aleqt: 28-09-2023 (10944)

الرأي NO.10944 ، العدد 2023 سبتمبر 28 هـ، الموافق 1445 ربيع الأول 13 الخميس 9 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com مأساة تتكشف في أشد الدول فقرا »3 من 2« ما يزيد الطين بلة أن احتمالات حصول هذه الدول على المساعدة من الخارج تضاءلت. فقد اختارت الدول الأكثر ثراء لحظة غير مناسبة على الإطـاق لتصبح أقل سخاء. وحتى قبل اندلاع الجائحة، كانت تدفقات المساعدات الخارجية إلى الدول الأكثر فقرا، خاصة في دول المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، متباطئة. اليوم، تعيد الدول الأكثر ثراء توجيه مبالغ أكبر من ميزانياتها المخصصة للمساعدات الخارجية لتلبية المتطلبات التي تفرضها موجة من اللجئين الوافدين إلى شواطئها. لم تترك هذه التطورات سوى قلة من السبل للتعافي ، سيظل متوسط 2024 الاقتصادي، بحلول نهاية في 13 دخل سكان الدول الأكثر فقرا أقل بنحو المائة مما كان متوقعا قبل الجائحة. ، كانت المنح 2015 إلى 2011 خلل الفترة من تشكل نحو ثلث الإيــرادات الحكومية في دول العالم الأكثر فقرا، لكن هذه الحصة انخفضت منذ ذلك الحين إلى أقل من الخمس، الأمر الذي دفع حكومات الدول الفقيرة إلى تعويض الفارق بمزيد من الانغماس في الديون ـ وبأسعار فائدة عقابية. وارتفعت نسب الدين الحكومي إلى الناتج في 36 المحلي الإجمالي في هذه الاقتصادات من 67 إلى 2011 المائة من الناتج المحلي الإجماليفي في المائة في العام الماضي ـ وهو أعلى مستوى دولة 14 ". والآن تعاني 2020 "باستثناء 2005 منذ منخفضة الدخل ضائقة الدين أو أصبحت معرضة بشدة لخطرها ـ هذا أكثر من ضعف الرقم قبل ثمانية أعوام فقط. بينما يجتمعون في نيويورك لحضور قمة الأمم ، لا 2023 المتحدة لأهداف التنمية المستدامة يملك قادة العالم ترف تجاهل هذه التطورات. لا يجوز لهم أن ينسوا الوعد الأساسي لأهداف التنمية المستدامة: "الوصول إلى الأكثر تخلفا عن الركب أولا". حتى رغم سخائها المستمر في التعامل مع اللجئين الوافدين، ينبغي للدول الأكثر ثراء أن تضاعف جهودها لإنهاء البؤس في المنبع. هـذا يعني توسيع مجمع المــوارد المتاحة لبنوك التنمية متعددة الأطراف، حتى يتسنى لها أن تزيد من المنح والتمويل الميسر للدول الأكثر فقرا. الواقع أن زيادة التمويل ليست مجرد حتمية أخلقية لمنع وقوع كارثة في الاقتصادات الأكثر فقرا، بل إنها مسألة تتعلق بالمصلحة الذاتية لكل الدول القادرة على المساعدة. ينبغي لدول جنوب أوروبا التي تناضل لإدارة تدفقات الهجرة أن تعلم أنها ستستفيد من دعم التنمية في الدول الفقيرة مثل النيجر. ينبغي للدول الأكـ ثـراء، وكل المؤسسات المالية الدولية، أن تتحرك بشكل حاسم على ثلث جبهات. أولا، يتعين عليها أن تزيد التمويل الميسر المتاح للدول الأكثر فقرا، مع توجيه المساعدات نحو معالجة التحديات الناشئة مثل تغير المناخ، والهشاشة الاقتصادية، والجوائح المرضية.. يتبع. بعض البضائع تحتاج لمعرفة قيمتها، وجودتها خبرة متناهية للحكم عليها، فبعض الساعات، أو المجوهرات، أو السجاد الأصلي لا يمكن لأي أحد أن يحكم عليها، بل إن خبراء المهنة هم المخولون لذلك، فمثل شيخ الصاغة، أو شيخ الأنسجة والسجاد هما القادران على كشف الغش الذي يوجد في البضاعة. هل نخضع المهنيين لمعايير الجودة؟ المنتجات المــاديــة، ســواء كانت مرتبطة بالاحتياجات الأساسية، كالمأكل، والمــرب، والمـابـس، أو مرتبطة بما يمكن وصفه بين الكماليات، والأشياء الأساسية، أو ما هو متعارف على أنـه كماليات توجد لها مواصفات تبين مستوى جودتها، وهل هي مناسبة للستهلك، أو الاستخدام الآدمي أم لا، وذلك حرصا على صحة الناس وحياتهم، إذ لا يمكن قبول طعام ملوث بالمبيدات، أو دواء يوجد في تركيبته الكيميائية عنصر يسبب مرضا، لذا سعت كثير من دول العالم إلى إيجاد هيئات مختصة تعرف بهيئات المواصفات، والمقاييس مهمتها وضع القواعد التي يتم بموجبها فحص البضائع المنتجة محليا، أو مستوردة لمعرفة مناسبتها للستهلك والاستخدام. لدينا في المملكة هيئة المواصفات والمقاييس، وهيئة الـغـذاء والـــدواء وهـ معنيتان بوضع المـواصـفـات الـازمـة للسماح بفسح البضاعة والترخيص لترويجها، واستخدامها في السوق المحلية بناء على فحص مخبري، أو عملي لكشف العيوب، أو عدم توافقها مع المواصفات المحددة، لذا نجد الجهات المعنية تعلن بين فينة، وأخرى سحب بضاعة من البضائع من السوق، أو التحذير من استخدام منتج من المنتجات، كدواء أطفال، أو جهاز كهربائي لخطورته على صحة وحياة الإنسان. بعض البضائع تحتاج إلى معرفة قيمتها وجودتها خبرة متناهية للحكم عليها، فبعض الساعات أو المجوهرات أو السجاد الأصلي لا يمكن لأي أحد أن يحكم عليها، بل إن خبراء المهنة هم المخولون لذلك، فمثل شيخ الصاغة، أو شيخ الأنسجة، والسجاد هما القادران على كشف الغش الذي يوجد في البضاعة، فالذهب توجد له مستويات معايير وهذه لا يمكن 24 ،21 ،18 معروفة في الأسواق منها افتراض التمييز بينها من كل أحد. المخرجات البشية المتمثلة في القوى البشية العاملة في المـجـالات كافة تخضع في بعض الجهات لإجراءات فرز، وتمحيص للتأكد من مهنيتها ومهاراتها ومناسبتها للمجال الذي تتقدم للعمل فيه، فعلىسبيل المثال لا الحصر، من يتقدم للعمل في الجامعة يلزم بإحضار ما يثبت معادلة شهادته للتأكد من تخرجه من جامعة تنطبق عليها المعايير المحددة من قبل، كما تطلب بعض الأقسام إجراء مقابلة شخصية، وتقديم عرض في موضوع من موضوعات التخصص إن كان سيعمل عضو هيئة تدريس، وكذلك العاملون في القطاع الصحي يخضعون لإجـراءات التثبت من مناسبة المتقدم للمهنة المتقدم لها، ويضاف لما سبق اختبار الكفاية المهنية للمعلمين الذي تطبقه وزارة التعليم. ما سبق ما هو إلا أمثلة بسيطة على بعض السلع والمهن والإجــراءات المتخذة للتأكد من جودتها وكفاءتها وتحقق الخصائص المطلوبة فيها، إلا أن المهن لم تعد محدودة، بل تتوالد بشكل متسارع، وتتفرع بشكل دقيق، فالحاسب الآلي على سبيل المثال توجد فيه برمجة وشبكات وأمن سيبراني وذكاء اصطناعي، وهذا يستوجب مسايرة التغيرات بالإيقاع نفسه، وإخضاع العاملين في كل المجالات للإجراءات، والشوط لضمان كفاءتهم، وتوافر مهارات المهنة لديهم، بدلا من ترك الميدان مشعا لكل أحد لممارسة مهنة ما دون التثبت من تخصصه. وأقـ ح في هذا الصدد إخضاع العاملين في المجال التقني كالكهربائيين، والميكانيكيين لمعايير الشهادة، والتطبيق العملي قبل منحه رخصة العمل في الميدان لتفادي تحول السوق إلى ورشة مفتوحة يتعلم بها كل من لا صنعة لديه، ما يضر بالاقتصاد الوطني واقتصادات الأفراد. الجامعاتومراكز التفكير والتوجهات المستقبلية وردت مسألة مراكز التفكير على هذه الصفحة أكثر من مرة. لعل أولها في مقال يحمل عنوانا 