aleqt (10925) 2023/09/09
تكتسب سوق الأسمدة أهمية كـبـرة ومــتــزايــدة في المـجـال الزراعي، فالدور الحاسم الذي تقوم به في مجال تحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية عبر توفي الـعـنـاصر الغذائية الأساسية للزراعات المختلفة يجعل من الأســمــدة الـزراعـيـة العضوية وغي العضوية ضرورة ملحة في الزراعات الحديثة. وفي العقود الأخية زاد الطلب العالمي بشكل كبي عليها بسبب النمو السكاني وزيادة الطلب على الغذاء، إضافة إلى نقص المواد الغذائية في التربة عموما نتيجة استخدام المبيدات الحشرية وغيها من المواد الكيميائية التي تركت بصمة سلبية على الإنتاج الزراعي. مع هذا فإن نقص الوعي لدى قطاع واسع من المزارعين خاصة في البلدان الفقية والنامية بشأن الاستخدام الأمثل للأسمدة، أدى إلى تقييد نمو السوق، وانعكس سلبا على إنتاجية المحاصيل، خاصة أن ذلك يترافق عـادة مع إفــراط في استخدام المبيدات الزراعية ما أدى إلى تدهور جودة التربة الزراعية. لا تقف مشكلة صناعة الأسمدة عند حدود افتقاد ملايين المزارعين المعرفة العلمية الكافية بما يتعلق بنوع السماد الواجب استخدامه أو الكمية الــروريــة والمثلى لضمان زيـــادة الإنـتـاج، فقطاع الأسمدة مجزأ بينشركات الأسمدة المختلفة حول العالم. ونـــظـــرا لأهـمـيـة الـصـنـاعـة وضرورتها لزيادة الإنتاج الزراعي يقوم المشاركون فيها بتشكيل تحالفات استراتيجية ومشاريع مشتركة لتوسيع نطاق توزيعهم الـجـغـرافي وتنويع إنتاجهم، وعادة ما تكون عمليات الاندماج والاســتــحــواذ جـــزءا أصـيـ من المفاهيم السائدة بين الشركات المنتجة. وعلى المستوى العالمي شـهـد قـطـاع صـنـاعـة الأسـمـدة عملية 80 والكيماويات الزراعية ،2021 اندماج واستحواذ عـام وبلغت قيمة الصفقات المبرمة مليار دولار، إلا أن 236 حينها عمليات الانـدمـاج والاستحواذ تراجعت العام الماضي لتصل إلى صفقة فقط. 48 بيد أن مشهد تراجع صفقات الاستحواذ والاندماج كما حدث في الـعـام المــاضيفي طريقة إلى التغي هذا العام، إذ تشهد شركـــات الأســمــدة موجة إيـجـابـيـة مـدعـومـة بالتحسن الكبي في الــتــدفــق الــــنــــقــــدي والـتـوقـعـات الأكثر تفاؤلا للصناعة على المدى الطويل. يقول لـ"الاقتصادية" إل. سي. لوصن المهندس الزراعي من شركة يارا البريطانية المحدودة للأسمدة، وصلت أسعار 2022 "في عـام الأسمدة إلى أعلى مستوياتها منذ عدة عقود، وأسهم ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والحرب الروسية - الأوكرانية والعقوبات الدولية المفروضة على روسيا وبيلاروسيا وارتفاع أسعار السلع الزراعية في ارتفاع عائدات منتجي الأسمدة، وحافظت الشركات المتداولة على نهج منضبط لإدارة التدفقات المالية، وإجراء عمليات إعادة شراء الأسهم على مدار العام الماضي، وأظهرت التقارير السنوية لشركات الأسمدة الكبرى تدفقات نقدية ، ويمكن 2022 قوية في نهاية عام الاستفادة من تلك التدفقات هذا العام لتمويل نشاط الاندماج والاستحواذ". ويضيف "حتى الآن، وإذا أخذنا في الحسبان أن العام لم ينته، فإن صفقة الاندماج والاستحواذ هي اتفاقية 2023 الرئيسة عام شركـة سي إف للصناعات لشراء منشأة إنتاج الأمونيا التابعة لشركة إنسيتيك بيفوت والأصــول ذات الصلة في شركة واجمان لويزيانا مليار دولار. 