aleqt: 16-03-2023 (10748)

NO.10748 ، العدد 2023 مارس 16 هـ، الموافق 1444 شعبان 24 الخميس قراءات نص ُفي عمقِ البحر يتحاور الغرقى. إنهم منهكون، منهكون كثيرا حيث لا يشعرون بالبلل على ثيابهم. وليس عليهم أن يبكوا لأن البحرَ ليس سوى دموعٍ. دموعٌ فقط، هو البحرُ. الماء جوهرة في عيونهم الجامدة. وهناك المزيد من الأنوار العجيبة. ليسوا لا عطشىولا جياع. الآن هم أحرار، للأبد، شفاههم من دون كلمات، ومن دون ابتسامات، حتى من دون تَذَكّرِ أسمائهم. آه، كلّ شيء حرّ الآن حيث لا كلام ولا بكاء. ولكن أصفادَ الأطفال تتلجلج تحت ثقلِ المياه، لأنها خفيفة وهي من الحاشية، ُالحاشية السائلة للآلام. تتوهمُ الأمهات بأنّ أطفالَهن ربّا يرغبون في جني الطحالب، بأنّ أطفالَهن يتألمون من أجل آمال ضائعة، بلا دموع ولا كلمات... هذا هو الذي يعكر الفرح بجنائن الغرقى. يوم أسفل المياه سيسيليا ميريليس شعر: إما التناصفي الشعر العربي غالبا ما ننظر إلى رواية "إما" على أنها من أكثر أعمال جين أوستن كمالا، بسبب شخصية بطلتها، صاحبة العيوب والسحر الأخاذ في الوقت ذاته. وبسبب الحس الفكاهي لشخصية بطلة الرواية، خاصة عندما تسبب إلى نفسها قدرات خاصة في فهم العلاقات بين الأشخاص. ففي هذه الرواية، كما في رواياتها الأخرى، تظهر قدرة أوستن على فهم النفس الإنسانية، مـا جعل روايـاتـهـا قـــادرة عـ تخطي الزمن والبقاء حاضرة ويعاد طبعها. "إما وودهــاوس" فتاة جميلة وذكية وغنية وعزباء تعيش حياة سعيدة، وتصر على أن "لا حاجة بها إلى الحب أو الزواج"، لكن في الوقت نفسه، لا شيء يسعد إما أكثر من التدخل في الحياة العاطفية للآخرين. وعندما تتجاهل تحذيرات صديقها المخلص مستر نيتلي، وتحاول إيجاد زوج مناسب للفتاة التي ترعاها "هارييت سميث" تنكشف خطتها وتنقلب الأحداث بطريقة لم تكن تتوقعها أبدا. نقرأ من مقدمة الكتاب الصادر عن دار التنوير حديثا، "إن في شعر أبي هـ) 231 تمام حبيب بن أوس الطائي (ت تقريبا ما يثير الاتفاق والاختلاف على السواء، ومع ذلك فإن بائيته في فتح عمورية: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب حظيت بكانة خاصة عند مؤيديه ومعارضيه معا، ما أتاح لها أن تكون إحدى عيون الشعر العربي على مر العصور، وموضع افتنان عند كثير من شعراء الأدب العربي وكتابه بختلف عصوره تقريبا، الذين راحوا يتفاعلون معها في مساحة مكانية تكاد تشمل الوطن العربي كله، ومساحة زمانية شملت معظم عصور الأدب العربي، ما شكل لها سياقا تناصيا متميزا، وحقق لها تواصلا فنيا مميزا. غرفة الأعاجيب تيلما أم عـزبـاء، كثيرة المشاغل. في أحد الأيـام يتعرض ابنها الحبيب لويس لحادث سير فتنقلب حياتهما بطريقة درامية. يدخل لويسفي غيبوبة طويلة وتعيش أمه في حالة من الضياع والشعور بأنها خذلت ابنها. وينتابها شعور أن عليها فعل شيء لتساعد ابنها على أن يرجع من الغيبوبة. تعثر في غرفته على قائمة أمنيات كتبها وكان يرغب في تحقيقها خلال حياته. تقرر تيلما أنها تستطيع التقرب من ابنها بأن تحقق أحلامه، فتقرر خوض مغامرة عيش تلك الأمنيات بدلا عنه، لتحكي له وقائعها، على أمل أن يساعده ذلك على المقاومة والاستمرار في الحياة. هكذا تعيش تيلما مغامرة حياتها الكبرى. يدفعها إلى ذلك حبها لابنها ورغبتها الشديدة في تحقيق أحلامه. وبساعدة ممرضة لويس في المستشفى تعرض تيلما لابنها في غرفته فيديوهات سجلتها من مغامراتها لتحقيق أمنيات ابنها. رواية تعيد الكاتبة اللبنانية غادة الخوري عقارب الزمن إلى حقبة يظن كـ أنها لم تنته بعد، رغم مرور عقود عليها، تعود بشخصياتها