aleqt (10919) 2023/09/03
إصدار يومي باتفاق خاص مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية يبيع توماسو جامبينو الوجبات الخفيفة الصقلية التقليدية على شاطئ مونديلو، عـ مشارف بـالـرمـو، منذ ستينيات القرن الماضي. لـفـرة تـقـارب ذلـــك، ومالك الكشك الشهي البالغ من العمر عاما يسمع عن خطط لإنشاء 67 خط ترام وشيك لجلب الزوار من وسط المدينة إلى الشاطئ. ويقول: "مونديلو مكان صغي ولا يمكننا تحمل ضغط كل هذه السيارات". أعرب جامبينو عن أمله في أن يتم تنفيذ خط تـرام باليمو - مونديلو الـــذي طــال انتظاره أخـرا عن طريق خطة الإنعاش الاقتصادي الإيطالية لفتة ما بعد الجائحة التي يمولها الاتحاد مليار يورو، 191.5 الأوروبي بقيمة وهو أكبر برنامج مساعدة للبلد منذ إعادة إعماره في الحرب العالمية الثانية. ومن بين الأهداف الجريئة عديدة للخطة: بناء ما لا يقل عن كيلومتات من البنية التحتية 206 الجديدة للنقل العام الأخضر في مدينة، من بينها باليمو. 16 خططت رومـــا مبدئيا لمنح باليمو أموال التعافي من الاتحاد الأوروبي لتمويل مشروع خط ترام مونديلو. لكن روبرتو لاجالا عمدة المدينة أخبر روما أخيا أن الأعمال التيلمتبدأ بعد لا يمكن أن تكتمل بحلول الموعد النهائي الصارم الذي حدده الاتحاد الأوروبي في وينبغي شطبها من 2026 منتصف المخطط. يقول لاجــالا لـ"فاينانشيال تايمز" في قاعة مدينة باليمو: "هذه مهمة كبية من المستحيل الانتهاء منها مع احتام الجدول الزمني. لقد قلنا بشكل مسؤول إن هذا المـ وع الكبي لا يمكن ، لا يوجد وقت 2026 إنجازه بحلول من الناحية العملية". بـالـنـسـبـة إلى الأشـــخـــاص الذين يعيشون ويعملون حول مونديلو، كان الأمر بمنزلة خيبة أمل مريرة. يقول جامبينو: "لقد عقدوا اجتماعات، وقطعوا وعودا، ومـزيـدا مـن الـوعـود، لكننا لم نحصل على أي شيء. لقد شبعنا كلاما". يؤكد مصي خط ترام مونديلو التحديات التي تواجه حكومة رئيسة الـوزراء جيورجيا ميلوني، بينما تحاول تنفيذ برنامج إصلاح واستثمار واسع النطاق بتمويل من الاتحاد الأوروبي يهدف إلى إعادة تشغيل الاقتصاد الإيطالي الذي يعاني ضعف الأداء بشكل مزمن. وتــهــدف الـخـطـة، الـتـي تم الكشف عنها وسط ضجة كبية قبل عامين، إلى تعزيز البنية التحتية المادية والاجتماعية الهشة في إيطاليا، بينما تحفز روما على إجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية صعبة لرفع مسار نموها الاقتصادي على المـدى الطويل. ويشكل النجاح أهمية بالغة لوضع عبء الديون الثقيلة المستحقة على إيطاليا، في المائة من الناتج 144.4 نحو المحلي الإجمالي، على أساس أكثر استدامة. يتم تمويل هـذا الجهد عبر برنامج بروكسل، نكست جينريشين مليار 800 آي يو الذي تبلغ قيمته يورو، الذي تم إنشاؤه في أعقاب ويهدف إلى 19 - جائحة كوفيد تحديث اقتصاد أوروبـــا بديون مـضـمـونـة بشكل مـشـرك من قبل الـدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إنها المبادرة الاقتصادية المشتكة الأكثر جرأة للكتلة منذ إنشاء العملة المشتكة. لكن إيطاليا، التي