aleqt (10987) 2023/11/10
الرأي يبدو أن هناك بصيصا من الأمل، وهذا ما لاحظته وأنا أشاهد من شاشة جهازي الرقمي مظاهرة ضخمة في استكهولم عاصمة السويد في إدانة واضحة للقتل الجماعي للأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين في حملة انتقام يغلبها الجنون، حيث شارك عشرات الآلاف من المتظاهرين في ترديد نشيد سويدي لنصرة شعب غزة وشعب فلسطين. وكما كانت الحال في الستينيات حيث انتقل الموقف السويدي المناهض للحرب في فيتنام من خلال التظاهر والفن والإنشاد، لاحظت أن النشيد السويدي المخصص للدفاع عن فلسطين صارت تردده الجموع في تظاهرات حاشدة في مناطق أخرى من أوروبا والعالم. السويديون والتعبير عن الموقف لن أكون منصفا إن قلت إن السويد ليست التي أعرفها قبل نحو ثلاثة عقود من الزمن عندما حطت رحالي فيها. لقد تغير الكثير فيها شأنها شأن الطقس. عند مقدمي، كان الشتاء قاسيا وقارسا. كانت تتراكم جبال من الثلج في مدينتنا، وأتذكر كيف كان بعض المجازفين يقودون سياراتهم على سطح البحيرة المتجمدة أمام بيتنا فيدرجات حرارة مئوية قد تصل إلى أكثر تحت الصفر. 20 من هـذا كـان في المــاضي. لم تعد السويد تشهد طقسا متجمدا بهذا الشكل. الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة جعل كثيرا من الناس ينتظرون هطول الثلوج بفارغ الصبر وقـد يمضي شتاء دون بياض الأرض، ما يزيد من وطأة الظلام القاسي وغياب الضوء والشمس. إن أخذنا بنظرية أن ثقافة الشعوب وما يرافقها من أطـر اجتماعية ونظم تراثية وتعابير لغوية وطقوس وفنون تتأثر بالمناخ والبيئة التي تنشأ فيها، فإن النظرية لها من الأدلة الكثير إن أخذنا ما حدث وحل بالمجتمع السويدي في غضون فترة لا تتجاوز عقودا ثلاثة. عاما، كان العالم ينظر إلى 30 قبل نحو السويد كأنها جنة الله على الأرض. ولم يكن الرخاء المادي ما يجذب الدنيا إليها، بل كانت القيم الإنسانية التي يعمل الناس والنقابات والأحـزاب والحكومات على تبنيها وترجمتها على أرض الواقع. إن أعدنا ذاكرتنا إلى الستينيات رأينا أن مكانة هذا البلد من حيث البعد الإنساني كانت أسمى ما يكون. السويد كانت دولة محايدة، لكن حيادها إيجابي، أي لا تقف مع الظلم والاضطهاد والاحتلال ومثيري الفتن والحروب. فكانت السويد تملك من الجرأة في مقارعة الظلم حتى إن أتى من أعتى الظالمين. كانت السويد سباقة في انتقاد الحرب في فيتنام وأول مظاهرات كبيرة خرجت في أوروبا ضد الحرب وعلى وقع أناشيد وموسيقى خاصة كـان مسرحها السويد، وبعدها تشجعت الشعوب في دول أوروبية أخرى في التظاهر ضد الحرب حتى وصل تأثيرها إلى الولايات المتحدة. كانت للسويد مواقف إيجابية ـ نسبة إلى الدول الغربية الأخرى ـ من الصراع في فلسطين ـ ومن تجربتي كأستاذ جامعي كنت أندهش للكم الهائل من المعلومات التاريخية الرصينة والمثبتة بالوقائع التي يمتلكها الطلاب السويديون عن الصراع. بيد أن تغلغل الأحزاب والمجاميع اليمينية في العقدين الأخيرين في السويد قلب كثيرا من الأمور على عقب. بعد أن كان كره الأجانب أمرا مقيتا لا يمكن حتى تخيله، صار واقعا نحسه ونعانيه. صرنا اليوم بالكاد نميز بين ما يحدث في فرنسا مثلا من مواقف سلبية صوب قضايا الشرق الأوسط وما يحدث في السويد، لا