aleqt (10931) 2023/09/15
الرأي هكذا زاغت العلمانية الفرنسية عن مبدأ المساوة وحرية ممارسة المعتقد وصارت علمانية متزمتة شأنها شأن أي فكر متزمت يرى في فكر وممارسة الآخر خطورة عليه. العلمانية الفرنسية متزمتة والخشية هي أن يشع هذا التزمت على دول غربية أخرى، وإن حدث ذلك سيفقد الغرب ليس فقط علمانيته بل أسسس المساواة التي بنى مجتمعاته المتمدنة عليها. هل تحولت العلمانية الفرنسية إلى فكر متزمت؟ يلاحظ المــراقــب أن فرنسا تعد استثناء مـقـارنـة بـالـدول الغربية الأخـرى التي تتبع النهج العلماني في إدارة الدولة والنظرة إلى العرق والثقافة والأديان والأجناس البشرية المختلفة. بــوادر العلمانية يربطها كثير من العلماء والمؤرخين بالثورة الفرنسية التي وقعتفي نهاية ، وتعد من أهم التطورات التي حدثت 18 القرن الـ في الكون في العصر الحديث. والعلمانية ما هي إلا فكرة أو موقف سياسي أساسه المساواة وحرية المعتقد للكل بغض الطرف عن الاختلاف. تهدف العلمانية للوصول إلى أفضل طريقة لإدارة مجتمعات متعددة الثقافات والديانات والأعـراق، وتسعى إلى حماية ومناصرة والدفاع عن الحريات المدنية لكل المواطنين دون استثناء بغض النظر عن معتقداتهم الشخصية. ترفع العلمانية في الأغلب شعاراث ثلاثة: فصل الدين عن مؤسسات الدولة، حرية ممارسة العقائد الدينية، والمساواة ومن ضمنها أن الأديان والمعتقدات الدينية لدى الناس سواسسية مثل أسنان المشط. نظرة فاحصة على هذه المبادئ التي تختصر العلمانية، فالمفكرون الذين وضعوا أسسها أرادوا منها أن تسمو في توجهها على ما كان سائدا في حينه في أوروبا من تسيد الدين الواحد أو المذهب الواحد وعصمة رجاله ومبادئه وكتبه. secularism ، في بداية نشوء مفهوم العلمانية بالفرنسية، كان المراد منه laïcité بالإنجليزية و العمل على إيجاد نظام حكم يحترم ويدافع عن حق الناس في حرية الفكر والتفكير وحرية الضمير وما يلحقه من حرية الكلام والكتابة وممارسة ما يمليه الضمير طالما لا يلحق ذلك أذى بالمجتمع. وإن قرأنا حيثيات العلمانية كفلسفة أو مفهوم لرأينا أن مسألة بقاء الدولة أو نظام الحكم محايدا وبصرامة، وذلك من خلال عدم التدخل في طريقة تفكير الناس وما تمليه عليهم ضمائرهم، تعد العصب الذي بدونه لن تفلح أي ديمقراطية ليبرالية. بيد أن الفلسفة هذه انحنت أمام ضغط المصالح الحزبية والفئوية في الغرب، حيث تم تحشيد وتجنيد الليبرالية لكي تخدم مفهوم المساواة الذي يوائم أصحاب هذه المصالح، وصـاروا هم يحددون الفئات داخل نطاق المجتمع من التي يحق لها المساواة، والفئات التي لا يحق لها المساواة. فالمساواة، التي هي لب العلمانية، أخذت منحى واحدا وهو مساواة الرجل بالمرأة ومن ثم مساواة الميول الجنسية لدى البشر كيف أتت ومهما كانت، حتى إن تعارضت مع القيم الثقافية لدى الآخرين. وأقحموا الأديـان ضمن المعادلة هذه. فأي دين يعارض التوجه العلماني الحديث في فرنسا مثلا هو عدو المساواة وعدو العلمانية لا بل عدو الدولة ونظامها الليبرالي الديمقراطي. كان من المفروض على العلمانية الفرنسية مثلا، التي تتخذها الدولة نبراسا للحكم، أن تؤمن بمساواة القيم الثقافية والدينية بغض الطرف إن أتت متناقضة أو متعارضة مع القيم التي تتبناها الحكومة. كانت العلمانية الفرنسية من أشرس المدافعين عن حرية ما يلبسه الناس ولم يكن لون القماش أو قصره أو طوله أو حجمه أو المدى الذي يغطي بدن الإنسان مشكلة. الفرنسية معناها أن الإنسان حر Laïcité في التعبير عن فكره وضميره من خلال الكلام واللباس والكتابة والممارسة ما دام لا يشكل ذلك تهديدا أو خطرا على المجتمع. فـرض نمط من التفكير والمعتقد وطريقة ممارسة المعتقد والتفكير يضرب العلمانية كفكر ومنهج للحكمفي الصميم. رأيـنـا كيف أسهمت العلمانية في إحـداث تغييرات جوهرية في المجتمعات الغربية التي أظهرت درجات كبيرة من التسامح لظهور حركات ومجموعات فكرية وفنية وثقافية عجيبة وغريبة، خصوصا منذ بداية الستينيات من القرن الماضي حتى اليوم. هناك في الغرب حركات دينية لم