من المقرر أن تكون أكبر متلق منفرد للأموال، تكافح من أجل مواكبة الجدول الزمني للإصلاح والاستثمار الذي تم الاتفاق عليه مع بروكسل في ، خاصة منذ أن تولى ائتلاف 2021 ميلوني اليميني السلطة العام الماضي. وقد أدى ذلك إلى إحياء المخاوف القائمة منذ فتة طويلة بشأن ما إذا كانت رومــا قـادرة على تنفيذ الإصلاحات الموعودة والاستفادة بشكل فعال من هذه الثروة النقدية غي المتوقعة. قالت سارة كارلسون، النائب الأول للرئيس في وكالة موديز للتصنيف الائتماني: "إنها فرصة لا تتاح إلا مرة واحدة في كل جيل". وأضافت: "كان سؤالنا دائما هو هل ستستفيد إيطاليا من هذه الفرصة إلى أقصىحد؟" ستتدد أصداء الإجابة عن هذا السؤال خارج حدود إيطاليا وعبر الاتحاد الأوروبي، حيث قد تؤدي الشكوك الجديدة حول استدامة ديـون إيطاليا الثقيلة في الأمد البعيد إلى إعادة إيقاظ المخاوف بشأن الاستقرار المالي في منطقة اليورو بالكامل. تضيفكارلسون: "تتمثل مشكلة الائتمان المركزية في إمكانات النمو في إيطاليا. فمن دون نمو اقتصادي أقوى من الناحية الهيكلية، سيكون من الصعب للغاية أن يتمكن أي بلد من تقليص عبء الديون الذي يعادل حجم عـبء الـديـون في إيطاليا". في نهاية فبراير، أنفقت إيطاليا مليار يورو فقط من أموال 25.7 نكست جينريشين آي يو البالغة مليار يورو التي تلقتها حتى 66.9 الآن. تعثرت مدفوعات بروكسل لروما مع تأجيل الدفعة الثالثة مليار يورو 19 من الأموال البالغة لعدة أشهر بسبب المشاحنات حول ما إذا كانت إيطاليا قد أوفت بأحد التزاماتها، وهو إنشاء مساكن طالب جامعي. 7500 جديدة لـ 18.5 ورغم أن من المتوقع دفع مليار يورو في أوائل الخريف مع مليون يورو للأهداف 500 خصم غــر المـحـقـقـة، ي ـح ـذر زعــ ء المعارضة الإيطالية من أن روما قد تخسر بعضرصيدها المستحق مليار يورو في شكل 124.6 البالغ منح وقـروض ميسرة ما لم يعد البرنامج إلى مساره الصحيح. قال إيلي شلاين، زعيم الحزب الديمقراطي المـعـارض، الشهر الماضي: "إيطاليا تخاطر بخسارة المــــوارد الـتـي عملت جـاهـدة للحصول عليها مــن الاتـحـاد الأوروبي". واشتكى جوزيبي كونتي رئيس الـــوزراء السابق، زعيم حركة النجوم الخمس الشعبوية، لمؤيديه من أن حكومة ميلوني "لا تملك القدرة على إنفاق هذه الأموال". حث صندوق النقد الدولي روما أخـرا على تسريع وتـرة الصرف أيضا، محذرا من نمو أبطأ من المتوقع ما لم يتم استخدام الأموال بسرعة أكبر، وهو مصدر قلق متزايد بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا بشكل في المائة في 0.3 غي متوقع بنسبة الربع الثاني. وحتى الرئيس الإيطالي سيجيو ماتاريلا الذي يبعده دوره الشرفي إلى حد كبي عن السياسة اليومية أعرب عن قلقه من أن عدم قدرة إيطاليا المحتملة على استثمار الأمــوال بالكامل ستكون بمنزلة انتكاسة كبية. قال ماتاريلا الشهر الماضي: "لن يكون أي فشل أو أي نتيجة جزئية بمنزلة هزيمة للحكومة فحسب، بل لإيطاليا. هكذا سيتم النظر إلى الأمر وتفسيه خارج حدودنا، وهـذا ما سيكون عليه الأمـر في الواقع". مراجعة الخطة من