aleqt (10981) 2023/11/04

لا يقف الاقتصاد الألماني عند مفترق طرق بعد، لكن الوضع الاقـتـصـادي الـحـالي لا يقلق الألمـان فقط، بل يقلق جميع بلدان القارة الأوروبية. فبعد ركــود اقـتـصـادي في الربع الثاني من هـذا العام 0.2 انكمش الاقتصاد بمعدل في المائة في الربع الثالث، ورغم عدم توقع الاقتصاديين ، فإن 2023 ركودا دراماتيكيا في المؤكد أن الاقتصاد الألمـاني بنسبة 2023 سينكمش بنهاية في المائة، مطيحا بذلك 0.4 بتوقعات سابقة بــأن يحقق التعافي في النصف الثاني من هذا العام، وبذلك يحتمل أن تكون ألمانيا الاقتصاد الرئيس الوحيد على مستوى العالمي الـذي من المتوقع أن ينكمش هـــذا الـــعـــام، خــاصــة بعد فشلها في الاستفادة من طفرة قطاع الخدمات التي اجتاحت الاقتصادات الأوروبية الأخرى بعد جائحة كورونا. هــذا الـوضـع يـدفـع بعدد من الخبراء إلى التساؤل، هل النموذج الاقتصادي الذي تتبناه ألمانيا يقترب من الوصول إلى منتهاه؟ وهل الاعتماد المفرط على الأســواق الخارجية يضع ألمانيا في موقف اقتصادي يـزداد صعوبة عاما بعد آخر؟ وهل يعيد التاريخ نفسه وتعود وسـائـل الإعـــام الاقتصادية العالمية التي أعطت ألمانيا قبل عقدين من الزمان لقب "رجل الـيـورو المـريـض" إلى وصف ألمانيا هذه المرة بـ"رجل أوروبا المريض"، أم أن القلب الصناعي لألمانيا لا يزال نابضا بالحياة، خاصة أن الألمان حافظوا على صناعتهم وتمسكوا بها بكل ما أوتوا به من قوة ولم يفعلوا كما فعل آخرون بنقلها إلى الصين والبلدان الآسيوية الأخرى. مـــن المـــؤكـــد أن الـوضـع الاقتصادي وتلك النوعية من الـتـسـاؤلات المقلقة ليست وليدة اللحظة، فقد ظل إنتاج الصناعات التحويلية في ألمانيا وناتجها المحلي الإجــ لي في . الدكتور 2018 حالة ركود منذ وليام مايكل أستاذ الاقتصاد الأوروبي في مـدرسـة لندن للتجارة يرى أن مشكلة الاقتصاد الألماني تعود إلى عدم قدرته على إعادة اكتشاف ذاته ليتأقلم مع المتغيرات العالمية. ويقول لـ"الاقتصادية"، إنه "قبل عقدين من الزمن أعادت ألمانيا إحياء اقتصادها المحتضر حينها وأصبحت قوة تصنيعية في عصر العولمة، لكن الأوقات تغيرت ولم تستطع ألمانيا أن تواكب ذلك، والآن يتعين على أكبر اقتصاد أوروبي أن يعيد اكتشاف ذاتــه لكن الطبقة السياسية منقسمة على ذاتها وتكافح من أجل إيجاد إجابات لمزيج معقد من الأزمات طويلة الأمد وقصيرة الأمد". ويضيف "اعتماد ألمانيا على التصنيع والـتـجـارة العالمية جعلها عرضة خاصة للضطرابات العالمية، ورغـم أن الاقتصاد بـدأ يظهر مــؤشرات غير طيبة ، إلا أن جائحة كورونا 2018 منذ ثم اضطرابات سلسل الإمداد وارتـفـاع أسـعـار الطاقة بعد الحرب الروسية - الأوكرانية والعقوبات الدولية على روسيا وارتفاع معدلات التضخم في ألمانيا وعلى المستوى الدولي، وزيــادة أسعار الفائدة للجم التضخم كل هذا كان بمنزلة ضربـات متتالية وقاسية لأكبر اقتصادات القارة الأوروبية". ولكن هل بالفعل في مقدور ألمانيا إعــادة اكتشاف نفسها بـإحـيـاء صناعتها مـجـددا؟