aleqt (10927) 2023/09/11
الرأي الواقع أن ما ينتقده بعض المراقبين بوصفه سياسات حماية ونزعة تجارية خالصة هو في الحقيقة عملية لإعادة التوازن نحو معالجة قضايا وطنية مهمة، مثل: إزاحة العمالة، والمناطق المتخلفة عن الركب، والتحول المناخي، والصحة العامة. هذه العملية ضرورية لمعالجة الضرر الاجتماعي والبيئي الواقع بسبب العولمة المفرطة، وإنشاء شكل أكثر صحة من العولمة للمستقبل. » 2 من 1 عدو الاقتصاد العالمي .. السياسة الجغرافية « يبدو " أن عصر التجارة الحرة قد انقضى. ترى كيف قد يكون أداء الاقتصاد العالمي في ظل سياسات الحماية؟". هذا أحد الأسئلة الأكـر شيوعا التي أسمعها في أيامنا هذه. لكن التمييز بين التجارة الحرة وسياسات الحماية "مثل التمييز بين الأسـواق والدولة، أو النزعة التجارية والليبرالية"، ليس مفيدا على وجه خاص في فهم الاقتصاد العالمي. فهو لا يحرف التاريخ فحسب، بل يسيء أيضا تفسير التحولات السياسية الراهنة والظروف اللازمة لضمان اقتصاد عالمي متعاف. تستحضر عبارة "التجارة الحرة" صورة لحكومات تفسح المجال للأسواق لتسمح لها بتحديد النتائج الاقتصادية بنفسها. لكن أي اقتصاد سوق يتطلب الاستعانة بقواعد وضوابط تنظيمية ـ معايير للمنتجات، وضوابط تحكم السلوك التجاري المانع للمنافسة، وضمانات للمستهلكين والعمالة والبيئة، ووظائف الملاذ الأخير للإقراض والاستقرار المالي ـ التي تعلنها وتنفذها الحكومات عادة. علاوة على ذلك، عندما تترابط الهيئات المختصة الوطنية عبر التجارة الدولية والتمويل الدولي، تنشأ تساؤلات إضافية: أي القواعد والضوابط التنظيمية التي تقرها الدول المختلفة ينبغي أن تكون لها الأسبقية عندما تتنافس شركات الأعمال في الأسواق العالمية؟ هل ينبغي لنا إعادة تصميم القواعد من خلال المعاهدات الدولية والمنظمات الإقليمية أو العالمية؟ عندما ننظر إلى الأمر في هذا الضوء، يصبح من الواضح أن العولمة المفرطة ـ التي دامت منذ أوائل تسعينيات القرن ،19 - تقريبا حتى اندلاع جائحة كوفيد 20 الـ لم تكن فترة من التجارة الحرة بالمعنى التقليدي. فلم تكن الاتفاقيات التجارية الأخيرة 30 الموقعة على مدار الأعوام الـ مهتمة في الأساس بإزالة القيود المفروضة على التجارة والاستثمار عبر الحدود بقدر ما كانت حريصة على فرض معايير تنظيمية، وقواعد الصحة والسلامة، والاستثمار، والخدمات المصرفية والمالية، وحقوق الملكية الفكرية، والعمل، وغير ذلك كثير من القضايا التي كانتفي السابق تقع ضمن نطاق السياسة الداخلية. كما لم تكن هذه القواعد محايدة. بل كانت تميل إلى إعطاء الأولوية لمصالح الشركات الكبرى ذات الصلات السياسية القوية، مثل البنوك الدولية، وشركـات الأدويــة، والشركات متعددة الجنسيات، قبل أي شيء آخر. لم تتمتع هذه الشركات بقدرة أفضل على الوصول إلى الأسـواق على مستوى العالم فحسب، بل كانت أيضا المستفيد الرئيس من إجـراءات التحكيم الدوليالخاصةفيإلغاء الضوابط التنظيمية الحكومية التي تسببتفي تخفيض أرباحها. على نحو مماثل، كانت قواعد الملكية الفكرية الأكث صرامة -التي تسمح لشركات الأدويـة والتكنولوجيا بإساءة استخدام