aleqt: 21-03-2023 (10753)

الرأي تعد البيانات المتولدة عن أجهزتنا الذكية في جوهرها بمنزلة سلعة خاصة تحوزها الشركات التكنولوجية الكبرى التي تهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي وعمليات البيع عبر الإنترنت وأدوات البحث، ونظرا إلى القيمة الكبيرة لهذه البيانات، ليس من المستغرب أن الشركات عادة ما تحتفظ بها لنفسها. » 3 من 2 معا لبناء اقتصاد بيانات أفضل « من خلال الموافقة على تثبيت أحد تطبيقات الطقس والسماح له تلقائيا بتحديد المدينة الحالية، يسمح الفرد مصمم البرنامج دون قصد بتتبع موقعه باستمرار. ويعد الاشتراك في تطبيقات توقعات الطقس ذات التصميم العصري الأنيقبمنزلة موافقة من المستخدم على الإفصاح عن بيانات موقعه، معتقدا أن الهدف من ذلك هو السماح للتطبيق بأداء وظيفته على أكمل وجه. لكنه يقدم في واقع الأمر سجلا بعاداته اليومية ومسار رحلاته وأنشطته الاجتماعية. وربما لن يتحسن أداء تطبيقات الطقسفي التنبؤ بسقوط الأمطار، لكنها قد تستطيع في نهاية المطاف التنبؤ بالجدارة الائتمانية للمستخدم بدقة أكبر مقارنة بالتقييمات التي تعدها مكاتب الاستعلام الائتماني التقليدية. وبـشـأن مفارقات الخصوصية، فالسؤال المطروح: هل نعبأ بخصوصيتنا؟ وثق الباحثون ظاهرة أطلقوا عليها "مفارقة الخصوصية". فعندما يطلب من المشاركين في المسوح تقييم خصوصيتهم، عـادة ما يولونها أهمية كبيرة، لكنهم على استعداد في الأغلب لتبادل بيانات شخصية حساسة للغاية في إطار حياتهم اليومية دون مقابل يذكر. وهـي مفارقة سعيدة بلا شك بالنسبة إلى تطبيقات تتبع المخالطين التي تعتمد فاعليتها على مدى انتشارها بين المستخدمين، لكن لسوء الحظ، تستخدم هذه الأدوات بصورة طوعية في عديد من الدول، ويعد الإقبال عليها ضعيفا بالتالي. لكن لِمَ نكون على استعداد للإفصاح عن بيانات الموقع الخاص بنا مقابل الاطلاع على توقعات الطقس، بينما نمتنع عن مشاركتها لحماية صحتنا والمساعدة على مكافحة جائحة عالمية أودت بحياة ما يزيد على مليوني شخص؟ قد يكون أحد الأسباب أن هيئات الصحة العامة -على عكس مصممي تطبيقات الطقس- صممت تطبيقات تتبع المخالطين للإعلان بشفافية عن كيفية جمع البيانات واستخدامها، ما يثير مخاوف بشأن الخصوصية، والسبب الآخر أن السماح للحكومات بجمع بيانات الموقع وبيانات تشخيص الأمراض قد يبدو أمرا حساسا للغاية. فمعرفة الحالة المرضية المسبقة لشخص ما قد تؤدي في نهاية المطاف إلى استبعاده من سوق التأمين مستقبلا أو فتح الباب لأشكال أخرى من الوصم أو التمييز. وحول الاستخدام المسؤول فتعد البيانات المتولدة عن أجهزتنا الذكية في جوهرها بمنزلة سلعة خاصة تحوزها الشركات التكنولوجية الـكـ ى التي تهيمن عـ وسـائـل التواصل الاجتماعي وعمليات البيع عبر الإنترنت وأدوات البحث، ونظرا إلى القيمة الكبيرة لهذه البيانات، ليس من المستغرب أن الشركات عادة ما تحتفظ بها لنفسها، ونظرا إلى أن ازدياد البيانات يرفع كفاءة التحليلات، ما يسهم بدوره في اجتذاب مزيد من المستخدمين وزيادة البيانات والأرباح، فإن هذه الذخيرة الضخمة من البيانات ستعزز شبكات منصاتها وربما تكبح المنافسة. وعـادة ما يـؤدي هذا النموذج الـذي يقوم على البحث عن البيانات والاحتفاظ بها إلى جمع