aleqt (10984) 2023/11/07

الرأي رغم أنني على دراية تامة بالمقايضات الصعبة التي يضطر صناع السياسات إليها، إلا أنني عاينت أيضا الفوائد الهائلة التي تتحقق عندما تظل الحكومات ملتزمة بتنظيم الأسرة. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن كل دولار يستثمر في تنظيم الأسرة يدر عوائد اجتماعية اقتصادية تزيد على ثمانية دولارات. هذا لأن خفض معدل حالات الحمل غير المخطط له يؤدي إلى بقاء مزيد من الأمهات والأطفال على قيد الحياة بعد الولادة. » 2 من 1 تنظيم الأسرة في الدول منخفضة الدخل « بصفتها أمـــا شــابــة مشغولة لأربعة أطفال تعيش في قرية نائية في إثيوبيا، لم تتمكن أمينة من المواظبة على حضور مواعيدها في العيادة الصحية للحصول على وسيلة منع الحمل عن طريق الحقن. وعلى هذا فعندما أطلعتها سلام، العاملة الصحية في العيادة، على الخيارات المتاحة، كانت أمينة متحمسة لمعرفة مزيد عن عملية زرع طويلة المفعول يمكن عكسها ومن شأنها أن تغنيها عن الحاجة إلى زيارات منتظمة. لاحظت سـ م أن أعــدادا متزايدة من النساء يخترن الزرعات طويلة المفعول لأسباب مماثلة. لكن مع نقص هذه الزرعات في عيادتها، شعرت بالقلق من نفاد وسائل تنظيم الأسرة التي يعتمد عليها مرضى مثل أمينة. من المؤسف أن الوضع في عيادة سلام ليس فريدا، فالمراكز الصحية في مختلف أنحاء البلاد تناضل للتغلب على مشكلة الإمدادات. يستخدم عدد من النساء الإثيوبيات أكـر من أي وقـت مضى خدمات تنظيم الأسرة، قفز معدل انتشار وسائل منع 2000 في المائة في 8 الحمل في إثيوبيا من . وزادت حكومتنا 2019 في المائة في 41 إلى التمويل المخصص لخدمات تنظيم الأسرة، وركـزت على توسيع نطاق الوصول إليها ألفا 42 على المستوى المجتمعي، فوظفت ألف 18 من العاملين في مجال الصحة عبر مركز، وساعدنا كل هذا على تحقيق تقدم ملحوظ. لكن الإمدادات التي تصل إلينا من وسائل منع الحمل لم تواكب هذا الطلب متزايد النمو. تواجه وزارة الصحة، التي تزود النساء من أمثال أمينة بمجموعة من خيارات منع الحمل المجانية، نقصا على مستوى الـبـ د، في ظـل فجوة تمويلية ضخمة لمنتجات تنظيم الأسرة. الواقع أن إثيوبيا ليست وحدها. في العام الماضي، تجاوز نقص تمويل وسائل منع الحمل في الدول منخفضة ومتوسطة مليون دولار ـ وهي فجوة من 100 الدخل شأنها أن تجعل مئات الملايين من النساء والفتيات عاجزات عن الوصول إلى وسائل تنظيم الأسرة. هذا يعني حتما مزيدا من حالات الحمل غير المخطط له، والإجهاض غير الآمن، والوفيات بين الأمهات. عـ وة على ذلـك، فإن المعوقات التي تحول دونسد هذه الفجوة التمويلية هائلة. في إثيوبيا ومختلف أنحاء العالم، يتعين على الحكومات التوفيق بين قائمة متزايدة النمو من الاحتياجات وواقـع الميزانيات المحدودة. وفي الأوقات العصيبة، كثيرا ما توضع صحة النساء والفتيات، خاصة مسألة تنظيم الأسرة، في مرتبة متأخرة من الأهمية -وبسرعة شديدة- على الرغم من العواقب الوخيمة المترتبة على الاستغناء عن وسائل منع الحمل. رغم أنني على دراية تامة بالمقايضات الصعبة التي يضطر صناع السياسات إليها، إلا أنني عاينت أيضا الفوائد الهائلة التي تتحقق عندما تظل الحكومات ملتزمة بتنظيم الأسرة. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن كل دولار يستثمر في تنظيم الأسرة يدر عوائد اجتماعية اقتصادية تزيد على ثمانية دولارات. هذا لأن خفض معدل حالات الحمل غير المخطط له يؤدي إلى بقاء مزيد من الأمهات والأطفال على قيد الحياة بعد الولادة، وزيادة أعداد الفتيات والنساء اللاتي يذهبن إلى المدارس ويعملن خارج المنزل، فتصبح الأسر أقوى وأكث صحة... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» .2023 ، بروجيكت سنديكيت التحدي الثلاثي هناك مقولة صينية تقول: "عسى أن تعيش في حقبة ممتعة" ـ يقصد بها عادة السب أو التشفي بأن تعيش أثناء حقبة متقلبة وخطيرة، أخذ بها كثير في أدبيات الغرب، وأصبحت دارجة، ولو أنها ابتعدت عن المقصودفي بلاد الأصل. لكن العالم أصبح اليوم أصغر وأكث تعقيدا، لذلك أجدها مناسبة للحديث عن الحالة العالمية اليوم. فمن تصور أن أزمة غزة ـ شريط ساحليصحراوي صغيرفي زاوية بين إسرائيل ومصر، وعدد سكاني نسبيا محدود، أن تشغل العالم، وتخطف الأنظار عن حروب عدة في العالم، كالحرب في أوكرانيا والسودان حتى سورية القريبة، وربما اهتمام أمريكا بشرق آسيا. لأزمة غزة تبعات قد لا تكون مباشرة، لكنها تذكير بمدى التشابك بين أقطاب العالم، وطبيعة المشكلات المختلفة. هناك ثلاثة تحديات كونية تؤثر في بعض: الأولى، ما يواجه العالم من تحديات مالية. الثانية، التحديات الأمنية ـ العسكرية، بسبب التجاذب الجيوسياسي. الثالثة، التحديات البيئية والطاقة. لنبدأ بالتحدي المـالي، لأنه يرتبط بالتحديات الأخـرى، ويتمثل في حجم العجز المالي والديون، خاصة في الدول المؤثرة. تعود المراقبون الماليون على حجم الدين في اليابان، لكنها بقيت حالة خاصة بسبب الكفاءة الإدارية والتجانس السكاني، وبالتالي حوكمة عالية وانضباط مجتمعي. لكن هذه ظروف لا تتوافر في دول كثيرة، خاصة لما تصل الإشكالية إلى أمريكا بسبب مركزية الدولار، وحجم الدين، وتخلخل الحوكمة، إذ تقدر الفوائد على الدين بتريليون دولار في أمريكا وحدها سنويا، والعجز قد يصل إلى تريليوني دولار. أوروبا ليست بعيدة، وقد شهدنا العام الماضي أزمة في بريطانيا حول تسعير السندات. بل إن حتى الصينفي مرحلة مختلفة اقتصاديا، لكن أزمة الدين جاءت نسبيا مبكرة. كذلك هناك دول نامية كبيرة كثيرة تعاني، مثل باكستان ومصر، فحتى الدول النفطية لم تسلم من العجز. ولم تساعد نسب الفائدة العالية على تمويل الاقتراض. تأتي هذه التحديات المالية في أثناء حالة جيوسياسية جديدة عالميا. تحدث كثير من المختصين في أمريكا عن مـدى الضغط على المخزون العسكري حتى مفاضلة غير متوقعة بين أوكرانيا وإسرائيل. كذلك لجأت روسيا إلى إيران وكوريا، نظرا إلى الضغط على توافر المواد والأدوات اللازمة لاستمرار صناعاتها العسكرية. أمريكا وروسيا ليستا الدولتين الوحيدتين اللتين تعانيان في هذا الشأن على الرغم من أهمية تصنيع السلاح. هناك أزمات جيوسياسية كثيرة بعضها كوني، وكثير منها إقليمي، لكن كما رأينا في غزة، فقد تتحول أزمة في ركن صغير إلى عالمية بسرعة. هذه الأزمات تسببت في رفع ميزانيات السلاح، وتحويل الأموال من استثمارات مدنية واجتماعية، إلى الاستثمار الأمني والعسكري، وأحيانا من خلال تمويل مكلف ماليا. يتزامن مع هذه التطورات المالية والجيوسياسية اهتمام غير مسبوق بالبيئة والطاقة البديلة، حيث اختلط الموضوعي مع السياسي المؤدلج. هناك تحديات بيئية، لعل أوضحها جودة الهواء، وتوافر المياه بأسعار معقولة، وجودة مقبولة في أنحاء كثيرة من العالم، وارتفاع درجـات الحرارة. التعامل معها من خلال محاولة التسريع بتغيير منظومة الطاقة متسرعة، وبالتالي