مراكزها الاحتكارية- تهرب إلى الداخل تحت ستار التجارة الأكث حرية. ودفعت الحكومات دفعا إلى تحرير تدفقات رأس المــال، في حين ظلت العمالة محاصرة خلف الـحـدود. كما أهملت قضايا مثل تغير المناخ والصحة العامة، وهـو ما يرجع جزئيا إلى حقيقة مفادها أن أجندة العولمة المفرطة زاحمت هذه القضايا، ولكن أيضا لأن إيجاد المنافع العامة في أي من المجالين كان ليتسبب في تقويض مصالح الشركات. في الأعوام الأخيرة، شهدنا ردة فعل عكسية عنيفة ضد هذه السياسات، فضلا عن إعــادة النظر على نطاق واســع في الأولويات الاقتصادية في عموم الأمر. الواقع أن ما ينتقده بعض المراقبين بوصفه سياسات حماية ونزعة تجارية خالصة هو في الحقيقة عملية لإعـادة التوازن نحو معالجة قضايا وطنية مهمة، مثل إزاحة العمالة، والمناطق المتخلفة عن الركب، والتحول المناخي، والصحة العامة. هذه العملية ضرورية لمعالجة الضرر الاجتماعي والبيئي الواقع بسبب العولمة المفرطة، وإنشاء شكل أكثصحة من العولمة للمستقبل... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» .2023 ، بروجيكت سنديكيت الاستدامة ورفع كفاءة » 1 الاستهلاك « الطاقة شريـان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض، ولا يمكن بأي حال من الأحــوال أن تطور المجتمعات وترتقي في سلم المدنية بمنأى عنها. أدق التعريفات التي قرأتها عن الاستدامة، أنها "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال القادمة لتلبية حاجاتها الخاصة". الدول التي تعتمد بصورة كلية أو جزئية على المـوارد الهيدروكربونية "النفط والغاز والفحم" في توليد الطاقة، تعي تماما أن هذه الموارد ناضبة، ويجب العمل بالتوازي على ركيزتين رئيستين هما رفع كفاءة استهلاك هذه الموارد لإطالة عمرها قدر المستطاع، وإحلال مصادر الطاقة الأخرى بموضوعية. بعيدا عن الأسطوانة المشروخة التي تردد بشكل كبير خلال العقد الأخير حول إقصاء الوقود الأحفوري، وعلى رأسه النفط، ووضعه في قفص الاتهام، وبعيدا عن الأجندات السياسية والاقتصادية ضيقة الأفق، بعيدا عن كل ذلك، أرى أن إحلال الطاقة المتجددة والبديلة ليس ثوبا يناسب جميع الدول، فذلك يعتمد على عوامل فنية واقتصادية وأمنية وغيرها لكل دولة. القدرة الاقتصادية والفنية والبنية التحتية وكمية الاستهلاك تختلف من دولة إلى أخرى، بل أضيف أن الوعي أيضا يلعب دورا مهما في كيفية وسرعة بل نسبة إحلال مصادر الطاقة الأخرى، فعلى سبيل المثال، الحاجة الملحة إلى مصادر طاقة رخيصة في أوروبا وبسبب الضرائب العالية فيها، وبسبب التوجه السياسي لهذه الدول، أسهم -في اعتقادي- في رفع مستوى الوعي لهذه الدول بأهمية الطاقة الشمسية وتطبيقاتها وجدواها الاقتصادية على المديين المتوسط والبعيد. السعودية -في اعتقادي- أنموذج يقتدى به في التعاطي مع ملف الطاقة المتجددة، فمن خلال وزارة الطاقة، وبالتعاون مع الهيئات والجهات ذات العلاقة، الذين يعملون بكفاءة لتحقيق استدامة الطاقة من خلال رفع كفاءة الإنتاج، والاستهلاك على حد سواء، والوصول في 50 إلى مزيج من الطاقة، تشكل الطاقة المتجددة 2030 في