بل إن التيار اليميني السويدي الذي فيه مسحة من الشوفينية قد يبز في مواقف الكره أقرانه الأوروبيين. هذا الأمر لا يسري على السويد، بل يبدو أن دول شمال أوروبـا، المشهود لها بعدها الإنساني، أخذت تفقد بوصلتها الإنسانية وتقف مكتوفة الأيدي أمام ما يقع من مجازر تهز أي ضمير حتى إن كان ميتا. الوضع زاد تعقيدا بعد الأحداث الأخيرة المرعبة في الشرق الأوسط إلى درجة وصل الأمر بي شخصيا إلى التفكير مليا بتمزيق كل الكتب في مكتبي عن النزاهة والموضوعية والأمانةفي نقل الأخبار، لأن الإعلام السويدي جرفه تيار الرؤية بعين واحدة لإدانة العنف الـذي صدر من طرف محدد، وغلق العين الأخـرى عن العنف الفظيع والانتقام غير المبرر والمسوغ الذي يقترفه الطرف الآخر. وانساب الخوف الـذي يدب في أوصال المثقفين والأكاديميين الذين يخرجون عن نسق السردية الواحدة، التي لا يجوز تغيرها إن في الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية، إلى أروقة الجامعاتفي السويد. فبعد أن كانت النخبة المثقفة والأكاديمية في البلد تنظر بعينين مفتوحتين إلى الصراع في فلسطين واضعة كل حدث ضمن سياقه التاريخي، الذي لا يجوز أن يخرج عن إطار شعب تحت احتلال غاشم لنحو سبعة عقود جرى فيها مصادرة أراضيه ومياهه وقلع أشجاره وإيـداع نصف أفـراده السجن دون محاكمة فترات مختلفة تحت قوانين كانت سائدة في عهد الاستعمار البريطاني. كـان لا بد من هـزة تعيد بعض الرشد للمؤسسة السويدية التي يبدو أنها أخذت رويدا رويدا تبتعد عن البعد الإنساني السليم الذي كان السمة الغالبة للتاريخ السويدي المعاصر. يبدو أن هناك بصيصا من الأمل، وهذا ما لاحظته وأنا أشاهد من شاشة جهازي الرقمي مظاهرة ضخمةفي استكهولمعاصمة السويد في إدانـة واضحة للقتل الجماعي للأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين في حملة انتقام يغلبها الجنون، حيث شارك عشرات الآلاف من المتظاهرين في ترديد نشيد سويدي لنصرة شعب غزة وشعب فلسطين. كما كانت الحال في الستينيات حيث انتقل الموقف السويدي المناهض للحرب في فيتنام من خلال التظاهر والفن والإنشاد، لاحظت أن النشيد السويدي المخصص للدفاع عن فلسطين صارت تردده الجموع في تظاهرات حاشدة في مناطق أخرى من أوروبا والعالم. هل ستستعيد السويد بعهدها الإنساني؟ هذا ما أتمناه، لكن ما كل ما نتمناه ندركه. التحرر منشلل » 3 من 3 الأطفال « لا تعد نيجيريا الدولة النفطية الوحيدة التي تحرز تقدما في القارة الإفريقية، فالصومال التي تواجه أطول فترة تفش مستمرة لفيروس شلل الأطفال المتغير وشهدت حروبا ما زالت مستمرة وعدم استقرار سياسي واقتصادي، تتعاون المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال مع منظمات أخرى لإنشاء معسكرات صحية متنقلة يمكنها تزويد أكثر من نصف مليون طفل بلقاحات شلل الأطفال، إضافة إلى خدمات حديثي الولادة والتغذية والعلاج. أما في الكونغو الديمقراطية الغنية بالثروة المعدنية وأيضا تشهد صراعات سياسية حادة وما زالـت مستمرة، فلقد ساعد الاستخدام الموسع لأدوات التخطيط والمسح الرقمية العاملين في مجال الصحة على الوصول إلى آلاف الأطفال الذينلم يحصلوا على أي جرعات، كما أصبحت الحكومة قدوة يحتذى بها عالميا، وذلـك