aleqt: 14-09-2023 (10930)

الرأي الأمم السابقة تركت آثارا كثيرة -لا شك في ذلك- إلا أن ما تركته أشياء محسوسة تتمثل في الأواني، والعملة، واللباس، وأدوات الحرب، والزراعة، وكل ما هو مرتبط بتدبير الحياة اليومية ببساطتها، وبما يتناسب مع ظروف المرحلة التاريخية، وهذا ما توصل إليه الآثاريون في المدن التي طمرتها الأتربة. القوة المعرفية والآلة الإعلامية أصبح للفرد والجماعاتفي عالمنا اليوم سهولة الحصول على الأخبار في أي مكان يحل فيه، في ظل كثرة الأخبار وتزاحمها وانتشار وسائل الإعلام بأنواعها كافة، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف في درجة موثوقية هذه الوسائل. وما من شك في أن المرء يقف عاجزا في بعض الأحيان إزاء هذه الأخبار من حيث تأكيد مصداقيتها، إذ معطيات الواقع من حيث استمرار الحياة في رتابتها على مستوى دول العالم، من حيث الخصوصية والعمومية، في تلقي مصداقية الأخبار. وعلى سبيل المثال، أعلن كثير من الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا، أن توقف إمدادات الغاز الروسي بسبب الموقف الأوروبي من الحرب الروسية - الأوكرانية، المنحاز لأوكرانيا، وتفجير خط الغاز الشمالي، تسببا في نقص الطاقة، واضطرار الدولة، والشركات إلى إغـ ق مصانعها، وصور الإعلام الوضع بالكارثي، لكن بلغة الأرقام تثبت الأخبار خلاف ذلك. كما بثتوكالات الأنباء خبرا عنشركة فولكسفاجن، " مليار 5.8" 2023 أنها ربحت في الربع الأول من يورو، أما شركة إيرباص لصناعة الطائرات فقد ربحت مليار يورو، 8.1 في النصف الثاني من العام نفسه نتيجة ارتفاع الطلب. وفي مثل هذا التناقض يحار المرء في تقييم الموقف، لما لذلك من تأثير في الاقتصاد العالمي، وما بين الدول، وكذلك الأسعار من قبل الـدول، والشركات المستوردة. والسؤال المنطقي: إذا كانت روسيا قد أغلقت أنبوب الغاز عن أوروبا، فكيف عوضت الدول ليس نقص الغاز، بل افتقاده كلية، إذا علمنا أن بعض دولها لا تنتج الغاز؟! الموضوع الآخر المحير لغرابته، ما ذكرته الأخبار من أن خـ اء المناخ في أمريكا ذكـروا أن درجة حرارة الطقس خلال شهر يوليو لهذا العام ارتفعت ألـف عـام، ووجه 125 بمستوى لم تبلغه منذ الاستغراب هنا ليس ارتفاع درجة الحرارة، فكل شيء ممكن، إنما الاستغراب مرده هل إنسان ما قبل ألف عام لديه الأدوات، والأجهزة التي تمكنه 125 من قياس درجة الحرارة بشكل يومي، وعلى مدى هذه الأعوام؟! فأنا أستبعد ذلك، إذلم يكن التقدم المعرفي والتقني للإنسان قد بلغ هذا المستوى، وهـذا لا يعني عـدم اهتمامه بالمناخ، وظـروف الطقس، فهذا أمر محتوم، ليتكيف مع التغيرات الجوية من برد، وحر، وأمطار، ورياح، وغيرها. ولو سلمنا جدلا بوجود تقنية قياس درجة الحرارة في ذلك الزمن السحيق، فهل دون الإنسان القراءات بشكل يومي، وحسب الشهر، والعام، وكيف دونها، هل على الصخور، والجلود، والأخـشـاب؟ وهل هذه المعلومة خاصة ببلد، أم على مستوى الكرة الأرضية؟ وأين احتفظ بهذه المعلومات وكيف تمت أرشفتها؟ وكيف تمكن خبراء المناخ الأمريكان من الوصول إلى هذه المعلومات؟ الأمم السابقة تركت آثارا كثيرة -لا شك في ذلك- إلا أن ما تركته أشياء محسوسة تتمثل في الأواني، والعملة، واللباس، وأدوات الحرب، والزراعة، وكل ما هو مرتبط بتدبير الحياة اليومية ببساطتها، وبما يتناسب مع ظروف المرحلة التاريخية، وهذا ما توصل اليه الآثاريونفي المدن التي طمرتها الأتربة، ولا غرابة في ذلك لطبيعة تلك المواد، أما متابعة ظروف المناخ بالشكل الذي يوحي به الخبر، فهذا على أقل تقدير محل تساؤل، إن لم يكن محل شك. أعتقد أن الأخبار السابقة التي تم عرضها، وغيرها مما تبثه وسائل الإعلام تقع ضمن دائرة الحرب الإعلامية، أي حسب المثل القائل "نصف الحرب دهـولـة"، سـواء لــ ضرار بصورة الطرف الآخر، أو لتلميع الذات، ورسم كاريزما وطن، من خلال الإمساك بزمام القوة المعرفية، التي لا شك أن لأمريكا فيها نصيب الأسد في الوقت الراهن، ويجاريها في ذلك بعض الدول المهتمة بقوة الآلة الإعلامية، لتحقيق الغرض نفسه. نظرة على عدم المساواة الاقتصادية »2 من 1« يستند كتاب أنجوس ديتون الجديد إلى كتاباته التي وجهها إلى جمهور عام على مدار أعـوام، ويركز على فكرة عدم المساواة في أمريكا. يقول ديتون: "بالمراقبة المستمرة لعدم المـسـاواة، فإنني أكتب عن الرعاية الصحية، وأنظمة معاشات التقاعد، وأسواق الأسهم، والفقر داخل البلاد وخارجها". وهو يطرح وجهة نظره بوصفه خبير اقتصاد مهاجرا نشأ في ظل تقاليد علم الاقتصاد في كامبردج "إنجلترا" قبل الانتقال إلى الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، وحصوله على ، من بين جوائز أخرى. 2015 جائزة نوبل في إن شغل ديتون الشاغل هو تزايد عدم المساواة في الدخول، ووجود فجوة كبيرة بين "النخب" وعامة الناس، وتدهور النتائج الاجتماعية بين أولئك الذين يتخلفون عن الركب بسبب العولمة والسياسة والتقدم التكنولوجي ـ بما في ذلك ارتفاع معدلات الوفاة بين العمال الأقل تعليما، التي وصفتها آن كيس وديتون في كتاب سابق بأنها "وفيات اليأس". وهو يرى في الاهتمام غير الكافي بتغير المناخ شكلا من أشكال عدم المساواة، لأنه يتجاهل رفاهية الأجيال القادمة. يـذهـب ديـتـون إلى أنــه ينبغي لمهنة الاقتصاد أن توسع المنظور الذي ترى من خلاله الرفاهية، على النحو الذي قصده آدم سميث، إلى ما هو أبعد من الدخل والثروة ليشمل نواحي مهمة من الرخاء الإنساني، مثل العمل المجدي، والأسرة، والمجتمع. وينبغي لخبراء الاقتصاد تحقيق التوازن بين الميل إلى التركيز على الكفاءة ومزيد من الانتباه إلى المساواة، كما ينبغي لهم إيلاء مزيد من الاهتمام لقدرة الحكومة على المساعدة في التصدي لعدم المساواة. فيما يتعلق بالدور المناسب للسياسة العامة، يؤكد المؤلف أهمية الفكرة التي طرحها كينيث أرو، أن الأســواق يجب أن تكون تنافسية -وليست "حــرة" فحسب- لتحقيق نتائج مقبولة اجتماعيا. ففي غياب المنافسة، لنقل بسبب ما تحدثه الاحتكارات أو احتكارات الشراء من زيادة في الأسعار أو تخفيض في الأجـور بشكل مصطنع، يمكن لنتائج السوق أن تؤتي ثمارا تصب باستمرار في مصلحة شرائح معينة من السكان. يذكر ديتون أن التكيف مع الصدمات يعد في الواقع أصعب مما يفترضه الحوار بشأن السياسات في معظم الأحيان. وهو يلقي الضوء على عدم المساواة التعليمية والعرقية بوصفهما سمتين صارختين للمشهد الاجتماعي العام... يتبع. » 2 من 1 المحتوى الرقمي .. النشأة ووجهات النظر « سمي عالما "سيبرانيا" لأنـه بـات بمنزلة "الموجه" للعالم المادي الذي نعيش فيه، ولا شك أن أداته الرئيسة في قدرته على هذا التوجيه تتمثل في "محتواه الرقمي"، ففي هذا المحتوى معلومات ومعارف للجميع، كما أن مصدرها