قدر هائل من البيانات دون استخدامها بشكل كاف عند وجود حاجة ماسة إلى الاستفادة منها، وتخزينها في مستودعات معزولة، خاصة دون تلبية الاحتياج العام لها. من شأن تبادل البيانات دعم استحداث تكنولوجيات جديدة، بما في ذلك في علوم الحياة. فلننظر -على سبيل المثال- في الاستفادة التي قد تعود على البحوث الوبائية من التوسع في نطاق تحليل البيانات الكبيرة. فقيام أحد الباحثين بتحليل تجربة المرضىفي بلده قد يمثل بداية جيدة، لكنه لن يتفوق على مساعي عديد من الباحثين الذين يعملون معا بناء على تجربة عدد أكبر من المرضى من مختلف أنحاء العالم، وهو أساس نجاح عدد من برامج التعاون عبر الحدود... يتبع. فشل البنوك بين الثقة والملاءة البنوك كشركات أعمال خاصة لا بد أن تفشل مثلها مثل غيرها من الأعمال الأخـرى، لكن كلما كبر حجم البنك ارتفعت أهمية دوره في الاقتصاد وطالب بالحماية من السلطات في بلده. لذلك من الطبيعي أن يحاول الملاك والإدارة استغلال الأهمية للضغط على القطاع العام في الحصول على الدعم. القطاع المصرفي دائما في وضع خاص، فهو يتمتع بميزات القطاع الخاص، وفي الأغلب يستغل الأموال العامة لأن مسؤوليات الحكومات في الأخير سلامة وسلاسة الاقتصاد والحياة العامة التي يتوقف فيها البيع والشراء والأجور دون توافر الأموال والسيولة النقدية. لذلك فشل القطاع المـ في كـارثي، لكن طبيعة أعماله بالإقراض لأعمال قابلة للنجاح والفشل والتعثر لا بد أن يفشل بعضها في بعض الأوقات، فضلا عن حالة عامة يفشل فيها الجميع بسبب الترابط المالي والاقتصادي. أهـم ناحية في عمل المصارف أنها في الأغلب تعتمد على ودائع قصيرة الأجل، لكنها تقرض لمدد أطول وتستثمر عادة في سندات أطول. عدم التجانس الزمني يجعلها معرضة للانكشاف بسرعة، فحين يخاف المودعون على أموالهم ويسحبونها يقع البنك في ورطة كبيرة قد تفلس به. كذلك هناك محاذير ومخاطر أخرى في الإقراض والتزامن بين المطلوبات "الودائع" والأصول "القروض والاستثمارات". الترابط المالي بين المصارف هيكلي من خلال الإقـراض لبعض لأغراض السيولة والاستغلال الأمثل لاستثمار الأموال. هذا يولد درجة من الاعتماد على بعض، لذلك إذا تعثر بنك في الأغلب يؤثر في البنوك التي تتعامل معه، ما يؤثر في تصرفاتها وبالتاليسرعان ما يحاول تفادي التعامل معه ويرفع من وتيرة المخاطر. العصر المعلوماتي ينقل المعلومة بسرعة، لذلك قد يأتي التأثير أو الفشل أحيانا بسرعة، لأن كثيرين يبدأون المراهنة على تفادي المخاطر ما يزيد المخاطر على الجميع، أحيانا يصل إلى حالة الهلع، كما حدث ، وبالتالي يضرب النظام المالي في مقتل 2008 في ويؤثر في الاقتصاد الحقيقي. ولذلك تضطر السلطات إلى التعامل مع المصارف بطريقة لا تخلو مما يسمى ـ بمعنى أن الحماية moral hazard في صناعة التأمين تولد الإهمال، لذلك تجد لوما كبيرا بعضه مبرر على إدارة المصارف بأنها تستفيد من نجاح أعمال المصارف، وتتفادى المخاطر والعقوبات على الرغم من دورها في الفشل الإداري. أسباب فشل البنوك كثيرة لكن الإدارة الناجحة دائما تحت ضغط، لأنها كلما أصبحت محافظة تقارن بالإدارات الأخرى الأكثر جرأة، وبالتالي تحقيق مكاسب أعلى في أوقات تبدو الأوضاع "عادية"، كما أن الحوافز المالية في الأغلب تدفع