aleqt (10735) 2023/03/03
الرأي ما هي هذه الأسوار والحيطان والأسيجة يا ترى؟ وأي دبلوماسية أو معارك تقف خلفها؟ كنا نتصور أن الأسوار شيء من الماضي لكنها عادت مرة أخرى وبقوة ونحن في العقد الثالث من القرن . والأسوار أشكال، منها ما هو عسكري ومنها ما هو فكري 21 الـ وأيديولوجي. إنها تؤطر مفاهيم وتؤدي وظائف مختلفة، خصوصا في عصرنا هذا. معركة الجدران العازلة يحدثنا الــتــاريــخ أن المــالــك في سحيق الزمان كانت تعرف بعلو وشموخ ومنعة الأســوار أو الجدران التي تحيط بحواضرها المهمة. ومن المملك من شيد أسـوارا لا تعزل المدن فحسب، بل حدود المملكة التي قد تمتد إلى مئات أو آلاف الكيلومترات. ويحضرني في هذه العجالة سور الصين العظيم الذي حسب موسوعة المعارف كليومترا، 2120 البريطانية، يمتد إلى مسافة أي: ما يغطي نصف قطر الكرة الأرضية، وهو من عجائب الدنيا السبع. وإن أخذنا أطـوال الأسـوار في الحسبان، فإن جدار برلين الذي تم تشييده وإزالته في عصرنا هذا، يعد ثاني أطول جدار في التاريخ، كيلومترا. فهناك 120 حيث كان يمتد إلى مسافة جدران أو أسوار كثيرة في التاريخ، وأنا لستفي وارد تقديم سرد لها. غايتي هي عرض وتفكيك المفاهيم الفكرية والفلسفية التي ترافق مفهوم الجدار أو السورأو الحائط في واقعنا الاجتمعي الذي نعيشه. وسأستخدم مفردات "الـجـدار والسياج والسور والحائط" معا في هذا المقال، رغم أن المعاجم العربية تميز بينها. "الجدار" هو الحائط. الغرفة الواحدة لها أربعة حيطان. أما "السور" فهو كل ما يحيط بشيء إن كان بناء أو مساحة. والسياج قد يكون من الشوك أو أعواد الأخشاب. واستخدام المفردات الأربع، رغم تباين المعنى بينها، لا يعني أنه ليست هناك قواسم مشتركة تجمعها إن درسنا بعناية وتركيز السياق الذي ترد فيه. هنا أشير ليس إلى الشرح المعجمي للمفردة عمومت، بل إلى المعنى الكامن الذي تواجهنا فيه عند قراءتها ضمن الجملة والسياق الثقافي والفكري والاجتمعي الذي ترد فيه. المفردة أم العبارة أم الجملة، لا بل اللغة برمتها، تنشط وتستعيد الحياة ضمن السياق الـذي تـرد فيه. وجودها في المعجم يشبه السبات الشتوي للحيوانات التي لا نراها ولا نلاحظ أي نشاط لها إن لم تخرج من سباتها. المفردة في سبات، وتعود إلى الحياة حال خروجها منه، أي: عند استخدامها ضمن السياق الذي يرافقها. وتطرقنا إلى الفيلسوف لودفيج فيتجنشتاين وألاعيبه اللغوية. وفيتجنشتاين فيلسوف اللغة ربما دون منازع، لأنه يربط المعنى بالوظيفة. يعلمنا فيتجنشتاين أن مفردات أي لغة محدودة بينم الألاعيب اللغوية التي توظفها لا يمكن عدها وحصرها. وإن أخذنا مفردات من مثل "السياج، الجدار، السور، الحائط" ومنحنا لكل مفردة وظيفة محددة وجعلنا منها أداة فكرية، لرأينا أن بإمكاننا أن نستقي معاني ربما لا حد لها. "سور الصين" عبارة ووظيفة ذهنية وفكرية لها مدلولات خاصة عند قراءتها. الشكل واحد، أمـا المعاني والوظائف فاختلفت باختلاف السياق. وإن قلت، "بينك وبين امتلاك ناصية العلم والمعرفة سور الصين العظيم" لاختلفت قراءتنا للسور اختلافا جوهريا ولكان للمفردة وظيفة مختلفة لأنني أردت بها أداة تقوم بوظيفة أو وظائف مثل التشكيك أو النقد أو التساؤل وهلم جرا. وإن قلت "إنك تخرق سياج القانون" لاختلفت قراءتنا للسياج ومنحتنا الجملة معاني مختلفة وصارت أداة ننفذ فيها وظائف مختلفة. وفي لقاء لي مع محررين وصحافيين في هيئة الإذاعة البريطانية، أكدوا أنهم يعانون كثيرا في اختيار