من خلال عقد منتديات رئاسية حول التحصين والقضاء على شلل الأطفال، وكان آخرها المنتدى الذي عقد في يونيو الماضي. توجد الآن مراكز عمليات الطوارئ في كل من هذه الدول ما يساعد على تحسين سرعة وجودة استجاباتها لتفشي شلل الأطفال، وفي كثير من الحالات، تساعد هذه المراكز أيضا على التصدي للتهديدات الصحية الأخرى بما والحصبة. لقد أدت هذه 19 - في ذلك كوفيد الابتكارات إلى جانب الاستخدام المتزايد للقاح "ن أو 2 الفموي الجديد لشلل الأطفال من النوع " إلى تعزيز المناعة فعليا، وخفضعدد 2 بيفي الحالات وتقليص التنوع الوراثي للفيروس في المناطق التي تشكل أولوية قصوى. إن هدف القضاء على شلل الأطفال بشكل نهائي على مستوى العالم خاصة الدول الفقيرة ومنخفضة الدخل، هو هدف في متناول اليد، ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهدا جماعيا، ومن أجل عالم خال من شلل الأطفال، لا بد من زيادة الدعم المالي من الجهات المانحة العالمية ودعم ميزانية منظمة العالمية بالذات لمواجهة ودعم هذه الحملة الكبيرة ـ وهو عامل مهم في التقدم الذي تم إحرازه في نيجيريا وأماكن أخرى ـ كما يتعين على حكومات الدول المتضررة أيضا أن تلزم نفسها وبشكل أقوى من أي وقت مضى بالقضاء على المرض ضمن حدودها وإمكاناتها المتاحة. لقد تغلبت نيجيريا على شلل الأطفال في السابق، وبوسعها أن تفعل ذلك مرة أخرى. دعونا نتحقق من أن كل دولـة تعاني تفشي المـرض يمكنها وضـع حد للمرض إلى الأبد ومساعدتها في هذه الاتجاه. خاص بـ"الاقتصادية" .2023 ، بروجيكت سنديكت » 2 من 1 ما مشكلة الصين الحقيقية مع أمريكا؟ « بدلا من عد مزيد من التجارة الدولية أمـرا مفيدا على الـدوام للعمال الأمريكيين والأمــن القومي، تريد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الاستثمار في القدرة الصناعية المحلية وتعزيز علاقات سلاسل التوريد مع الـدول الصديقة. لكن بقدر ما تلقى إعادة صياغة الأمر على هذا النحو من الترحيب، فإن السياسة الجديدة قد لا تكون بعيدة المدى بالقدر الكافي، خاصة عندما يتعلق الأمر بمعالجة المشكلة التي تفرضها الصين. كان الوضع الراهن خلال العقود الثمانية الأخيرة أشبه بحالة من الفصام. ففي حين انتهجت الولايات المتحدة سياسة خارجية عدوانية ـ وهازئة أحيانا ـ تتمحور حول دعـم الطغاة وفي بعض الأحـيـان تدبير انقلابات مستلهمة من فكر وكالة الاستخبارات المركزية، إلا أنها احتضنت أيضا العولمة، والتجارة الدولية، والتكامل الاقتصادي باسم تحقيق الرخاء وجعل العالم مكانا أكثر مراعاة لمصالح الولايات المتحدة. الآن وقد انهار هذا الوضع الراهن فعليا، يتعين علىصناع السياسات العمل على إعادة صياغة بديل متماسك. لتحقيق هذه الغاية، من الممكن أن يساعد منطلقان جديدان على تشكيل القاعدة التي تقوم عليها السياسة الأمريكية. أولا، يجب أن تكون التجارة الدولية منظمة على النحو الـذي يشجع قيام نظام عالمي مستقر. إذ أفضى توسع التجارة إلى وضع مزيد من الأموال في أيدي متطرفين دينيين أو رجعيين سلطويين، فستكون النتيجة تهديد الاستقرار العالمي وضرب المصالح الأمريكية. على حد تعبير ،1936 الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت في فإن "الاستبداد في الشؤون