقنع بلدا عضوا بأن التماسك معا هو أفضل وسيلة لحماية مصالحها الخاصة. على سبيل المثال، كان لنحو ثمـاني دول فقط اهتمام مباشر بمصائد الأسماك "أخبرتني السيدة ميركل عدة مـرات، (إنه ليس أمرا مهما للغاية بالنسبة إلينا، لكنني أفهم أنه مهم بالنسبة إلى السيد ماكرون)". "لم يفهم البريطانيون. لقد حاولوا كل أسبوع أن يفرقونا. فقد كنت أقوم بزيارة إحدى العواصم كل أسـبـوع: في اليوم السابق لمجيئي، كان هناك وزير بريطاني، وفي اليوم التالي. وهـذا أمر لا يصدق. خسارة الوقت"، لقد تم الآن ترسيخ نهج بارنييه كطريقة للمفوضية الأوروبية للتعامل مع المفاوضات الخارجية نيابة عن الدول الأعضاء وبرلمانها. وفي فبراير، اتفقت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على إطار وندسور للحد من عمليات التفتيش على البضائع التي تعبر البحر الأيرلندي. هل يظهر هذا أن بارنييه كان مرنا للغاية بشأن هذه القضية؟ يعزو التسوية إلى كون ريشي سوناك "أكث واقعية وجدية" من جونسون. ربما لعب السياق المتغير في ظل الحرب الأوكرانية دورا أيضا. ماذا عن قواعد المنشأ للسيارات الكهربائية؟ فالمفوضية تدرس تأجيل الـرسـوم الجمركية على مبيعات السيارات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. بارنييه "لا يـؤيـد أي نــوع من المرونة"، معربا عن قلقه من أن ذلـك سيشكل سابقة. "أنــا على استعداد لأكـون صريحا للغاية بشأن هذه النقطة.. وما يقال عن قواعد المنشأ يمكن أن يقال عن الخدمات المالية ومكافآتها من الخدمات. بريطانيا فقدت جواز السفر المــالي: لن تكون هناك مرونة". عند استماعي لبارنييه، أتذكر نكتة البيروقراطي الفرنسي الذي يسأل عن فكرة خاصة بالسياسات: تنجح من الناحية العملية، لكن هل تنجح من الناحية النظرية؟ "ليس لدي روح انتقامية، ولا روح عقابية -أبــدا- فقط لحماية مصدرنا الرئيس وربمــا أصلنا الوحيد: السوق المـوحـدة. إن السبب الوحيد وراء احترام السيد بايدن والرئيس الصيني لنا هو السوق الموحدة". ويقول "إنه لا يوجد مجال لأي مناورة بشأن إعادة فتح للاتفاقية التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة"، نظرا لخطوط ستارمر الحمراء، رغم أنه "من الممكن دائما تحسين أداء هذه الاتـفـاقـيـة، في بعض النقاط الفنية". أحد الأمـور التي يأسف عليها بارنييه أن المملكة المتحدة تركت برنامج إيراسموس لتبادل الطلاب. هل سيكون الانضمام مرة أخرى وسيلة لستارمر لإعادة بناء الثقة؟ "الباب مفتوح، خاصة بالنسبة إلى برنامج إيراسموس". هل ستخرج لوبان فرنسا من الاتحاد الأوروبي؟ يشير بارنييه إلى أنها احتفلت بخروج بريطانيا مـن الاتـحـاد الأوروبي بوصفه "انتصارا". "إنها قادرة، مثل فاراج، على إخفاء ما تريد القيام به. لكنني أعتقد أنها لم تغير رأيها". ويجادل بأن الاتحاد الأوروبي بدأ في مواجهة الشعبوية، مشيرا إلى توظيف عشرة آلاف من حرس الـحـدود واستخدام الاقــ اض المشترك لإنشاء صندوق للتعافي مـن كوفيد. "لم يعد الاتحاد الأوروبي الـيـوم هـو الاتـحـاد الأوروبي الــذي تركته المملكة المتحدة. لقد بدأنا في استخلاص الـدروس من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". لكن الكتلة تعاني حالة عجز بسبب الجمود الفرنسي-الألماني. "لم يكن هذا التعاون سهلا على الإطـــ ق، باستثناء مـرة واحـدة عندما كـان الزعيمان صديقين، فــالــ ي جـيـسـكـار وديـسـتـان وهيلموت شميدت". كـ يشعر بالتفاؤل بشأن الـدور الـذي تلعبه بولندا تحت قيادة دونالد تاسك. فهو يؤيد عضوية أوكـرانـيـا في الاتـحـاد الأوروبي، لكنه يعتقد أنه ينبغي الانتظار حتى تصبح "مقبولة" لدى شعوب الكتلة. كما أنه يدعم فكرة إيمانويل ماكرون حول أن المجتمع السياسي الأوروبي يمكن أن يوفر إطارا لعلاقات أوثق مع البلدان غير الأعضاء كالمملكة المتحدة. يريد بارنييه، الذي تم انتخابه 50 لأول مرة لمنصب عام قبل عاما، أن يتحد حزبه الجمهوريون وحـزب النهضة بزعامة ماكرون وآخــرون خلف مرشح واحـد من .2027 يمين الوسط للرئاسة عام فهل يكون هو؟ يقول، بعد ارتباك قصير "ليست هــذه المشكلة الآن". إنني أصر. "فهي ليست مسألة تخص أفـرادا معينين في الوقت الراهن". فيما يتعلق بهذه النقطة على الأقل، قد يرى بارنييه مجالا للمرونة. مسيرة بارنييه البالغ عاما 72 من العمر مؤطرة بإنجازين: تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في ،1992 ألبرتفيل عام التي يذكرها بشكل متكرر بشكل مدهش، والتفاوض على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بارنييه: الاتحاد الأوروبي ليس الاتحاد الذي تركته بريطانيا احتفظ بارنييه بهدوئه خلال المفاوضات بينما كان نظراؤه البريطانيون ينفجرون غضبا. من لندن هنري مانس رأى مؤيدو البقاء في الاتحاد فيه صوت العقل حتى أنصار «بريكست» احترموه على مضض يؤيد عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي لكنه يعتقد أنه ينبغي الانتظار حتى تصبح «مقبولة» في الاتحاد الأوروبي انتهت المشكلة لكن في بريطانيا تبقى بلا حل.

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=