aleqt: 17-09-2023 (10933)

7 NO.10933 ، العدد 2023 سبتمبر 17 هـ، الموافق 1445 ربيع الأول 2 الأحد في أواخر العام الماضيوبداية كانت تقييمات أغلب الخبراء 2023 الاقـتـصـاديـن لأداء الاقتصاد العالمي في هذا العام سلبية، وسـاد مناخ عـام من التوقعات المـتـشـائمـة، وهـيـمـنـت نظرة سوداوية بشكل كبير على الجميع، بل إن تقديرات كبريات المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية بشأن الركود المقبل باتت شبه قاطعة. وعنونت مجلة "الإيكونيمست" إحدى أشهر المجلات الاقتصادية العالمية وأكثرها رصانة في عددها 2022 نوفمبر 18 الـصـادر في "لماذا الركود العالمي أمر لا مفر ."؟2023 منه في عام الآن ومـع اقــراب العام من نهايته تبدو الصورة مختلفة إلى حد كبير، فلا يمكن القطع بالقول إن أجـواء ربيعية متفائلة تسود بي الخبراء الاقتصاديي وكبار المصرفيي، ولكن على الأقل فإن حدة القلق من وقـوع الاقتصاد الدولي في فخ الركود قد تراجعت بشكل كبير. بالطبع لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني مشكلات جمة إلى الحد الذي يدفع الخبراء إلى وصف الوضع الحالي بـ"الأزمات المتعددة" وهو وضع لا يعد فريدا من نوعه، إذ سبق أن عـانى الاقتصاد الـدولي أزمات متعددة في وقت واحد كما حدث في أعقاب الحرب العالمية الأولى، لكن تلك المـرة تختلف مظاهر تلك الأزمات وحدتها، كما أن طبيعتها المتناقضة تجعل من الصعب إيجاد حل أو علاج ناجع لها جميعا في الوقت ذاتـه، بل إنه في كثير من الأحيان قد يؤدي حل أزمة من الأزمـات إلى تفاقم أزمات أخرى. لكن منبع التفاؤل الحالي أن بعض الاقـتـصـادات الكبرى بدأ يتنفس الـصـعـداء، ولم يثبت قـدرتـه عـ الصمود فقط، بل الأهـم أنـه نجح في الهروب من هوة الركود، وكان وقوعه في تلك الهوة كفيلا بأن يجعله يأخذ معه عديدا من الاقتصادات الأخـرى وربما الاقتصاد الدولي بأكمله إلى تلك الهوة السحيقة. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تمت السيطرة نسبيا على التضخم الذي بلغ معدلات غير مسبوقة منذ عاما، وتمت السيطرة النسبية 40 دون إلحاق أضرار بالغة بالنمو الاقتصادي ومعدلات التوظيف، بل إن معدلات النمو في عدد من الاقتصادات الناشئة مثل الهند وشرق آسيا تبدو قوية إلى حد ما. وهنا، لا ينفي الدكتور دي. إس إيدسون أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة لندن أن هناك تفاؤلا نسبيا في الأجـــواء، لكنه يحذر من أن المظاهر الجيدة للاقتصاد العالمي تخفي بي طياتها عديدا من جوانب الخلل التي تجعل الوضع العام هشا حيث يمكن أن يختفي التفاؤل بي ليلة وضحاها. ويــــــــــقــــــــــول لـ"الاقتصادية"، إنه "في ظل استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية وهي أخطر حريق في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وتباطؤ النمو العالمي، ومعدلات التضخم المرتفعة في أوروبا، فإن الإبحار عبر تلك الأخطار عملية صعبة للغاية ومن شبه المستحيل ألا تصاب أجزاء من سفينة الاقتصاد الـدولي مهما حاولت أن تتجنب الصخور والأمواج المتلاطمة". ويضيف "لتعزيز مناخ التفاؤل لا بـد مـن