aleqt (10921) 2023/09/05

الرأي التساؤلات البيئية الكبيرة في وقتنا هذا تدور حول عمليات التحول غير الحدية، واحتمالات التحولات الكارثية المؤثرة في النظام. من هذه التحولات انهيار مصايد الأسماك، وسقم غابات الأمطار الاستوائية، وتدمير النظام البيئي، والسرعة الخاطفة لتغير المناخ ـ ويعتقد العلماء أن هذه الفواجع من المحتمل أن تحدث متى تخطينا الحدود الفاصلة بلا رجعة. علم الاقتصاد والأخلاقيات والبيئة روح " الــخــرة" كـتـاب مــن تأليف ويليام نوردهاوس، يجوب كل جنبات علم الاقتصاد والأخلاقيات والبيئة، فهو يستطرد في سرد أمور من الوجهة البيئية برؤى متعمقة تنير الأذهان. تناوله استخدام وحدة قياس شدة الضوء "لومين" في الساعة، بديلا لقياس الإنتاجية، مبني على سلسلة من التجارب الرائدة التي أجراها في بحثه عام . يذكر المؤلف تفاصيل نطاق المحاسبة 1994 لمكافحة التلوث البيئي والقيود عليها، مؤكدا أهمية البيانات الجيدة في إدارة الموارد البيئية وتوجيه القرارات. يشدد نوردهاوس على أهمية الموضوعية. ويعطي الغلبة للأدلة على الأيديولوجية، ويعيد تأكيد اعتقاده منذ أمد بعيد بأن السياسة البيئية الفعالة هي "مسألة تـوازن". ويؤيد في هذا الصدد أيضا منهجه بشأن "الوسطية في إجراء الضبط المــالي" في المنتصف بين "اليسار المتطرف"، أي "حركة الخضة العميقة"، ومنهج "اليمين المتطرف.. الطين البني"، المتربح، "كما يطلق عليه". وجنوحه الواعي لتفادي الخوضفي المنطق وراء مسألة خلافية أمـر يبعث على الراحة وجدير بالترحيب. لكن تركيزه معظم الوقت على أدلة استرجاعية جعل أغلب التحليل يرتبط بالتغيرات الحدية في سياق إخفاقات السوق الساكنة. مع هذا، فالتساؤلات البيئية الكبيرة في وقتنا هذا تدور حول عمليات التحول غير الحدية، واحتمالات التحولات الكارثية المؤثرة في النظام. من هذه التحولات انهيار مصايد الأسماك، وسقم غابات الأمطار الاستوائية، وتدمير النظام البيئي، والسرعة الخاطفة لتغير المناخ ـ ويعتقد العلماء أن هذه الفواجع من المحتمل أن تحدث متى تخطينا الحدود الفاصلة بلا رجعة. يمكن توجيه النقد ذاته لتقييمه المتعلق بالخيارات المتاحة لتفادي الأزمـات البيئية. والمـؤلـف محق في تأكيد الأهمية البالغة لتسعير السلوك المدمر بطريقة تتسم بالكفاءة وعدم التمييز، وتلك رسالة لم تحدث أثرا ملموسا بعد في السياسة المناخية الأمريكية. لكن الإغفال شبه التام لنظرية التغير الفني النابع من الداخل يبخس أهمية تشجيع الابتكار. يقول المؤلف: إن تخفيض التلوث البيئي فيالمائة 6 و 2 باهظ الثمن، فتكلفته "تراوح بين من الدخل العالمي... من أجل تحقيق الأهداف الدولية"، ويعترف بأنه بينما "يمكن اكتشاف اختراقات تكنولوجية إعجازية في استطاعتها أن تخفض التكاليف كثيرا، لا يتوقع الخبراء أن ذلك سيتحقق في المستقبل القريب". لكن كما يشير بول رومر، وهو شريكه في الحصول على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، هناك مجال أكبر بكثير للإحساس بالتفاؤل المشروط حيال قدرتنا على تحقيق فاعلية التكلفة في تخليص اقتصاد العالم من الكربون. الابتكار هو الـذي يحدد تكاليف عمليات تخفيفه. ومتى توافرت تكنولوجيا متكاملة تستخدم على مستوى العالم وعلى قدر كاف من التنافسية، ستسمح لها وفـورات الحجم في الإنتاج والاكتشاف، بإزاحة المنافسين وتبديل البيئة التي تطبق فيها بأكملها. ويفضل نــوردهــاوس تطبيق سعر عالمي