aleqt: 23-11-2023 (11000)
الرأي دقة التنبؤ تحتاج خبرة، ليس في التحليل الإحصائي رغم أهمية ذلك، وإنما تحتاج سعة معرفة، واطلاع على التحولات في واقع المجتمعات، والمراحل التي تمر بها، وعوامل التغيير الجوهرية كنموذج القدوة، ودور قانون العصا والجزرة الذي يستخدم لإحداث التغيير بدءا بالفكرة، وانتهاء بالممارسة والسلوك. دقة التنبؤ .. الشروط والاستحقاقات مع بداية جائحة كورونا أتذكر أن منظمة العمل الدولية أصـدرت تقريرا ذكرت مليون إنسان حول العالم سيفقدون 25 فيه أن وظائفهم، ولا أدري هل التوقع صحيح، وتحقق الرقم ذاته، أم أن التوقع أقل من الواقع، وهذا ما أعتقده، خاصة أن بعض الأوطان حدث فيها ما يشبه التوقف التام في ميادين العمل نتيجة الحجر الذي فرض على حركة الناس وتنقلاتهم، وما دعاني لاسترجاع هذه المعلومة حديث دار بيني، وبين أحد الأخـوة بشأن دقة التوقع بما قد يحدث مستقبلا، سواء على المستوى اليومي مثل النتبؤ بحالة الطقس، أو التنبؤ بسوق المال بصورتها الكلية، أو على مستوى شركة من الشركات، أو بشأن الحروب، أو أيشيء آخر. من متابعتي بعض الاقتصاديين، والمحللين الماليين ذوي الاهتمام بسوق الأسهم وجدت اختلافا جوهريا بينهم، فمنهم من يجعل من انخفاض قيمة السهم فرصة للشراء على افتراض مناسبته لمعظم الناس، لذا تجده يوصي بقوة بالشراء، إلا أن مثل هؤلاء يغفلون أمرا مهما للمستثمر أو المضارب، إذ لا يقدمون أي معلومة بشأن متى سيرتفع السهم، وكيف ولماذا، وكم نسبة الارتفاع؟ فمعطيات انتعاش السوق غير واردة، وربما غير موجودة على الإطلاق، ذلك أن الشركة غير مؤهلة للانتعاش إلا برافعة قوية، وربما تحتاج مدة طويلة. على النقيض من ذلك يوجد محللون آخرون يبحثون بعمق بشأن عناصر الانتعاش المتوافرة في الشركة، ويربطون ذلك بالظروف المحلية، والإقليمية كأن توجد خطة لمشاريع ضخمة تنوي الدولة القيام بها، فهذا سيكون أثره الإيجابي واضحا على كل الشركات ذات العلاقة بهذه المشاريع، كما يؤخذ في الحسبان الأحداث العالمية كالحروب، كحرب أوكرانيا وتأثيرها في سوق القمح والأسمدة، أو الجوائح الطبيعية، وما يمكن أن يحدث على منتجات ذات علاقة بهذه الجوائح، ما يؤدي إلى ارتفاع السهم أو انخفاضه، ويضاف لذلك مكرر الأرباح وتاريخ السهم، وقدرته على مقاومة المتغيرات ذات العلاقة، وهل على الشركة مديونية، وأداء الشركة سابقا وقدرتها على تسويق منتجاتها، وقدرتها على المنافسة محليا وعالميا، ولا ننسى خفض أو رفع قيمة الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، والتأثير الذي يحدثه في المستوى الدولي. التغيرات الاجتماعية متمثلة في سلوك الناس واتجاهاتهم وميولهم وقيمهم وعاداتهم تمثل أحد المجالات ذات الاهتمام من قبل علماء النفس والاجتماع والتربية، لما لها من تأثير ليس على مستوى الفرد فحسب، بل على مستوى المجتمع عامة، فالتغير الاجتماعي في شكل اللباس ولونه وثمنه، وما يتبع ذلك من تغيرات عميقة قد تنقل المجتمع من وضع لآخر قد يكون إيجابيا أو سلبيا حسب المقدمات التي سبقته، فعلى سبيل المثال لا الحصر التدخينفي السابق لم يكن ظاهرا لكونه سلوكا مرفوضا اجتماعيا، وكـان المدخنون يختفون عن الأنـظـار تجنبا لتصنيف الناس لهم بما هو معيب اجتماعيا، ولو قدر لمن عاش تلك الفترة وشهد كيف، وأين، ومن يدخن، وفي أي الأعمار لصعق، إذ لم يكن يتوقع ذلك لأنهلم يأخذ كل العوامل والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي حدثتفي