وضــع جـــدول أعـ ل دولي بطبيعة التحديات الأكثر خطورة التي يجب التصدي لها سريعا، وربما تكون قضية ارتفاع الدين العالمي بشكل كبير في ظل استمرار حاجة عديد من البلدان إلى زيادة حادة في الاستثمار، ومع ظهور صدوع وشروخ متزايدة في القبول العالمي بفكرة العولمة، يجب أن تكون على رأس جـــــدول الأعــــ ل الدولي لضمان تــعــزيــز الاسـتـقـرار الاقـتـصـادي والمـالي العالمي". لذلك تتزايد أعــداد الخبراء الذين يدعون إلى أهمية القيام بعملية إصــ ح هيكلي عـام في السياسات الاقتصادية العالمية للحد من عـدم اليقي الراهن، وفي الوقت ذاته بناء منصات للثقة والتعاون الدولي، على أن ترتكز السياسات الجديدة على تعزيز الاستثمار لتحقيق التنمية. لهذا يرى إم. سبنسرالاستشاري الـسـابـق في البنك الـــدولي أن هناك بصيصا من الأمـل بفضل الجهود التي تبذلها مجموعة من الاقتصادات الناشئة والرائدة على المستوى العالمي التي تعمل عـ نقل التعاون الدولي من مرحلة "الحديث" إلى مرحلة "الفعل". وفيهذا السياق يشير إلى الدور السعودي الباحث عن صياغات دولية جديدة تأخذ في الحسبان المتغيرات الاقتصادية الدولية وتنامي قوة الاقتصادات الناشئة وإسهاماتها في الاقتصاد الدولي، على أن يكون المفهوم الأساسفي تنامي تلك القوة قائما على دمجها أكثر وأكـ في الاقتصاد الدولي من خلال تعزيز مفهوم "التعاون" المربح للجميع، وليس الصدام وتوسيع فجوة التناقضات. ويقول لـ"الاقتصادية"، إن "مـذكـرة التفاهم التي وقعتها السعودية أخيرا مع عدد من الدول بشأن إنشاء مشروع ممر اقتصادي جديد، تعد نموذجا لهذا التعاون الدولي الذي يعزز مفاهيم الثقة العالمية، ومن ثم يسمح بآليات ملموسة تبعد الاقتصاد العالمي عن حالة عدم اليقي، فالمشروع الجديد يربط بي الهند من جانب وأوروبا من جانب آخر عبر الشرق الأوسط وتحديدا السعودية ليس بوصف المملكة رقعة جغرافية استاتيجية فحسب، وإنما بوصفها اقتصادا عالميا رائدا يمتلك عديدا من المميزات والفرص الاستثمارية العملاقة، وبما يجعل لها دورا محوريا في الجهود العالمية التي تعمل على استغلال كل الفرص المتاحة لإيجاد حالة من اليقي العالمي بقدرة العمل المشتك على إخـراج الاقتصاد الـدولي من أزمته الراهنة". مع هـذا فـإن الرؤية الدولية القائمة على أن الابتعاد عن الركود الاقتصادي والتغلب على الأزمات الاقتصادية المتعددة التي تواجه المجتمع الــدولي تتطلب مزيدا من التعاون الجماعي، يجب ألا تنسينا أن ذلـك لن يكون كافيا لنزع فتيل التهديدات التي تواجه الاقتصاد العالمي، فعلى صناع السياسات في كل دولة على حدة أن يعملوا عـ تحسي كفاءة الإنفاق العام وإعـادة تخصيص الموارد نحو مشاريع البنية التحتية ذات الأولــويــة، وتحسي أطر الإدارة ومناخ الأعــ ل وتبسيط البيئة التنظيمية كـ ط أساس لإيجاد أرضية تمهد لتعاون دولي صحي يقوم على إسهامات إيجابية وحقيقية مـن الجميع دون أن تتحول بعض الدول إلى عالة على الآخرين الأكثر ثراء. مـن المـتـوقـع أن يبلغ مـــتـــوســـط نمـو الاقتصاد في المائة، 2.3 العالمي هذا العام في المائة عما كان 1 أي: أقل بنسبة عليه الوضع قبل جائحة