aleqt: 22-03-2023 (10754)

7 NO.10754 ، العدد 2023 مارس 22 هـ، الموافق 1444 شعبان 30 الأربعاء م ـع ان ـط ـاق قـطـار الـثـورة الصناعية الرابعة منذ أكثر من عقدين، شهد العالم تغيرات لعديد من المسلمات التي سادت خلل القرون الثلثة الماضية. في الثورات الصناعية الثلث السابقة كانت الطاقة، سواء البخار أو الفحم أو الوقود الأحفوري أو الكهرباء عصب تلك الثورات وقاعدة الارتكاز الأولى فيها، أما منتجاتها من طائرات وسيارات ووسائل نقل حديثة فكانت بمنزلة درة التاج فيها. الــيــوم وفي ظــل الــثــورة الصناعية الرابعة، حيث النمو الاقــتــصــادي يـدعـم مــن قبل الإنترنت والتجارة الإلكترونية والهواتف المحمولة والأتمتة والذكاء الاصطناعي، يبدو الأمر مختلفا بشكل ثــوري وجـذري عن المـاضي، وبالطبع لا تزال الطاقة، خاصة المتجددة منها، تلعب دورا محوريا في المرحلة الجديدة من الحضارة البشرية، لكن قاعدة الارتكاز والنهوض والقدرة على الاندماج السريعفي تلك الثورة تتغير. بالطبع قـام التعليم بدور مـهـم في الـــثـــورات الـثـاث الماضية، لكن نوعية التعليم المطلوب للتعامل مع الثورة الصناعية الرابعة بأبعادها التكنولوجية المختلفة، تبدو أيــضــا في حــاجــة إلى ثــورة مماثلة تتلءم مع الاحتياجات المتنامية لأي دولـة ترغب في الاندماج سريعا في مسار الثورة التكنولوجية الجديدة. في الثورات الثلث السابقة كـان مقياس التقدم والتطور يقدر بأطنان الفولاذ المنتجة، وعـــدد الـسـيـارات الـتـي تسير على الطرقات، وأعـداد المنازل المشيدة سنويا، تلك المعايير لا تزال ولا شك مهمة في عالم اليوم، لكن أهميتها تراجعتفي مقياس التقدم والارتقاء، حيث يقاس التقدم بعدد المنازل التي بها أجهزة كمبيوتر، ومدى سرعة شبكة الإنترنت وتوافرها، وعدد الهواتف المحمولة، مقارنة بعدد السكان، وبالطبع عدد الروبوتات الصناعية المنتجة أو المستوردة. في ظل هذا الواقع الجديد للنمو الاقتصادي، فإن "العمل المعرفي" بـات الأهـم والأكـ تأثيرا، والأهمية هنا لا تتعلق باستبدال العمال بآخرين، كما كـان الأمـر يحدث في الثورات الصناعية الـثـاث الماضية، وإنمــا ترتبط الأهمية بتعزيز قـــدرة العاملين ومهاراتهم في التعامل مع كميات كبيرة وهائلة من البيانات، ومنحهم إمكانية ال ـوصـول والاعـتـ د على أدوات التحليل الحديثة، في ظل الابتكارات المتسارعة التي تسهم في إيجاد وظائف جديدة ترتبط بعالم البيانات والمعلومات وسبل تشغيل التقنيات التكنولوجية الحديثة، مثل الطائرات دون طيار، على سبيل المثال. في عالم اليوم يحتل قطاع التكنولوجيا المرتبة الأولى في التوظيف باعتباره أسرع القطاعات نمـوا، وفي الوقت ذاته لا يزال توجد فيه الفجوة الأكــر بـ الـعـرض والطلب، والمتوقع أن تستمر كذلك في الأجل المنظور. مــــن جـــانـــبـــه، قـــــال لــ «الاقتصادية» البوفيسور إل. إم .روبين، أستاذ أنظمة التعليم في جامعة كامبيدج، "في سياق الاضطراب الوظيفي العالمي، والطلب على مهارات جديدة لينة وغير تقليدية وزيادة الاستقطاب الاجتماعي والاقتصادي، تلعب أنظمة التعليم دورا حاسما في إعداد المواطنين والقوى العاملة للمستقبل، ومـن ثم يجب أن تتكيف نماذج التعليم لتزويد المتعلمين بالمهارات اللزمة لإيجاد عالم أكثر شمولا وتماسكا وإنتاجية". ويـعـد روبـــ أن مستقبل الاقتصاد والمجتمع الجديد يتطلب تحديد نمــاذج واعـدة للتعليم الـجـيـد قـــادر على استيعاب وقيادة الثورة الصناعية الرابعة، وهذا يتطلب من