aleqt: 20-03-2023 (10752)
NO.10752 ، العدد 2023 مارس 20 هـ، الموافق 1444 شعبان 28 الإثنين السياسية 13 يــراقــب الاقــتــصــاديــون في الـعـالم الأخـبـار المـتـواتـرة عن القطاع المـرفي في الولايات المتحدة، الـذي يعيش فـرة لا يحسد عليها بعد إعلان ثلاثة بنوك أمريكية إفلاسها خـ ل الفتة الماضية، وتكمن خطورة الوضع الاقتصادي في كبر أسماء البنوك المفلسة، ومن أبرزها بنك "وادي السيليكون". يعد بنك سيليكون فالي أول أكبر انهيار على صعيد البنوك الأمريكية، بعد الأزمــة المالية العالمية، التي ضربت الاقتصاد ، وأدخلته 2008 الأمـريـي في مرحلة الــركــود، الـتـي شهدت حصادا أسود للاقتصاد العالمي، مع إفلاس بنك "ليمان بـراذرز"، الذي كان حينها رابع أكبر البنوك الأمريكية، لتتوالى الإفلاسات بعدها. مخاوف أمريكية وعالمية تثار بين الحين والآخر يسودها القلق والتحفظ، بأن الأزمة هل ستكرر ، في 2008 ما حدث في سيناريو الوقت الذي يواجه فيه العالم رغبة دولية متصاعدة بمنافسة واشـنـطـن الـنـفـوذ الـعـالمـي، خصوصا في ظل التقدم الصيني في مختلف المـجـالات، وعـودة الدب الروسي إلى الواجهة، من خلال بوابة الحرب في أوكرانيا، في ظل انحسار النفوذ الغربي وضعفه في القارة العجوز. وتحسبا لأي تبعات أخـرى، طـأنـت السلطات الأمريكية الـعـمـ ء المــودعــ في البنك المفلس أخيرا، بأنهم سيتمكنون من الوصول إلى جميع أموالهم، ولن يتحملوا أي خسائر متعلقة بـانـهـيـار الـبـنـك مـالـيـا، ومـن المرجح أن تتوجه إدارة البنك إلى استخدام الأصـول المتبقية لتغطية تكاليف ســداد أمـوال المـــودعـــ ، وتصفية ذمتها المالية، حتى لا تواجه القضاء الأمريك، نظرا لأن الأمـوال هي أموال دافعي الضرائبفي أمريكا. ولتجنب السيناريو الكارثي، ستقدم وزارة الخزانة الأمريكية مليار دولار 25 حزمة مالية بنحو مـن صـنـدوق اسـتـقـرار الـرف على سبيل الدعم لأي خسائر محتملة من برنامج التمويل، كما ستقف السلطات الأمريكية في صف الحياد ولن تتدخل في إنقاذ بنوك أو مؤسسات عبر ضخ أموال عامة بشكل مباشر، لكنها أكدت في المقابل أنها ستحمي جميع الودائع الخاصة بها. مـــن جــهــة أخــــــرى، أعـلـن البنك الـفـيـدرالي الأمـريـي، عـزمـه تقديم قـــروض خاصة في البنوك، لمواجهة أي أزمة محتملة، فيما يتوقع أن تصل المـــدة إلى نـحـو عـــام، فيما تظهر توجهات "الفيدرالي" أن الـقـروض لـن تكون حكرا على الـبـنـوك، إنمــا ستكون متاحة لجمعيات الادخــار والاتحادات الائتمانية والمؤسسات الأخرى، لمساعدتها، وحثها على التمسك بسندات الخزينة، التي قد تكبدها خسائر كبيرة، في حـال بيعها، إضافة إلى تجنيبها أزمة سيولة كما حدث مع بنك وادي السيليكون. الأزمة التي أصابت بنكا يخدم الشركات التكنولوجية الناشئة، سيتتب عليها تـوجـه جديد للإدارة الأمريكية لوضع ضوابط وقيود جديدة على الاستثمار في الأموال، خاصة فيما يتعلق بقطاع التكنولوجيا وقـطـاع العملات المشفرة، حيث أبـدى كثير من الجهات المالية مخاوفه من قطاع العملات المشفرة. مسببات الانهيار تمثلت في عـدد من النقاط، وهـي أن بنك سيليكون فـالي يعمل بطريقة مختلفة عن البنوك التقليدية، فـ"سيليكون فـالي" قائم فقط على قطاع الشركات التكنولوجية الناشئة، التي تعثر كثير منها أمام الأزمات المالية التي تعرضت لها، خاصة مع عزوف المستثمرين عن ضخ الأموال فيها، وهو ما انعكس على البنك