aleqt: 19-03-2023 (10751)
5 NO.10751 ، العدد 2023 مارس 19 هـ، الموافق 1444 شعبان 27 الأحد عندما يحذر لي تشيانج، رئيس وزراء الصين الجديد، في أول مؤتمر صحافي له في أعقاب توليه مهام منصبه الجديد، مـن أنـه لـن يكون سهلا على بلاده -ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم- تحقيق في 5 هدف النمو البالغ نحو المائة، حيث إن ذلك سيتطلب كثيرا من الجهد. وعندما تكشف السلطات الصينية أن نسبة النمو 3 بلغت 2022 المحقق عام في المائة فقط بفارق كبير عن 5.5 الهدف الأساسي المحدد بـ في المائة، فلا شك أنصافرات الإنـذار تنطلق، محذرة ليس في الـصـ فحسب بـل في الاقتصاد العالمي كله بأن التنين الصيني يعاني مصاعب اقتصادية. لكن ما طبيعة التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني؟ وإلى متى يمكن أن تدوم؟ ومــا الـتـدابـ والإجــــراءات التي ستتخذها لاستعادة قدرتها على تحقيق أهدافها الاقتصادية؟ وهل المصاعب الـراهـنـة مــؤشر عـ صحة ما يــروج له بعض الخبراء الغربيين مـن أن النموذج الصيني في التنمية وصل إلى منتهاه، أم أن الأمـر لا يتجاوز حالة من الاضطراب في الاقتصاد العالمي تدفع الصين نصيبا منها يتناسب مع وزنها الاقتصادي؟ عديدة هـي الأسئلة التي أثارتها تصريحات رئيس الـــوزراء الصيني، أخـــ ا، وعديدة أيـضـا الإجــابــات ووجـهـات النظر المتعلقة بكيفية أداء الاقتصاد الصيني في الأعوام المقبلة. "الاقتصادية"، استطلعت آراء مجموعة مـن الخبراء الاقـتـصـاديـ في مسعى للتعرف على أبعاد المشهد الاقتصادي الصيني بتفاصيله المتنوعة، ولرصد الاتجاهات الـتـي يمـكـن أن يسلكها، ولتسليط الضوء على طبيعة الــحــلــول الــتــي يمـكـن أن تلجأ إليها القيادة الصينية لإعــادة تسريع وتـ ة النمو الاقتصادي مجددا. من جهته، يبدو البروفسير ك. إم . توبن أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة شنغهاي والخبير في الاقتصاد الصيني متفائلا تجاه مسار الاقتصاد الصيني في الأجلين المتوسط والطويل، لكنه يحذر من التحديات الاقتصادية في الأجل القصير، خاصة عندما يتعلق الأمر بأساليب العلاج المطروحة. ويرصد لـ"الاقتصادية" العوامل التي أدت إلى تلك الــنــ ة غــ المـع ـت ـادة في تصريحات رئيس الـــوزراء الصيني، قائلا "إن الأوضاع الصحية في الصين نتيجة جائحة كـورونـا، خاصة مع إفـــراط الحكومة في تبني سياسات متشددة تعرف باسم صفر كوفيد لمواجهة المـرض، وعمليات الإغلاق طويلة الأمـد والمتكررة انعكست عـ الإنـتـاج الاقـــتـــصـــادي خـاصـة الصناعي وأضرت بالطبع ب ـق ـطـاع الــخــدمــات، تـــضـــاف إلى تـلـك المشكلة الـهـزة التي أصابت قطاع العقارات الصيني الذي يمثل أكثر من ربع إجمالي الناتج المحلي الإجــ لي، هذا 2020 القطاع يعاني منذ نتيجة الإجراءات الحكومية المـــتـــشـــددة في مـجـال الإقراض للشركات العقارية بسبب الإفـراط في البناء في عديد من المدن الصينية". ويـضـيـف "إلا أن تلك المـشـكـ ت تـعـد آنـيـة إلى حد ما تتطلب تعديلات في الاتجاهات الاستثمارية، كما أن تخلي الصين عن سياسة صـفـر كـوفـيـد في ديسمبر المـــاضيسـتـبـدأ تـأثـ اتـه الإيجابية في الــ وز خاصة في مجال الإنفاق الاستهلاكي، ودفــع قطاع الخدمات إلى الأمـام، وتراجع الاختناقات اللوجستية وهذا سيسهم في نمو الاقتصاد الصيني". مــع هـــذا يعتقد بعض الخبراء أن القيادة الصينية عليها الآن ان تتجاوز القواعد التي تبنتها لأعوام وأسهمت في تـحـقـيـق "مـعـجـزاتـهـا الاقتصادية"، حيث إن تعزيز