وجهة نظره تحفيز تغيير الأنظمة التعليمية من خلل حشد تحالف واســـع ومبتكر مــن أصـحـاب المصلحة والالتفاف حول نماذج ومعايير تعليمية جديدة. بدورها، ترى لورين كريس، الباحثة في المناهج التعليمة في كينجز كوليدج في حديثها لـ «الاقتصادية»، أن هناك عددا من الخصائص المهمة، التي يجب أن تتوفر في المحتوى التعليمي، لـيـكـون قــــادرا عــ التفاعل الإيجابي مع الثورة الصناعية الرابعة خاصة في بعدها التقني. وفي هذا تقدم الخصائص الخمس، التي تعدها ضرورية ليكون النظام التعليمي في الدولة قادرا على تهيئة الأرضية لإنـتـاج أجـيـال مـن الخريجين القادرين على الاندماج السلس في السياقات المختلفة للنظام الصناعي الحديث. وذكرت"يجب أن يعمل النظام التعليمي على تضمين مهارات أولاها المواطنة العالمية، وهذا يتضمن المحتوى الذي يركز على بناء الوعي حول العالم الأوسع والاستدامة ولعب دور نشط في المجتمع العالمي، وثانيا مهارات الابتكار والإبداع وتشمل المحتوى الذي يعزز المهارات المطلوبة للبتكار، ويتضمن ذلك التحليل والإبـــداع وهـذا شرط ضروري للقدرة على التعامل مع التقنيات الحديثة". وأضــافــت أن "ثـالـث هذه المهارات، هي المهارات التقنية وتشمل المحتوى الـذي يقوم على تطوير المهارات الرقمية الـتـي بـاتـت عـــ د التقنيات الـحـديـثـة، ورابــعــا مـهـارات التعامل مع الآخـريـن، وذلك نظرا لطبيعة الأنمـاط الحديثة من العمل الجماعي، خامسا التعلم المخصص والـــذاتي، حيث الانتقال من نظام يتم فيه توحيد التعليم إلى نظام يعتمد على الاحتياجات الفردية المتنوعة لكل متعلم". مع هذا يرى عدد كبير من الخباء في المجالين الاقتصادي والتعليمي، أن الاقتصاد الجديد، ليس فقط في حاجة إلى خـراء تقنية أو مهندسين أو محللي بيانات، وإنما ما ينقصه أيضا الميكانيكيون والحدادون والنجارون والفنيون وصغار المقاولين الذين سيبنون منشآت التصنيع الجديدة، وتـلـك الأعـــ ل تحتل أهمية لا تقل عن أهمية زيــادة عدد خريجي الجامعات في المجالات المتعلقة بالتقنيات المتقدمة والحديثة. وهنا أوضح لـ «الاقتصادية» الدكتور هيدسون هانتر، أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة ليدز، "لا يتطلب الاقتصاد الجديد خبات تكنولوجية عالية رفيعة المستوى فقط، بل يتطلب أيضا قـدرا كبيرا من البنية التحتية وهذا يتطلب عديدا من المهن التقليدية التي يجب الحفاظ عليها، لكن الأمر لن يتوقف على الحفاظ عليها وإنمـا تطويرها أيضا وهو ما بات أمرا ضروريا". وأشار إلى أن "البنية التحتية الـجـديـدة التي تلئم الثورة الصناعية الرابعة تميل في أحيان كثيرة إلى أن تكون غير مرئية في حياتنا اليومية، فعل سبيل المثال، الثورة الصناعية الرابعة نجاحها مرتبط بالقدرة على مد آلاف من الأميال من كابلت الألياف الضوئية والآلاف من الأبــراج الخلوية، وهـذا يعني الحاجة إلى عديد مـن المهن التقليدية في قطاع التشييد والبناء، لكن شريطة أن تكون مزودة بقدرات فنية حديثة قادرة على التعامل مع الاحتياجات التقنية الجديدة". ويعتقد بعض الـخـراء في مجال الاقتصاد الاجتماعي أن جوهر عمل الـثـورة الصناعية الرابعة يكمن فيما يطلقون عليه "ثــورة المـهـارات"، وأن هناك سباقا شرسـا لجعل المهارات البشرية قـــادرة عـ التعامل مع التقنيات سريعة التطور، هذا سيؤدي حتما إلى اختفاء مجموعة واسعة من الأعمال ذات المهارات المحدودة، واستبدالها بمجموعة أخرى من الأعمال التي تتطلب قدرة أكب من المهارات التكنولوجية. ومن