بالتبعية. وكـذلـك أثـر رفـع الفيدرالي الأمــريــي سـعـر الـفـائـدة عن مستوياتها القياسية المنخفضة في القرارات الاستثمارية للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، التي تعد العميل الأكبر والأهم لـ"سيليكون فالي"، حيث اتجهت هـــذه الــ كــات إلى الـعـزوف عـن المـخـاطـرة والاتــجــاه نحو الاستثمارات الآمنة، خاصة مع ارتفاع قيمة القروض. فـيـ أدى اعــتــ د البنك المفلس على الاحتفاظ بنسبة صغيرة لعقود طويلة من الودائع النقدية، إلى فقدان رأس المال النقدي، بينما تركزت باقي الودائع في الاسـتـثـ رات في السندات الحكومية طويلة الأجــل مدة عـامـا، وسندات 30 استحقاق الرهن العقاري، وترتبط السندات طويلة الأجل بعلاقة عكسية مع سعر الفائدة. قصة الانهيار كانت خلال فتة ساعة، 48 زمنية قياسيةلم تتجاوز وكان ذلك عقب إعلان البنك إصدار مليار دولار من الأسهم 2.25 لتعزيز قاعدة البنك الرأسمالية بعد الخسارة الكبيرة التي منيت بها محفظته الاستثمارية، ما هوى في المائة، 60 بأسهم البنك بنحو مـن تعاملات نهاية الأسـبـوع، وانخفضت سنداته إلى مستويات قياسية، وأدى ذلـك إلى موجة انخفاضات ضربت أسهم قطاع البنوك في الولايات المتحدة في التعاملات، قبل أن يتم تعليق تداولها. هذه الأحداث دفعت المودعين إلى سحب أموالهم بشكل جماعي خلال ساعات قليلة، ما أدى إلى تسارع الانهيار بقوة، وعليه جاء قرار الجهات المنظمة للخدمات المصفية في كاليفورنيا بوقف التداول في أسهمه، وحجز ودائع عملائه، وصــدرت تقارير تفيد بأن البنك غير قادر على جمع كل الأموال التي يحتاج إليها، وبات يبحث عن مشت، وأعقب ذلك إيقاف أسهم عدد من البنوك منها "فيرست بابليك" و"باك ويست بانكورب" و"سيجنتشر". وصــل بنك سيليكون فالي إلى حالة إفـ س، ويعني إفلاس البنوك عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها، حينما تخسر كثيرا من استثماراتها، أو تقع في أزمة سيولة وتكون غير قادرة على تلبية أموال المودعين، كما حدث مع "سيليكون فالي"، ولقد تعددت أسباب فشل إدارة بنك "سيليكون فـــالي"، بارتكاب مجموعة من الأخطاء الفادحة. لقي انهيار بنك سيليكون فالي ردود فعل عالمية، حيث بادرت الحكومة البريطانية بالحد من أي تداعيات ناجمة عن إغلاق وحدة البنك في المملكة المتحدة، كما ثــارت مخاوف في الــدول التي تعتمد على شركات التكنولوجيا وتتعامل مـع البنك المفلس، إضافة إلى انخفاض الـدولار في التعاملات عقب انتشار الخبر مقابل عملات أخرى. بــدوره، قـام بنك "إتـش إس بشراء أسهم بنك HSBC " بي سي "وادي السيليكون" لتوفير شريان حياة لشركات التكنولوجيا التي كانت تخشى فقدان الوصول إلى ودائعها، بعد هبوط سعر السهم العنيف ليصل إلى جنيه استليني واحد فقط، يقينا من مجلس إدارة البنك بأن أزمة "سيليكون فالي" في الأساس حدثت لسوء الإدارة، وأن هـــذه الأزمــــة ستتلاشى، وسيعاود سعر السهم الارتفاع مرة أخرى، لتكون صفقة رابحة. ذعر وسط القطاع البنكي ومخاوف من الشركات التقنية ساعة 48 أزمة وادي السيليكون .. قصة انهيار الـ مراقبون: الأزمة التي أصابت بنكا يخدم الشركات التكنولوجية الناشئة سيترتب عليها توجه جديد للإدارة الأمريكية لوضع ضوابط وقيود جديدة على الاستثمار في الأموال في سانتا كلارا، كاليفورنيا. 