1.675 مقابل مع هذا يشكك بعض الخبراء في قـدرة الأســواق على مواصلة عملية الانــدمــاج والاسـتـحـواذ في الربع الأخـر من هذا العام والعامين المقبلين". من جهتها، تقول لـ"الاقتصادية" سوزان كفيلهاوج المحللة المالية في بـورصـة لندن "سيكون من الصعب استمرار عمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع من خلال الاعتماد على الديون أو القروض البنكية نتيجة ارتـفـاع أسعار الفائدة، وعلى الشركات إذا رغبت في المضي قدما في هذا المسار أن تعتمد على ما لديها من أرصدة نقدية، لكن إذا انخفضت أسعار الأسـمـدة فهذا يعني تدفقات نقدية أقـــل، ومــن المـرجـح أن تتقلص محفظة أنشطة الاندماج والاستحواذ". لكنها تضيف "الأمر ربما يختلف في الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة بـأوروبـا بعض الـيء، فبغض النظر عن أخطار التمويل، فالمتوقع استمرار أنشطة الاندماج والاستحواذ في مجال الأسمدة ولا سيما النيتروجينية في أمريكا الشمالية، ويرجع ذلك إلى الزخم الـداعـم للأمونيا في الأســـواق النهائية، كـ يمكن أن تــــزداد مراهنة شركـــــــــات الأسـمـدة عــــــ شركات التكنولوجيا الزراعية، حيث إن شركات التكنولوجيا الزراعية وكمعظم شركــات التكنولوجيا في العالم تحصل على تقييمات مرتفعة، وهو ما قد يغري شركات الأسمدة بالاستحواذ عليها حتى في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على أساس أنها مستقبلا ستكون قادرة على تعويض ما دفعته". لكن مسار صناعة الأسمدة لا يقف فقط عند قضية الاندماج والاستحواذ، فصناعة الأسمدة صناعة كثيفة رأس المـال خاصة مع ارتـفـاع تكاليف الاستثمار والصيانة المستمرة. وفي هذا السياق، يعلق روبـنـسـون كـــروس من اتحاد الأسمدة الدولي قائلا "تبلغ التكلفة الرأسمالية لمصنع الأمـونـيـا واليوريا الــنــمــوذجــي على المستوى العالمي مليار 1.6-1.2 نحو دولار، ومـصـانـع الفوسفات المتكاملة لديها نفقات رأسمالية نمـوذجـيـة تبلغ نحو مليار دولار، في حين أن مناجم البوتاس تتطلب مبلغا أكبر بكثي لبدء تشغيل المـــ وع بتكاليف تزيد على ثلاثة مليارات دولار، وتبلغ تكاليف بعض أكبر المشاريع ما يقرب من ضعف تلك القيمة". ويضيف "اسـتـفـادت بعض المـشـاريـع مـن تقلبات السوق وعدم اليقين الجيوسياسي، بينما أوقفت مشاريع أخرى، وعادة ما تحفز فـ ات ارتفاع أسعار الأسمدة الاستثمار في الـقـدرات الجديدة، واليوم دراســــات الــجــدوى تجمع بين الاقتصاد والجغرافيا السياسية والبيئية، ما يشي إلى عصر جديد من الاستثمار فيصناعة الأسمدة". لكن أيــا كــان الاتــجــاه الـذي ستسلكه عـمـلـيـات الانــدمــاج والاســـتـــحـــواذ، والاتــجــاهــات الاستثمارية المستقبلية فإن صناعة الأسمدة ستظل تحا فظ عـــــ طـــابـــعـــهـــا العالمي، حيث إن التوزيع الجغرافي للإنتاج عملية تمليها اقتصادات الطاقة والسياسات الحكومية تجاه تلك الصناعة الاستراتيجية. وتتبع الأسواق عادة دورة سلعية تعتمد على التوازن بين العرض