aleqt (10982) 2023/11/05

"إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية تحجيم قدرات الصين فعليها التحالف مع جمهورية الكونغو الديمقراطية".. من وجهة نظر البعض تبدو تلك العبارة مدعاة للسخرية نظرا لتفاوت الـقـوة بـ الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية ولبعد المسافة بين البلدين وللطابع الكوني للطموحات الصينية وما تمثله من تحد للولايات المتحدة، عـاوة على ما تعانيه جمهورية الـكـونـغـو الـديمـقـراطـيـة من صراعات داخلية وتمزق سياسي ووضع اقتصادي شديد الصعوبة يجعل التحالف معها عبئا على من يفكر في ذلك. مع هذا نجد أن تلك القناعة سائدة لدى عدد من الخبراء في مجال الأمن القومي الأمريكي، فما الأسباب؟ جوهر هـذا الاعتقاد يعود إلى أن العقود المقبلة ستشهد تغيرات جذرية في مجال إنتاج الطاقة، بما لا يقل أهمية عن التحول التاريخي من الاعتماد على الفحم إلى النفط، وبينما تعمل الصناعات الأمريكية على أن تفطم نفسها تدريجيا عن الوقود التقليدي، فإن الطلب على بعض أنواع المعادن مثل الكوبالت أحد المكونات الرئيسة في صناعة البطاريات الكهربائية وأجـزاء مختارة من السيارات الكهربائية والـهـواتـف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من التقنيات سيرتفع بشكل كبير، وبحلول عام سيزيد الاستخدام العالمي 2040 ضعفا مقارنة 20 للمعدن أكثر من .2020 بعام وإذا كان اقتصاد الغد سيعتمد على الكوبالت وغيره من المعادن الـنـادرة والمهمة فـإن جيوش الغد ستعتمد عليها أيضا نظرا لأنها ضروريـة في تصنيع أجزاء من الطائرات المقاتلة والذخائر الدقيقة وتكنولوجيا التخفي من الرادارات، وفيظل ذلك الاحتياج المتنامي للكوبالت وغـ ه من المـواد الأرضية النادرة تحتدم المنافسة بين الولايات المتحدة والصين بشكل لم يسبق له مثيل. لكن ما دخل جمهورية الكونغو الديمقراطية بهذا؟ الأمر باختصار أن لديها مخزونا من الكوبالت يفوق ما لدى بقية دول العالم مجتمعة، في الوقت الذي تقوم في المائة 80 فيه الصين بتكرير 60 من الكوبالت في العالم و في المائة من الليثيوم وتهيمن ع ـ إن ـت ـاج المــعــادن الأخــرى الضرورية في مجال انتقال الطاقة والتصنيع العسكري، بينما لا تمتلك الولايات المتحدة القدرة على إنتاج الكوبالت مع تراجع ألف طن خلل 13 مخزونها من طنا فقط 333 الحرب الباردة إلى . وبينما تمضي البلدان 2021 عام المختلفة قدما لتعزيز العمل في مجال الطاقة النظيفة، يصبح السعي لتحقيق أمن الطاقة غير منفصل عن الوصول الموثوق به إلى المعادن الحيوية بأسعار معقولة. مــــــن جــــهــــتــــه، يـــقـــول لـ"الاقتصادية"، الدكتور إن. دي. سميث أستاذ علم المعادن في جامعة جلسكو، "التحول المستمر في مجال الطاقة يعمل على تحويل الاقتصاد الدولي إلى نظام كثيف الاستخدام للمعادن، كما أدى التحول العالمي لإزالة الكربون إلى زيـادة الطلب على المــعــادن الـتـي تعد ضروريــة لتقنيات الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية، مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والجرافيت والنحاس والألمنيوم والعناصر الأرضية النادرة، فالسيارات الكهربائية على سبيل المثال تتطلب ستة أضعاف المدخلت المعدنية للسيارات التقليدية". ويسلط