2023 مارس 10 في SVB اصطفاف خارج المقر الرئيس لبنك وادي السيليكون من الرياض محمود عبدالعزيز لم تـكـن جـــزيـــرة جيكل وقتها قد تحولت إلى وجهة سياحية لولاية جورجيا، وحول منضدة تحيط بها السلاحف ضخمة الرأس التي تشتهر بها الجزيرة، التف أصحاب أشهر البنوك الأمريكية حول جي بي مـورجـان، ذئـب وول ستيت والاقتصادي الفذ المعروف، ليضع حدا للكارثة المتكررة، التي ملخصها، سريان شائعة بإفلاس بنك مـا، فيذهب كل المودعين لطلب أموالهم من ه ـذا البنك في ي ـوم واح ـد، فيفلس البنك فعليا، في تطبيق لمقولة "نبوءة تحقق ذاتها"، 1893 هذا ما حدث في أعوام العام الذي 1907 ، و 1896 و انعقد فيه هذا الاجتماع بعد إفلاس عشرة بنوك أمريكية في يـوم واحـد إثـر واقعة عرفت بـ"الانهيار المصفي الكبير". توصل جي بي مورجان بعد خمسة أعوام من هذا الاجتماع، إلى تأسيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريك، الذي تضع فيه البنوك ما يعادل أمـوال المودعين حتى تظل محفوظة تحت أي ظرف، ورغم أن هذا الإجراء معمول به في كل دول العالم حتى الآن، وبالفعل هو ضمانة أساسية لكل مودع، لكن عبر عقود ماضية ثبت أن الإنسان حين يفقد ثروته لا تجدي معه أي وسيلة مطمئنة. يدلل على ذلك ما حدث في حين أعلن بنك كونتيننتال 1984 إلينوي آنـد تراست إفلاسه، وكان وقتها أكبر بنك تجاري، قــدرت أصـولـه قبل الإفــ س مليار 40 بثلاثة أعـوام بنحو دولار بحسبصحيفة "واشنطن بـوسـت"، لكن منح القروض دون ضوابط والفساد الذي أدى إلى تسهيلات بالمليارات للمقرضين، أديا في النهاية إلى أن يعلن البنك إفلاسه. وإن كـان المودعين الكبار كانوا الأق ـل ت ـ را لأنـه قبل إعـ ن الإفـ س بأسابيع قليلة سحبوا معظم أموالهم، في خطوة عدها البعض تعجيلا بـــالإفـــ س، إلا أن صـغـار المودعين الذين لم يكن لديهم معلومات أو مصادر تخبرهم بما يجري داخل البنك، كانوا هم الضحايا الأكثر تضررا. "جميعهم طـرقـوا أب ـواب الصحف للنجدة"، هكذا وصف أحد الأفلام الوثائقية عن هذا الإفلاس الذي وصف بأكبر فشل م ـرفي في تـاريـخ الـولايـات المتحدة، وبسبب اللجوء إلى الصحافة سرعان ما تشكل رأي عـام قـوي يطالب بـرد أمـوال المــودعــ وعـــدم الاكـــراث بـرديـد نظرية أن الأمـــوال محفوظة في البنك الفيدرالي، وهو ما دفع الحكومة الأمريكية إلى التدخل السريع بأموال مليار دولار استطاعت 13 بلغت بها احــتــواء الأزمـــة قبل أن يدخل مالكون جدد إلى البنك ليخرجوه من عثرته. أما المودعون اليابانيون، ورغـم المعروف عن مسالمة الشعب الياباني، لكنهم حين فقدوا أموالهم وصل الحال 1998 إلى التهديد بالقتل، ففي كانت فقاعة أسعار الأصـول العقارية تتوغل في اليابان للدرجة التي أدت إلى انهيار بنك الائتمان طويل الأجل، أحد أكبر ثلاث بنوك في البلاد، وتاسع أكبر شركة في العالم من حيث الأصول وقتها، وبسبب إغراق البنك في الديون التي وصلت مليار دولار وقتها، 19 إلى اضطر إلى إشهار إفلاسه. وتشير التقارير الصحافية التي وثقت هذا الحدث، إلى أن بعض المودعين اليابانيين أرســلــوا تـهـديـدات بالقتل لقيادات البنك إذا لم يستدوا أموالهم فورا ـ ونتيجة لذلك تدخلت الحكومة اليابانية سريعا وأممت البنك في العام نفسه ثم أعادت هيكلته تحت مسمى بنك تجاري جديد هو "شينسي بانك". الثانية إلا ربــع مـن ظهر أيلول (سبتمبر) 15 الأربـعـاء ، توقيت يحفظه جيدا 2008 أصحاب المال والاقتصاديون الأمريكيون، ففي تلك اللحظة كان بنك "ليمان براذرز" يعلن إفـ سـه بشكل مفاجئ تاركا مليار دولار 691 