المائة. بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، من 2050 في المائة 50 المتوقع أن يرتفع استهلاك الطاقة نحو كوادريليون "مليون مليار" وحدة حرارية، 900 ليصل إلى كوادريليون 620 التي تبلغ 2020 مقارنة بكمية الاستهلاك وحدة حرارية، وجل هذا النمو يأتي من الدول الآسيوية. الأرقام السابقة بناء على استشراف مستقبل كمية الطاقة المستهلكة، تعزز التوجه العالمي والمحلي لرفع كفاءة الاستهلاك والمحافظة على مصادر الطاقة الناضبة. بالعودة إلى بيانات البنك المركزي السعودي -مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» سابقا- والشركة السعودية بلغت 2019 للكهرباء، قبيل جائحة كورونا، نجد أنه في كمية الاستهلاك من الكهرباء في السعودية لجميع تيرا واط لكل ساعة، تشمل جميع 280 القطاعات نحو في المائة 45.8 القطاعات. استهلك القطاع السكني نحو من إجمالي كمية الاستهلاك من الكهرباء المبيعة في تيرا واط لكل 128.1 السعودية، حيث بلغ الاستهلاك نحو ساعة، وجاء ثانيا الاستهلاك في القطاع الصناعي، حيث 16.7 في المائة، ثم القطاع التجاري نحو 17.7 شكل نحو في المائة من 13.5 في المائة، والقطاع الحكومي نحو إجمالي الاستهلاك في السعودية. وبلغت كمية الاستهلاك تيرا واط لكل ساعة. 37.7 في القطاع الحكومي نحو نكمل ما بدأناه في المقال المقبل، وسأسلط الضوء على أهمية تنويع مصادر الطاقة لتلبية نمو الاستهلاك المحلي والعالمي... يتبع. » 3 من 3 التكنولوجيا .. صديق أم عدو؟ « تغيير الثقافة الذي دفعت إليه الجائحة من المرجح أن يلقى سهولة توفير الوسائل التكنولوجية المتاحة في كثير من المـجـالات، ومن المحتمل أن يفضي إلى عواقب خطيرة على الوظائف. فالتجارة الإلكترونية لا تحتاج إلى تكنولوجيا الروبوت العالم. وتزايد الشراء عبر الإنترنت في حد ذاته يضرببائعي التجزئة في المحال التقليدية. ويستطيع العاملون عن بعد أن يحصلوا على الكافيين الـذي يتوقون لاحتسائه عن طريق شراء كبسولات نسبريسو عبر الإنترنت بدلا من ارتياد محال أنيقة، لكنها ربما كانت خاوية. وبالفعل، ذكرت شركة نستله أخـ ا أن الطلب على كبسولات 30 القهوة عبر الإنترنت ارتفع أخيرا بنسبة في المائة في ظل الجائحة. السؤال هنا: هل انتهى دور المكاتب؟ لا تزال 19 - ما دامت جائحة كوفيد تهدد العالم، فلا يمكن أن نحكم ما إذا كان يشهد تغيرا حقيقيا في ثقافته أم أن ذلك مجرد نجاح في التكيف مع الحالة الطارئة. وكما نعلم، فإن التجربة العالمية للعمل عن بعد دفعت كثيرين نحو بداية نهاية العمل في المكاتب. لكن التقارير عن نهايته تماما ربما كانت فيها مغالاة. والتكنولوجيا التي تعتبر بمنزلة إنقاذ للحياة اليوم ظلت موجودة لأعوام دون أن تتسبب في خروج جماعي. وبينما هناك كثير من المنافع المحتملة ـ كمرونة ساعات العمل، وتراجع وقت التنقل، وإمكانية العمل من أي مكان، وقدرة الـ كـات على تعيين موظفين في أي مكان ـ يتعين إجراء تقييم كامل للعواقب طويلة المـدى للعمل عن بعد. وأحد المخاطر الواضحة هو الأمن المعلوماتي، فوصل مزيد من المستخدمين بشبكات منزلية غير محمية يزيد ما يطلق عليه سطح الهجوم المتاح للقراصنة