مكلفة بسبب الظروف الموضوعية التي تحيط بها من تحديات التعدين والمواد اللازمة إلى حاجة مئات الملايين إلى مصادر طاقة معقولة التكلفة وموثوقة وسريعة نسبيا. فمثلا بدا واضحا أن كثيرا من اقتصاديات الطاقة البديلة يعاني ماليا ويتطلب دعما حكوميا متزايدا بسبب عدم الجدوى الاقتصادية، وبالتالي رصد برامج حكومية مكلفة. تسهمفي هذه التكلفة السياسات الحمائية التي أسهمت في التضخم، وبالتالي رفع نسب الفائدة ومنافسة الصناعات العسكرية في توفير المعادن النادرة، حتى ارتفاع الأجور لكثير من المهن التخصصية. تزامن هذه التحديات سيضغط على الجميع ما يجعل المفاضلات والخيارات أصعب. عرض هذه التحديات الثلاثة ليس توقعا لما ستؤول إليه الأمور في أي من هذه التحديات، ناهيك عن تداخلات لا يمكن تقدير تعقيداتها، لكن مجرد محاولة بالتذكير بالمخاطر، واستدراك الفرضيات التي يقوم عليها كثير من الخيارات والسياسات. قمة أمريكية ـ صينية منضروريات الدبلوماسية الوقائية غني عن البيان أن العلاقات الأمريكية ـ الصينية تمر اليوم بأسوأ فتراتها في ظل التنافس الشديد بين البلدين على مختلف الصعد، وفيظل الحرب الدبلوماسية والإعلامية المشتعلة بينهما، الأمـر الذي يشكل في مجمله خطرا كبيرا على الأمن والسلم الدوليين، خصوصا أننا نتحدث هنا عن أكبر قوتين اقتصاديتين وعسكريتين في العالم، مع الإقــرار بأن اليد الطولى -من وجهة نظرنا- هي للولايات المتحدة اقتصاديا وعسكريا وصناعيا وماليا وعلميا وقوة ناعمة، حتى وإن ردد البعض من جماعات اليسار الكارهة للغرب عموما في المحيط العربي والعالمثالثي ما يخالف هذه الحقيقة من باب الأمنيات. بينما يجري الجيش الأحمر الصيني بشكل يومي مناورات عسكرية بالقرب من تايوان، ويسعى إلى تحقيق هيمنة صينية على البحار والجزر والممرات الملاحية المجاورة، وتقوم حكومة الرئيسشيجين بينج بتعزيز علاقاتها مع روسيا الاتحادية الغارقة في حرب ضد الغرب وحلف الناتو، تجد واشنطن نفسها في وضع لا تحسد عليه، خصوصا مع استمرار قطيعتها الدبلوماسية غير الرسمية مع الصين منذ عدة أعوام، وعدم انعقاد أي قمة بين جو بايدن الرئيس الأمريكي، وشي جين بينج نظيره الصيني منذ فترة، وهو ما يتناقض مع preventive أساسيات الدبلوماسية الوقائية ويهدد بإلحاق ضرر بالجانبين diplomacy معا أكث من نفعه. من هنا، فـإن مراقبين كـرا وجــدوا في لقاء جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، ووانج يي وزير الخارجية الصيني من 17 في العاصمة المالطية، فاليتا، في الـ سبتمبر الماضي، ومن بعده اجتماع أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، مع هان تشنج نائب الرئيس الصيني، في نيويورك للجمعية العامة 78 على هامش الـدورة الــ للأمم المتحدة، وجدوا في هذين الحدثين محاولة من جانب واشنطن لكسر جبل الجليد مع بكين، وربما تهيئة الأجـواء لعقد قمة أمريكية ـ صينية قبل نهاية العام الجاري. فالبيان الأمريكي حول محادثات فاليتا وصف اللقاء بأنه "جزء من الجهود المستمرة للحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة، وإدارة العلاقة بشكل مـسـؤول"، بينما أعـرب بلينكن في ختام محادثاته مع تشنج عن اعتقاده بأن "دبلوماسية الوجه لوجه قـادرة على حل الخلافات بين البلدين"، فيما قال تشنج "إن العالم بحاجة إلى علاقة سليمة ومستقرة بين الولايات المتحدة والصين". يبدو أن الأمور حتى اللحظة تسير في الاتجاه الصحيح، ما