أصول بقيمة ألــف مـوظـف في مهب 25 و الريح، هذا الإفلاس الأكبر في التاريخ الأمريك كـان بداية الأزمـــة المالية العالمية في التي سببها الرئيس الرهن 2008 العقاري. وبـنـاء عـ مـا ح ـدث لهذا البنك وبنوك أخـرى، لم يجد الأمريكيون وسيلة سوى اللجوء إلى القضاء لاستداد أموالهم، فضلا عمن أصيب بنوبات قلبية أدت إلى وفـاتـه كـ أشــارت "نيويورك تايمز" في تقريرها وقتها عن تأثير ما حدث، لكن من تمالك نفسه اتخذ الطرق القانونية ظنا منه أن الأمـر لن يستغرق الكثير، وبالفعل أسس الضحايا عدة مجموعات لتوكيل محامين ودشنوا من أجل ذلك موقعا إلكتونيا حينها، وتشير التقارير إلى أن الأحكام القضائية كانت تصدر حتى وهو ما يعني أن هناك 2015 من انتظر سبعة أعوام كاملة لاستداد حقوقه. ولم تكن الأمـور أفضل في لبنان الذي يعاني أزمة اقتصادية ، وأدى ذلك 2019 طاحنة منذ إلى انهيار الخدمات الأساسية فيه وشح الــدولار، ورغـم أن البنوك اللبنانية لم تعلن إفلاسها لكنها عجزت في أوقات كثيرة عن رد أموال المودعين، وهذا ما دفع الفتاة اللبنانية سالي حافظ، إلى اقتحام أحد المصارف في أيلول (سبتمبر) المــاضي، وتهديد الموظفين بمسدس لعبة للحصول على مستحقاتها التي حصلت عليها وسافرت، حيث استغلت هذه الحيلة لعلاج شقيقتها المريضة بــالــ طــان، وفـتـحـت تلك الواقعة الباب أمـام مودعين كثر اقتحموا المصارف اللبنانية للحصول على حقوقهم للدرجة التي أدت إلى إغــ ق البنوك نفسها لعدة أيــام وتشديد الرقابة عليها. وإذا كان أصحاب الأمـوال في البنك الفرنسي - التونسي كانوا أكثر حظا لأن الغلق تم من خلال تحكيم دولي سبقه تعهد بـرد أرصــدة المودعين قبل تلك الخطوة، فإن عملاء بنك سيليكون فالي الأمريك ما زالــوا يتخبطون، فالبنك 1983 العملاق الذي أسس في وتخصص في إقراض الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا تعرض إلى أزمـة بسبب قيام البنك الفيدرالي الأمريك برفع ، ما اضطر 2022 الفائدة في "فالي" إلى بيع سندات بخسارة وصلت إلى نحو ملياري دولار، وبعد انتشار هذا الخبر أقدم المودعون على سحب أرصدة مليار دولار في يوم 42 بلغت واحد، وهو ما يشكل ربع قيمة ودائع البنك ما أدى إلى انهياره. ورغم أن الحكومة الأمريكية تدخلت سريعا بوعد مودعي سيلكيون فالي برد أي ودائع ألف 250 بحد تأميني بالغ دولار، إضافة إلى أن هناك صـنـدوقـا لـتـأمـ الــودائــع وقروضا طارئة، لكن ذلك لم يمنع من حالة ذعر انتابتهم كما انتابت مؤسسات مالية أخرى، والسؤال الآن، إذا كان أصحاب الأمــوال لـدى سيليكون فالي عرضوا بعد الانهيار أسهمهم في المائة من قيمتها 40 مقابل الحقيقية للنجاة، فماذا سيفعل عملاء آخرون أوشكت بنوكهم على الإفلاس مثل كريدي سويس الذي وقف على حافة الهاوية قبل أن يتعرض إلى خطة إنقاذ مليار دولار حتى لا 54 بقيمة يلقى المصير نفسه؟ على مر التاريخ .. ما بين نوبات قلبية وتهديدات بالقتل ضحايا المصارف .. إفلاسلا يفرق بين المودع الكبير والصغير رغم أن فكرة تأسيس البنك الاحتياطي تعد ضمانة أساسية لكل مودع لكن عبر عقود ماضية ثبت أن الإنسان حين يفقد ثروته لا تجدي معه أي وسيلة مطمئنة الانهيارات المصرفية .. تاريخ يعيد نفسه. بسبب اللجوء إلى الصحافة سرعان ما تشكل رأي عام قوي يطالب برد أموال مودعي بنك وادي السيليكون. من الرياض عبدالرحمن عابد
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=