aleqt (10919) 2023/09/03

الرأي المصالح الاقتصادية أم الأجندة السياسية؟ تعد العلاقات بين واشنطن وبكين مزيجا معقدا وشبكة متعددة الأطراف ما بين التعاون والمنافسة والتحدي، فبعد نهاية الحرب الباردة ظهرت الصين كقوة صاعدة، خاصة في المجال الاقتصادي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث الناتج المحلي الإجـ لي. كما أنها أصبحت عضوا دائما في مجلس أمن الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، و"إبيك"، و"بريكس"، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة العشرين. كما تمتلك الصين ترسانة نووية، ولديها جيش هو الأكبرفي العالم، وثاني أكبر ميزانية دفاع. في الجانب الآخر، تحاول واشنطن المحافظة على مكانتها العالمية المتفوقة عسكريا دون أي منازع لها. كما ترى بكين من جانبها، أن واشنطن تخطط لاحتوائها اقتصاديا من خلال استراتيجياتها للوصول إلى أهدافها ومصالحها عالميا، لذا تحاول الصين تغيير الهيمنة والسيطرة الأمريكية على العالم. وتتميز سياستها بالصعود السلمي الذي يقلق أمريكا، علما أن الأخـ ة تعد واحـدة من أكثر الـدول التي استخدمت السياسة الحمائية مع شركائها التجاريين. وإزاء هذا الوضع، فإن إشعال حرب تجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبرفي العالم، ليس بالأمر الهين. ورغم أن كلا الطرفين -لا مناص- سيتجرع ويلات هذا الصراع، فإنه من المؤكد أن هناك أطرافا أخرى ستعاني الأمرين من جراء مواجهة تكسير العظام تلك. من الواضح خلال الفترة الماضية، أن كلا من الولايات المتحدة والصين تريد احتواء ما أمكن من خلافات، والإبقاء على قنوات الاتصال بينهما مفتوحة، بصرف النظر عن أي تداعيات في العلاقات حول هذه المسألة أو تلك. فالمشكلات العالقة بين أكبر اقتصادين في العالم متعددة، ولا سيما على صعيد النفوذ الدولي، والمشكلة الأساسية الأهم بالنسبة إلى بكين هي تايوان، فضلا عن سلسلة لا تتوقف من الخلافات التي ترقى إلى مستويات المشكلات المتعلقة بالتوجه السياسي العام. والتوتر في العلاقة بين بكين وواشنطن ليس جديدا، ووصل إلى أعلى مستويات من الخطورة في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، الذي قطع معظم قنوات الاتصال مع الصين على مدى أربعة أعوام. وبوصول جو بايدن، لم تتحسن هذه العلاقات على عكس ما كانت الصين تعتقد، بوجود إدارة أكثر هدوءا في علاقاتها الدولية. الآن تتحرك واشنطن بمرونة أكبر على صعيد "ترميم" العلاقات مع بكين، بعد فترة من التوترات أدت حتى إلى تحركات عسكرية في شبه جزيرة تايوان، وإلى مواجهات سياسية عنيفة. كما أن المسؤولين الصينيين يعتقدون بضرورة أن تأخذ العلاقات شكلا يسهم على المـدى المتوسط في الوصول إلى أرضية مشتركة، تضمن على الأقل استمرار التواصل على مستويات عليا، وفتح الملفات المهمة للنقاش حتى للتفاوض، فالخلافات متعددة وعميقة. ولا شك أن زيـارة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي قبل أسابيع للصين، وتلتها زيارة مهمة جدا لجانيت يلين وزيرة الخزانة، أسهمتا في تمهيد الطريق لإطلاق اتصالات وتمكين قنوات الاتصال الموجودة أصلا أكثر مما هي عليه الآن، فزيارة بلينكن هي الأولى من نوعها لمسؤول أمريكي على هذا المستوى للصين منذ أكثر من خمسة أعـوام، ما يعني أن الحراك بين الطرفين يحظى بطاقة متصاعدة. وأخيرا، الزيارة الحالية لوزيرة التجارة الأمريكية إلى الصين لتخفيف حدة