العالمية يعرض السلام للخطر". ثانيا، لم يعد الاحتكام إلى "مكاسب التجارة" كافيا. إذ يحتاج العمال الأمريكيون إلى معاينة الفوائد. وأي ترتيب تجاري يعمل على تقويض جودة وكم الوظائف المتاحة لأبناء الطبقة المتوسطة في أمريكا يعود بالضرر على البلد وشعبها، ومن المرجح أن يستحث ردة فعل سياسية معاكسة. شهد التاريخ أمثلة مهمة على التوسع التجاري الذي نجح في جلب علاقات دولية سلمية ورخاء مشترك. من الأمثلة الواضحة على ذلك التقدم المحرز منذ انطلاق التعاون الاقتصادي الفرنسي - الألمـاني بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إلى السوق الأوروبية المشتركة إلى الاتحاد الأوروبي. فبعد خوض حـروب دموية لعشرات الأعــوام، تمتعت أوروبـا بثمانية عقود من السلام والرخاء المتزايد، التي تخللتها بعض العثرات. نتيجة لهذا، أصبح العمال الأوروبـيـون في حال أفضل كثيرا. مع ذلـك، كـان لـدى الـولايـات المتحدة سبب مختلف لتبني شعار "مزيد من التجارة دائما" أثناء وبعد الحرب الباردة، وهو على وجه التحديد ضمان أرباح سهلة لمصلحة الشركات الأمريكية، التي جمعت المال من خلال المراجحة الضريبية ونقل بعض أجزاء من سلاسل إنتاجها إلى الخارج في دول تعرض عمالة منخفضة التكلفة. قد يبدو استغلال مجمعات العمالة الرخيصة متسقا مع "قانون الميزة النسبية" الشهير الذي وضعه رجل الاقتصاد ديفيد ، الــذي يوضح 19 ريـكـاردو في القرن الــــ أن تخصص كل بلد فيما يجيد صنعه من شأنه أن يجعل الجميع في حال أفضل، في المتوسط. لكن المشكلات تنشأ عندما تطبق هذه النظرية على نحو عشوائي في العالم الحقيقي. أجل، نظرا إلى انخفاض تكاليف العمالة الصينية، ينبئنا قانون ريكاردو بأن الصين ينبغي لها أن تتخصص في إنتاج السلع التي تتطلب عمالة كثيفة وأن تصدرها إلى الولايات المتحدة. ولكن يظل لزاما علينا أن نسأل من أين تأتي هذه الميزة النسبية؟ ومن يستفيد منها؟ وماذا تحمل لنا مثل هذه الترتيبات التجارية في المستقبل؟ تتعلق الإجابة في كل حالة بالمؤسسات. من يتمتع بحقوق ملكية مضمونة والحماية أمام القانون، ومن يمكن أو لا يمكن انتهاك حقوقه الإنسانية؟ ..يتبع خاص بـ"الاقتصادية" .2023 ، بروجيكت سنديكيت شهد التاريخ أمثلة مهمة على التوسع التجاري الذي نجح في جلب علاقات دولية سلمية ورخاء مشترك. من الأمثلة الواضحة على ذلك التقدم المحرز منذ انطلاق التعاون الاقتصادي الفرنسي - الألماني بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إلى السوق الأوروبية المشتركة إلى الاتحاد الأوروبي. فبعد خوض حروب دموية لعشرات الأعوام، تمتعت أوروبا بثمانية عقود من السلام والرخاء المتزايد، والتي تخللتها بعض العثرات. NO.10987 ، العدد 2023 نوفمبر 10 هـ، الموافق 1445 ربيع الآخر 26 الجمعة 11 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se دارون عاصم / سيمون جونسون * أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا * خبير اقتصادي، صندوق النقد سابقا ـ أستاذ كلية سلون للإدارة ـ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أندرو ستاين * نائب مدير قسم تفشيشلل الأطفال في مؤسسة بيل وميليندا جيتس
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=