لمكافحة التلوث البيئي، وزيادته مع الوقت، يقوم على برنامج حدي ساكن لتخفيف الأوبئة، يغتنم المستثمرون في ظله عمليات التخفيض الأكثر فاعلية في التكلفة على أقل تقدير. ومع هذا، يقول كثير من خبراء الاقتصاد، إن حفز الابتكار قد يتطلب بالفعل المصداقية في وضع سعر مرتفع في البداية، والتركيز على أكثر القطاعات تكلفة لحفز الابتكار عندما تتاح أعظم الفرص للتشجيع على تخفيض التكلفة. هذا الكتاب مقدمة دقيقة وبعيدة المدى في علم الاقتصاد البيئي، ومع هذا فإن "روح الخضة" يمكن أن يكون أكثر وضوحا إذا ملأه بمزيد من روح الاكتشاف. بامول .. اقتصادي المبادرات مادة الاقتصاد في الأخير النمو والتجديد، دونها يتوقف اقتصاد أي دولة بعد مدة معتبرة، حسب الظروف الاجتماعية ذات العلاقة الأخــرى. في هذه السلسلة تحدثت عن اقتصاديين في نواح كثيرة، نظرية وعملية. المبادرات في الأعمال، والخاصة منها بالذات، تشكل ينبوع النمو وتميز اقتصادا عن آخر، لأنها ترمز للفرص الممكنة والثقة بالاقتصاد وسهولة تطوير الأعمال نظاميا ومعلوماتيا. اهتم كثير من الاقتصاديين بهذا الجانب، .William Baumol لكن برز اسم الأمريكي وليام باومل وُلد باومل في مدينه نيويورك لأبوين من أوروبا الشرقية . اهتم بقراءة ماركس، ما جعل لديه وعيا 1922 في مجتمعيا مبكرا. درس في كلية ستي في نيويورك، ثم في كلية لندن للاقتصاد والسياسة، وشارك في الحرب العالمية الثانية، وبدأ حياته الأكاديمية في جامعة ، لينتقل إلى 1971 ، وبقي فيها حتى 1949 برنستون في .2014 جامعة نيويورك، ويستمر حتى تقاعد في مساهماته أيضا امتدت للاقتصاد الإداري والإبداع. كذلك عرف عنه بعض الملاحظات العميقة، مثل ما عرف بـ "مرض التكلفة"، فمثلا بعض المنتجات لا تتغير، لكنها ترتفع في التكلفة، فمثلا معزوفة لبتهوفن لم تتغير تكلفة إنتاجها المباشر منذ أن بدأت قبل نحو قرنين، لكن مطالب الملحن المتمكن تغيرت مع الزمن، ما يرفع أجره، وبالتالي ترتفع التكلفة العامة، رغم أن الإنتاجية لم ترتفع. وهكذا لعدة مهن تعتمد في الأساس على المهنية الفردية، في اختلاف عن الماديات المباشرة. وظف هذه الفكرة في التعامل مع برنامج إدارة كلينتون للصحة العامة، لأن الشكوى العامة بأن تكلفة الخدمات الصحية دائما في ارتفاع، وأن أي سياسة عامة لا بد أن تتحكم في ارتفاع التكاليف، خاصة كمطلب شعبي. لذلك كان يحذر من التلاعب في سلم التكاليف، لأنها متداخلة بشكل سيؤثر في جـودة الخدمات، والعلاقة بين أجزائها. ربما أهم مساهماته كانت عن دور المبادرات في النمو الاقتصادي، إذ يقول إن النمو لا يحدث بسبب تراكم عوامل الإنتاج فقط كرأس المال، والمـواد، والإطـار الإداري فقط، لكن من خلال مزج إنتاجي يحكمه الإبـداع والإنتاجية والتجريب بغرض الربحية. يتلخص النموذج الذي قدمه عن المبادرات في عدة نقاط رئيسة: الأولى، أن الحالة المؤسساتية للاقتصاد تحدد بيئة المبادرات، إذ إن الحوافز الضمنية والظاهرة هي ما يبعث على فرص المبادرات وتشجيعها. الثانية، توافر رأس المال الجريء والأفـراد الماهرين ومستوى التقنية في المجتمع. الثالثة، هناك عوامل تنظيمية لا بد أن تكون مؤاتية، مثل سياسة الضائب، والمتطلبات الرقابية والتنظيمية، وسهولة وسلالة القضاء، خاصة في حماية الحقوق. توافر هذه العوامل يسهل توافر منتجات وخدمات جديدة وموت أخرى وبدايات جديدة باستمرار. ألّف باومل، نحو عشرة كتب وعشرات الأبحاث، وكثيرا من المقالات في حياة حافلة أكاديميا. عرف عنه تعدد الأفكار في مجالات اقتصادية تفصيلية مختلفة، لذلك سأله أحد زملائه الاقتصاديين، كيف تأتي الأفكار إليه؟ فكان رده أنه يحاول دائما البحث عن نظرية لتفسير الحالات البشرية والمجتمعية، وعادة يكون محظوظا ويكون خطاء تماما، حينها يبدأ يجد التفسير المناسب للظاهرة! كان مرشح لجائزة نوبل في الاقتصاد أكثر من مرة، لكن لم يفز بها. قابل زوجته في أثناء دراسته عاما. 95 عن 2017 الجامعية، وتوفيفي الهند والقضية الأوكرانية في قمة العشرين ربما لم تجد نيودلهي نفسها يوما في مأزق سياسي كالمأزق الذي تعيشه ،2022 منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير ونعني بذلك مأزق الاختيار بين الغرب وروسيا، أو المفاضلة بينشريكين استراتيجيين. وبطبيعة الحال، فإن هذا الموضوع كتب فيه كثير وأشبع بحثا، لكنه يعود مجددا إلى الواجهة مع استضافة الهند لقمة مجموعة العشرين التي بدأتفي التاسع من سبتمبر الجاري. وللتذكير، فإن نيودلهي خالفت عـددا من ديمقراطيات العالم فلم تقم بإدانة موسكو صراحة لاجتياحها أوكرانيا، بل رفضت أيضا التصويت مع قــرارات أممية ضد روسيا في مناسبات عدة، ما تسبب في صدمة للأوكرانيين وحلفائهم الغربيين. ولعل أقوى موقف هندي مسجل لمصلحة كييف هو قول الزعيم الهندي 2022 ناريندرا مودي لنظيره الروسيفيسبتمبر "إن الزمن اليوم ليس زمن حروب"، أما عدا ذلك فلم تخرج المواقف الهندية عن دائرة استغلال الوضع ببراغماتية دقيقة في تعزيز مصالحها الوطنية. وبعبارة أخرى، حرصت الدبلوماسية الهندية على السير على خيط رفيع بين الغرب من جهة وروسيا من جهة أخرى بحيث لا تخسر أيا من الجهتين، وإن أكدت على أهمية احترام مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي ذات الصلة باحترام سيادة وسلامة أراضي الدول، وعبرتفي بعض المناسبات عن عدم رضاها عما يجري في أوكرانيا. فروسيا شريكتها الاستراتيجية القديمة منذ زمن السوفيات، ومصدر الجل الأعظم من ترسانتها العسكرية، بينما الغرب في مقدمة شركائها التجاريين والاقتصاديين ومصدر الاستثمارات والتكنولوجيا الحديثة المتطورة في المائة من وارداتها من الأسلحة 30 ونحو المتطورة، علاوة على أن الغرب شريك محوري للهند في استراتيجيات التصدي لتمدد غريمتها الصينية في المحيطين الهندي والهادئ. لقد كان الغرب يأمل أن تراجع الهند نفسها مع مرور الوقت وتغير مواقفها بحيث تعطي ظهرها لروسيا. وكان الرهان هو على عوامل مثل تأثرها بتعطل سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الغذاء، وعجز المصانع الروسية عن مدها بالسلاح وقطع الغيار في ظل الحرب، وتزايد اعتماد روسيا على غريمتها الصينية كحليف من أجل تخفيف العقوبات القاسية المفروضة عليها. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث، وثبت خطأ الرهانات الغربية. إذ برهنت الأحداث أن روسيا بالنسبة للهند قوة جيوسياسية بـارزة لا يمكن التفريط في صداقتها ودعمها الدبلوماسي والتسليحي، خصوصا في ظل احتفاظ النخبة السياسية الهندية بعلاقات متجذرة على مدى عقود مع الروسوتعاطف الرأي العام الهندي مع موسكو كضحية لسيناريوهات الناتو بصفة عامة. وليس أدل على ذلك من تصريح سوبرامانيام جايشانكار وزير الخارجية الهندية خلال زيارته لموسكو في نوفمبر الماضي من أن بلاده ترتبط مع روسيا بعلاقات "قوية وثابتة"، ثم رفضه المطلق خلال