وأحداثها إلى الحرب اللبنانية في منتصف سبعينيات الـقـرن المـــاضي، فتبحث في روايتها الصادرة عن دار الآداب، عـن أجـوبـة لأسئلة لم نعرف لها سبيلا، وتضعنا على مفترق طرق من خلال شخصية هيلانة، الفتاة اليتيمة والزوجة الخائفة المنعزلة داخل جدران منزلها، تحاول محاربة عاهة لازمتها منذ صغرها، وجعلتها موضعا للتنمر والسخرية من كل من حولها، وكيف تشق طريقها بإصرار وعزم لتتحول إلى امرأة متمردة تحاول الخروج من عنق الزجاجة وعيش الحياة بعايير مختلفة وأفكار لا تشبه أفكار القرية الريفية التي انتقلت إليها بعد زواجها المبكر. "طفلة الرعد" قفزة عبر الزمن تعيدنا إلى عالم كنا فيه مجرد آلات تحركها أقـاويـل وأخبار ومـوروثـات، كثير منا لا يعرف مصدرها، وقـــراءة عميقة في تأثير الحرب الأهلية في تركيبتنا النفسية وبيئتنا الاجتماعية وما تركته من ترسبات أدت بشكل أو بآخر إلى تدمير ما تبقى من هذا الإنسان في داخلنا، سوى لدى قلة من الأشخاص، آمنوا رغم التناقضات بأن العجز قرار، والحرية قـرار أيضا، واختاروا دربا شائكا بحثا عن حياة تليق بهم، وهيلانة واحدة من هذه القلة. هيلانة والتأتأة هــيــ نــة بـطـلـة الـــروايـــة والشخصية المحورية فيها، تدور الأحداث في فلكها، لتكون طفلة الرعد التي تعاني عاهة التأتأة وتنمر الآخرين عليها، ذاك المارد الأسود كما تسميه في الرواية "لماذا يشل أطرافها ولسانها ولا يختفي إلا حين يأتي الرعد ويرفعها إلى حيث يمحو الضوء كل التباس مع العتمة". وتهرب إلى الرعد بحثا عن مصدر أمان وطمأنينة تأنس به. هيلانة لا تشبه غيرها مـن الأطـفـال، فهي اختبرت الخسارة قبل بدء الحرب، عندما خسرت والدتها التي غرقتفي بئر خلال محاولتها انتشال مركب ورقـي لها وهي طفلة في السادسة من عمرها، تعيش مع شقيقتها فاديا الثرثارة وزوجها الكتائبي، وأخيها فريد بقناعاته القومية. عاهة التأتأة هـي الوحش الأسـود الذي يتربص بالبطلة، في بداية الرواية، وتتمكن من قتله باعتباره رمزا لهذه العاهة في نهايتها. تعاني فوبيا الاختلاط وتلازم بيت زوجها، لكن موقعها على الهامش، يدفعها إلى الاقتحام. تهذي بكابوس التأتأة اللامتناهي ليقودها هذيانها إلى الصحوة المرتقبة. محاربة الوحش الأسود تستسلم هيلانة للوحش الأسود، وتختار حياة الانطواء والعزلة هربا من عيون ناقدة وألسنة شريــرة تنتهك حرمة حياتها والأسباب التي أدت إلى وقوعها في شرك التأتأة، لكن مع تطور الأحداث ولدى انتقالها إلى الحياة الزوجية التي اختارتها رغم ما تجهله عنها، لأنها تبحث عن التغيير، وبين تنامي مشاعر الأمـومـة ورغبتها في حماية طفلتها هبة من الوحش الأسود، تلجأ هيلانة إلى مجموعة من آليات الدفاع، من قبيل ملازمة البيت، تجنب الاختلاط بالآخرين، القراءة والكتابة، الرعد، استبدال الأحـــرف، السعال، الـراديـو، وغيرها. لكن القلق يبقى مرافقا لـهـا، فهي تجهل سبب هذه العاهة، ويأتي تكتم المحيطين بها على السبب وكيفية موت أمها وسبب احتراق الصبية الجميلة ورديــة شقيقة زوجها ليضيف إلى شعورها بالقلق شعورا آخر بالتهميش، وتأتي الأحداث الغامضة التي تحصل في القرية لتزيد من خوفها، وتقرر أن تواجه الوحش الأسود لتتحرر من عاهتها وتقضيعليه. هيلانة لديها شغف بالقراءة، عشقت روايات مثل: "آنا كارنينا" للروسي ليو تولستوي، و"رجال في الشمس" للفلسطيني غسان كنفاني، جنبت عقلها تصديق خزعبلات يسبح بها أهل ديرزوفا الأمـيـون بأغلبيتهم، الذين يستلقون في كهوف الجهل، لهذا تعلمت كيف تروضصوتها خدمة لما تريد قوله، تعلمت حيل الكلمات، وتدربت عليها وطـورتـهـا، وبـاتـت تحبس