ينزل الله بها من سلطان، مع ذلك تمارس فكرها ومعتقدها وترتدي ما تشاء من لباس وتؤدي طقوسا غريبة، مع ذلك لها من المساواة ما لدى التيارات الدينية السائدة. من دون كل هذه التيارات، ادعت العلمانية الفرنسية أن الإسلام أو المسلمينفيحاجة إلى من ينقذهم خصوصا النساء في صفوفهم من ظلم الرجال، وأن المساواة التي تنادي بها العلمانية لا تنطبق على المجتمعات الإسلامية التي صارت خطرا على الديمقراطية الفرنسية. هكذا زاغــت العلمانية الفرنسية عن مبدأ المساواة وحرية ممارسة المعتقد وصارت علمانية متزمتة شأنها شأن أي فكر متزمت يرى في فكر وممارسة الآخر خطورة عليه. العلمانية الفرنسية متزمتة والخشية هي أن يشع هذا التزمت على دول غربية أخرى، وإن حدث ذلك سيفقد الغرب ليس فقط علمانيته بل أسسس المساواة التي بنى مجتمعاته المتمدنة عليها. أخطار العمل الحر المؤقتعبر الإنترنت »3 من 2« يتتبع تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "عمل بلا حدود: وعود وأخطار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت"، العمالة المؤقتة عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، بما فيذلك من يعملون عبر المنصات المحلية أو يستخدمون لغات أخرى غير الإنجليزية، وهذه العمالةفي الأغلب ما يتم تجاهلها فيمعظم الأبحاث. كشف هذا التقرير أن انتشار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت على مستوى العالم أكبر بكثير مليون 435 من التقديرات السابقة، وما يصل إلى شخص يؤدون هذا العمل كعمل ثانوي. لا يـزال كثير من العمال محرومين من فرص العمل الحر عبر الإنترنت، حيث إن ما يقرب من ثلاثة مليارات شخص على مستوى العالم لم ، ومعظمهم في 2022 يستخدموا الإنترنت في الـدول النامية. ولمواجهة هذا التحدي، يعمل البنك الدولي مع الحكومات والقطاع الخاص لسد هذه الفجوة. ويشمل ذلك إصلاحات على مستوى السياسات وتوفير التمويل من القطاعين العام والخاص وبرامج الدعم الذكية لشرائح سكانية محددة، لتحفيز نشر البنية التحتية الرقمية في المناطق الريفية، وزيادة القدرة على تحمل تكاليف خدمات الإنترنت عالية السرعة والأجهزة الرقمية واستخدامها. إضافة إلى ذلك، يعد بناء المهارات الرقمية غاية في الأهمية. وفي بنجلادش وماليزيا وكوسوفو، تقدم الحكومات دورات تدريبية على العمل الحر عبر الإنترنت لمساندة الشباب والنساء، في المائة من السكان تحديدا. 40 وأفقر حول أهمية الحماية الاجتماعية للعمالة الحرة عبر الإنترنت، فقد تواجه الأغلبية العظمى من العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت، مثل معظم العمالة غير الرسمية في الدول النامية، أخطارا مثل عدم استقرار الدخل، وصعوبة ظروف العمل، ومحدودية القدرة على الادخـار. ولا تتمتع هذه العمالة بالحماية الاجتماعية، ولا سيما في الدول في المائة 90 منخفضة الدخل، حيث إن أكثر من من القوى العاملة غير مشتركين في التأمينات الاجتماعية وبالتالي لا يخضعون للوائح العمل. وعلى النحو المبين في نظام البنك الدولي للحماية الاجتماعية، ينبغي للحكومات أن تتبع أساليب مبتكرة لتوسيع نطاق التغطية لتشمل العمالة غير الرسمية والعاملين لحسابهم الخاص، ومنهم العمالة الحرة المؤقتة عبر الإنترنت. ويمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تتيح أنواعا جديدة من الحلول، كما يمكن أن تساعد منصات العمل الحر عبر الإنترنت على زيــادة التعريف بالعمالة عبر الإنترنت، ما يدعم جهود الحكومة لتوسيع نطاق مظلة الحماية الاجتماعية ... يتبع. » 2 من 1 هل ترجع أمريكا إلى الانعزالية؟ « لقد كشفت المناظرة الأولى بين مرشحي الـحـزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية في الـعـام المقبل عن انقسامات كبيرة بشأن السياسة الخارجية، وبينما دافع مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي السابق ونيكي هيلي السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة عن دعم أمريكا لأوكرانيا فيما يتعلق بالحرب العدوانية التي تشنها روسيا، أعـرب رون ديسانتيس حاكم ولايـة فلوريدا وفيفيك راماسوامي رجل الأعمال عن شكوكهما. لقد غاب الرئيس السابق دونالد ترمب المرشح الأوفر حظا بلا منازع عن هذا الحدث، لكن هو أيضا اعترض على مشاركة الولايات المتحدة في ذلك الصراع. تظهر استطلاعات الـرأي أن قواعد الحزب الجمهوري منقسمة مثل المرشحين حيث يثير هذا مخاوف من أنه إذا فاز جمهوري انعزالي ، فقد يمثل ذلك نقطة تحول للنظام 2024 في الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الذي أسسفي نهاية الحرب العالمية الثانية. تاريخيا، كان الرأي العام الأمريكي يتأرجح بين الانفتاح والانغلاق، وبعد أن أدرك الرئيس فرانكلين روزفلت العواقب المأساوية للانعزالية ، أطلق العملية التي 20 في ثلاثينيات القرن الـ بلغت ذروتها بإنشاء مؤسسات بريتون وودز ، ثم أدت 1945 والأمم المتحدة في 1944 في قـرارات الرئيس هاري ترومان بعد الحرب إلى إنشاء تحالفات دائمة واستمرار الوجود العسكري الأمريكي في الخارج، حيث استثمرت الولايات المتحدة بكثافة في إعادة إعمار أوروبا من خلال ، وأنشأت منظمة حلف 1948 خطة مارشال في ، كما قادت 1949 شـ ل الأطلسي الناتو في تحالف الأمم المتحدة الذي قاتل في كوريا عام .1950 لقد كانت هذه الإجراءات جزءا من استراتيجية واقعية لاحتواء القوة السوفياتية، ولكن تم تفسير الاحـتـواء بطرق مختلفة حيث انخرط الأمريكيون لاحقا لذلك في مناقشات مريرة وأكثرها على أساس حزبي حول التدخلات في الدول النامية مثل فيتنام والعراق، ومع ذلك ورغـم التساؤلات المطروحة بشأن أخلاقيات التدخل، فإن قيمة الحفاظ على النظام المؤسسي الليبرالي كانت أقل إثارة للجدل بكثير، وكما لاحظ اللاهوتي الأمريكي رينهولد نيبور فإن "الغموض المحظوظ" الذي تتسم به الأممية الليبرالية أنقذها من الاستسلام للجمود الأيديولوجي. هكذا تمتع النظام العالمي الليبرالي بدعم واسـع النطاق في دوائــر السياسة الخارجية الأمريكية عقودا من الزمن بعد الحرب العالمية ، وجد 2016 الثانية، ولكنفي الانتخابات الرئاسية 1945 طرح ترمب أن تحالفات ومؤسسات ما بعد قد أفادت الآخرين على حساب أمريكا صدى قويا بين عديد من الناخبين، وفي واقـع الأمـر فإن جاذبية ترمب الشعبوية استندت إلى أكثر من مجرد الهجوم على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث استغل الغضب واسع النطاق إزاء الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن العولمة كما استغل التغيرات 2008 والركود العظيم بعد الثقافية المرتبطة بالعرق، ودور المرأة، والهوية المتعلقة بنوع الجنس التي أدت إلى حدوث استقطاب، ولكن من خلال إلقاء اللوم فيما يتعلق بالمشكلات الاقتصادية على "اتفاقيات التجارة السيئة مع دول مثل المكسيك والصين، وعلى المهاجرين الذين ينافسون على الوظائف"، نجح ترمب في ربط الاستياء المحلي بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة. بطبيعة الحال، لم يكن ترمب أول من طبق هذه الصيغة حيث كانت للاستجابة الشعبوية الحالية سوابق في عشرينيات وثلاثينيات القرن ... يتبع. 20 الـ خاص بـ «الاقتصادية» .2023 ، بروجيكت سنديكت كان الرأي العام الأمريكي يتأرجح بين الانفتاح والانغلاق، وبعد أن أدرك الرئيس فرانكلين روزفلت العواقب المأساوية للانعزالية في ثلاثينيات القرن ، أطلق العملية التي بلغت ذروتها بإنشاء 20 الـ والأمم المتحدة 1944 مؤسسات بريتون وودز في ، ثم أدت قرارات الرئيس هاري ترومان 1945 في بعد الحرب إلى إنشاء تحالفات دائمة واستمرار الوجود العسكري الأمريكي في الخارج. NO.10931 ، العدد 2023 سبتمبر 15 هـ، الموافق 1445 صفر 30 الجمعة 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com جوزيفس ناي الابن * أستاذ في جامعة هارفارد ومساعد سابق لوزير الدفاع الأمريكي عفتشريف / كريستين جينواي تشيانج * المدير العالمي لقطاع الحماية الاجتماعية والوظائف ـ البنك الدولي * مدير الممارسات العالمية للتنمية الرقمية ـ البنك الدولي د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=