جانبها، تصر ميلوني على أن ائتلافها ملتزم بالاستفادة الكاملة من المكاسب النقدية غي المتوقعة التي يجنيها الاتـحـاد الأوروبي. وتنفي مسؤوليتها عن الصعوبات الأخية. وبدلا من ذلك، تقول هي وحلفاؤها إن الخطة التي ورثوها عن ماريو دراجـي رئيس الـوزراء السابق كانت معيبة للغاية، حتى قبل ارتـفـاع مـعـدلات التضخم والـقـيـود عـ سلسلة التوريد التي أطلقتها الحرب الروسية - الأوكرانية. وانتقدت ميلوني أيضا باولو جنتيلوني، المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، قائلة إنه كان ينبغي عليه ممارسة "مزيد من الــحــرص" قـبـل المـوافـقـة على البرنامج الإيطالي. الآن، تطلب روما من بروكسل المـواف ـق ـة عــ إجــــراء إصــ ح شامل، مع إجــراء تغييات على 235 إصلاحا و 63 من أصل 144 استثمارا كانت قد وعدت بها في الأصــل. وتجادل بـأن التغييات التي تسميها ميلوني "تصحيحات" مطلوبة لجعل الخطة أكثر جدوى نظرا للرياح الاقتصادية المعاكسة الحالية، ولضمان قدرة إيطاليا على تحقيق الأهداف للإفراج عن أموالها المتبقية. في تجديده الذي تم إرساله إلى بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر اقتح ائتلاف ميلوني إلغاء مليار يـورو من الاستثمارات 16 العامة التي يعدها إما يستحيل استكمالها في الوقت المحدد، أو غـر ذات صلة مـن الناحية الاسـراتـيـجـيـة. ويتضمن ذلك مليار يـورو لتجديد الأحياء 5.8 الحضرية المهجورة والبنية التحتية مليار يورو 1.8 العامة المتداعية، و للحد من أخطار الانهيارات الأرضية مليون يورو 725 والفيضانات، و لتعزيز الخدمات الاجتماعية في المناطق الأكثر إهمالا في إيطاليا. وبـدلا من ذلـك، تعتزم روما إعادة توجيه هذه الأموال لتعزيز البنية التحتية للغاز والكهرباء وتقديم إعفاءاتضريبية للشركات والأسر التي تستثمر في توليد الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وهو التوجه الذي يدعمه لوبي الأعمال القوي، كونفيندوستيا. "لقد وعدنا ألا تخسر إيطاليا يــوروا واحــدا من هـذه المــوارد، وأنها ستنفقها جيدا وأن الأمور تسي على هذا النحو بالضبط"، كما قالت ميلوني في مقطع فيديو نشر أخـرا على وسائل التواصل الاجـتـ عـي، موضحة أن هذه الاستثمارات من شأنها أن "تنشئ الـظـروف الـ زمـة لضمان النمو الاقتصادي في المستقبل". وبينما أثـار التخفيض الكبي في الأموال المخصصة للمشاريع على مستوى المـدن احتجاجات سياسية داخلية، يقول المحللون: إن بروكسل من المرجح أن تقبل معظم التغييات. ويسمح برنامج نكست جين آي يو بمراجعة خطط الاستثمار في منتصف الطريق إذا كـان ذلـك مــ را عـ "تغي موضوعي للظروف"، وتقوم بلدان أخرى أيضا بإجراء تغييات، وإن لم يكن أي منها جذريا مثل إيطاليا. يـقـول فيليبو تــــادي، كبي الاقتصاديين الأوروبيين في بنك جولدمان ساكس: "نظرا إلى كل ما حدث فيما يتعلق بأزمة الطاقة منذ الحرب، فمن العدل والصواب أن يقول البلد المتلقي، نريد مراجعة الخطة". ومـــن المـمـكـن أن يساعد تخصيص مـزيـد مــن الأمـــوال للإعفاءات الضريبية إيطاليا على تسريع استخدام