2015 فبراير 12 كانت في يقول "مراكز التفكير مسؤولية اجتماعية"، وآخرها في مقال آخر 2023 كان في الثالث من أغسطس يطرح موضوع "كيف تستطيع الجامعات تفعيل تميزها المعرفي". وقد وردت مراكز التفكير في ذلك المقال كوسيلة لتفعيل إدارة المعرفةفي الجامعات، وتعزيز إسهامها في تنمية المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا. وقد وردني طلب من قارئ كريم بالحاجة إلى طرح مزيد بشأن مراكز التفكير، ودورها في استشاف مسارات المستقبل. ولا شك أن أهمية هذه المراكز في ازدياد مطرد، يتوافق مع تسارع التقدم العلمي والتقني، وما يرافق هذا التسارع من طموحات وتحديات، وتعاون ومنافسات، تؤثر في المجتمعات. فهذه المراكز هي من يبحث في المعطيات، ويقيم المستجدات، ويرسم الخطط، ويحدد متطلبات الجاهزية للمستقبل. هناك أكثر من تعريف لمراكز التفكير، وتوصف أحيانا بمصانع التفكير، وتشمل مصادر هذه التعاريف قواميس لغوية، وأوراقا بحثية، ومراجع لمنظمات مختلفة تهتم بشؤونها. وتتفق جميع هذه التعريفات على ثلث صفات رئيسة لهذه المراكز. تركز الصفة الأولى على "الموضوعات" التي تلقى اهتمام هذه المراكز، وعلى "توجهات التفكير" بشأنها. وتشمل الموضوعات المستهدفة قضايا عامة غايتها خدمة الإنسان والارتقاء بالمجتمعات. ولهذه الموضوعات جوانب اجتماعية، واقتصادية، وثقافية، وسياسية، فضل عن الشؤون التقنية التي يفرزها التقدم العلمي المتسارع، ويقودها للتأثير والتفاعل مع هذه الجوانب. وتتضمن توجهات التفكير بشأن هذه الموضوعات، البحث في واقعها والمتغيرات من حولها، ووضــع استراتيجيات وخطط، ومناهج ومبادرات، تستند إلى سيناريوهات واحـتـ لات محتملة، إلى جانب تقديم حلول ومشاريع ترتبط بها، وينصح بالعمل على تنفيذها، استجابة لمسيرة التنمية المنشودة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مراكز التفكير قد تكون شاملة لجميع الموضوعات سابقة الذكر، أو ربما تكون مختصة في موضوعات محددة، دون غيرها. تهتم الصفة الثانية لمراكز التفكير بطبيعة عمل هذه المراكز، فهي تتميز بأنها تقدم ذكاء جمعيا، أي إن ما تقدمه من معطيات معرفية جديدة أو متجددة لا تنطلق من تفكير خبير واحد، وإنما تخضع لتلقح فكري بين مجموعات من الخبراء، يتضمن مراجعات ونقاشات، تؤدي إلى حصيلة فكرية ومعرفية أكثر موثوقية. على أسـاس هذه الصفة، تضم مراكز التفكير، مجموعات من الخبراءفيشتى الموضوعات التي تلقى اهتمام مركز التفكير المطروح. ولا يكون جميع خبراء مجموعات أي مركز فكري، متفرغين تفرغا كامل بالضرورة لعمل المركز، بل قد يعمل بعضهم مستشارين غير متفرغين، يسهمون في العمل عند الحاجة. نأتي إلى الصفة الثالثة التي تتعلق بمواقع مراكز التفكير، وتبعيتها الإداريــة، ومصادرها المالية. فهناك مراكز تفكير تتبع الجامعات، أو تتبع مؤسسات بعينها، أو ربما تكون مستقلة بذاتها ولا تتبع أحـدا. ولأن هذه المراكز تهتم بالقضايا العامة، فعادة ما تتلقى مساعدات من جهات متعددة حكومية، وغير حكومية، إضافة إلى أوقاف تخصص لها، من أجل تفعيل نشاطاتها. ولا يأتي الدعم المالي بل مقابل، في كل الحالات، فكثير من المؤسسات الداعمة تتلقى مقابل ذلك مشورة مراكز التفكير الناتجة عند دراساتها وأبحاثها في الموضوعات المختلفة. وإذا كانت مراكز التفكير تتبع بعض الجهات، وتتلقى دعما ماليا منها أو من غيرها، إلا أن ولاءها