aleqt: 23-09-2023 (10939)

NO.10939 ، العدد 2023 سبتمبر 23 هـ، الموافق 1445 ربيع الأول 8 السبت شجاعة مؤسسحارب الجهل والتأخر "الله أكـر.. الحكم لله، ثم لعبدالعزيز بـن عبدالرحمن الفيصل آل سعود".. كان لهذه الكلمات وقـع عميق، تناولها المؤرخون والرحالة والكتاب، فوجدوا خلفها انتصارات عظيمة أسست لدولة مترامية الأطراف، هي اليوم تحجز مقعدها في مصاف دول العالم. وجــد المــؤرخــون في سيرة المـؤسـس منهلا لا ينفد، في سـ تـه وأخــ قــه، وسـجـايـاه، ونضاله وفتوحاته وانتصاراته العسكرية التي جعلت كتاب وسياسيي العالم يقدرونها، إذ عرف عنه قوة الإرادة، عبقري شديد الـذكـاء، ومفكر يخطو بخطى ثابتة، استطاع أن يؤسس الـوحـدة والـنـظـام في مملكة واسعة لم يسبق لها أن عرفت السلام قط إلا على يده. حلم التوحيد في ذكـــرى الـيـوم الوطني ، مدخلنا إلى حياة الملك 93 الــ عبدالعزيز، من حلمه الـذي تحقق قبل نحو مائة عـام، إذ يــؤرخ كتاب (التحدي الكبير) لنهاد الـغـادري تلك الحقبة، فيقول: لا يستطيع المـؤرخ إلا أن يقف طويلا عند شخص الملك عبدالعزيز، فقد بدأ حملته عام بأربعين رجـ ، وإذا هو 1901 بعد قليل ملك الجزيرة العربية، والرجل الأقوى والأعظم فيها، فما الذي حقق تلك المعجزة؟ من مطالعة تاريخ هذا القائد الفذ بالتفصيل، وقراءة ما كتبه عنه الذين عرفوه، يتضح أنه كان رجلا مؤمنا، وكان طموحه مقيدا بعقله، محدودا بإمكاناته، فلم يكن رجـل مغامرات، رغـم أن تاريخه – خاصة استعادة الرياض – يشبه أن يكون مغامرة تاريخية كـرى، كـان رجـ ذكيا، متزنا، يــعــرف المـمـكـن، ويقيد طموحه به، ولاشك أنه كان منذ البداية يتوق إلى أن يــرى دولـــة عريضة متسعة، يسودها الأمـــــن والــنــظــام وشريعة الدين، وكان على شدته مرنا، وعلى عنفه وقـوتـه طيبا، نبيل النفس، شهما عفا في انتصاره عن ألد خصومه، وأعطاهم فوق ما طمعوا به، لم يستبد به حقد، ولا أعماه مطمع، ولا أذن لهواه أن يقوده. لم يـحـقـق هـدفـه الكبير بضربة واحدة، بل سلك إليه طريق الزمن، والصب والأنــاة، وحقق وحدة معظم الجزيرة، على مراحل تقاربت أو تباعدت، بحسب ما رأى وقدر من ظروفها، ولو أسعفته أحوالها لحقق وحدتها الكاملة، مـا بـ صحرائها وساحلها، ولأنجز أضخم ما أنجزه حاكم في تاريخ العرب. شجاع لا يقبل الضيم ارتــبــط اســـم عبدالعزيز بـ"الشجاعة"، ففي كتاب (الملك عبدالعزيز آل سعود بين نصرة الله.. ونصر الله له)، من إعداد عبدالله بن حسين الموجان، يخبنا قصة تأسيس المملكة وتوحيدها في كيان عظيم، متتبعا حكاية ذلك الرجل الذي اجتمع الـنـاس مـن كـل مكان لمبايعته، الفارس الشجاع الذي يدعوهم إلى تناسي ما حدث في الماضي، وإلى المحبة والتعاون والاستعداد للمستقبل. وعــن هــذه الـقـصـة، يقول الشيخ حافظ وهبة، المستشار الـسـيـاسي في ديــــوان الملك عبدالعزيز، إن هذه القصة تشبه قصص أبطال اليونان، وترينا عظم الأخـطـار التي أحاطت بابن سعود، فيما كتب آنذاك الصحافي نجيب نصار في كتابه "الرجل"، المنشور عقب توحيد المملكة بستة أعوام، أن الملك عبدالعزيز تعلم الصعود إلى مـراقـي العظمة، في مدرسة الإسلام كما تعلم فيها أبو بكر وعمر وعلي وخالد ومعاوية وغيرهم من الصحابة والكرام، وتمـرن على الخشونة وشظف العيش والشدة. ويستذكر الكتاب حـوادث عــن شـجـاعـة مؤسس مــمــلــكــة مــ امــيــة الأطراف، يؤكدها كتاب "شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز"، وتذكر حادثة نادرة لشجاعة بالغة لأزمته منذ أن من 11 كان صبيا لم يتجاوز الـ عمره، وقـد أخـذ الغضب منه مــأخــذه، وهـــو يـــرى الأعـــداء يحيطون بالرياض، بلده الحبيب وعاصمة ملك الآباء والأجـداد، وقد أخذ الحماس منه مأخذه، ورأى