الجميع، وفيها كل إيجابيات، بل كل سلبيات الجميع أيضا. وعلى كل منا، أفرادا، وأسرا، ومؤسسات، أن يستفيد من الإيجابيات، ويكون مصدرا يسهم فيها، وفي تفعيل أثرها من ناحية، ثم على كل منا أيضا أن يتجنب السلبيات، ويكون محذرا من زلاتها، بل مانعا لها إذا استطاع إلى ذلك سبيلا، من ناحية ثانية. ضمن إطار ما سبق، وسعيا إلى التوعية، أقامت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات جلسة حوارية حول المحتوى الرقمي للأطفال والشباب في عصر شبكات التواصل الاجتماعي. شارك في الجلسة ستة من الخبراء وصانعي المحتوى، قدموا خلالها أفكارا، وآراء مفيدة، إضافة إلى خبرات ناتجة عن ممارسات على أرض الواقع. وإن دل توجه الوزارة نحو إقامة مثل هذه الجلسات على شيء، فإنما يدل على أن رؤيتها لتقنيات الاتصالات والمعلومات لا تقتصر على شؤون التقنية وخدماتها، بل تمتد أيضا إلى أثرها بجوانبها المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. يطرح هـذا المـقـال، وكـذلـك المـقـال المقبل، موضوع المحتوى الرقمي، بما يشمل طرح نشأة هذا المحتوى وتطوره عبر الأعوام، من ناحية، ومناقشة حقائق وآراء، وردت في الجلسة في الحورية، حول المحتوى الخاص بالأطفال والشباب، من ناحية ثانية. تجدر الإشارة هنا، إلى أن هذا المحتوى يتمتع بأهمية خاصة، نظرا إلى أثره الكبير في نشأة الأجيال المتجددة، ولعلنا نقول، ما ورد في الجلسة الحوارية بشأن أهميته، أي دوره بصفته مربيا لهذه الأجيال، إلى جانب الأسرة والمدرسة، وثقافة البيئة والمجتمع. بدأ العمل على تطوير تقنيات الشبكات، واسعة النطاق، التي تربط بين الحواسيب الكبيرة العامرة بالمعلومات في أواخـر عقد الستينيات من القرن بناء أول شبكة بحثية 1969 الماضي، حيث تم في مكونة من أربعة مراكز حاسوبية رئيسة، في أربع جامعات أمريكية متباعدة، بدعم من وكالة البحوثفي وزارة الدفاع الأمريكية، ومشاركة عدد من الجامعات. وفي مطلع الثمانينيات من ذلك القرن برزت شبكات حاسوبية أمريكية أخرى مثل شبكة المؤسسة الوطنية للعلوم، كما ظهرت شبكات أخرى أقامتها الشركات المتخصصة، مثل "آي بي إم"، حيث قدمت هذه الشركة ثلاث شبكات متكاملة، إحداها في أمريكا، وأخرى في أوروبا، ثم ثالثة في منطقة الخليج. وقد تمتعت هذه الشبكات بمحتوى رقمي خاص متاح فقط لأصحاب العلاقة، فضلا عن السماح لهؤلاء بتبادل المعلومات فيما بينهم. انطلقت، مع بداية التسعينيات شبكة الشبكات الإنترنت التي جمعت مختلف الشبكات الرئيسة التي كانت قائمة لتسمح لأصحاب العلاقة بمرونة التعاون معلوماتيا فيما بينهم. وجاء ابتكار ما يعرف بالعنكبوت "، في ذلك الوقت، ليعطي WWW العالمي "الويب الإنترنت بعدا توسعيا كبيرا مكن المؤسسات المختلفة من طرح مواقع معلوماتية، تتضمن محتوى رقميا يتيح لها تقديم خدمات معلوماتية للتوعية والدعاية من جهة، وللمتعاملين معها من جهة ثانية. وبالفعل بدأت الشركات العاملة في المجالات المختلفة، في نحو منتصف التسعينيات، بطرح مواقع معلوماتية تقدم خدمات للمتعاملين معها من خلال محتوى رقمي يختص بذلك. وانضمت، في أواخر التسعينيات، مؤسسات حكومية في بعض الـدول إلى فعل مثل ذلـك، وبناء مواقع وتقديم خدمات معلوماتية حكومية لأصحاب العلاقة في عدد من المجالات. أعطى مؤتمر قمة المعلومات الذي عقدته الأمم 2005 في سويسرا، و 2003 المتحدة على مرحلتين في تونس، نقطة انطلاق مهمة لجميع الـدول في التوجه نحو التحول الرقمي في مجالات التعليم، والبحث العلمي، والصحة، وغيرها، إضافة إلى توفير تعاملات إلكترونية حكومية تشمل تقديم محتوى رقمي مفيد لأصحاب العلاقة، والقيام بتقديم خدمات معلوماتية حكومية أخرى لهم، عبر هذا المحتوى. وبـدأ برنامج التعاملات الحكومية الإلكترونية في المملكة، المعروف بـ"يسر"، خدماته في تلك الفترة، إلى هيئة الحكومة الرقمية. 