aleqt (10919) 2023/09/03

5 NO.10919 ، العدد 2023 سبتمبر 3 هـ، الموافق 1445 صفر 18 الأحد أسواق وأرقام قبل جائحة كـورونـا كانت الـركـات الأمريكية تقترض بشدة من البنوك يغريها في ذلك أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، ومع تفشي الوباء في الـولايـات الأمريكية، أغلقت الأسـواق لأشهر طـوال، وخيم الركود الاقتصادي على الأجواء، لكن الـركـات الأمريكية لم تتوقف عن إدمانها الاقـ اض، فواصلت ما اعتادت عليه أسرع مــن ذي قـبـل، مـدفـوعـة في ذلك باستمرار أسعار الفائدة المنخفضة. تراجع الوباء ورحـل تاركا أوضاعا تضخمية غير مسبوقة منذ عقود، ولم يجد "الفيدرالي الأمريكي" أمامه من حل سوى رفع أسعار الفائدة، وعلى غرار المثل العربي الشهير "راحت السكرة وجــاءت الفكرة" حل موعد سـداد الـديـون، وبـدأت الشكات تـدرك حجم الورطة التي وقعت فيها، ورطة إن لم تجد لها حلا سريعا فقد يواجه الاقـتـصـاد الأمــريــ عاصفة هوجاء ستغذي بلا شك جوانب الضعف الراهنة في الأسـواق المالية العالمية. أصـــدرت 2020 في عـــام الشكات غير المالية في الولايات المتحدة سـنـدات بمـا قيمته تريليون دولار لاستخدام 1.7 عوائدها لتنمية أعمالها، أي ما مليار دولار أكثر 600 يقرب من من أعلى رقم سبق تسجيله في هـذا الـشـأن. ووفقا للمجلس الفيدرالي الأمريكي فإن ديون الشكات الأمريكية غير المالية تريليون دولار أي 11.2 بلغت نحو نصف حجم الاقتصاد الأمريكي. وفقا لبيانات يوليو الماضي الــصــادرة عـن وكـالـة "مـوديـز شركة 55 للتصنيف الائتماني فإن أمريكية تخلفت عن سداد ديونها في النصف الأول مـن العام في 53 الجاري بزيادة قدرها المائة عن إجمالي حالات التخلف بأكمله، 2022 عن السداد في وبذلك شكلت حـالات التخلف عن السداد في الولايات المتحدة أغلبية حالات التخلف عن سداد ديون الشكات في جميع أنحاء العالم هذا العام حيث فشلت شركة على مستوى العالم 81 في سداد مدفوعات ديونها في النصف الأول. تقييم وكـالـة "بلومبيرج" لحالات الإفلاس الأمريكية كان أعـ من تقييم وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إذ أشارت في تقرير لها إلى أنه تم تسجيل حالة إفلاس كبيرة 120 أكثر من في الولايات المتحدة وحدها هذا العام، كما ذكرت أن نحو مليار دولار من إجمالي قيمة 90 ديـون الشكات المتعثرة على 600 مستوى العالم التي تقدر بـ مليار دولار تعجز الشكات عن سدادها بالفعل. أما بنك أوف أمريكا فقد حذر في وقت سابق من هذا العام من أن البيئة الائتمانية الأكثر صرامــة قد تــؤدي إلى تفاقم ديون الشكات، ويمكن أن يرتفع إجمالي حالات التخلف عن سداد في 11.3 القروض الأمريكية إلى المائة. يـقـول ل ــ"الاق ـت ـصـادي ـة"، سيمون فيليب باحث في معهد التمويل ال ـدولي: "أزمـة ديون الشكات الأمريكية تحمل في طياتها مخاطر محتملة للاقتصاد الأم ـري ـ ، لكن الأزمـــة وعلى الرغم من حدتها في الولايات المتحدة فإنها أزمة عالمية يمكن رصدها بوضوح في عديد من الاقتصادات وليس الاقتصاد الأمـريـ فقط، فعلى سبيل المثال نمت ديون الشكات على مستوى العالم وفقا لتقديرات 48 معهد التمويل الـدولي من 75 إلى 2009 تريليون دولار في ."2019 تريليون دولار في ويضيف "تـواجـه الشكات ذات الاستدانة العالية مخاطر كبرى للتخلف عن السداد مـع اسـتـمـرار تشديد الـسـيـاسـات النقدية والظروف المالية على مستوى الـعـالم، حتى في ظـل النمو الاقتصادي المرن، فإن مدفوعات الفائدة قد تتجاوز الأربـاح مع ارتفاع تكاليف الاقـــ اض، ما يقلل من قــدرة الـركـات على خدمة ديونها". تشير تقديرات صندوق النقد الـدولي إلى أن ديـون الشكات تريليون 12 ارتفعت بأكثر من دولار في الاقـتـصـادات المتقدمة والناشئة خلال الجائحة، حيث اقترضت الشكات لتعزيز ميزانيتها الـعـمـومـيـة والــتــغــلــب عـــ ال ـصـدم ـة الاقتصادية الناجمة عن كورونا. كما يشير عديد من الدراسات الدولية في الوقت الراهن إلى أن عدد البلدان المعرضة لمخاطر متوسطة أو عالية نتيجة الآثار غير المباشرة الناجمة عن تخلف الــركــات عـن ســـداد ديونها 2022 قد زاد بشكل حـاد في بسبب تشديد الظروف المالية العالمية، وتتفق تلك النتائج مـع تقديرات صـنـدوق النقد اقتصادا من 38 الذي أعلن أن الاقتصادات معرضة لمخاطر متوسطة نتيجة عــدم قـدرة شركاتها على سداد ما عليها من مديونية، وسبعة اقتصادات في أوروبـا