، يبدو الأمــر صعبا مـن وجهة نظر عديد من الخبراء، فهيكل 20 الاقتصاد الدولي تغير في الـ عاما الماضية، وبمـا لا يصب كـــثـــ ا في مصلحة الصناعة الألمانية، فـــالـــصـــنـــاعـــات الصينية خاصة في مــــجــــال السيارات تبدو منافسا لمثيلتها الألمانية، وأصبح العالم أقل تفضيل للتجارة المفتوحة الـتـي اسـتـفـادت منها ألمانيا، إلى حد أن الإدارة الأمريكية السابقة لم تفرض رسوما جمركية مرتفعة على الصين خصم الولايات المتحدة فقط، بل فرضت رسوما جمركية على حلفاء الولايات المتحدة في القارة الأوروبية، حيث تبدو البيئة التجارية العالمية الآن أكثر عدوانية من قبل. مــــن جـــهـــتـــهـــا، تــقــول لـ"الاقتصادية"، كيرا كريس، المحللة في وحـــدة الأبــحــاثفي مجموعة نت ويست المصرفية "اعتماد ألمانيا على الإنتاج والـــــصـــــادرات أمـــر غــ معتاد بـ الاقتصادات المتقدمة الكبرى، الأمــــــــر الـــــذي يجعلها تبدو أشبه بالصين أكثر من كونها دولــة أوروبـيـة، فـالـتـصـنـيـع في 19 شـكـل المـائـة من الناتج المحلي ، أي ما يقرب 2021 الإجمالي عام منضعفما هو عليهفيالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، وحجم البضائع التي ترسلها ألمانيا إلى الخارج لا يزال قريبا من أدنى مستوياته في الأزمة المالية العالمية عام ."2008 وترى كيرا كريس أنه إضافة إلى تغير بيئة الاقتصاد العالمي بشكل غـ مـائـم للقتصاد الألماني، فإن الازدهار الصناعي الطويل في ألمانيا أوجد شعورا بالرضا عن النفس إزاء نقاط الضعف الــداخــ ، وتجاهل صانع القرار الألمـاني الثغرات الأولية في الهيكل الاقتصادي والمجتمعي ومع مرور الوقت اتسعت الـــروخ حيث باتت عملية الإصـــاح أكـ صعوبة وتكلفة. بـــدوره، يقول الباحث في الاقـتـصـاد الأوروبي نايجل جـونـسـون، "رغـــم التقدير والشعبية التي تمتعت بها المستشارة الألمانية السابقة أنجيل ميركل فإنها تتحمل جزءا كبيرا من التدهور في الوضع الاقتصادي الراهن، خاصة أنها أمضت فترة طويلة على هرم السلطة، فسنوات من النمو دون ضغوط تذكر دفعها لتفادي إجـــراء مزيد مـن الإصـاحـات التي لا تحظى بشعبية، وساعد ازدهــار الـصـادرات إلى الدول النامية والصين على التعافي من الأزمة المالية العالمية بشكل أفـضـل مـن عـديـد مـن الــدول الغربية الأخرى". ويـضـيـف "ذلـــك الشعور بـالـرضـا عــن الــــذات جعل قـطـاع الـخـدمـات ال ـذي يشكل الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي والوظائف أقل ديناميكية من الشكات المصنعة الموجهة نحو التصدير، وأدت القيود المفروضة على الأجور إلى استنفاد طلب المستهلكين، وادخرت الشكات الألمانية كثيرا من أرباحها بدلا من استثمارها، ومع مرور الوقت نما لوبي من المصدرين الناجحين الرافضين للتغير، وربمــا المثال الأبـرز صناعة السيارات الألمانية حيث رفض رؤوساء مجالس الإدارات الـتـحـذيـرات بــأن الـسـيـارات الكهربائية ستتحدى محرك الاحـــ اق الـداخـ ، وفشلوا في الاستثمار في البطاريات الكهربائية وغيرها من التقنيات المستخدمة في سيارات الجيل الــجــديــد، والــيــوم يـجـدون أنفسهم في وضع صعب أمام الشكات الصينية الناشئة". تتلقى وجهة النظر تلك مع رأي مجموعة كبيرة من الخبراء من أن قضايا مثل شيخوخة الــقــوى الـعـامـلـة الألمـانـيـة، والتصلب الذي أصاب قطاعات حيوية مثل القطاع الخدمي والــبــ وقــراطــيــة الإداريـــــة المتصاعدة كلها تضعف قدرة ألمانيا على القيام بعملية إحياء ضخمة لتراجعها الاقتصادي. تلك العوامل