هذه الأمـوال، حيث تميل الكيانات الخاصة إلى أن تكون أكثر ذكاء من الوكالات العامة الغارقة في البيوقراطية المرهقة. يقول تادي: "لقد ركزت الخطة الأصـلـيـة كـثـرا عـ الاستثمار الـعـام، لكن هناك طرقا كثية لتمويل الاستثمار. يعد تحفيز الاستثمار الخاص في المجالات الـتـي تـم تحديدها عـ أنها استاتيجية بمنزلة ثمـرة سهلة المنال (...) يتعلق الأمر بالحصول على التوازن الصحيح". لكن لا تقتصر التعديلات التي تقتحها روما على الإنفاق. حيث تريد حكومة ميلوني أيضا من بروكسل أن تغي أهداف الإصلاح الهيكلي المتطلبة التي تهدف إلى تعزيز المالية العامة في إيطاليا، وتحسين الكفاءة الإدارية، وتعزيز المنافسة وتسهيل الاستثمار والقيام بالأعمال. وخصوصا، يريد ائتلاف ميلوني خفض الأهداف المتعلقة بتقليص حجم القضايا المتاكمة أمام المحاكم في إيطاليا، والحد من "المـيـل" إلى التهرب الضريبي، وهي مشكلة سيئة السمعة تحذر روما من أنها قد تتفاقم في العام المقبل بسبب التوقعات العالمية القاتمة وأزمة السيولة في القطاع الخاص. كتبت الحكومة في عرضها تعديل الخطة: "يتأثر سلوك دافعي الـ ائـب أيضا بعوامل خارجية خاصة ظروف الاقتصاد الكلي خارجة عن سيطرة السلطات المسؤولة عـن الإدارة الفعالة للنظام الضريبي". لكن كثيا مـن الاقتصاديين يعتقدون أن بروكسل ستفض أي تخفيف للإصلاحات التي تستهدف المشكلات التي تم تحديدها منذ فتة طويلة على أنها عائق كبي أمـام النمو. يقول فرانشيسكو جـيـافـازي، أسـتـاذ الاقتصاد في جامعة بـوكـوني، الــذي ساعد، بوصفه المستشار الاقتصادي لدراجي، على صياغة البرنامج: "إن الإصلاحات هي الجزء المركزي من الخطة. لقد تم تصميم الخطة بأكملها لتعطيك بعض التسهيلات، لكن عليك القيام بالإصلاح. وكانت تلك هي الاستاتيجية السياسية. ولن يقبلوا أي إلغاء للإصلاحات". الأخطار عالية. تريد ميلوني إبــراز نفسها كمديرة اقتصادية حكيمة قــادرة على التعامل مع التحديات التي تواجهها إيطاليا، خاصة بعد أن أحدثت حكومتها اضطرابا في الأسواق أخيا بالإعلان الـصـادم عـن فـرضضريبة غي متوقعة على البنوك. إن التنفيذ الناجح لبرنامج الاتحاد الأوروبي أمر أساس، نظرا لأن المستثمرين مليار 35 يعولون على تسلم روما يورو من أموال الاتحاد الأوروبي مليار يورو في 26 هذا العام، و العام المقبل، في حساباتهم للنمو والمالية العامة في إيطاليا. أي تلميح للخطر قد يزعزع استقرار الأسواق، التي يقول تادي إنها اتخذت حتى الآن "موقفا متسامحا" تجاه تقدم إيطاليا "الأبطأ من المتوقع" هذا العام، لكنها لن تكون متسامحة في العام المقبل. ، سيكون من 2024 يقول: "في المهم للغاية مـدى جـودة هذه الفرصة ومدى استغلالها. سينظر الجميع في الأسئلة: هل يعززون الإنفاق الرأسمالي؟ وهل يرفعون النمو المحتمل؟" «خسارة فادحة للمجتمعات المحلية» يحمل أداء روما أيضا آثارا على آمال بروكسل في تعميق التكامل المالي للاتحاد الأوروبي وإمكانية وضع خططتمويل مشتكة مشابهة لمواجهة التحديات المستقبلية. سيكون لهذه الاعتبارات وزنها في الوقت الذي يقوم فيه مسؤولو المفوضية بتقييم خطة تجديد إيطاليا. يقول لورنزو كودوجنو، وهو مسؤول كبي سابقفيوزارة الخزانة الإيطالية: "إن خطر عدم تنفيذ هـذه الخطة على الإطــ ق ضئيل للغاية. هناك توافق في المصالح (...) لجعلها تنجح". لكن رومـا وبروكسل تواجهان الآن احتمال إجراء مفاوضات شاقة للتوصل إلى اتفاق يعتمده أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرون، خاصة عواصم شمال أوروبــا المحافظة التي تشك في الاقتاض المشتك واستعداد إيطاليا للإصلاح. يقول كارلسون من وكالة موديز: "سيكون قرارا صعبا على مستوى الاتحاد الأوروبي – الحوافز تسي في اتجاهين مختلفين. من الصعب أن نتصور أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي حريصة عـ القيام بسابقة في حال حدث تغيي في الحكومات، تقوم البلدان بإعادة كتابة برامجها بالكامل. لكن لديهم أيضا كثيا من الثقة في أن برنامج إيطاليا يسي جيدا". ولم يتصور أحد قط أنه سيكون من السهل على إيطاليا تنفيذ هذه الخطة الجريئة، نظرا لسجلها السيئ في الماضيفي استخدام أموال الاتحاد الأوروبي. لقد أنشأ دراجـــي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، وحـدة خاصة في وزارة المالية لمراقبة التقدم وتقديم المشورة الفنية للحكومات المحلية. لـكـن الانـهـيـار غــر المتوقع لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة دراجـــــي في الـصـيـف المـــاضي والانتخابات المبكرة دفـع وكالة موديز إلى خفض آفاق التصنيف الائتماني لإيطاليا إلى سلبية، مشية إلى أخطار سياسية جديدة على تنفيذ البرنامج. فقبل توليها منصبها في أكتوبر، دعت ميلوني، زعيمة حزب إخوان إيطاليا اليميني، إلى إجراء تعديلات في ضــوء حــرب أوكــرانــيــا. وفي السلطة، قامت بحل وحدة وزارة المالية التي تشرف على الخطة، وأسندت المهمة لحليفها رافاييل فيتو، وزيـر الشؤون الأوروبية، الـذي اشتكى من أن الاستثمارات العامة الضخمة لم تكن واقعية على الإطلاق، نظرا للقيود العمالية في إيطاليا، والبيوقراطية، وضعف القدرة الإدارية. لكن المـدن التي كانت تتوقع التمويل تعتض الآن. إذ من بين مليار يورو 16 الاستثمارات البالغة 13 التي تريد روما إلغاءها، كانت مليار يـورو مخصصة للحكومات المحلية، ويشكو رؤساء البلديات من أن المشاريع الجاري تنفيذها بالفعل ستتك في طي النسيان أو أن الموارد المالية للمدن ستتعرض لضغوط شديدة بسبب الالتزامات التي تم التعهد بها. قالت شلاين، زعيمة المعارضة، في نقاش برلماني محتد هذا الشهر: "يجب أن تـ حـوا لنا مـا الـذي تحملونه ضد البلديات". قالت إنها "خسارة فادحة للمجتمعات المحلية (...) أنتم تسرقون مستقبلنا بطريقة حقيقية للغاية". وقد وصف فيتو التخفيضات بأنها ضرورية لضمان قدرة إيطاليا على الالتزام بالمواعيد النهائية الضيقة، رغم أنه وعد بأن روما ستجد أموالا أخرى لتمويل الأعمال المتضررة من خطة التعافي. وقـال للبرلمان: "إننا لا نقبل الرواية غي المسؤولة من حكومة منشغلة بوقف تمويل المشاريع المفيدة"، مضيفا أن الحكومة "تفكر وترتئي الحلول بشعور من