والطلب، خاصة أن هناك مستويات عالية من التكامل العالمي فيما يتعلق بصناعة الأسمدة. وفي أعـقـاب الـــــحـــــرب الروسية - الأوكرانية، واجهتسوق الأسمدة حالة من عدم اليقين بشأن قدرات الصادرات الروسية على التفاعل مـع الأســـواق الـدولـيـة، بسبب العقوبات المفروضة على الأفراد والكيانات الروسية والـــقـــطـــاع المــ في الروسي، وقد تفاقم الوضع بسبب نقص البوتاس الـبـيـ روسي، وبسبب القيود التي فرضتها الصين على صادرات النيتروجين والفوسفات، والزيادات غي المسبوقةفي أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، ما أثر في تكاليف إنتاج النيتروجين. وفقا لتقرير التوقعات متوسطة الأجل الصادر عن الاتحاد الدولي للأسمدة فإن استخدام الأسمدة عـ مستوى الـعـالم انخفض في المائة عام 3 بما يقرب من في المائة 5 ، وبنحو 2021 العام الماضي ليصل إلى مليون طن، وكان 185.1 الاستخدام العالمي لــ ســمــدة عـام أقل 2022 مليون طن من المستوى 15 بمقدار 200.2 القياسي المرتفع البالغ .2020 مليون طن عام وتشي التقديرات إلى أن من حيث القيمة المطلقة قادت منطقة شرق وجنوب آسيا الانخفاض الـعـالمـي خـــ ل عامي ، بما 2022 و 2021 في المائة 60 يمثل من الانخفاض، أما من الناحية النسبية فقد خفضت ثلاث مـــنـــاطـــق في الــــعــــالم مـن استخدام الأسمدة بنسبة إجمالية خلال الــعــامــ المـاضـيـ في المائة، 10 بلغت وهــــي غــــرب آسـيـا وأوروبــــا الغربية والوسطى وإفريقيا. وحـــول أسـبـاب هـذا الـ اجـع قال لـــ"الاقــتــصــاديــة" مــيــتــشــال بـويـي الـبـاحـث في الشأن الزراعي "قـادت تركيا انخفاض الاستهلاك في منطقة غرب آسيا، حيث أدى الضعف الشديد في قيمة اللية إلى تفاقم أسعار الأسـمـدة، وفي أوروبـــا الغربية والوسطى عـانى المستخدمون ارتفاع الأسعار والجفاف، وفي إفريقيا كان ارتفاع الأسعار سببا في تقليص استخدام الأسمدة، حيث انخفض استهلاك البوتاسيوم على في المائة". 44 سبيل المثال بنحو ويضيف "تلعب روسيا دورا استراتيجيا في سـوق الأسمدة الــعــالمــيــة، فـهـي أكـ مـصـدر للأسمدة النيتروجينية في الـعـالم، وثــاني أكــ مـورد للبوتاسيوم وثالث أكبر مصدر للأسمدة الفوسفورية، ومنذ بداية الصراع العسكري في أوكرانيا في شعرت صــادرات 2022 فـ ايـر الأسمدة الروسية بوطأة العقوبات الغربية، والعام الماضي صدرت مليون طن من الأسمدة 38 روسيا في المائة مقارنة 17 بانخفاض بالعام السابق". ويــقــول "بـحـسـب تـقـديـرات الجمعية الروسية لمنتجي الأسمدة فإن القيود الغربية لم تستهدف صناعة الأسمدة الروسية، لكن الصناعة تعاني الأضرار الجانبية للعقوبات الغربية المفروضة، فعلى سبيل المثال أثرت العقوبات المفروضة على البنوك الروسية الرئيسة وإبـعـادهـا عـن نظام سويفت الدولي، ومشكلات تأمين شحنات التصدير، وأيضا التحديات الناجمة عن البنية التحتية، في صناعة الأسمدة الروسية، فقبل كان ما يقرب من ثلث 2022 عام شحنات الأسمدة الروسية وجزء كبي مـن صــــادرات بيلاروسية يمـران عبر موانئ بحر البلطيق، والعقوبات الغربية أدت إلى تعليق هـذه الإمــــدادات، حيث تتدفق معظم البضائع الآن