2021 إلى أن تحول في توافق ما سبق، زمنيا، مع بداية بروز الشبكات الاجتماعية التي قدمت إلى الجميع منصات معلوماتية، لا تكتفي بتقديم خدمات عبر ما لديها من محتوى رقمي، بل تسمح أيضا للجميع حول العالم، ليس فقط بالتواصل عبرها، بل ببناء محتويات معلوماتية رقمية خاصة، يستطيع صاحب العلاقة إتاحتها على نطاق واسع، وربما للجميع، ويستطيع أيضا أن يجعل توافرها محدودا لأفراد أو جماعات يتعامل معهم. وإذا أردنا وضع أمثلة لأهم مثل هذه الشبكات، تبعا لتاريخ بدايتها، وأسمائها الأصلية، لوجدنا أمامنا ، تويتر 2005 ، يوتيوب 2004 القائمة التالية: فيسبوك ، سناب ـ 2010 ، إنستجرام 2009 ، واتساب 2006 ، وغير ذلك من شبكات 2016 ، تيك ـ توك 2011 شات اجتماعية تم إنشاؤها، أو يجري الإعداد لإطلاقها في المستقبل. هكذا نجد أن التطور التقني كـان وراء تطور المحتوى المعلوماتي الرقمي، والوصول إلى ما وصل إليه اليوم. فمن تبادل المعلومات عبر شبكات خاصة محدودة، إلى تبادلها عالميا عبر الإنترنت، وإلى مواقع رقمية معلوماتية على الإنترنت تقدم خدمات حكومية وتجارية ومعرفية مختلفة، ثم إلى شبكات اجتماعية متاحة للجميع حول العالم، لكيلا يكونوا فقط متلقين للمعلومات والخدمات المعلوماتية، بل صانعين لها أيضا. وإذا كانت بعض المؤسسات قد بدأت باستخدام الذكاء الاصطناعيفي بناء محتواها الرقمي، وتعاملاتها المعلوماتية، فلا شك أن هذا الاستخدام سينتقل تدريجيا إلى الجميع فيما يقدمونه، وما يتفاعلون معه من محتوى معلوماتي رقمي. ولا شك أن الذكاء الاصطناعي، كوسيلة يستخدمها الإنسان، يمكن أن ينحاز إلى الإيجابيات فيعززها، أو ينجرف مع السلبيات فيعمقها. ولعلنا نستعير، في ختام هذا المقال وتمهيدا للتالي، قولا لأحد متحدثي الجلسة الحوارية، ألا وهو أننا أمام المحتوى المعلوماتي الرقمي نحتاج إلى "التوازن" بين "تمكين" الاستفادة من إيجابياته، وبين "الحماية" من سلبياته... يتبع. التطور التقني كان وراء تطور المحتوى المعلوماتي الرقمي، والوصول إلى ما وصل إليه اليوم. فمن تبادل المعلومات عبر شبكات خاصة محدودة، إلى تبادلها عالميا عبر الإنترنت، وإلى مواقع رقمية معلوماتية على الإنترنت تقدم خدمات حكومية وتجارية ومعرفية مختلفة، ثم إلى شبكات اجتماعية متاحة للجميع حول العالم لكيلا يكونوا فقط متلقين للمعلومات والخدمات المعلوماتية، بل صانعين لها أيضا. NO.10930 ، العدد 2023 سبتمبر 14 هـ، الموافق 1445 صفر 29 الخميس 11 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com shb@ksu.edu.sa أ. د. سعد علي الحاج بكري * أستاذ في كلية علوم الحاسب والمعلومات - جامعة الملك سعود د. عبد الرحمن الطريري * أكاديمي وتربوي @D_abdulrahman1 فيفيك أرورا * نائب مدير مكتب التقييم المستقل في صندوق النقد الدولي

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=