وآسيا معرضة لمخاطر كبيرة نتيجة الضائقة المالية لشكاتها. تلك التقديرات تدفع الدكتورة تريسي جورج أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة بلفاست إلى الدعوة للعمل السريع لإيجاد حل لتلك المشكلة نظرا إلى أن تدهور الأوضاع متمثل في إعلان مزيد من الشكات عدم قدرته على ســداد ما عليه من ديون ستكون له عواقب اقتصادية ذات صبغة عالمية. وتـقـول لــ"الاقـتـصـاديـة": إذا زادت مـعـدلات الإفــ س فإن معدلات البطالة الدولية سترتفع نتيجة تسريح العمال، وسيتراجع الاستثمار في الأعمال التجارية، وسيؤثر التخلف عن الـسـداد في البنوك وهذا قد يفاقم من مخاطر الركود العالمي، فالديون تظل عاملا رئـيـسـا في زعــزعــة اسـتـقـرار المنظومة المالية والاقتصادية الدولية. مع هذا يرى بعض الخبراء أن الاحتياطيات النقدية التي راكمتها الشكات في الأعـوام الأخيرةيمكن أنتمثل ملاذا مؤقتا ضد أسعار الفائدة المتصاعدة، لكنها قد لا تكون كافية إذا ظلت تكاليف الإقراض في تزايد لفترة طويلة. ويراهن هؤلاء الخبراء على أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يضعف شهية الشكات إلى مزيد من الاقـ اض، كما أنه سيؤدي إلى تعديل تلقائي في الأسواق بإخراج الشكات غير القادرة على المنافسة من الأسـواق في ظل أسعار الفائدة المرتفعة، ما يعني بقاء الشكات الأقوى والأكثر قدرة مالية وما يتضمنه ذلك من عملية تصحيح تلقائي للمنظومة الاقتصادية العالمية للخروج من الـتـشـوهـات التي لحقت بها نتيجة ترسيخ ثقافة الـــفـــائـــدة المنخفضة لأعوام، تلك الثقافة التي جعلت رؤســـاء مجالس الشكات الكبرى يظنون أن ذلك الوضع وضـع طبيعي ودائـم دون أن يبذلوا مساعي حقيقية للتصدي لفكرة الاقتراض. مع هـذا فـإن اعتقاد بعض الخبراء بفكرة التصحيح التلقائي للمشكلة لا ينفي مطالبة عدد كبير من الاقتصاديين بضرورة وضع الحكومات برنامج عمل عمليا وقابلا للتطبيق إذا خرجت المشكلة عن حدود السيطرة. مـــــن جــــهــــتــــه، يـــقـــول لـ"الاقتصادية"، الدكتور سيمون هيروتز استشاريسابقفيالبنك الدولي: "أولا يتعين على البلدان التي ستعجز فيها الشكات ذات المديونية المرتفعة عن سداد ما عليها من ديون أو الشكات التي يتوقع أن تفشلفي الالتزام بعملية السداد أن تعمل على بناء أنظمة فعالة لإدارة الإعسار وأن تكون الحكومات والمصارف جاهزة بخطط تفصيلية للقيام بعملية إعـــادة هيكلة لتلك الشكات لتفادي امتدادها إلى القطاعات الأخرى خاصة القطاع المصرفي". ويعتقد الدكتور هيروتز أن خطط الإنقاذ تـزداد أهمية في الاقتصادات الناشئة لضعف المؤسسات القائمة فيها عن مواجهة إفـ س واسـع النطاق للشكات، ما يتطلب من وجهة نظره سياسات تحوطية وتحسين معدلات الشفافية المتعلقة بالميزانيات العمومية للشكات مع ضرورة الامتناع عن تقديم مزيد من القروض للشكات التي لا تستطيع ســداد مديونيتها القائمة. وعليه فإن موجة الإعسار التي تلوح في الأفق لن تكون حكرا على الاقتصاد الأمريكي، إذ يمكن أن تمتد إلى عدد من الاقتصادات الدولية الرائدة خاصة في القارة الآسـيـويـة، وعــ الـرغـم من انشغال البنوك المركزية الكبرى في الـعـالم بمواصلة العمل لكبح جــ ح التضخم، فإن موجة واسعة النطاق من إفلاس الشكات ستهدد بإبطاء النمو الاقتصادي، الـذي سيزيد من تعقيدات الموقف بإيجاد دورة واسعة النطاق من التخلف عن السداد قد تكون الأكبر منذ الأزمة المالية العالمية .2008 في أزمة الديون ظهرت بوضوح مع الفائدة المرتفعة وتهدد بإخراج الشركات وتراجع الاستثمارات الإعسار لن يكون حكرا على الولايات المتحدة .. عاصفة هوجاء تزعزع الأسواق المالية من لندن هشام محمود خطط الإنقاذ تزداد أهمية في الاقتصادات الناشئة لضعف المؤسسات عن مواجهة الإفلاس بقاء الأقوى ضمن تصحيح للمنظومة الاقتصادية للخروج من تشوهات الفائدة المنخفضة مطالب بضرورة وضع برنامج حكومي خوفا من خروج الأزمة عن السيطرة. أزمة ديون الشركات الأمريكية تحمل في طياتها مخاطر للاقتصاد .. تزداد حدة في أمريكا الشركات ذات الاستدانة العالية تواجه مخاطر التخلف عن السداد مع تشديد السياسات النقدية اقتصادات أوروبية 7 وآسيوية معرضة لمخاطر كبيرة نتيجة الضائقة المالية لشركاتها الاحتياطيات التي راكمتها الشركات في الأعوام الأخيرة تمثل ملاذا مؤقتا لكنها غير كافية

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=