عبر الموانئ الروسية المزدحمة بالقرب من سانت بطرسبرج". مــــــع هــــذا سـيـكـون من غي الدقيق الـقـول إن عــ لــقــة صــنــاعــة الأســمــدة الروسية والبيلاروسية عانوا كثيا الألم بسبب العقوبات الغربية، فرغم انخفاض المبيعات للعملاء الأجـانـب خـ ل الأشـهـر العشرة الأولى من العام المــاضي على سبيل المـثـال، حققت صناعة الأسمدة الروسية إيرادات صافية مليار دولار أي 16.7 تقترب من في المائة تقريبا 70 أعلى بنسبة مقارنة بالعام السابق، وفي حين انخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة وأوروبــــا، فقد تمتع المـوردون الروس بطلب قوي في الأسواق البديلة. مع هذا يحذر بعض الخبراء في المجال الزراعي من العواقب الوخيمة التي تواجهها الأسواق العالمية، إذ لم يتم رفع القيود المفروضة على صادرات الأسمدة الروسية، فإن انخفاض استخدام الأسمدة في بعض مناطق العالم قـد يـهـدد بالتسبب في كارثة غذائية عالمية، ولا يتعلق الأمر فقط بنقص المنتجات الروسية من الأسمدة في الأســـواق، لكن أيضا بنقص التقنيات الغربية في الصناعة الروسية، ما قد يسبب ضررا كبيا للأمن الغذائي العالمي. تتحدد أسعار الأسمدة على أساسالتوازن العالمي بينالعرض والطلب، مدعوما بتكاليف الإنتاج. وعـادة ما تلعب تكاليف الإنتاج دورا رئيسا خـ ل فـ ات زيـادة العرض، وفيمثل هذه الحالة يتم ترشيد العرض بزيادة التنافسية الاقتصادية بين المنتجين حيث تخرج المصانع والشركات ذات التكلفة الإنتاجية المرتفعة من السوق، وفي الفترات المعاكسة أي عندما يكون الطلب أكبر من العرض المتاح، ترتفع الأسعار إلى المستوى المقبول من قبل المشترين الذين يمارسون قوتهم الشرائية للوصول إلى الحجم المحدود من المواد المعروضة. ووفقا لتقديرات البنك الدولي 2024 و 2023 فإنه خلال عامي ستنخفض أســعــار الأسـمـدة العالمية تدريجيا وستبلغ أسعار دولار هذا 600 طـن الـيـوريـا 600 العام، بينما سـ اوح بين دولار العام المقبل. أما 750 و الفوسفات ثـنـائي الأمونيوم دولارا 650 فسيبلغ في المتوسط 500 للطن، لكنه سينخفض إلى دولار العام المقبل، وبالنسبة إلى كلوريد البوتاسيوم فسيبلغ دولارا. مع ذلك يمكن القول 479 إن سوق الأسمدة العالمية من المرجح أن تظل متوترة في الوقت الراهن، وسط أجواء من التفاؤل الحذر تجاه المستقبل، التي يمكن أن يعكرها تصاعد الاحتقان الجيوسياسي عــــــــــ الـسـاحـة الدولية. خبراء يشككون في قدرة الأسواق على مواصلة عمليات الاندماج والاستحواذ أسعار الأسمدة وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عدة عقود خلال العام الماضي صناعة الأسمدة .. تفاؤل حذر يعكره تصاعد الاحتقان الجيوسياسي والرهان على الاندماجات مساع لتشكيل تحالفات لتوسيع نطاق التوزيع الجغرافي وتنويع الإنتاج من لندن هشام محمود 9 NO.10925 ، العدد 2023 سبتمبر 9 هـ، الموافق 1445 صفر 24 السبت مليون طن. 185.1 % خلال العام الماضي إلى 5 استخدام الأسمدة على المستوى العالمي انخفض مخاوف من تراجع أسعار الأسمدة .. تدفقات نقدية أقل وتقلص عمليات الاندماج أسواق وأرقام
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=