المعرفي، وما تقدمه من معطيات، يفترض أن يبقى للموضوعية والمنهج العلمي البحثي، والتزاماته الأخلقية، فهي بغير ذلك تفقد دورها في خدمة الإنسان، والارتقاء بالمجتمعات. هناك أمثلة عديدة لمراكز التفكير حول العالم، لعل بين أبرزها "معهد هوفر" التابع لجامعة "ستانفورد" الشهيرة. ويعرف هذا المعهد توجهاته المعرفية على أنها "تتطلع إلى تحسين حياة الإنسان عبر تقديم أفكار ترتقي بالفرص الاقتصادية، وتسعى إلى بناء الرفاهية، في إطار تحقيق الأمن والسلم، ليس لأمريكا فقط بل للعالم بأسره أيضا. ومن الأمثلة المهمة أيضا "مركز التفكير حول التعليم العالمي"، التابع لجامعة "هارفرد". هناك أمثلة مهمة كثيرة أخرى، على المستوى العالمي، لا مجال لطرح مزيد منها في هذا المقال. على المستوى العربي، هناك أيضا عدد من مراكز التفكير، بينها على سبيل المثال "معهد للسياسات العامة والشؤون الدولية" يتبع الجامعة الأمريكية . ويقول المعهد في 2006 في بيروت، وقد أسسفي رسالته إنه "معهد مستقل يقوم بإجراء بحوث تقدم سياسات تختص بالمنطقة العربية". وبين هذه المراكز أيضا "المعهد العربي للبحوث والسياسات: نواة". ويعرف المعهد نفسه على أنه "شبكة عربية بحثية علمية وفكرية مستقلة تعنى بإنتاج البحوث وتحليل وتطوير السياسات في المجالات التنموية، والاجتماعية، والسياسية، والفلسفية، والحقوقية، وبناء قـدرات المؤسسات البحثية العربية". وقد تقريرا حول "مراكز البحوث 2021 أصدر هذا المعهد والفكر في المنطقة العربية"، ربمـا يحتاج إلى تحديث مستمر يواكب تطور هذه المراكز، وتنامي مخرجاتها، وآثارها على أرض الواقع. وهكذا نرى أن مراكز التفكير تحاول رسمسياسات المستقبل وتحديد مساراته المنشودة، في مختلف المجالات، عبر البحث العلمي، والنظر بموضوعية إلى جميع مصادر التغيرات، قبل تحديد الاتجاهات السليمة، والتوصية بالانطلق نحوها. ولا شك أن الجامعات بما لديها من كنوز معرفية، في طلبها ومنسوبيها، هي الأقـدر على إنشاء هذه المراكز وتفعيلها، مع الانفتاح على المجتمع والاستفادة من الخبرات المعرفية المهنية، فالجامعات ليست جامعة للمعارف الأكاديمية في شتى المجالات فقط، بل يجب أن تكون جامعة للخبرات التطبيقية أيضا، من أجل توظيف المعرفة توظيفا حسنا يسهم في التنمية ويعزز استدامتها. فبهذه المراكز تستطيع الجامعات الاستفادة من إمكاناتها بشكل أفضل، وتطوير عطائها للمجتمع وإسهامها في الارتقاء بمنجزاته. لا شك أن استخدام مراكز التفكير للبحث العلمي الموضوعيفيتحديد توجهات المستقبلفيمختلف الموضوعات، يعطي ثقة أكبر بهذه التوجهات. وبالطبع يقضيالبحث العلمي في هذا الشأن متابعة مستمرة للمتغيرات، حيث تتمتع التوجهات باستجابة مرنة تستطيع استيعابها والاستفادة منها. لا شك أن استخدام مراكز التفكير للبحث العلمي الموضوعي في تحديد توجهات المستقبل في مختلف الموضوعات، يعطي ثقة أكبر بهذه التوجهات. وبالطبع يقضي البحث العلمي في هذا الشأن متابعة مستمرة للمتغيرات، حيث تتمتع التوجهات باستجابة مرنة تستطيع استيعابها والاستفادة منها. د. عبدالرحمن الطريري * أكاديمي وتربوي @D_abdulrahman1 أ. د. سعد علي الحاج بكري * أستاذ في كلية علوم الحاسب والمعلومات - جامعة الملك سعود shb@ksu.edu.sa أندرميت جيل / أيهان كوسى * خبيران اقتصاديان في البنك الدولي

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=