التوتر الاقتصادي والسياسي بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. لكن جرى خلال هذه الزيارة بعض التراشق المعتاد، إذ حذرت واشنطن من بيئة محفوفة بالمخاطر للشركات الأمريكية في الصين، فيما ردت بكين بأن تسييس القضايا التجارية وتوسيع نطاق مفهوم الأمن بشكل كبير كارثي على الاقتصاد. الإدارة الأمريكية ترى (كما الحكومة الصينية) أن العلاقات المتوترة بين قطبي الاقتصاد العالمي لها انعكاساتها السلبية على الدول والاقتصادات وعلى التجارة العالمية. ولأن الأمر كذلك، استبعدت جانيت يلين، أخيرا، إمكانية فك الارتباط الصيني - الأمريكي، على أساس أن ذلك "سيكون مستحيلا"، فكلا الاقتصادين مرتبطان بالفعل بصورة كبيرة للغاية، وكل تفاهم بينهما يعزز الوضع على الساحة الدولية، ولا سيما في الفترة الصعبة الحالية التي يمر بها الاقتصاد العالمي. وإذا كان بالإمكان تخفيفحدة التوتر الاقتصادي بين الطرفين عن طريق تفاهمات -وإن كانت ليست مستدامة- فالأمر سيبقى معقدا في مسألة الخلافات الجيوسياسية، والأزمة المستمرة بشأن جزيرة تايوان، التي تمثل في نظر البعض قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت. وهذا يتطلب تحركا لا ينقطع لتخفيف المخاطر الناجمة عنها. لن تهدأ العلاقات الأمريكية - الصينيةفي المرحلة المقبلة. لكن بلا شك يسعى الطرفان إلى توسيع قنوات الاتصال فيما بينهما، فمطالبات كل طرف من الطرف الآخر لا تنتهي، بما في ذلك اتهامات واشنطن لبكين بغياب الشفافية التجارية والإنتاجية، فضلا عن عدم وجود فرصمتكافئة. لكن مثل هذه الملفاتيمكن أن تحل عبر تفاهمات لن تكون سهلة، وتتطلب وقتا طويلا سيظل يؤثر سلبا في العلاقات بين الطرفين. لكن أكثر ما يدعم التوجهات الإيجابية علىصعيد الحراك السياسي الحالي بينهما، أن واشنطن وبكين حريصتان الآن أكثر من أي وقت مضى على الوصول إلى مستويات من التفاهم، ليس بالضرورة أن تكون مرتفعة، لكنها ضرورية جدا. هذه الأجواء لم تكن موجودة (مثلا) في ظل إدارة الرئيس السابق ترمب، الذي اتخذ مواقف متطرفة للغاية تجاه الصين، نشرت الخوف من مواجهة عسكرية حقيقية. في عموم الأمر، يعني دفع النمو في اتجاه أكثر شمولا الابتعاد عن تغليب الطابع المالي على النشاط الاقتصادي والعودة إلى الالتزام بالاستثمار في الاقتصاد الحقيقي. في ظل الظروف الراهنة، تلجأ أعداد هائلة من الشركات غير المالية «بما في ذلك شركات التصنيع»، إلى الإنفاق على إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح بما يتجاوز إنفاقها على رأس المال البشري، والآلات، والبحث والتطوير. » 2 من 1 إعادة النظر في النمو والعودة إلى ريادة الأعمال « من مناقشات السياسات والـبـيـانـات السياسية رفيعة المستوى، إلى التغطية الإخبارية اليومية، تخيم غيمة من الجزع بشأن النمو الاقتصادي على كل مكان. في ألمانيا، تعد الميزانية الحكومية الأخيرة النمو الأقـــوى أولــويــة قـصـوى. وفي الهند، يتوق القادة الوطنيون إلى استعادة مكانة بلدهم بوصفه الاقتصاد الأسرع نموا في العالم. وفي الصين، حيث يلوح شبح الانــكــ ش في الأفــــق، تشعر الحكومة بالقلق دون أدنى شك إزاء قدرتها على تحقيق هدف في المائة هذا 5 النمو بنسبة العام. في المملكة المتحدة، تعهد كير ستارمر، زعم حزب العمال المــعــارض، بتأمين أعــ نمو مستدام في مجموعة الـدول السبع إذا منح السلطة، ويعرب حـزب المحافظين الحاكم عن طموحات مماثلة "لنتذكر هنا شعار رئيسة الـــوزراء السابقة ليز ترس الذي صار بغيضا الآن: (النمو، والنمو، ثم النمو)". لكن وضع النموفي قلب عملية صنع السياسات نهج خاطئ. على الرغم من أهميته، إلا أن النمو في عموم الأمـر لا يمثل هدفا متماسكا أو مهمة محكمة. قبل الالتزام بأهداف بعينها "سواء كـان ذلـك نمـو الناتج المحلي الإجمالي، أو الناتج الإجمالي، أو ما إلى ذلك"، ينبغي للحكومات أن تركز على اتجاه الاقتصاد. فما الخير الذي قد يجلبه معدل النمو المرتفع إذا كان تحقيقه يتطلب ظروف عمل سيئة. عــــ وة عـــ ذلــــك، كـانـت الحكومات أكثر نجاحا في تحفيز النمو عندما كانت تلاحق أهدافا أخرى، ولا تتعامل مع النمو في حد ذاته بوصفه الهدف. جلبت مهمة وكالة ناسا للفضاء لإنزال رجل على سطح القمر "وإعادته إلى الأرض" ابتكارات وإبداعات في مجالات عديدة، مثل الفضاء، والمـــــواد، والإلــكــ ونــيــات، والتغذية، والبرمجيات التي أضـافـت في وقــت لاحــق قيمة اقتصادية وتجارية كبيرة. لكن وكالة ناسا لم تشرع في إنشاء هذه التكنولوجيات لهذا السبب، وربمـــا لم تـكـن لتعمل على تطويرها على الإطـ ق لو كانت مهمتها ببساطة تعزيز الناتج. على نحو مماثل، نشأت شبكة الإنترنت من الحاجة إلى التواصل بين الأقمار الاصطناعية. ونظرا إلى انتشار الإنترنت على نطاق واسع، سجل الناتج المحلي الإجـ لي الرقمي على مدار العقد الماضي مرة من نمو 2.5 نموا أسرع بنحو الناتج المحلي الإجمالي المادي، والآن أصبح الاقتصاد الرقمي على مسار تصل معه قيمته إلى ما تريليون دولار 20.8 يقدر بنحو . مرة أخرى، كانت 2025 بحلول أرقــام النمو هـذه راجعة إلى التفاعل النشط مع الفرص التي يتيحها التحول الرقمي، ولم يكن النمو في حد ذاته هو الهدف. بدلا من التركيز على تسريع نمـو الناتج المـحـ الإجــ لي الرقمي، ينبغي للحكومات أن تركز على سد الفجوة الرقمية وضمان أن النمو في الحاضر والمستقبل لا يستند إلى إسـاءة استخدام شركات التكنولوجيا الكبرى لقوة السوق. ونظرا إلى مـدى سرعة تقدم الذكاء الاصطناعي، فإننا في احتياج مـاس إلى حكومات قــــادرة عــ تشكيل الــثــورة التكنولوجية المقبلة بما يخدم المصلحة العامة. في عموم الأمـر، يعني دفع النمو في اتـجـاه أكــ شمولا الابـتـعـاد عـن تغليب الطابع المـالي على النشاط الاقتصادي والعودة إلى الالتزام بالاستثمار في الاقتصاد الحقيقي. في ظل الظروف الراهنة، تلجأ أعـداد هائلة من الشركاتغير المالية "بما في ذلك شركات التصنيع"، إلى الإنفاق على إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأربــاح بما يتجاوز إنفاقها على رأس المال البشري، والآلات، والبحث والتطوير. رغم أن مثل هذه الأنشطة قد تعزز أسعار أسهم الشركات في الأمد القريب، فإنها تتسبب في تقليص المـوارد المتاحة لإعادة الاستثمار في العمال، ما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين أولئك الذين يسيطرون على رأس المال وغيرهم الذين لا يملكون أي سيطرة عليه... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» .2023 ، بروجيكت سنديكيت وضع النمو في قلب عملية صنع السياسات نهج خاطئ. على الرغم من أهميته، إلا أن النمو في عموم الأمر لا يمثل هدفا متماسكا أو مهمة محكمة. قبل الالتزام بأهداف بعينها «سواء كان ذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي، أو الناتج الإجمالي، أو ما إلى ذلك»، ينبغي للحكومات أن تركز على اتجاه الاقتصاد. ماريانا مازوكاتو * المدير المؤسس لمعهد الإبداع والغرض العام ـ كلية لندن الجامعية رئيسة مجلس منظمة الصحة العالمية المعني باقتصادات الصحة للجميع كلمة الاقتصادية NO.10919 ، العدد 2023 سبتمبر 3 هـ، الموافق 1445 صفر 18 الأحد 12 عهد عثمان والرخاء الاقتصادي تستهدف الـــدول الـرشـيـدة تعظيم رفاهية شعوبها من خلال سياسات التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. ويتم تعظيم رفاهية الشعوب من خلال سلسلة سياسات معينة، تشمل دعــم مـسـ ة النمو المستدام، وتوفير الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وغـ هـا، وسـن وتفعيل نظام ضريبي عادل يوفر موارد تدعم جهود استهداف العدالة الاجتماعية. ويمكن أن يتحقق ذلـك من خلال تحميل القادرين على دفع الأعباء الضريبية من غير مبالغة، والتخفيف قدر الإمكان على باقي الشرائح الاجتماعية. كما يتطلب تعظيم رفاهية المجتمع في الوقت نفسه، وجود نظام تحويلات فعال وجيد الاستهداف للشرائح السكانية الأقل دخلا وثروة في المجتمع، والعدالة في توزيعها. ويتطلب أيضا الرشادة في السياسات المالية والأنظمة القضائية والقانونية، والشفافية والعدالة، ومحاربة الفساد والتصدي له للحد من آثاره السلبية في المجتمعات. على الرغم من ادعاء كثيرين بأن دولة الرفاهية جـاءت مع الدولة الحديثة إلا أن سـ ة الدولة الإسلامية في عهدها الأول من بداية عهد النبوة إلى نهاية عهد الخلفاء الراشدين سعت بقوة وإخلاص وفاعلية لترسيخ مفهوم دولة الرفاهية من خلال صلاح الحكام والـولاة والرفق بالرعية ومساعدة المحتاجين والفقراء والحض على البذل والإحسان، وفي الوقت نفسه تجنب إرهاق المكلفين. صحيح أن مظاهر دولة الرفاهية تطورت في العصر الحديث، وشملت أوجها متزايدة مع مرور الزمن، إلا أن جوهرها واحـد، وهو السعي نحو العدالة الاجتماعية قدر الإمكان. مـرت الأوضــاع الاقتصادية في بداية الدولة الإسلامية بضغوط شديدة بسبب محدودية الموارد، والتركيز على نشر الدعوة، ومواجهة التحديات الخارجية. وساعدت الفتوحات العظيمة على تعزيز مــوارد الدولة الإسلامية، ما مكن زيـادة الدخول والـ وات وعزز إيـرادات الدولة في ذلك الوقت. ويشهد التاريخ على أن عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان عهدا مزدهرا بسبب السياسات الاقتصادية الناجعة، والفتوحات التي أدخلت مناطق واسعة وغنية ضمن نطاق الدولة. وكثرت في عهده الخيرات وتعمق مفهوم دولة الرفاهية. ويشهد على ذلك كثيرون، منهم التابعي الجليل الحسن البصري، الذي أدرك في صغره عهد عثمان -رضي الله عنه-، الذي ذكر أنه شهد منادي الخليفة عثمان ينادي "أيها الناس: اغدوا على كسوتكم" فيأخذون الحلل "واغـدوا على السمن والعسل". وأردف قائلا "أرزاق دارة، وخير كثير". ومع الرخاء الاقتصادي الذي شهده عهد عثمان الاقتصادي كان -رضي الله عنه- يحض الولاة على أن يكونوا رعاة، ويشهد على ذلك ما كتبه لولاته "أما بعد، فإن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة، لا جباة فإذا عادوا كذلك انقطع الحياء والأمانة والوفاء، ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين فيما عليهم فتعطوهم ما لهم وتأخذوهم بما عليهم، ثم تثنوا بالذمة فتعطوهم الذي لهم وتأخذوهم بالذي عليهم". يوضح كتاب الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- إلى ولاته حرصه على تقديم رعاية الناس وتسيير