بالإدارات لأخذ مخاطر أعلى وربما حتى بعض الملاك، حيث إن ارتفاع الأرباح يقود لارتفاع الأسهمفي وقتلم تعد ملكية الأسهم طويلة. إجمالا، سلامة القطاع تحكمها الثقة والملاءة المالية في تداخل يتغير حسب الظروف الموضوعية لكل بلد وكفاءة أجهزته الرقابية. في المملكةفي المجمل التجربة جيدة جدا من ناحية الرقابة والالتزام بالقواعد العالمية تنظيميا ورقابيا وفي الملاءة المالية والثقة بالاقتصاد والسياسة المالية. كذلك خدم المملكة عدم الاندفاع لتكاثر البنوك، لذلك تجد العدد يكفي للمنافسة وتحفيز الاستثمار فيه بالتقنية والكوادر البشرية. تداعيات الزلزال التركي على القطاعين الزراعي والغذائي كتب كثيرون عن الزلزال القوي المدمر الذي ضرب تركيا وسورية، "زلزال قهرمان مرعش أو غـازي عنتاب" في شباط (فبراير) الماضي، وتحدث كثيرون عن ضحاياه وقوته التدميرية غير المسبوقة في تاريخ الزلازل في هذا البلد، والمآسي الإنسانية التي نجمت عنها والمساعدات التي تلقتها الدولة المنكوبة من مختلف دول العالم. غير أن الجانب الذي أهمل ولم يتم تناوله إلا لماما هو تداعيات الكارثة على القطاعين الزراعي والغذائي في تركيا، خصوصا أن المناطق الأكـ تـ را بالزلزال مسؤولة عن إمداد في المائة تقريبا من 20 البلاد بما لا يقل عن الخضراوات والفواكه واللحوم ومشتقات الألبان. ولعل مـا يؤكد أن أزمــة نقص الغذاء ومشكلات الأمن الغذائي بدأتا تلوحان في الأفق التركي هو حالة التضخم المتصاعد في أسعار المواد الغذائية كنتيجة طبيعية لنقصها. ففي غضون أسبوع من الزلزال 40 ارتفعت فجأة أسعار لحوم الأبقار مثلا في المائة لتعطل المسالخ وصعوبات النقل في 24 والإمداد، وارتفعت أسعار الخضراوات في المائة. 10 المائة وأسعار الفواكه صحيح أن التضخم ليس غريبا على تركيا، خصوصا في ظل تدهور قيمة عملتها "الليرة" بالنسبة إلى الــدولار والـيـورو في الأعـوام الأخيرة، "بحسب معهد الإحصاء التركي بلغ معدل التضخم لكانون الثاني (يناير) الماضي في المائة، بينما قدرته المصادر المستقلة 57 في المائة". لكن الصحيح أيضا 121 بنحو هو أن الزلزال الأخير أطاح بكل التوقعات المطمئنة بخصوص حل مشكلات التضخم والنقد والنمو الاقتصادي، بل إن الكارثة وما أحدثته من تدمير هائل في البنى التحتية وتوقف في الأنشطة والأعــ ل وأضرار في الممتلكات الخاصة، تعطي مـؤشرات على أن الاقتصاد الـ كي مقبل على تراجع حاد في النمو. حيث أشـار تقرير للبنك الدولي نشر قبل أسبوعين، إلى أن الزلزال تسبب في أضرار مادية مباشرة تصل قيمتها إلى مليار دولار، وأن تكلفة إعادة 34 أكثر من الإعــ ر قد تصل إلى ضعف هـذا الرقم. الجدير بالذكر، في السياق نفسه، أن الزعيم التركي رجب طيب أردوغـان وعد بتخصيص مليارات الدولار لإعمار المحافظات المتضررة وتعويض سكانها. وهذا الإنفاق لئن كان عاملا مساعدا على تحفيز الاستهلاك والإنتاج اللذين يعدان مؤشرين أساسيين للنمو الاقتصادي، فإن المشكلة تكمن في معاناة البلاد من شح الأموال، رغم نجاح الحكومة أخيرا في تعزيز احتياطيات بنكها المركزي بفضل المساعدات الخليجية السخية. وطـبـقـا للخبير الاقــتــصــادي هـالـوك بوروميشيك، نما الاقتصاد الـ كي العام في المائة، لكن من المتوقع أن 5.6 الماضي يتباطأ بشكل