مقابلاته مع الإعلام الغربي لفكرة الضغط على الهند كي تغير مواقفها لمصلحة هذه الجهة على حساب الجهة الأخرى، وتأكيده على أن نيودلهي صاحبة قرار مستقل وتتبنى المواقف التي تعزز مصالحها الوطنية العليا، وتتمسك بمبدأ تنوع شراكاتها الاستراتيجية، فضلا عن تلميحه إلى أن بلاده تؤيد وتدعم فكرة "نظام عالمي متعدد الأقطاب" التي يدعو لها الكرملين. وغني عن البيان أن نيودلهي بهكذا مواقف متأرجحة، كسبت روسيا ولم تخسر الغرب، الذي لحاجته إلى ثقلها ودورهـا الإقليمي في استراتيجيات التصدي للعملاق الصيني، غضت الطرف عن تعاملاتها التجارية مع الروس ولم تعاقبها، فراحت تحصل على النفط الروسي بأسعار منخفضة في تجارة صبت في مصلحة المشتري والبائع معا، بل إن مواقفها الحذرة هذه أكسبها أيضا اهتماما كبيرا تمثل في تحولها إلى بؤرة زيـارات ونشاطات لمسؤولين روس وغربيين. نعم، لقد ظلت الهند في موقف لا تحسد عليه منذ اندلاع الحرب الأوكرانية لجهة محاولة تحقيق الـتـوازن بين عديد من التهديدات والمصالح والأولويات المختلفة، لكنها تبدو اليوم مع استضافتها لقمة العشرين عازمة على اتخاذ مواقف أكثر حيادية، مع تفهم أكبر لوجهة نظر أوكرانيا، التي تفادى مودي ووزراؤه ذكرها في بياناتهم وتصريحاتهم، من منطلق أنه مع انحياز الصين المتزايد لروسيا، يمكن للهند الاستفادة من حيادها في لعب دور قيادي. من هنا، يمكن فهم أسباب قيام أمينة جباروفا نائبة وزير الخارجية الأوكراني بزيارة في أول زيارة لمسؤول 2022 نيودلهي في أبريل أوكراني للهند منذ اندلاع الحرب، حيث أدلت بتصريح قالت فيه إن الحرب كان لها تأثير عالمي، وبالتالي لا ينبغي النظر إليها كمجرد قضية أوروبـيـة، مضيفة أنه يمكن للهند أن تلعب دورا في حل الصراع. والواضح هنا أن كييف، التيلم تتحمس كثيرا لمقترحات السلام الصينية ووصفتها بالمنحازة، تثق أكثرفي الهند كوسيط للسلام، وهو أمر كان على نيودلهي أن تفكر فيه قبل بكين لكونها تحتفظ بعلاقات طيبة وتعاون قديم مع مختلف أطراف الأزمة. إلى ذلـك أرادت المسؤولة الأوكرانية أن تشجع الهند على دعـوة رئيسها فولوديمير زيلينسكي إلى قمة العشرين كي يعرض خطته للسلام ذات النقاط العشر، وعلى ضم صوتها لصوته بغية إطلاق نداء عالمي للوصول إلى حل من منبر الدول الأكثر نفوذا اقتصاديا في العالم، لكن يبدو أن نيودلهي لا تريد تحويل استضافتها للقمة إلى حلبة مواجهة، فآثرت عدم دعوة زيلينسكي للمشاركة. كان على نيودلهي أن تفكر فيه قبل بكين، لكونها تحتفظ بعلاقات طيبة وتعاون قديم مع مختلف أطراف الأزمة. إلى ذلك أرادت المسؤولة الأوكرانية أن تشجع الهند على دعوة رئيسها فولوديمير زيلينسكي إلى قمة العشرين كي يعرض خطته للسلام ذات النقاط العشر، وعلى ضمصوتها لصوته بغية إطلاق نداء عالمي للوصول إلى حل من منبر الدول الأكثر نفوذا اقتصاديا في العالم، لكن يبدو أن نيودلهي لا تريد تحويل استضافتها للقمة إلى حلبة مواجهة، فآثرت عدم دعوة زيلينسكي للمشاركة. NO.10921 ، العدد 2023 سبتمبر 5 هـ، الموافق 1445 صفر 20 الثلاثاء 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com ديميتري زنجيليس * زميل زائر أول في معهد جرانثام للبحوث ـ كلية لندن لعلوم الاقتصاد @AlfawazHamd فواز بن حمد الفواز د. عبد الله المدني * أستاذ في العلاقات الدولية Elmadani@batelco.com.bh

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=