من وجهة نظر الدكتور إم. سي. سيمون الباحث في معهد الدراسات المالية هي التي تكشف عن لماذا كان أداء ألمانيا أفضلفي دعم الصناعات القديمة مثل السيارات والآلات والمـــواد الكيميائية مقارنة بتعزيز الصناعات الجديدة مثل التكنولوجيا الرقمية. ويؤكد أن أعواما من تقليص الاستثمار أدى إلى تهالك البنية الأسـاسـيـة وتــراجــع النظام التعليمي عـ نحو متزايد، وضـعـف الاتــصــال بالإنترنت عـالي السرعة، مقارنة بعديد مـن الاقــتــصــادات المتقدمة الأخرى، وقطارات ألمانيا التي كانت تتسم بالكفاءة ذات يوم وباتت مرادفا للتأخير. مع هذا يرى الدكتور إم .سي.سيمون أن ألمانيا ستتعافى لكنها تعاني علتين طويلتي الأمــد الأولى فشلها في تحويل نظام صناعي قديم إلى اقتصاد المعرفة، والثانية تتعلق بالعجز عن حل مشكلة الطاقة. ويقول "لا تزال ألمانيا ورغم شيخوخة القوة العاملة لديها تمتلك طبقة عاملة تتمتع بالمهارة، وهي رابع اقتصاد في العالم والأول أوروبيا لكنها غير قادرة على المنافسة بالقدر الذي يمكن أن تكون عليه". بـالـطـبـع لا تـــزال ألمانيا تتمتع بعديد من نقاط القوة ولا يزال مخزونها من المعرفة التقنية عـمـيـقـا، وقـدرتـهـا الهندسية وتخصصها في السلع الرأسمالية يضعها في مكانة تساعدها على الاستفادة من النمو المستقبلي في عديد من الاقتصادات الناشئة، وديونها الوطنية أقل من ديون معظم أقـرانـهـا، وســنــدات الخزانة الألمانية من بين أكثر الأصول أمانا في العالم، ما يدفع كثيرا من الخبراء إلى أن برلين لديها القدرة على إعادة اكتشاف ذاتها اقتصاديا مــرة أخـــرى، ولكن بتكلفة مرتفعة تلك المرة. 9 NO.10981 ، العدد 2023 نوفمبر 4 هـ، الموافق 1445 ربيع الآخر 20 السبت الشعور بالرضا عن الذات جعل قطاع الخدمات أقل ديناميكية من الشركات الموجهة نحو التصدير مع مرور الوقت نما لوبي من المصدرين الناجحين الرافضين للتغيير .. صناعة السيارات مثال بعد فشل التعافي .. هل تعيد ألمانيا اكتشاف ذاتها لإحياء اقتصادها المحتضر؟ في المائة. 0.4 فالمؤكد أن الاقتصاد الألماني سينكمش بنهاية العام بنسبة 2023 رغم عدم توقع الاقتصاديين ركودا دراماتيكيا في اعتمادها على التصنيع والتجارة جعلها عرضة للاضطرابات العالمية يتعين على الاقتصاد أن يعيد اكتشاف ذاته لكن الطبقة السياسية منقسمة وتكافح لإيجاد إجابات الجائحة واضطرابات سلسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة بمنزلة ضربات متتالية وقاسية للبلد صانع القرار تجاهل الثغرات الأولية في الهيكل الاقتصادي ومع مرور الوقت اتسعت الشروخ من لندن هشام محمود وزير الاقتصاد: لم يعد بمقدورنا الاعتماد على الصين بوصفها «سوقا صديقة» دافـع روبــرت هابيك، وزير الاقتصاد الألمــاني أمــس، عن التوسع في الإنفاق الحكومي، رغـم أنـه أقـر بـأن أي محاولة لتخفيف القواعد المالية في أكبر اقتصاد بأوروبا لن تكلل بالنجاح في ظل وجود الائتلف الحالي. وقـال هابيك في مقابلة مع شبكة تليفزيون بلومبيرج أمس إن ألمانيا لم يعد بمقدورها الاعتماد على الصين بوصفها "سوقا مفتوحة صديقة"، كما قطعت روسيا إمداداتها من الغاز الرخيص، فضل عـن أن الـ اعـات الـعـديـدة الــدائــرة تعني أنه يتعين على الحكومة إنفاق مزيد على قواتها المسلحة. وأكد هابيك التزامه بسياسة