المجتمع، منها ما هو بشكل تدريجي، ومنها ما حدث بسرعة فائقة لم يتوقعها أحد حتى مراكز الأبحاث ذات الدقة العالية في التنبؤ. إن دقة التنبؤ تحتاج خبرة، ليس في التحليل الإحـصـائي رغـم أهمية ذلــك، وإنمــا تحتاج سعة معرفة واطـ ع على التحولات في واقع المجتمعات، والمراحل التي تمر بها، وعوامل التغيير الجوهرية كنموذج القدوة، ودور قانون العصا والجزرة الذي يستخدم لإحداث التغيير بدءا بالفكرة وانتهاء بالممارسة والسلوك. الاقتصاد السياسي والتنمية المستدامة » 2 من 1 « يمكن أن يكون الاقتصاد السياسي من المـوضـوعـات الحساسة، فعلى المستوى الـفـردي، تعد أسباب ما يفعله الناس أو يعتقدونه من الأمور الشخصية بطبيعة الحال، أو من أمور خصوصيتهم. ولكن بشكل جماعي، تشكل أفكار الناس ومشاعرهم وسلوكياتهم الأحداث الحالية والمستقبلية. من المغري تجنب تحليل أو تناول مسائل الاقتصاد السياسي خوفا من إثارة جدل غير ضروري. لكن بالنسبة إلى واضعي السياسات المناخية ومكافحة التلوث البيئي، فإن هذا الموقف لن يصمد، كما يتضح من النجاحات والإخفاقات التي تحققتفي العقد الماضي. لقد اتحد العالم حول اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، والتزم بالحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند أقل من درجتين مئويتين فـوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، 1.5 ومواصلة الجهود للحد منها لتكون عند 70 درجة مئوية فقط. وقد تعهدت أكثر من في المائة 76 دولة، وهي الدول المسؤولة عن من الانبعاثات العالمية، بالوصول بصافي الانبعاثات إلى الصفر. في الوقت نفسه، انخفضت تكاليف التكنولوجيات منخفضة الكربون، وزادت إمكاناتها. وإذا كان الناس مدفوعين فقط بالعلم والاقتصاد، فإن أزمة المناخ ستكونفيمنتصف الطريق نحو حلها في الوقت الحالي. ولكن، وكما يوضح أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير التلوث بشكل لا لبس فيه، فإن الأمر ليس كذلك. بل إن هناك ما هو أكثر من ذلك، وهو أنه ما لم يتم النظر إلى الاقتصاد السياسي بدقة مثل علم واقتصادات تغير المناخ، فلن يكون الأمر أبدا كذلك. عندما ننظر إلى قصص النجاح في مجال المناخ في جميع أنحاء العالم، فمن المغري التركيز على جوهر السياسات، سـواء كانت الزراعة المراعية، أو الطاقة المتجددة، أو قوانين البناء الخضراء. وهذا الأمر مفيد بلا شك. ولكن من المفيد بالقدر نفسه الكشف عن التفاصيل لتوضيح السمات الأساسية للسياسات الناجحة. وعند قيامنا بفعل ذلك، فإننا نضطر إلى إعادة تقييم ما يعد ممكنا. وحسبما يوضح تقرير "أمر في المتناول: الاقـتـصـاد الـسـيـاسي لخفض الانبعاثات الكربونية"، أن التغلب على حواجز الاقتصاد السياسي هو أمر في متناول اليد. غير أنه يتطلب من واضعي السياسات اعتماد نهج بعينها. أولا، علينا إدراك أن الاقتصاد السياسي ليس قوة ثابتة يمكن توجيهها، بل هي علاقة ديناميكية آخـذة في التطور. وفي الواقع، يتمتع واضعو السياسات بالقدرة على التحديد الاستراتيجي للكيفية التي يتطور بها الاقتصاد السياسيمن خلال القيام بأفعال من شأنها بناء التأييد بمرور الوقت.. يتبع. الذكاء الاصطناعي .. مشهد البحث والتطوير لا شك أن أهمية الذكاء الاصطناعي باتت، في أذهـان الجميع، أمـرا لا ريب فيه. ويستلزم ذلك متابعة هذا الأمر والاطلاع على ما يجري حول العالم بشأنه، حرصا على الاستعداد للمستقبل، بما يشمل إدراك التوجهات القائمة من جهة، والقيام بالاستجابة الفاعلة لها