ثم، فإن نظام التعليم مـن وجـهـة نظرهم يجب أن يعمل عـ مـسـاريـن: الأول، يقوم بعملية تأهيل الطبقة العاملة الحالية من خلل دورات تدريبية مكثفة على التعامل مع الاحتياجات التقنية في حياتنا الـيـومـيـة، في حــ المـسـار الثاني، وهو مسار أكثر تركيزا على المستقبل، وذلك عب إيجاد قطاعات مؤهلة تعليميا بدرجة أعــ للتعامل مـع التغيرات الــجــذريــة، الـتـي سيشهدها الاقتصاد العالمي من الآن حتى النصف الثاني من القرن الحالي. في هـذا الإطــار، يـرى بعض الباحثين أن القدرة على التكيف واحدة من المهارات الضرورية لضمان النجاح وستزداد أهميتها كلما زاد توغل الاقتصاد العالمي في الثورة الصناعية الرابعة، إلا أن تلك المهارة تتطلب الآن دمجها مع مجموعة من المهارات اللينة المهمة التي زادت أهمية في الأعــوام القليلة الماضية، مثل مهارات التواصل الاجتماعي والابتكار والتفكير النقدي وإدارة العلقات والتنسيق وجميعها مهارات ضروريـة للفرد لإيجاد مكانة مميزة له في مصفوفة العمل الوطني أو العالمي. بدوره، ذكر لـ «الاقتصادية» كريس سبستيان الباحث في اقتصادات العمل والاستشاري في منظمة العمل الدولية، أن "التجربة التاريخية تشير إلى أن كل تحول تكنولوجي يؤدي إلى مزيد من التوظيف ومستويات معيشية أعلى ونمو اقتصادي، لكن عديدا من الدراسات الحديثة خلص أنه لضمان ذلك يجب أن يكون اقتصاد المعرفة الناشئ عالميا مصحوبا بتوسيع الفرص التعليمية للجميع". ويستدرك قائل "هناك ثلثة سيناريوهاتمتعلقة بالعلقة بين الاقتصاد المعرفي والمستويات التعليمية، السيناريو الأول ستظهر فـيـه وظــائــف ومهن جديدة لتحل محل أي وظائف تم حذفها نتيجة التكنولوجيا الــجــديــدة، والاســتــثــ ر في المـهـارات المطلوبة لمواجهة هـذه التحديات هـو المصدر الرئيس للفرص الفردية والحراك الاجتماعيوالرفاهية الاقتصادية، وهذا مهم بشكل خاص للعمال الـذيـن ليست لديهم شهادة جامعية لمـدة أربعة أعــوام، والذين سيتحملون عبء الأتمتة بشكل غير متناسب". وأضاف "من المرجح أن تكون أماكن التعليم والتدريب بعد المرحلة الثانوية، مثل برامج التدريب الخاصة بالصناعة، أكثر صلة بالموضوع ويمكن الوصول إليها لهؤلاء العمال. باختصار، سيكون الناس في حاجة دائمة إلى التكيف باستمرار وتعلم مهارات وأساليب جديدة ضمن مجموعة متنوعة من السياقات". وأشار إلى أنه غالبا ما يطلق الخباء على السيناريو السابق سيناريو نـــدرة الـعـ لـة، أما السيناريو الثاني فيعرف بندرة الوظائف، حيث يخشى بعض كبار المفكرين الاقتصاديين من أن حقبة جديدة من الأتمتة قد تعزز مهارات نسبة صغيرة من القوة العاملة، وهنا سنجد عدم تطابق بين زيادة المعروض من العمال المتعلمين والمهرة وندرة فرص العمل عالية الجودة. أما السيناريو الأخير فيعرف بـ "نهاية العمل"، إذ تنتج البطالة من اكتشافنا وسائل تساعدنا عـ الاقتصاد في استخدام العمالة بوتيرة تتجاوز إمكانية إيــجــاد فـــرص عـمـل جـديـدة، وفي هذا السيناريو سنكتشف أن هناك خلل عميقا في نظام التعليم والتدريب، وسيكون من الـ وري إعـادة تغيير النظام التعليمي لمساعدة الناس على اكتساب المهارات اللزمة لعيش الحياة بشكل مرض. على أي حال وأيا كان السيناريو الذي سيسلكه الاقتصاد العالمي في ثورته الصناعية الرابعة، فإن إصلح النظام التعليمي والتركيز بـصـورة أكــر عـ الاستثمار فيه، يعدان المدخل الحقيقي للنهوض الاقتصادي، وتعزيز القدرة على الإلحاقسريعا بقطار الثورة التكنولوجية الذي انطلق بالفعل. خصائص لاندماج سلس للخريجين تتضمن المواطنة العالمية ومهارات الابتكار 5 النظم التعليمية الواعدة ركيزة الثورة الصناعية الرابعة .. هل تحتاجسوق العمل إلى مهارات لينة؟ من لندن هشام محمود سباق شرس لجعل المهارات البشرية قادرة على التعامل مع التقنيات سريعة التطور كل تحول تكنولوجي يؤدي إلى مزيد من التوظيف ومستويات معيشية أعلى ونمو اقتصادي قطاع التكنولوجيا يحتل المرتبة الأولى في التوظيف باعتباره أسرع القطاعات نموا الثورة الصناعية الرابعة بحاجة إلى مهن التشييد شريطة توافر قدرات فنية حديثة يتطلب إيجاد قطاعات مؤهلة تعليميا للتعامل مع التغيرات الجذرية التي سيشهدها الاقتصاد العالمي. تعتزم "أمـازون دوت كوم" إلغاء تسعة آلاف وظيفة أخرى، ما يزيد من موجة تسريح العمال التي تجتاح قطاع التكنولوجيا، في الــوقــت الـــذي يـجـر فيه الاقتصاد غير المستقر الشركات على تقليصحجمها. وسـتـكـون "أمـــــازون" التي في المائة 1.8 انخفض سهمها ألف وظيفة 27 أمس، قد ألغت في الأشهر القليلة الماضية، أو في المائة من قواها العاملة 9 ألف موظف تقريبا، 300 البالغة فيما يمثل تحولا جذريا بالنسبة لشركة دائما ما تباهت بقدرتها على توفير فرص العمل. وتركز التخفيضات الأخـ ة على قسمي الحوسبة السحابية والإعلن المربحين للغاية، اللذين كـان ينظر إليهما على أنهما لا يمكن المساس بهما إلى أن دفعت المخاوف الاقتصادية العملء إلى التدقيق في إنفاقهم. ووفقا لـــ"رويــ ز"، ستؤثر عمليات الـتـ يـح كـذلـك في منصة البث المرئي "تويتش"، وأوضح دان كلنسي، الذي عين الأسبوع الماضي رئيسا تنفيذيا لـ "تويتش"، أن المنصة ستسرح موظف. 400 أكثر من وتهدف "أمـازون" إلى انتهاء تخفيضات الوظائف في الجولة الجديدة بحلول أبريل. ويأتي القرار ضمن موجات تسريح تكاد لا تنتهي في قطاع التكنولوجيا الأمـريـي التي تخلت خللها شركات كبى مثل مايكروسوفت وألـفـابـت، مالكة جـوجـل، عن أعداد هائلة من الموظفين كانت قد عينتهم فرادى وجماعات. وأعلنت ميتا بلتفورمز، الـ كـة الأم لفيسبوك، هي الأخــرى الأسـبـوع المـاضي أنها ستلغي عشرة آلاف وظيفة هذا العام، مستهلة جولة ثانية من عمليات التسريح في القطاع بعد .2022 ألفا في 11 شطب أكثر من وفي مـذكـرة إلى الموظفين نشرتها "أمـازون" عب الإنترنت، قـــال آنــــدي جـــاسي الـرئـيـس التنفيذي، إن القرار نابع من تحليل مستمر للأولويات وعدم اليقين بشأن الاقتصاد. وكـتـب يـقـول "قــد يتساءل البعض، لماذا لم نعلن عمليات تقليص الوظائف مع تلك التي أعلناها قبل شهرين. الإجابة المـخـتـرة هــي أنـــه لم يتم الانتهاء من تحليل جميع الفرق في أواخر الخريف". وأضــاف "نظرا لحالة عدم اليقين التي تكتنف الاقتصاد حاليا والمتوقع أن تستمر في المستقبل القريب، فقد آثرنا أن نخفض تكاليفنا وعدد الموظفين لدينا". وقــالــت "أمـــــازون" الشهر الماضي: إن أرباح التشغيل قد تستمر في الـ اجـع في الربع الحالي، من جراء التأثير المالي للمستهلكين وعملء الحوسبة السحابية الذين يقلصون الإنفاق. عمدت الشركة إلى تقليص أو إيقافخدمات كاملة، مثل عروض الرعاية الصحية عب الإنترنت لأرباب العمل في الشهور القليلة الماضية. % من قواها العاملة 9 ألف وظيفة .. تشكل 27 «أمازون» تلغي موجة تسريح العمال تجتاح قطاع التكنولوجيا .. اقتصاد غير مستقر يجبر الشركات على تقليصحجمها من الرياض «الاقتصادية» أسواق وأرقام

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=