لم يحدث طـارئ يبعث الأوراق ويعيد الجانبين إلى نقطة الصفر. الحقيقة التي لا يجادل فيها أحد هي أنه ينبغي للزعيمين الأمريكي والصيني أن يعقدا قمة واحدة، على الأقل كل عام، للمضيقدما نحو الأهـداف ذات الاهتمام المشترك من تلك القابلة للتحقيق، ودراسة أي خلافات بين بلديهما بصورة واقعية، باعتبارهما مسؤولين عن أمن العالم واستقراره، والحد من خطر الحروب والتصعيد العسكري. نقول هذا ونحن نعلم أن الخلافات بين الدولتين عميقة وتنافسهما شديد، علاوة على أنهما ينطلقان من منطلقات أيديولوجية متصادمة ومتناقضة، لكن هكذا كانت الحال بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق -إن لم يكن أسوأ بكثير- طيلة أعوام حتى 20 الحرب الباردة منذ خمسينيات القرن الـ مطلع تسعينياته، ولم ينقذ العالم من تحول الحرب الباردة تلك إلى حرب عالمية ثالثة سوى قنوات التواصل المفتوحة بينهما، ولاحقا الاتفاق على عقد قمم دورية بين زعيميهما لدرء انجرافهما نحو الصدام النووي. لسنا، في هذا السياق، بحاجة إلى القول إن اجتماعات الزعماء على مستوى القمة هي من أعلى فنون الدبلوماسية، وبإمكانها أن تحفز وتقرب وتفتح كثيرا من الأبـواب الموصدة، بل تبدد الهواجس والشكوك من العقول والأفئدة. ذلك أن ما يقوله القادة عادة في مثل هذه القمم هو الذي يعكس موقف بلادهم السياسي بشكل أكث عمقا، وهو ما يعتد به وينظر إليه كموقف يتجاوز آراء المستشارين والـوزراء المعنيين ورموز البيروقراطية الحكومية. في الحالة الأمريكية ـ الصينية، فإن كلا من بايدن وجين بينج هما وحدهما القادران، أكث من معاونيهما ووزرائهما، على التعبير عن سياسات بلديهما، وهما وحدهما صاحبا الكلمة العليا فيما يجب ومـا لا يجب في السياسة الخارجية، بل إن جين بينج في حالة أفضل وأقوى على هذا الصعيد من نظيره الأمريكي بسبب طبيعة نظام الحكم والقيادة في الصين، من حيث عدم خضوعه للمساءلة البرلمانية والشعبية. نخالة الـقـول، إن مـن شـأن عقد قمم دوريـة أن تبقي خطوط الاتصال مفتوحة على المستويات كافة بدءا من البيت الأبيض و"تشونجنانهاي" إلى الـوكـالات الرئيسة والفرعية للحكومتين الأمريكية والصينية، علاوة على أن مثل هذه القنوات المفتوحة يمكن أن تساعد على التخفيف من حدة الخلافات والمواضيع الشائكة قبل أن تصبح مشكلة عويصة يصعب حلها أو تجاوزها، بل يمكن من خلالها إدارة الخطوط الحمراء بسهولة أكبر أو تجنبها تماما، الأمر الذي يقلل فرص تأزم العلاقات سياسيا، ولا يخنق مصالح البلدين والعالم. الحقيقة التي لا يجادل فيها أحد هي أنه ينبغي للزعيمين الأمريكي والصيني أن يعقدا قمة واحدة، على الأقل كل عام، للمضي قدما نحو الأهداف ذات الاهتمام المشترك من تلك القابلة للتحقيق، ودراسة أي خلافات بين بلديهما بصورة واقعية، باعتبارهما مسؤولين عن أمن العالم واستقراره، والحد من خطر الحروبوالتصعيد العسكري. نقول هذا ونحن نعلم أن الخلافات بين الدولتين عميقة وتنافسهما شديد، علاوة على أنهما ينطلقان من منطلقات أيديولوجية متصادمة ومتناقضة. NO.10984 ، العدد 2023 نوفمبر 7 هـ، الموافق 1445 ربيع الآخر 23 الثلاثاء 11 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com ليا تاديس * وزيرة الصحة في إثيوبيا @AlfawazHamd فواز بن حمد الفواز د. عبد الله المدني * أستاذ في العلاقات الدولية Elmadani@batelco.com.bh

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=