الإلكترونيين. وإن كان من الصعب تقدير التأثير الواقع على المدن ومناطق المكاتب، وكذلك على الفنادق والمطاعم والمحال والخدمات الأخرى، إلا أنه ربما كان ذا دلالة. يعتقد برينجولفسون، الــذي عين أخيرا في منصب مدير مختبر الاقتصاد الرقمي في جامعة ستانفورد، أن التغير سيدوم بشكل أكبر كما يتوقع التوسع في الاستفادة من تعلم الآلة. وقال في ندوة عقدت أخيرا "إن السؤال هو: أي مجالات الاقتصاد هي التي ستكون الأكـر (أو) الأقل تأثرا؟". وبدون التوصل إلى علاج أو لقاح فعال، يمكن للجائحة أن تؤدي إلى زيادة الأتمتة بسبب التباعد الاجتماعي وسعي الشركات إلى مزيد من الصلابة. فزيادة أتمتة خطوط التجميع أقل عرضة لمخاطر تفشي الجائحة. وذكر ساسكايند في مقابلته مع مجلة "التمويل والتنمية" أنه "في المملكة المتحدة، أدت تدخلات الحكومة لحماية العاملين إلى كبح الحافز على الأتمتة"، وأضاف "ومتى انتهت هذه الحماية، فقد يعود الحافز وينطلق من جديد". لقد حافظت التكنولوجيا على حركة العالم، لكنها عمقت كذلك كثيرا من خطوط التصدع، كالتعليم والدخل وأنـواع الوظائف. وحل هذه المعضلة معقد. فستدعى الحكومات إلى زيادة الإنفاق على المدى القصير ـ لمساعدة الـ كـات في الحفاظ عـ موظفيها الحاليين، والتوسعفي التدريب، وتسهيل إعـادة التعيين ـ وعلى المدى الطويل، خاصة للاستثمار في التعليم وتوسيع إمكانات الحصول على خدمة الإنترنت. إنها مهمة شاقة حتى على الاقتصادات المتقدمة، لكنها كذلك بصفة خاصة على الاقتصادات الصاعدة التي لا تزال تكافح لتوفير الاحتياجات الأساسية. وربما جاء الحل من صلب المشكلة. ويجب على الـدول، سواء المتقدمة أو النامية، أن تستخدم التكنولوجيا بما يحقق لها المنفعة، ويجب على الحكومات أن تضع احتواء كل فئات المجتمع ضمن أولوياتها. وتقول إيرا دابلا ـ نوريس، وهي المؤلف الرئيس للدراسة التي تناولت إمكانية العمل عن بعد، في حـوار مع مجلة "التمويل والتنمية"، "إن الابتكار يمكن أن يحقق نموا جديدا وأن يزيد الإنتاجية". وتضيف بقولها "الرقمنة تعيد تشكيل كثير من الأنشطة، ويمكن أن تساعد العاملين والشركات على التكيف مع هـذا العالم الجديد. والحل هو تحقيق الاحتواء الرقمي ثم ترجمته إلى احتواء اقتصادي". حافظت التكنولوجيا على حركة العالم لكنها عمقت كذلك كثيرا من خطوط التصدع، كالتعليم والدخل وأنواع الوظائف. وحل هذه المعضلة معقد. فستدعى الحكومات إلى زيادة الإنفاق على المدى القصير ـ لمساعدة الشركات في الحفاظ على موظفيها الحاليين، والتوسع في التدريب، وتسهيل إعادة التعيين ـ وعلى المدى الطويل، خاصة للاستثمار في التعليم وتوسيع إمكانات الحصول على خدمة الإنترنت. NO.10927 ، العدد 2023 سبتمبر 11 هـ، الموافق 1445 صفر 26 الإثنين 11 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com أندرياس أدريانو * خبير إعلامي فيصندوق النقد الدولي داني رودريك * أستاذ الاقتصاد السياسي الدوليفي كلية كينيدي ـ جامعة هارفارد، ويشغل منصب رئيس الرابطة الاقتصادية الدولية م. عبدالرحمن النمري * مختصفي شؤون النفط
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=