المسؤولية". لـكـن في بـالـرمـو، الـتـي من 200 المتوقع أن تتلقى ما يقارب مليون يـورو من أمــوال التجديد الـحـ ي، يجادل الناقدون بأن حديث حكومة ميلوني المتكرر عن إصلاح الخطة نفسها أدى إلى تباطؤ على أرض الواقع. ويقول ليولوكا أورلاندو، عمدة المدينة السابق، الذي صاغ خطة التجديد الحضري الأصلية: "كان هناك شعور بعدم اليقين. هذا النقصفي الوضوح ينتج عنه نقص في الـحـ س، مـا يخاطر بضياع الوقت وتعريض العمل للخطر". ويرى آخـرون أن الإيديولوجية السياسية تلعب دورا في قرارات الائـتـ ف الــذي كانت شخصياته الرئيسة معادية تاريخيا للاتحاد الأوروبي. وقال ماركو بيكون، أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة باليمو، الــذي كتب بتوسع عن تطوير المدينة: "أعتقد أن حكومة ميلوني ستحاول إنفاق أموال أقل مما تستطيع من أموال التعافي من كوفيد، إنهم يريدون أن يكونوا قادرين على القول إنهم ليسوا عبيدا للاتحاد الأوروبي". أنتونيلا دي بارتولو هي مديرة مـدرسـة في حـي سـبـروني الـذي تنتشر فيه الجريمة حول الساحل الجنوبي لباليمو، وهو شاطئ رملي واسع يستخدم منذ عقود كمكب لأنقاض البناء، وهو الآن فارغ بقدر الاكتظاظ في حي مونديلو. وكـان مسؤولو مدينة باليمو مليون 47 يخططون لاستخدام يـورو من أمـوال نيكست جين أي يو لاستعادة الشاطئ وإنشاء بنية تحتية ترفيهية، ما يوفر فرصا جديدة للمجتمع المضطهد. ويبدو الآن أن هذه الرؤية ستصبح ضحية لتحركات روما لإلغاء جميع خطط التجديد الحضري. ترى دي بارتولو أن تلك الخطة هـي الأحـــدث في سلسلة طويلة من الوعود التي تم قطعها - التي انتهكت لاحقا - لتحسين الظروف في أفقر المناطق وأكثرها إهمالافي إيطاليا، الذي يبدو ظاهريا أنه أحد الأهداف الرئيسة للخطة. وتـقـول: "عندما كانت هناك فرصة للحصول على أموال التعافي هذه، بدأ الناس يتحدثون عن هذه المشاريع السحرية كما لو كانت الأرض الموعودة. لقد استمعت إلى هذه الخرافات لمدة عشرة أعوام. أنا أؤمن بالقصص الخيالية. لكني أرغبفي الحلقة الأخية". خطط التجديد التي تستهدف تحسين ظروف أفقر المناطق وأكثرها إهمالا في إيطاليا أصبحت في طي الوعود التي قطعت مسبقا. رؤية التجديد الحضري .. ضحية لإلغاءات روما «جيتي» مليار يورو، تعد أكبر برنامج مساعدة لإيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية. 191.5 خطة الإنعاش الاقتصادي التي يمولها الاتحاد الأوروبي بقيمة من باليرمو إيمي كازمين إيطاليا التي من المقرر أن تكون أكبر متلق منفرد للأموال تكافح من أجل مواكبة الجدول الزمني للإصلاح والاستثمار الذي تم الاتفاق عليه مع بروكسل يحمل أداء روما آثارا على آمال بروكسل في تعميق التكامل المالي للاتحاد الأوروبي وإمكانية وضع خطط تمويل مشتركة لمواجهة التحديات المستقبلية إحدى المناطق التي تكثر بها الجريمة حيث كان من المقرر أن تتلقى المنطقة ضخا من صندوق الاتحاد الأوروبي الذي تشتد الحاجة إليه. 11 NO.10919 ، العدد 2023 سبتمبر 3 هـ، الموافق 1445 صفر 18 الأحد
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=