الدكتور إن. دي. سميث الضوء على أن إنتاج عديد من المـعـادن المهمة والـ وريـة لتحول الطاقة يتركز جغرافيا في 2019 بعض المناطق، ففي عام استحوذت الكونغو الديمقراطية في المــائــة من 70 عــ نـحـو إنتاج الكوبالت العالمي، في 60 حين أسهمت الصين بنحو في المائة من الإنتاج العالمي للعناصر الأرضية النادرة، علوة على ذلـك فـإن سلسل التوريد لهذه المعادن المهمة التي تشمل التعدين والمعالجة والتكرير والتصنيع والاستخدام النهائي تخضع في الأغلب لسيطرة عدد قليل من البلدان. وفي الواقع فإن قطاع الطاقة بـات محركا رئيسا للطلب على ،2010 المعادن منذ منتصف عام وكشفت تقارير دولية عن زيادة قدرها ثلثة أضعاف في الطلب في 70 على الليثيوم وزيادة بنسبة المائة على الكوبالت وزيادة بنسبة في المـائـة في الطلب على 40 إلى 2017 النيكل خلل الفترة من ، وبسبب السوق المتنامية 2022 لبطاريات الليثيوم أيون لتخزين الطاقة، زاد الطلب العالمي على الكوبالت لتصنيع البطاريات ضعفا خلل العقدين 26 بمقدار الأولـ من هذا القرن، وحدث في المائة من هذا النمو في 82 الصين. ســاعــدت الــوفــرة المحلية في النفط والغاز الطبيعي في الــولايــات المتحدة في خفض الاعتماد الأمريكي على واردات الهيدروكربون، لكنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على استيراد المعادن لتوسيع نطاق استخدام تكنولوجيا الطاقة النظيفة وسد الاحتياجات المـتـزايـدة للبنية معدنا 50 التحتية، ومـن بـ تـدخـل ضمن قـائمـة المـعـادن تعتمد 2022 الـحـرجـة لـعـام الولايات المتحدة على استيراد 31 معدنا بشكل كـامـل، و 12 معدنا آخر تستورد أكثر من نصف احتياجاتها. يشير عديد من الخبراء إلى أن هناكستةمعادنذاتأهميةكبيرة للطاقة النظيفة تواجه أخطارا في العرض في الأمـد القصير، هي الكوبالت والديسبروسيوم والغاليوم والجرافيت الطبيعي والإيريديوم والنيوديميوم وفي الأمــد المتوسط سيرتفع هذا ليضم الليثيوم 12 العدد إلى والنيكل والجاليوم والبلتين والمغنسيوم وكربيد السليكون. وتشير الدكتورة روز مانموهن سينج أستاذة التجارة الدولية في مدرسة لندن للقتصاد إلى هيمنة الصين على سلسل توريد المواد والمعادن المهمة واعتماد الولايات المتحدة على المعادن المستوردة من الخارج وتحديدا مـن الصين في أكـ مـن نصف سلعة معدنية، 25 إمداداتها من وبالطبع فإن هذا يجعل الاقتصاد والصناعات الأمريكية عرضة لانقطاع الإمــدادات القادمة من الصين خاصة في أوقات التوتر الجيوسياسي. لكن الدكتورة روز مانموهن سينج ترى أن الاستراتيجية الـدولـيـة للمعادن في حاجة إلى إعـادة النظر والـ كـيـز عـ جانب العرض وليس الطلب. وتقول لـ"الاقتصادية"، "تـتـحـدث الــولايــات المـــتـــحـــدة والاتحاد الأوروبي عن التعاون لضمان أمــن الطاقة النظيفة وينبغي أن تكون الأولوية الكبرى لتعزيز الروابط التجارية مع دول التعدين الكبرى، فتنسيق الطلب بين كبير المشترين لن يقدم حل جذريا للمشكلة إنما في أفضل الأحـــوال يؤجل لحظة انفجار الاسواق". مع هذا يعتقد بعض الخبراء أن هناك مشكلة لدى الولايات المتحدة والأوروبيين تتعلق بعجز الطرفين عن تحقيق الاكـتـفـاء الـــذاتيفي مــجــال المـــعـــادن، فالاتحاد الأوروبي لـــن يـفـلـح بحلول إلا