كورونا، في المائة 85 وسيكون النمو في من بلدان العالم أبطأ هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ومن بي المحركات الثلاثة للاقتصاد العالمي (الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصي)، فإن الاقتصاد الأمريكي هو الذي يحقق نموا قويا، بينما الصي وأوروبــا تواجهان أوقاتا صعبة، إذ إن النمو في منطقة اليورو متوقف بينما تبدو الصي متعثرة، وحتى الآن فإن التوقعات 2024 تشير إلى أنه بنهاية عام في 30 سيظل الناس فيما يقرب من المائة من الاقتصادات النامية أكثر فقرا مما كانوا عليه قبل جائحة كورونا. في خضم تلك الضغوط يحذر عدد من الخبراء المصرفيي من أن يؤدي انصباب الاهتمام الدولي على التحديات الاقتصادية إلى غض الطرف عن الأزمات المالية التي يواجهها العالم. مـــع هـذا فــــــــإن المــــؤشرات الـراهـنـة تشير من وجهة نظر روزي جولياني الخبيرة المصرفية إلى استعداد عالمي من الشركات الدولية وكبار المستثمرين إلى التعامل مع فكرة ارتفاع أسعار الفائدة بوصفها وضعا مستقبليا سيستمر لبضعة أعوام. وتقول لـ"الاقتصادية"، إن "المـخـاوف الدولية التي سادت ســـواء في المـجـال الاقـتـصـادي أو المـالي بأن يـؤدي رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية بوصفه الوسيلة الأساسية لكبح جـ ح التضخم إلى ردود فعل سلبية من كبرى الشركات الدولية بخفض معدلات التوظيف ومن ثم ارتفاع البطالة لم يتحقق، وهذا عنصر إيجابي لضمان الاستقرار الاقتصادي عالميا". وتضيف "لكن يصعب القول إن الوضعي الاقتصادي والمالي العالميي قد استقرا، خاصة أن تحقيق مـعـدلات نمـو مرتفعة سيكون أمـــرا صعبا في الأجـل القصير، ولن يكون هناك ضمانة حقيقية للخروج مـن الأزمـــات المـتـعـددة إلا تبني سياسات اقتصادية واعـيـة، تعلي القرار الاقتصادي على غيره من القرارات، وتبتعد عن القرارات ذات الطبيعة الشعبوية التي تهدف إلى حل المسائل الآنية وتجاهل القضايا بعيدة الأمد. وأكدت أن "الطريق المختصر وما به من إغـراءات قد يؤدي إلى الإيهام بأن المشكلات الاقتصادية والمالية قد حلت، ولكن في حقيقة الأمر أنها تزداد تفاقما وحدة، حيث ستطفو على السطح وبشكل عنيف يوما ما وحينها سيكون حلها أكثر صعوبة وأعلى تكلفة". المظاهر الجيدة تخفي بين طياتها جوانب خلل تدفع بهشاشة الوضع العام نجاة الاقتصاد العالمي من هوة الركود .. تفاؤل قد يختفي بين ليلة وضحاها منبع التفاؤل أن بعض الاقتصادات الكبرى بدأ يتنفس الصعداء ونجح في الهروب من الركود أمريكا سيطرت نسبيا على التضخم دون أضرار بالغة للنمو الاقتصادي ومعدلات التوظيف ارتفاع الدين قضية مهمة في ظل استمرار حاجة عديد من البلدان إلى زيادة حادة في الاستثمار معدلات النمو في عدد من الاقتصادات الناشئة مثل الهند وشرق آسيا تبدو قوية إلى حد ما. من لندن هشام محمود يجب ضمان تعزيز الاستقرار المالي مع ظهور صدوع متزايدة في القبول العالمي بفكرة العولمة اقتصادات ناشئة مثل السعودية تعمل على نقل التعاون الدولي من مرحلة «الحديث» إلى «الفعل» أسواق وأرقام

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=