الائــــــتــــــاف الـحـاكـم بشأن الــحــفــاظ على سقف دستوري لصافي القروض الجديدة، رغم أن من المشوع أن يتساءل بشأن ما إذا كانت هذه الـقـواعـد المالية تتماشى مع النظام العالمي اليوم. وقـــال وزيـــر الاقتصاد الألمــــاني "المــســألــة تتعلق بالتفكير، وأعتقد أنه لا بد من الـسـ ح بالتفكير في مجال السياسة". وأضاف أن الائتلف الحاكم في ألمانيا لن يتحرك لتغيير مكابح الديون، وهي الخطوة الـتـي تستلزم أغـلـب الثلثين في مجلس الــنــواب الألمــاني "البوندستاج". وقال "أنا لا أنتقد الائتلف الحاكم .. ولكني أطرح التساؤل بشأن ما إذا كانت جميع القواعد التي تبنيناها خلل الماضية تصلح 30 الأعـوام الــ للنظام العالمي الــذي نجده اليوم". وسـعـى هابيك إلى تبديد الشكوك بشأن قدرة بلده على التوقف عن استخدام الفحم كمصدر لتوليد الطاقة بحلول ، رغــم تصاعد وتـ ة 2030 استخدامهفيخضم أزمة الطاقة التي تعرض لها أكبر اقتصاد في أوروبا. وقـال هابيك، الـذي ينتمي إلى حـزب الخضر، إن الخطة "بالقطع" هـي إغـــاق جميع محطات الطاقة التي تعمل ، أي 2030 بالفحم بحلول عام قبل ثماني سنوات من الموعد القانوني المحدد لهذا الغرض. وذكـــر أن مـحـطـات توليد الطاقة من الفحم ستمثل جزءا من خليط الطاقة "لفترة أطول قليل"، ولكن إقامة عديد من منافذ الغاز الطبيعي المسال يعني أن قضايا أمـن الطاقة "ستحل بشكل أو بآخر". وأضـاف أن أهم قـرار بشأن قـد تم 2030 تحقيق هــدف اتـخـاذه بالفعل عـ مستوى الاتـحـاد الأوروبي، عن طريق زيادة تكاليف انبعاث ثاني أكسيد الكربون، موضحا أن "هذا يعني أن الأســواق ستحل المشكلة، لن 2030 وأعتقد أنه بعد عام يكون بمقدورك تحقيق مكاسب مـن محطات توليد الطاقة بالفحم". إلى ذلك، أعلنت "فونوفيا"، أكبر مجموعة عقارية سكنية في ألمانيا، أمس أن خطتها لطرح عـرات الآلاف من المنازل في السوق تمضيقدما. ويعمل عـمـاق الـعـقـارات المثقل بـالـديـون عـ توفير مزيد من التدفق النقدي عبر بيع أصول، في ظل ضعف قطاع العقارات في أكبر اقتصاد في أوروبا. وأعلنت الشكة المدرجة في مـؤشر "داكـــس" للبورصة خلل إصدار نتائج الربع الثالث أنه تم بيع عقارات تبلغ قيمتها مليون يورو 357 الإجمالية نحو لشكة "سي بي آر إي جـروب" العقارية، موضحة أن بعض المنازل لا تزال قيد الإنشاء. واستحوذت شركـة "سي بي آر إي جروب"، ومقرها الولايات شقة في 1200 المتحدة، على برلين بسعر أقل قليل من القيمة الدفترية. 1213 وباعت "فونوفيا" أيضا شقة في مدينة دريسدن الألمانية مليون يورو. 87.8 مقابل ومن المتوقع إتمـام صفقة كبيرة تقضي ببيع "فونوفيا" في المائة من محفظتها 30 نحو الاستثمارية في شـ ل ألمانيا لشكة الأسهم الخاصة "أبولو" مقابل مليار يورو بحلول نهاية هذا العام. وتقع أغلب الشقق المشمولة في الصفقة، والبالغ ألف شقة، في مدن 31 عددها كيل وبريمن ولوبيك الألمانية. وحققت "فونوفيا" - بحسب بياناتها - عائدات إجمالية تبلغ مليار يورو هذا العام 3.7 نحو من مبيعات الشقق وبيع حصص أقلية. وبعد أعوام من التوسع تهدف "فونوفيا" إلى بيع نحو ألـف شقة بقيمة إجمالية 66 مليار يورو من أجل 13 تبلغ نحو تقليل عبء ديونها. من الرياض «الاقتصادية» أسواق وأرقام

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=