المفردة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بتغطية الشرق الأوسط. وذكروا أن هناك ضغوطا كبيرة على الهيئة لانتقاء هذه المفردة وليست تلك، ولا سيم عند نقل الأخبار عن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. ومم ذكروه، أنهم كانوا في حـ ة من أمرهم واستغرق اتخاذ القرار أياما مضنية من الاجتمعات كي يختاروا أي مفردة عليهم استخدامها لوصف الجدار الذي بنته إسرائيل للفصل بينها وبين الفلسطينيين. الإنجليزية، شأنها شـأن العربية، لديها barrier، ، مفردات عديدة عند الإشارة إلى السور . بين المفردات الثلاث، كادت هذه wall، fence الهيئة المؤثرة والكبيرة تضيع في متاهات أي barrier منها يجب أن تختار. ووقع الخيار على وهو الحد الذي fence ومعناه الشائع أقرب إلى قد يفصل بين حديقتين أو منزلين. wall لم يكن في إمكانهم استخدام مفرد لأن المفردة تذكر بالفصل، وأي ذكر للفصل لا بد أن يقع ضمن أو قرب سياق الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وهذا ما لا تحبذه إسرائيل. وكان هناك ما يطلق عليه "أسوار السلام في بلفاست" عاصمة أيرلندا الشملية. هذه كانت سلسلة كبيرة ومتناثرة من الأسوار تفصل بين الأحياء التي يقطنها أتباع مذهبين مسيحيينفي المدينة ـ الكاثوليك والبروتستانت. وكانت أسـوار بلفاست من الكثرة وتغطي مساحات شاسعة إلى درجة أنها صارت واحدة من أشهر خمسة أسوار في العالم رغم حداثتها حيث شرع في تشييدها في العقد السابع من القرن الماضي. ولحجمها الكبير وأطوالها، فإن مسألة استغرقت حتى 2013 هدمها التي بدأت في الآن أكثر من عشرة أعوام ولم تكتمل. ما هي هذه الأسوار والحيطان والأسيجة يا ترى؟ وأي دبلوماسية أو معارك تقف خلفها؟ كنا نتصور أن الأسوار شيء من الماضي لكنها عادت مرة أخرى وبقوة ونحن في العقد الثالث من القرن . والأسوار أشكال، منها ما هو عسكري 21 الـ ومنها ما هو فكري وأيديولوجي. إنها تؤطر مفاهيم وتؤدي وظائف مختلفة، خصوصا في عصرنا هذا. إعادة إعمار أوكرانيا وجهود المجتمع » 2 من 2 الدولي « من واقع خبرتنا التي تمتد إلى عقود في العمل في الدول المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، فإننا في البنك الدولي نعلم أن الحد من خسائر رأس المال البشري وتدعيم قـدرات الحكومة الأوكرانية على التخطيط والتنفيذ، أمر بالغ الأهمية لنجاح جهود الإغاثة والإصلاح. كم أنه سيسهل المهمة الهائلة المتمثلة في إعادة إعمر البلاد واقتصادها بعد أن تضع الحرب أوزارها. تحتاج البلاد إلى مواصلة إجراء إصلاحات طارئة للطرق والجسور والمستشفيات ومحطات الكهرباء وشبكات توزيع الطاقة، لتحسين الأحوال المعيشية لمواطنيها المحاصرين والحفاظ على استمرار أنشطة التجارة والنشاط الاقتصادي. وبالعمل مع حكومة أوكرانيا، حدد البنك الدولي مشاريع ذات أولوية تحتاج إلى اتخاذ إجراءات فورية بغرض إصلاح البنية التحتية المتضررة، ومن ثم أطلق الصندوق الاستئمني للإغاثة والتعافي وإعادة الإعمر والإصلاح في أوكرانيا لتوجيه المنح المقدمة من المانحين الدوليين، وذلك من خلال آليات التحويلات السريعة، مع وجود رقابة قوية لضمن تخصيص الأموال واستخدامها بفاعلية. ليس على أوكرانيا أن تنتظر حتى انتهاء الحرب، إذ إنها بحاجة أيضا إلى البدء في الاستعداد لعملية إعادة الإعمر الشاملة القادرة على الصمود، وهي مهمة هائلة ستستغرق وقتا وتتطلب كثيرا من المساندة الدولية. ويمكن للبنك الـدولي، بفضل خبرته الواسعة في مجال إعـادة الإعمر والتجارب من مختلف أنحاء العالم، تقديم