من جهة أخرى. ويسهم "تقرير دليل الذكاء الاصطناعي"، الـذي تصدره جامعة ستانفورد الشهيرة سنويا في توفير الاطلاع المنشود. وقد قدمنا في المقال السابق نظرة عامة إلى مشهد الذكاء الاصطناعي في العالم استنادا إلى مضامين . وسنركز في هذا 2023 هذا التقرير، في إصداره عام المقال على جانب البحث والتطوير من هذا المشهد، ولعلنا نطرح أيضا الجوانب الأخرى في مقالات قادمة بمشيئة الله. عندما نقول البحث والتطوير فنحن أمام مهمتين رئيستين. الأولى، هي البحث الذي تتمثل مخرجاته في تقديم أفكار جديدة أو متجددة، جرى توثيقها بالتفكير العلمي والتجربة العملية. الثانية، هي التطوير الذي ينهل من أفكار البحث ليقدم مخرجات تحمل قيمة، عبر قابليتها للاستخدام وتقديم فوائد مادية. وفي هذا الإطـار نجد أن مخرجات البحث يمكن أن تأخذ طريقها إلى النشر العلمي حاملة فوائد حضارية للجميع حول العالم من جهة، أو إلى التطوير متوجهة نحو تقديم منتجات تحمل فوائد مادية من جهة أخرى. على أساسما سبق، نجد أن مشهد البحثوالتطوير في الذكاء الاصطناعي، طبقا لتقرير ستانفورد يأخذ جانب النشر العلمي في الـذكـاء الاصطناعي في الحسبان من جهة، ويهتم أيضا بجانب المخرجات المتمثلة في أنظمة تعلم الآلة والاستجابة للأعمال المختلفة من جهة أخرى. وسنطرح في التالي الملامح الرئيسة المرتبطة بكل من هذين الجانبين. بلغ مجمل النشر العلمي حول العالم، في مجالات الذكاء الاصطناعي المختلفة نحو "نصف مليون"، ، وقد ارتفع هذا العدد عن مثيله لعام 2021 خلال ، بمقدار مرتين ونصف. وجاءت المؤسسات 2010 الأكاديمية في قمة مصادر هذا النشر عبر الفترة ، حيث بلغ إسهامها نسبة 2021 إلى 2010 الزمنية في المائة. واللافت هنا أن تسع مؤسسات 75 تجاوزت أكاديمية صينية احتلت المراكز التسعة الأولى في النشر العلمي في الذكاء الاصطناعي على مستوى ، وكان المركز العاشر من نصيب 2021 العالم، لعام معهد ماساشوستس التقني الأمريكي الشهير. شملت قطاعات النشر العلمي، إضـافـة إلى المؤسسات الأكاديمية، كلا من المؤسسات غير الربحية، وشركـات القطاع الخاص، والمؤسسات الحكومية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطاعات النشر العلمي هذه لم تعمل بشكل منفصل عن بعضها تماما، فقد أورد تقرير ستانفورد حقيقة أن جزءا من ، كان 2021 النشر العلمي للقطاع الأكاديمي لعام بالتعاون مع كل من القطاعات الثلاثة الأخرى، كما أن نشر تلك القطاعات، كان جزئيا حصيلة التعاون فيما بينهم. لم يقتصر التعاون في النشر العلمي على مستوى القطاعات سابقة الذكر، بل تضمن أيضا مستوى الدول. فقد أورد تقرير ستانفورد وجود تعاون ثنائي بهذا الشأن بين الولايات المتحدة، وكل من الصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وأستراليا، كما ذكر أيضا وجود تعاون بين الصين وبريطانيا والصين وأستراليا. وقد احتل التعاون بين أمريكا والصين المركز الأول في حجم النشر العلمي الناتج عنه بين ثنائيات التعاون هذه، وكان المركز الثاني من نصيب التعاون بين الصين وبريطانيا. تضمنت الموضوعات الرئيسة لمعطيات النشر العلمي التالي، التعرف على الأنماط، وتعلم الآلة، وتطوير الخوارزميات الخاصة، واستخراج المفيد من البيانات أو تعدين البيانات، ومعالجة اللغات الطبيعية، ونظريات التحكم، والتفاعل بين الإنسان والآلة، إضافة إلى علوم اللغويات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الموضوعات مرتبة هنا تسلسليا تبعا لحجم النشر العلمي في كل منها. ، بلغت 2021 في إطار مجمل النشر العلمي لعام نسبة الأوراق البحثية العلمية المنشورة في مجالات في المائة من مجمل النشر العلمي 60 محكمة نحو ، وكانت نسبة الرسائل الجامعية نحو 2021 لعام في المائة. 