الصادرات وتحفيز الاستثمار الحكومي بـــدون معالجة مشكلات نقص الاستهلاك وتباطؤ نمو الدخل قد يعوق التعافي الاقتصادي. من هذا المنطلق يرى إدوارد ستانلي الخبير الاستثماري، أن الـصـادرات الصينية حطمت رقما قياسيا العام الماضي تريليون دولار ونمت 3.59 بلغ في المائة، مع ذلك 7 بمعدل فشلت الـصـ في تحقيق 5.5 معدل النمو المستهدف في المائة. ويقول لـ"الاقتصادية"، "إن الاقتصاد الصيني حافظ على معدل نمو سنوي للناتج في 9 المحلي الإجـ لي بلغ المائة لما يقرب من عقدين ،2019 و 2000 من الزمان بين وكان استهلاك الأسر الصينية محركا مهما لدفع معدلات النمو، إذ حقق ما يقرب من في المـائـة مـن الناتج 40 المحلي الإجـ لي، فالطبقة المتوسطة كانت تنمو وتنمو معها الرغبة في مزيد من الاستهلاك، تحركها في ذلك ثقتها بأن المقبل من الأيام أفضل اقتصاديا". ويضيف"وبعضالدراسات في 3.5 أشـارت إلى أن نحو المائة من الأسر الصينية كان دولار 3800 دخلها السنوي ، وارتـفـع هذا 1997 عــام في المائة 12 الرقم أكثر من خـ ل خمسة أعــوام فقط، ليفتح شهية استهلاكية، بدأت تلك الشهية في التراجع عام ثـم تراجعت بحدة 2017 نتيجة وبـاء كـورونـا، وهذا أدى إلى تفاقم مشكلات مثل البطالة التي تبلغ الآن نحو في المائة في بلد عليه 5.6 مليون 12 أن يوفر سنويا نحو فرصة عمل جديدة". ويـرجـح إدوارد ستانلي الخبير الاستثماري، أن ما يصفه رئيس الوزراء الصيني، بـ"التطويق" و"القمع" الذي تمارسه الـولايـات المتحدة بحق بلاده، وتنامي الجهود الغربية لتقليص العلاقات التجارية والاستثمارية مع الصين، وتنامي المنافسة العدائية بين الطرفين خــــــاصــــــة في المـــجـــالات الاقتصادية الاستراتيجية مثل أشباه المـوصـ ت، سيدفع الاقتصاد الصيني إلى تغيير البوصلة الاقتصادية نحو مزيد من التركيز عـــــــ الاستهلاك الداخلي، مشيرا إلى أن السوق الاستهلاكية في الصين تبلغ قيمتها ستة تريليونات دولار، وستكون محورية لإعادة ثاني اقتصاد في العالم إلى مساره، خاصة أن الـطـلـب الـعـالمـي على منتجات الصين لا يزال بطيئا. تبدو وجهة النظر تلك أكثر قبولا بين عديد من الخبراء، لكن موجة الإنفاق الاستهلاكي في الصين لا تــزال مكبوتة والسياسة الداخلية الخاصة بدعمها لم تتشكل بعد، ولا تبدو الحكومة مستعدة لـضـخ اســتــثــ رات ضخمة في البنية التحتية وبالطبع س ـوق الـعـقـارات، مـع ذلك فـإن الأمــور تبدو مشجعة، إذ تعزز النشاط الاقتصادي في الشهرين الأولين من هذا العام مع انتعاش الاستثمار، وقــد ارتـفـع الاسـتـثـ ر في 5.5 الأصــول الثابتة بنسبة في المـائـة خــ ل الشهرين المـاضـيـ ، كما ارتفعت مبيعات التجزئة في المائة مقارنة 3.5 بنسبة بالفترة نفسها مـن العام المــاضي، وذلــك مـؤشر على تعافي الإنفاق الاستهلاكي. يرى بعض الخبراء أنه إذا كان الاقتصاد الصيني راكدا عند مستوى منخفضمن النمو وكان أداؤه أقل من إمكاناته بشكل ملحوظ، خاصة أن الأسر ذات الدخل المتوسط والــفــقــ ة قـــد اسـتـنـزفـت مدخراتها خلال فترات الإغلاق بسبب جائحة كورونا وسياسة صفر كوفيد، فإن الصين في حاجة إلى وضع استراتيجية اقتصادية جديدة. بــــــــــــــدوره، يـــقـــول لـ"الاقتصادية" البرت بلاك، الباحث في مجال الاقتصاد الـــدولي، "ستحتاج الطبقة المـتـوسـطـة الصينية إلى الإنفاق على ما هو أكثر من تذاكر السينما والطعام حتى يتعافى الاقتصاد، سيحتاجون إلى القيام بمشتريات كبيرة وضخمة مثل الـــســـيـــارات والأجـــهـــزة الـكـهـربـائـيـة والمـــنـــازل، وهـذا جانب مهم، لكن