في 2030 عــام في المائة 10 تحقيق من احتياجاته من المــــعــــادن محليا، وفي الولايات المتحدة سيحتاج المصنعون في نهاية المطاف إلى الحصول على معظم احتياجاتهم من شركاء الولايات المتحدة في مجال التجارة الحرة مثل أستراليا وبـلـدان أمريكا الجنوبية. هـذا الإدراك هو ما يجعل الـولايـات المتحدة تركز نظرها عـ إفريقيا وتحديدا جمهورية الكونغو الديمقراطية بوصفها مصدرا رئيسا لعديد من المعادن الاستراتيجية وفي مقدمتها الكوبالت. بدوره، يقول لـ"الاقتصادية"، كـولـ بـيـ سـون الـبـاحـثفي الشؤون الإفريقية، "لا تستطيع قوى السوق وحدها ضمان أمن المعادن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، خاصة في مواجهة الهيمنة الصينية شبه الكاملة على هذا القطاع، وفي الأغلب ستحافظ واشنطن على القوانين الـتـي تـوفـر للكونغو أولـويـة الوصول إلى الأسواق الأمريكية دون رسوم جمركية يفترض أن ."2025 تنتهي صلحياتها عام ويضيف "وستعمل الإدارة الأمريكية على تعزيز وضعية شركات المعادن الأمريكية العاملة في إفريقيا عـامـة والكونغو الديمقراطية تحديدا، لتنال حصة أكـ من احتياطيات المعادن الحيوية، إضافة إلى ذلك سيساعد مزيدا من الاستثمارات الأمريكية في الكونغو خاصة في مجال المـعـادن عـ تعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين". تكشف سوق المعادن الحيوية في الوقت الراهن أن فكرة عودة التجارة العالمية إلى عصرصراع الــقــوى العظمى أصـبـح الآن راسخا أكـ من أي وقـت مضى منذ نهاية الحرب الباردة، وينبئ ذلك بمزيد من التشنج والاحتقان في علقات القوى بين الولايات المتحدة والصين، لكن استعراض الـقـوى بـ الطرفين سيتطلب الاعتماد على مصادر للمعادن لا يتمتع الطرفان بالسيادة عليها، ما سيوجد مزيدا من التنافس لتأمين الوصول إلى تلك المصادر، وتــ يــرات دائمـــة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، لضمان الحفاظ عـ خـطـوط الإمـــداد الاستراتيجية وتأمينها. 5 NO.10982 ، العدد 2023 نوفمبر 5 هـ، الموافق 1445 ربيع الآخر 21 الأحد معدنا ضمن القائمة 50 من بين تعتمد أمريكا 2022 الحرجة لعام بشكل كامل 12 على استيراد معادن ذات أهمية كبيرة للطاقة 6 النظيفة تواجه مخاطر في العرض 12 في الأمد القصير وسترتفع إلى هل تعيد المعادن الحيوية التجارة العالمية إلى عصر صراع القوى الكبرى؟ جمهورية الكونغو الديمقراطية لديها مخزون من الكوبالت يفوق ما لدى بقية دول العالم مجتمعة. سلاسل التوريد تخضع لسيطرة عدد قليل من الدول .. عجز أمريكي - أوروبي عن تحقيق الاكتفاء الذاتي زاد الطلب 2022 حتى 2017 خلل % على 70 أضعاف و 3 على الليثيوم % على النيكل 40 الكوبالت و تنامي سوق بطاريات الليثيوم لتخزين الطاقة زاد من الطلب العالمي على ضعفا خلل عقدين 26 الكوبالت من لندن هشام محمود التحول المستمر في مجال الطاقة يعمل على تحويل الاقتصاد الدولي إلى نظام كثيف الاستخدام للمعادن السيارات الكهربائية أضعاف 6 تتطلب المدخلت المعدنية لـ «التقليدية» .. تسهم في زيادة الطلب العالمي استحوذت 2019 في الكونغو الديمقراطية % من إنتاج 70 على الكوبالت والصين % من 60 تسهم بـ «النادرة» أسواق وأرقام

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=