0.5 في المائة، ونسبة الكتب نحو 6 وتصدرت الصين دول العالم في حجم نشر هذه في المائة، وتلتها بعد 40 الأوراق، بنسبة قدرها نحو ذلك مجموعة دول الاتحاد الأوروبي مع بريطانيا، ثم الولايات المتحدة، فالهند، وبعد ذلك دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ننتقل من النشرالعلمي، إلى بناء أنظمة تعلم الآلة لأداء التطبيقات المختلفة، حيث بين تقرير ستانفورد ، في تطبيقات 2022 نظاما، عام 37 أنه تم تطوير تختص بمجالات: اللغة، والوسائط المتعددة، والرسم والرؤية والكلام، وتحويل النصوص إلى فيديوهات، إضافة إلى الألعاب. وقد احتلت أنظمة اللغة المركز الأولفي عدد هذه التطبيقات، حيث بلغ . وقد تفوقت الشركات الصناعية على 23 عدد أنظمتها المؤسسات الأكاديمية في تطوير أنظمة تعلم الآلة 32 بمختلف مجالاتها، فقد بلغ عدد أنظمة الشركات نظاما وعدد أنظمة المؤسسات الأكاديمية ثلاثة فقط. وارتبطت الأنظمة الأخرى بمصادر أخرى. كما تفوقت الصين على الولايات المتحدة في النشر العلمي، تفوقت الولايات المتحدة على الصين في تطوير أنظمة التعلم الآلي، حيث استطاعت 22 في المائة من هذه الأنظمة، في مقابل 44 تطوير في المائة للصين، والباقي 8 في المائة لبريطانيا، و لدول العالم الأخرى. واللافت أن الدولة الآسيوية الصغيرة سنغافورة، كانت بين الـدول التي قامت بتطوير نظاما واحدا من هذه الأنظمة، مثلها في ذلك مثل كل من ألمانيا، وفرنسا، وروسيا. هـذا هو مشهد البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، على مستوى العالم، كما رصده دليل ستانفورد. يتميز هذا المشهد، ببحوث علمية منشورة، وأنظمة تتضمن تطبيقات متطورة، وذلك عبر تنافس وتعاون ليس بين القطاعات المعرفية فقط، بل بين الدول أيضا. إذا أردنا أن نستفيد من إمكاناتنا ليس فقط في النظر إلى المشهد، بل في الإسهام فيه أيضا، فإن علينا أن نلاحظ أولا أن لدينا مؤسسات أكاديمية متميزة، وشركات ذات امتداد عالمي، وجهة حكومية أثبتت نفسها هي هيئة الذكاء الاصطناعي، وعقول شابة قادرة. ثم علينا بعد هذه الملاحظة أن نسعى إلى تمكين هذه الأطراف من العمل والإنجاز معا، بفاعلية وكفاءة ورشاقة، استعدادا لمستقبلنا المضيء المنشود، في عصر الذكاء الاصطناعي المقبل. إذا أردنا أن نستفيد من إمكاناتنا ليس فقط في النظر إلى المشهد، بل في الإسهام فيه أيضا، فإن علينا أن نلاحظ أولا أن لدينا مؤسسات أكاديمية متميزة، وشركات ذات امتداد عالمي، وجهة حكومية أثبتت نفسها هي هيئة الذكاء الاصطناعي، وعقول شابة قادرة. ثم علينا بعد هذه الملاحظة أن نسعى إلى تمكين هذه الأطراف من العمل والإنجاز معا، بفاعلية وكفاءة ورشاقة، استعدادا لمستقبلنا المضيء المنشود، في عصر الذكاء الاصطناعي المقبل. NO.11000 ، العدد 2023 نوفمبر 23 هـ، الموافق 1445 جمادى الأولى 9 الخميس 11 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com يورجن فوجيل * نائب الرئيس للتنمية المستدامة في البنك الدولي د. عبد الرحمن الطريري * أكاديمي وتربوي @D_abdulrahman1 shb@ksu.edu.sa أ. د. سعد علي الحاج بكري * أستاذ في كلية علوم الحاسب والمعلومات - جامعة الملك سعود
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=