ما يـجـب الــتــطــرق إلــيــه هو أن جائحة كـورونـا لم تكن السبب الجذري للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها الصين حاليا، إنمـا أسهمت في تعقيد المشكلة، الاقتصاد الصيني كان يواجه تحديات قبل تفشي وبـــاء كـورونـا، لأنه كان يسعى للانتقال إلى اقتصاد عالي التقنية". ويـــضـــيـــف "الــســيــاســة الاقتصادية الصينية عليها أن تتحرك على عدد من المحاور في آن واحـــد لـرفـع معدل النمو، فعليها أن تصلح قطاع العقارات والابتعاد به عن حافة الأزمة التي يصارعها حاليا، وعليها أن تعيد ثقة الطبقة المتوسطة بالمستقبل لتحفزها على الإنفاق الكثيف، وعدم الاكتفاء بمنح الشركات الصغيرة إعـفـاءات ضريبية، إنما تقديم تحفيز مالي مباشر لها، مع مزيد من الاهتمام بـــالـــحـــكـــومـــات المحلية التي عادة ما تعد محركا للنمو الاقتصادي، والإسراع بعملية الانـتـقـال إلى اقتصاد عالي التقنية". تتفق الدكتورة أشلي لي أستاذة التجارة الدولية في مدرسة لندن للاقتصاد مع وجهة النظر أعلاه، وترى أن سياسة النمو عبر التصدير إلى الخارج تقترب من حدودها القصوى في الـصـ ، ولن تضيف كثيرا إلى الاقتصاد الصيني مستقبلا. وتقول لـ"الاقتصادية"، "إن ازدهار الصادرات الصينية لن ينعكس كثيرا على الأسر العادية، والصينلايمكنها حاليا تحفيز اقتصادها عبر آليات التصدير الاقتصادي فحسب، بالطبع تعزيز الــصــادرات مهم، لكن تأثيره بات هامشيا ومحدودا في النمو". وتشير الـدكـتـورة أشـ ، إلى أن الصين أصبحت أكبر ،2009 مصدر في العالم عام بلغت حصتها 2020 وفي عام من صـادرات السلع العالمية في المائة، أي أكثر 15 نحو من حصة الولايات المتحدة واليابان معا، لكن يلاحظ أنها بلغت حدها الأقــى عام حيث مثلت في هذا 2016 في المائة من الناتج 36 العام المحلي الإجمالي، لكنها أخذت في التراجع منذ ذلك الحين، كما أن حزم التحفيز الحكومية قد أدت إلى زيادة المديونية الحكومية. وتـضـيـف "لــذلــك تبدو القيادة الصينية أكثر اقتناعا الآن أكثر من أي وقت مضى بإعطاء الأولوية للاستهلاك الخاص لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وهو ما يتطلب منها استعادة ثقة المستهلك الصيني، خـاصـة مـن أبناء الطبقة المتوسطة، وعليها أن تخاطب مواطنيها من منطلق أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد جسام، في حين إن الصين لديها من القدرات الاقتصادية والتقنية ما يؤهلها للتغلب عليها". تريليونات دولار حجم سوقها الاستهلاكية .. رقم محوري يعيد الاقتصاد إلى مساره 6 بعد صافرات الإنذار التحذيرية .. هل تطلق الصين الإنفاق الاستهلاكي لتحقيق هدف النمو؟ من لندن هشام محمود «صفر كوفيد» انعكست على الإنتاج الاقتصادي خاصة الصناعي وأضرت بمجال الخدمات استهلاك الأسر الصينية محرك مهم % من 40 لدفع معدلات النمو .. حقق الناتج المحلي خلال عقدين الإفراط في البناء تسبب في هزة أصابت قطاع العقارات .. يمثل أكثر من ربع إجمالي الناتج الصادرات بلغت رقما قياسيا العام تريليون دولار مع ذلك 3.59 الماضي بـ لم تحقق معدل النمو المستهدف شهية الإنفاق بدأت بالتراجع عام ثم هبطت بحدة نتيجة كورونا 2017 .. أدت إلى تفاقم مشكلات البطالة تنامي المنافسة العدائية بين بكين والغرب سيدفعها إلى تغيير البوصلة الاقتصادية نحو الاستهلاك الداخلي تعزيز الصادرات وتحفيز الاستثمار الحكومي دون معالجة مشكلات نقص الاستهلاك وتباطؤ نمو الدخل قد تعوق التعافي الاقتصادي. أسواق وأرقام
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=