ملحوظ في العام الجاري، فلا في 2.8 يحقق سوى نسبة نمو لن تزيد على المائة، خصوصا مع انخفاض الطلب الأجنبي على صادراتها من قبل الشركاء التجاريين الرئيسين للبلاد من جراء استمرار الحرب في أوكرانيا. والحقيقة أن تركيا، على الرغم من تصنيفها ضمن الدول الصناعية الحديثة في العالم، عالميا لجهة الناتج 13 ووجودها في المرتبة الـ مليار دولار بحسب 790" ، المحلي الإجمالي "، إلا أنها تعد من بين كبار 2012 إحصائيات منتجي العالم في السلع الزراعية والغذائية. وتعويلا على الجزئية الأخيرة، كان المفترض ألا تجابه البلاد نقصا في الـغـذاء. غير أن المشكلة هي أن الزلزال ضرب المقاطعات العشر التي تلعب دورا حيويا في تغذية عموم البلاد، "تنتج هذه المقاطعات معا ما مليار ليرة، ويقطنها نحو 85 تزيد قيمته على في المائة من إجمالي المزارعين الأتراك 13 في المائة من هؤلاء ينتجون 20 المسجلين، و الـخـ اوات التي يزرعونها في مــزارع غير مؤمن عليها، وبالتالي لا يستطيعون الوقوف على أقدامهم والعودة مجددا إلى الإنتاج إلا بتعويضات مجزية من الدولة وعمليات إمداد للبذور والأسمدة ووقود الديزل". ويجزم المراقبون أنـه حتى لو تمكنت الحكومة من إصلاح أوضاع المزارعين الأتراك عبر دعمهم ماديا للعودة إلى أعمالهم، فإن كثيرين منهم ممن فقدوا منازلهم وأسرهم وأصـدقـاءهـم، وبالتالي أصبحوا يعانون نفسيا، لن يعودوا إلى العمل في المدى القريب. ويؤكدون كلامهم هذا بالإشارة إلى أن وحده 2022 "مقاطعة هاتاي" التي صدرتفي مليون دولار من الحمضيات، 186 ما قيمته ألـف طن من 100 يوجد فيها اليوم نحو الليمون على الأشجار دون وجود من يجمعها، ألف طن أخرى عالقة 300 وحيث يوجد أيضا في المستودعات بانتظار من يقوم بنقلها وتوزيعها. وهكذا نجد أن المشكلة لا تكمن فقط في نقص الغذاء والتضخم وإعـادة الإعمار وتقديم التعويضات، وإنما أيضا في تردد مزارعيها للعودة إلى أعمالهم المعتادة، ما يعني نقصا في العمالة الزراعية. ولعل إحدى المشكلات الأخـرى الناجمة عن الزلزال هي ملايين طن من 210 كيفية التخلص من نحو أنقاض المباني والمنازل المهدمة، وكيفية منع السكان من إلقائها في البحيرات والأنهار وعلى السواحل منعا من تدمير البيئة والـ وات البحرية، خصوصا أن الحكومة لا تستطيع في هذا الوقت الحساس أن تردعهم بالغرامات والجزاءات. الجانب الذي أهمل ولم يتم تناوله إلا لماما هو تداعيات كارثة الزلزال على القطاعين الزراعي والغذائي في تركيا، خصوصا أن المناطق الأكثر تضررا منه مسؤولة عن إمداد البلاد بما لا يقل في المائة تقريبا من الخضراوات والفواكه 20 عن واللحوم ومشتقات الألبان. ولعل ما يؤكد أن أزمة نقص الغذاء ومشكلات الأمن الغذائي بدأتا تلوحان في الأفق التركي، هو حالة التضخم المتصاعد في أسعار المواد الغذائية كنتيجة طبيعية لنقصها. NO.10753 ، العدد 2023 مارس 21 هـ، الموافق 1444 شعبان 29 الثلاثاء 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com يان كاريير ـ سوالو / فيكرام ها کسار * خبيران اقتصاديان فيصندوق النقد الدولي د. عبد الله المدني * أستاذ في العلاقات الدولية Elmadani@batelco.com.bh @AlfawazHamd فواز بن حمد الفواز

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=