شؤونهم. وجاءت هذه التوجيهات اتساقا مع ما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل، عندما بعثه إلى اليمن بتوقي جباية كرائم الأموال "نفائسها المتعلقة بها نفوس ملاكها"، وذلـك لما فيه من الظلم لأصحابها. وهـذا من محاسن الإسلام في جمع الأموال والعدل فيها حتى مع من يؤدونها. ومن حرصه -رضي الله عنه- على تجنب الإجحاف في حق المكلفين بدفع الأمـوال، فإنه قصر جمع الزكاة على الأموال الظاهرة من مواشٍ وزروع وما شابه ذلك، وترك للناس إخراج زكاة الأموال التي لا تظهر كالنقود. لم يقتصر الأمــر عـ ذلـك فقد استمر في تفعيل نظام التحويلات الذي شرعه الإسلام سواء عن طريق الزكاة الشرعية التي تؤدى للمحتاجين والفقراء، وكذلك توسع في التحويلات المباشرة لعامة الناس من فوائض بيت المـال، أو توفير الخدمات العامة في ذلـك الـزمـان، وتخصيص الأموال للأئمة والمؤذنين والجنود وأسر الشهداء والحج والمساجد. شمل التعامل العادل حتى غير المسلمين، حيث كانت الجزية تفرض على الرجال فقط دون النساء والأطفال، كما كانت تتفاوت حسب الأقاليم المفتوحة وغناها، ما ينسجم مع مبدأ العدالة في الضرائب التي تنص على التساوي في فرضها بين المتساوين، واختلافها مع المختلفين. على الرغم من كونه -رضي الله عنه- من الأغنياء إلا أنه كان تواقا للعدالة الاجتماعية، ورفع رفاهية الناس، وتحقيق العدالة الاقتصادية بينهم، حيث عملت سياساته -التي منبعها الإســ م- وحسن تدبيره وأمانته، على تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتوزيع الثروة بينشرائح المجتمع المختلفة بعدالة وإنصاف. إن التشديد على أن الدور الأول للدولة يتركز في رعاية المجتمع، وتسيير شؤونه، يلخص إلى درجة كبيرة مفهوم دولة الرفاهية، فالرعاية تعني تغليب مصالح المجتمع على أي مصالح أخـرى، وإنفاق موارد الدولة فيما يرضي الله، والعدالة في توزيع الموارد، ومكافحة الفقر. على الرغم من كونه -رضي الله عنه- من الأغنياء إلا أنه كان تواقا للعدالة الاجتماعية، ورفع رفاهية الناس، وتحقيق العدالة الاقتصادية بينهم، حيث عملت سياساته -التي منبعها الإسلام- وحسن تدبيره، وأمانته، على تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتوزيع الثروة بين شرائح المجتمع المختلفة بعدالة وإنصاف. إن التشديد على أن الدور الأول للدولة يتركز في رعاية المجتمع وتسيير شؤونه، يلخص إلى درجة كبيرة مفهوم دولة الرفاهية. تخبيب الأزواج .. هل يصبح من أمراض العصر؟! "التخبيب" بين الأزواج ليسجديدا، بل موغلفي القدم، فقد حذر منه الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقوله: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها...». لكنه بدأ يطفو -في الآونة الأخيرة- على وسائل الإعلام، ويصبح حديث المجالس بشكل ملحوظ، ربما لكثرة حدوثه، وتوافر الوسائل التقنية التي تمهد له الطريق، وتؤدي إلى نجاحه في إيجاد اضطراب وعدم استقرار داخل الحياة الزوجية. في هذا الخصوص، لفت انتباهي اهتمام المتخصصين بهذه المشكلة واستقطابها لدراساتهم. واستوقفتني كثرة الدراسات العلمية في هذا المجال، ما يؤكد وجود مشكلة في 70 اجتماعية، خاصة عندما تشير إحدى هذه الدراسات، إلى تصريح بعض المحامين بأن نحو المائة من حالات الطلاق والخلع سببها التخبيب! ومن الدراسات التي اطلعت عليها عند إعداد هذا المقال، دراسة حول التخبيب من إعداد نخبة من المتخصصين بإشراف الدكتور عبدالله