رجلا من الأعـداء قد قتل فرسه، وراح يحمل على عاتقه كل ما خف حمله، طالبا النجدة، لكن عبدالعزيز – الصبي آنذاك – الشجاع الغيور عـ وطنه ومسقط رأسه، وثب على الرجل وضربـــه بسيفه ضربــة أودت بحياته. كــان لا يقبل الضيم، وله قول مشهور في مناسبة رسمية، يقول فيه "قد فاتكم أن الراعي مسؤول عن رعيته، وقد فاتكم أن صاحب السيادة لا يستقيم أمره إلا بالعدل والإحسان، وقد فاتكم أن العرب لا ينامون على الضيم، ولا يبالون إذا خـروا كل ما لديهم وسلمت كرامتهم". صقر الجزيرة يقول فيه أحمد عبدالغفار عـطـا، صـاحـب كـتـاب "صقر الجزيرة"، إذا وقف المرء تجاهه شعر بضآلته تجاه جسمه الصلب الوثيق الـفـارع، وإذا نظر إلى وجهه زادته هيبة غير راغبة عن التحديق فيه، فيختلس النظر إلـيـه، يتملى محياه الباسم، وطلعته القوية البارزة، وتفيض مهابته علىمجلسه، فلا يطيق أحد الكلام إلا إذا مد له حبل تواضعه وسـ حـتـه، بـل إن بعض من يحضرون للسلام عليه يفاجؤون بمهابته، فما يستطيعون النطق بحرف، فيبتسم لهم، ويهدئ منهم، ويستدرجهم إلى البوح بما في نفوسهم، ويدنو إليهم، ويـسـألـهـم عــن حـالـهـم حتى يتكلموا، ويشعروا كأنهمبمحضر صديق أو أب رحيم، ويفارقونه وما يزال في نفوسهم رنينصوته العذب، وذكريات عن تواضعه، وسماحة نفسه، ورجاحة عقله، وصفاء قلبه، وطيبسريرته". ويضيف عن صفات المؤسس التي باتت قدوة ونموذجا لكل السعوديين "إن كرمه وجـوده كـان مـ ب المثل، فقد روى الذين أرخــوا سيرته بأنه كان جـــوادا سمحا لـ العريكة، سريع النجدة، والنخوة، فقد كـان يـرى في المـال أنـه حطام الدنيا، والحطام فان، والروح باقية خالدة، ولقد نصحه أحد أصـدقـائـه بالكف عـن البذل والسخاء والكرم، فقال: (ما أغنت قارون خزائنه)". شجاع جريء .. يحارب الجهل المؤرخون والكتاب والـرحـالـة رأوا بأم أعينهم ما كان يدور في الرياض، إذ يسجل الـكـاتـب الأمـريـي روي لبكيتشر عقب زيـارتـه قوله: "كان من أبرز ما ظهر من صفات ابـن سعود بــعــد اسـتـعـادتـه الـــريـــاض: الـقـوة، والشجاعة، والحيوية البالغة، والجاذبية الخلابة، والشخصية المحبوبة، وصواب الفكرة، والاستقامة التامة، مضافا إليها خلق المقدرة على العفو عن أعدائه من جهة، والشدة بـــل الــقــســوة من جـهـة أخــــرى عند الاقتضاء"، ويتفق معه الكاتب الإنجليزي كنت وليامز بتوثيقه تلك المرحلة من تاريخ المملكة "مـن النادر أن تجد رجـ فيه المـزايـا التي تجمعت في ابن سعود: موفق، ظافر، ومصلح، ومبدع، مبتكر، وتقي، ورع، صالح، وإنسان لطيف مهذب، وجـواد سخي، سمح، وراسـخ، وطيد، متين، وذكيحاذق لبيب، وشجاع جريء مقتحم، نبيل في تواضعه، جليل في احتشامه". لـقـد كـــان يــحــارب الجهل والتأخر، وفي كتاب (عبدالعزيز آل سعود وعبقرية الشخصية الإســ مــيــة)، مــن تـألـيـف د. عبدالعزيزشرف ومحمد إبراهيم شعبان، يتناول المؤلفان حياة حاكم مثقف أجمع المؤرخون على أنه كان متواضعا ولم يكن مغرورا، نشر العدالة والأمان، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وأيقن أن العدل أساس الملك، واسـتـطـاع تحضير الـبـاديـة، وقـد سب المستشرق المجري المسلم الدكتور عبدالكريم جرمانوس أغوار شخصيته حين قال عنه: إنه الملك الذي جرد السيف في سبيل دينه وعقيدته، يجمع في طبيعته روح الحرب وروح السلم، لا يقاتل الناس ولا يعتدي عليهم، إنما يحارب الجهل، ويقاتل الجمود، ويكافح التأخر. في سبيل توحيد مملكة مترامية الأطراف من الرياض جهاد أبو هاشم الملك عبدالعزيز حاكم مثقف أجمع المؤرخون على أنه كان متواضعا نشر العدالة والأمان وأيقن أن العدل أساس الملك واستطاع تحضير البادية 3 إصدارات

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=