ما تريد قوله وتكتفي با يمكنها أن تقوله. هيلانة الأم تغلبت على هيلانة المنطوية، ونجحت في كسرحاجز الخوف وقتل الوحش الأسود الذي سكنها أعواما. هيلانة البطلة كـثـ ة الأحــــداث في هذه الرواية ومتشعبة، وإن كانت جميعها تـصـب في خانة واحدة، وتعكس مرارة وطن انـهـزم في لحظة ضعف، فبعد القلق تأتي الصحوة وتــجــد هـيـ نـة نفسها مجبرة عـ الـوقـوف في وجـه قدرها، وتقرر أن تشارك في عيد السيدة للمرة الأولى، وسرعان ما تبدأ بتنشق ملامح الثقة حين ترى صالح زوجـــهـــا عـــ رأس حلقة الدبكة وسط إعجاب المشاركين، تتسلح بالقوة وتبدأ بالتكلم مع الآخرين والاخـتـ ط بهم، وتبلغ هذه الثقة ذروتـهـا في نهاية الرواية حين تتصدى لشخص يقتاد أم عـادل وابنتها بقوة السلاح فيتحرر صوتها من عقاله وتحرر المـرأتـ منه وتغدو موضع إعجاب الجميع بعد أن كانت موضع تنمرهم، وتقتل الوحش الأسـود الرابض على كتفها منذ الطفولة. هيلانة الوطن تطرح غادة الخوري مقاربة حقيقية بـــــــــ هــــيــــ نــــة التي تختصر صـوت التغيير على المستوى الفردي ووطن يذبح كل يوم لأسباب طائفية وسياسية ومناطقية، وتشعر بأن صوتها وحده لا يكفي، وتحتاج إلى من يشاركها هذه الخطوة، لذلك تنهي الخوري روايتها حين تقول هيلانة لزوجها صالح المـخـطـوف: "الــوطــن كله اختطف يا صالح. وفي غيابك، صوتي وحده لا يكفي". هيلانة تحولت من شخصية ضعيفة تـحـس بالتهميش والنقص، وتخشى مواجهة الـنـاس، إلى امـــرأة لا تؤمن بالخزعبلات وتتوق إلى التحرر، وهــا هـي في خضم الحرب الأهلية تتفقد بعض العائلات، وتـطـمـن إلى أحــوالــهــا في غياب أبنائها، وتبدي حماسة للانضمام إلى اللجان الشعبية. وجوه وقصص إضـــافـــة إلى شخصية هيلانة المحورية هناك كثير من الشخصيات التي تتشارك في بناء السرد الدرامي لهذه الرواية، بدءا منشخصيةصالح الزوج المخلصوالفلاح النشيط والحريص على البيئة وصاحب المـروءة العالية وشيخ شباب الضيعة وحامي الحمى، وأم عادل المرأة القوية والصديقة الوفية والأم الصابرة، وفريد الأخ المحب والحزبي الملتزم، وعفاف الصديقة المخلصة والزوجة المخدوعة، وأبو فؤاد العم الوفي، وغيرهم. إضافة إلى نادية الصهباء المطلقة التي سيطرت على دكان زوجها جـورج، وأقصته عن التعامل مع التجار، وأخفت عنه دفتر الحسابات، وإبراهيم الذي يقيم في بـــ وت ويلتحق بالحرب منذ اندلاعها، وبيار ال ـذي يشهر سلاحه في وجه بعض نساء الـقـريـة، والأخ ألبير الذي يعتاش من التبصير وترويج الخزعبلات، وفادية التي تمارس نوعا من الوصاية عـ أختها، والأسـت ـاذ نبيل الـذي يــزاوج بين حرصه على استخدام العربية وسلوكياته المتحللة مــن الـضـوابـط، والمختار الـذي يبدي حرصه على مصلحة القرية ويشتبه بتواطئه مع النواب، وغيرهما. تنتهي الرواية برسالة قد لا تصل، من هيلانة إلى زوجها صالح المخطوف الــذي قال لها مرارا: إنه لن يدنس الأرض بطمعهم، "بتفهم وعندها حـكـمـة، ومـــش عــ ذوقـنـا بتمشي"، لتقول له: إن الجهل شقاء، وتخبره كيف أضاعت عمرها وهي خائفة من نفسها وتتجنب الآخرين كي لا تفضح ضعفها أمـام مرآتها، وكيف أن وعيها كان بوابة خلاصها، معلنة موت وحش أسود أثقل كتفيها طوال حياتها، ليفتك وحش أشد سوادا بالوطن كله ويمزقه. قفزة عبر الزمن تعيدنا إلى عالم كنا فيه مجرد آلات رواية «طفلة الرعد» .. العجز قرار والحرية قرار أيضا غادة الخوري من بيروت أميرة حمادة هيلانة لزوجها المخطوف: الوطن كله اختطف يا صالح. وفي غيابك، صوتي وحده لا يكفي. الثقافية 13

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=