السدحان، ودراسة أخرى أعدتها الدكتورة سناء العتيبي، عن تأثير وسائل التواصل في تخبيب الزوجين. على أي حال، يقصد بالتخبيب إفساد العلاقات الزوجية من خلال تأليب أو حث أحد الزوجين على الطلاق أو الخلع من خلال الوشاية والخداع أو النميمة من أجل إفساد الحياة الزوجية والتفريق بين الزوجين. ويصنف التخبيب إلى نوعين: أحدهما بقصد الإفساد، وذلك بدافع الحقد والرغبة في الانتقام، أو بقصد الظفر بأحد الزوجين لبناء علاقةشرعية أو محرمة. أما الآخر، فهو بقصد الإصلاح، وفي الأغلب يأتيفيصورة نصيحة من الأهل والأقارب والأصدقاء أو المرشدين الأسريين، لكنها تؤدي إلى نتائج عكسية. وعلى الرغم من أن التخبيب يمكن أن يحدث للزوج أو الزوجة أو الاثنين معا، فإن الشائع هو تخبيب الزوجة. يأخذ التخبيبصورا متنوعة ومختلفة، منها حث أحد الزوجين على عدم بذل مزيد من الاهتمام بشؤون الحياة الزوجية، بحجة أن المبالغة في التقدير والاحترام تؤدي إلى نتائج عكسية، أو التخبيب من خلال الوشاية أو الابتزاز. ويمكن أن يحدث بسبب الحسد والغيرة المزروعة في نفوس بعض الناس أو بسبب الرغبةفي الظفر بأحد الزوجين، لجاه، أو مركز وظيفي، أو جمال ووسامة، أو حسن خلق، لكنه قد يحدث -أحيانا- بدافع الانتقام لوجود خلافات شخصية قديمة. من المثير أن يحدث التخبيب من قبل أقرب الناس، مثل الوالدين، وذلك من منطلق الشفقة أو الغيرة غير المقصودة، كذلك من الأبناء لدوافع ذاتية، أو من الإخوة والأخوات بدافع الغيرة أو كره أحد الزوجين. والأغرب من ذلك، أن يحدث التخبيب من قبل أحد الزوجين دون قصد، وذلك من خلال الثناء المفرط على الأصدقاء أو الصديقات من حيث الجمال والأخلاق! ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن التخبيب يمكن أن يحدث من قبل الصديقات اللواتي يصورن حياة المطلقة بأنها حياة وردية توفر الراحة والحرية، وإمكانية السفر مع الصديقات، وبعيدا عن قيود الزواج. تشير إحدى الدراسات إلى قول إحدى النساء المشاركات في تلك الدراسة، إن "زوجي ليس فيه عيب، لكن كل زميلاتي مطلقات، ويسافرن كما يردن، ويرتدن المقاهي والاستراحات، وأنا مربوطة بهذا الزوج". وفي حالات قد لا تكون قليلة، يحدث التخبيب نتيجة المحادثات الغزلية التي قد تؤدي إلى الابتزاز. ولا يقل عن ذلك خطرا، التخبيب عن طريق المستشارين الأسريين بقصد أو دون قصد، وذلك نتيجة قلة الخبرة والتأهيل وعدم الكفاءة لممارسة الاستشارات الأسرية. وفي حالات محدودة، قد يحدثشرخ في الحياة الزوجية نتيجة رسائل مجهولة الهوية. إلى جانب ذلك، تشير الدراسات إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي من خلال انتشار )X( النماذج السلبية في مجموعات الدردشة، وسناب، وواتساب، وتيليجرام، وتيك توك، و -تويتر سابقا- وغيرها. أخيرا، للحد من تزايد التخبيب وتأثيره في الاستقرار الأسري، أقترح إجراء مزيد من الدراسات الإحصائية لتحديد مدى انتشار هذه الظاهرة وخطورتها، إلى جانب زيادة الاهتمام بالإرشاد الأسري من حيث العناية باختيار الأشخاص المناسبينلممارسة المهنة من حيث الأخلاق والتأهيل واجتياز معايير ممارسة المهنة، وتنظيم دورات للأزواج عن خطورة التخبيب على اضطراب الاستقرار الزواجي، وكذلك زيادة اهتمام وسائل الإعلام وخطباء المساجد بفضائل الاستقرار الأسري وانعكاسه على جودة حياة أفراد الأسرة، خاصة الأطفال والزوجين، إلى جانب ضرورة التزام مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي بالصدق وعدم الخداع والمبالغة والمباهاة بالحياة الوهمية الباذخة. Motamarat District P.O.Box 478 Riyadh Arabia Tel: +966112128000 Fax: +966114417885 www.aleqt.com edit@aleqt.com جريــدة العــرب الاقتصاديــة الدوليــة تشــكر أصحــاب الدعــوات الصحفيةالموجهةإليهاوتعلمهمأنهاوحدهاالمسؤولةعنتغطية تكاليــف الرحلــة كاملــة لمحرريها وكتابهــا ومصوريهــا، راجية منهم عدمتقديمأيةهدايالهم،فخيرهديةهيتزويدفريقهابالمعلومات . الوافيةلتأديةمهمتهمبأمانةوموضوعية المقرالرئيسي الشركةالسعوديةللطباعةوالتغليف المركزالرئيسي: 11523 الرياض 50202 ص.ب +966112128000 ه اتف: +966112884900 ف اكس: فرع جدة 21441 جدة 1624 ص.ب +96626396060 هاتف: +96626394095 ف اكس: فرع الدمام +96638471960 هاتف وفاكس: البريدالإلكتروني: mppc@mpp-co.com مراكزالطباعة السعر: ريالان قيمة الاشتراك السنوي داخل المملكة العربية ريالا 730 السعودية خارجالمملكة عبر مكاتب الشركة السعودية للأبحاثوالنشر لمزيد من الاستفسار، الاتصال على 800 2440076 بريد إلكتروني: info@arabmediaco.com موقع إلكتروني: www.arabmediaco.com 1319 - 0830 ردمد: ISSN 1319 - 0830 الاشتراكالسنوي الشركة السعودية للتوزيع 11585 الرياض 62116 ص.ب +966114419933 هاتف: +966112121774 فاكس: بريد إلكتروني: info@saudi-distribution.com وكيل التوزيع في الإمارات الإمـارات شركـة الإمـارات للطباعـة والنشر +97143916503 دبي: هاتف: +97143918354 ف اكس: +97126733555 أبوظبي: هاتف: +97126733384 فاكس: وكيل التوزيع في الكويت شركة باب الكويت للصحافة +96522272734 هاتــف: +96522272736 ف اكس: وكيلالتوزيع الشركة العربية للوسائل المركز الرئيسي 11495 الرياض 22304 ص.ب: +96612128000 هاتف: +966114429555 فاكس: بريد إلكتروني: info@arabmediaco.com موقع إلكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني 800 2440076 وكيلالاشتراكات London T : +4420 78318181 F : +4420 78312310 Manama T : +9731 7744141 F : +9731 7744140 Cairo T : +202 7492996 F : +202 7492884 Washington DC T : +1 202 6628825 F : +1 202 6628823 Beirut T : +9611 800090 F : +9611 800088 Abu Dhabi T : +9712 6815999 F : +9712 6816333 Rabat T : +212 37682323 F : +212 37683919 Jeddah T: +96612 2836200 F: +96612 2836292 Dammam T: +96613 8353838 F: +96613 8340489 Makkah T: +96612 5586286 F: +96612 5586687 Khartoum T: +2491 83778301 F: +2491 83785987 Amman T: +9626 5517102 F: +9626 5537103 Kuwait T: +965 3997931 F: +965 3997800 Dubai T : +9714 3916500 F : +9714 3918353 T: +9662 2836200 F: +9662 2836292 المكاتب جدة دبي الدمام لندن المنامة مكةالمكرمة القاهرة واشنطن الخرطوم بيروت عمّان أبوظبي الكويت الرباط الريــاض الشــركة الســعودية للأبحــاث والنشــر - Saudi Media Company المملكة العربية السعودية: +966 11 2716909 : الرياض +966 920035142 +966 12 6572323 : جدة الإمارات العربية المتحدة: +971 4 4254285 دبي: : بريد إلكتروني sales@smc.me : موقع إلكتروني www.smc.me الوكيلالإعلاني سعود بن هاشم جليدان * متخصصفي الدراسات الاقتصادية jleadans@gmail.com أ. د. رشود بن محمد الخريف * جامعة الملك سعود

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=