المساعدة الفنية والمشورة بشأن السياسات لتشجيع الإصلاحات، بما في ذلك الأنشطة المتعلقة بمكافحة تغير المناخ، وهو ما سيساعد أوكرانيا على رسم مستقبل مستدام وتحقيق هدف الانضمم إلى الاتحاد الأوروبي. كم أن المنظمتين الشقيقتين للبنك الدولي، وهم مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمن الاستثمر، في وضع جيد للغاية يتيح لهم مساندة المشاركة التي تشتد الحاجة إليها من جانب القطاع الخاص الدولي والمحلي في تحقيق التعافي وإعادة الإعمر. وقد أحدثت المساندة التي قدمتها مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمن الاستثمر حتى الآن تأثيرا محفزا بالفعل. دعونا لا ننسى أن المساندة المقدمة لأوكرانيا ليست استثمرا في مستقبل البلاد فحسب، بل تعزز أيضا أحد الاقتصادات العالمية الهشة. وفي الوقت الذي تواجه فيه الدول في مختلف أنحاء العالم مصاعب في سبيلها للتعافي ، أدت الحرب، التي 19 - من جائحة فيروس كورونا كوفيد تسببت في معاناة لا يمكن تصورها في أوكرانيا نفسها، إلى ارتفاع أسعار الطاقة ارتفاعا حادا ونقص الإمدادات الغذائية، اللذين يؤثران في حياة ملايين الناس خارج حدود البلاد. ومع دخول الحرب عامها الثاني، يحدونا الأمل في أن يعود السلام قريبا. إن إعادة إعمر أوكرانيا ستستغرق أعواما عديدة، ومن ثم يتطلب ذلك مساعدتنا الجمعية المستمرة. وسيواصل البنك الــدولي التعاون مع حكومة أوكرانيا والمساعدة على تلبية احتياجات البلاد قصيرة وطويلة الأجل بفضل إسهامات وتبرعات المانحين والعمل مع الشركاء. من خلال العمل معا والاستفادة من قوة التعاون يمكن للمجتمع الدولي أن يعظم منافع المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا. علاوة على ذلك، فإن مساعدة حكومة أوكرانيا على التخفيف من آثار الحرب وإعداد البلاد لمستقبل مستدام يسوده السلام، ستصب أيضا في مصلحة الاقتصاد العالمي. » 2 من 1 إلى أي شيء يحتاج اقتصاد أوروبا الآن؟ « في مـواجـهـة فــجــوات الاسـتـثـار متزايدة الاتساع، يبدو أن أغلب صناع السياسات الأوروبـيـ يـرون أن الوقت حان لطرح حزمة تحفيز أخرى عريضة القاعدة، رغم ارتفاع معدلات التضخم ومستويات الدين العام. لكني أخشى أنهم على خطأ. التحفيز من شأنه أن يجبر البنك المركزي الأوروبي ببساطة على زيادة أسعار الفائدة بسرعة أكبر. ما نحتاج إليه بدلا من ذلك هو الدعم الموجه، أو تحديدا الاستثمرات فيقطاعاتخضراء ومن المرجح أن تساعد على تعزيز المرونة والقدرة التنافسية. وتجب تعبئة الموارد اللازمة بسرعة وعلى نطاق الاتحاد الأوروبي بالكامل، مع هدف صريح يتمثل في حشد الاستثمر الخاص. شهدت أوروبـا قدرا كبيرا من الضيق والأسى إزاء التهديد الذي يفرضه قانون خفض التضخم الأمريكي. لكن رغم كل المخاوف التي أثارها هذا القانون فإنه في النهاية خطوة في الاتجاه الصحيح. فهو يوفر قدرا هائلا من الدعم للقطاعات الخضراء، حيث تشتد الحاجة إلى التمويل، وهو يظهر التوافق بين الولايات المتحدة وأوروبا أخيرا في ملاحقة تحول اقتصادي مستدام. ينبغي للأوروبيين أن يرحبوا بحرص الـولايـات المتحدة على توسيع قدراتها في مجال الطاقة المتجددة، وتكريس أموالها فعليا بدلا من الاكتفاء بالوعود. الواقع أن هدف قانون خفض التضخم المتمثل في تشييد بنية أساسية حديثة منخفضة الـكـربـون لا يـفـرض في حد ذاته مشكلة على الاقتصاد الأوروبي. بل على العكس من ذلك، في قطاعات مثل طاقة الرياح، حيث تعد أوروبا رائدة في تكنولوجيات هذا القطاع، يعد الطلب الأعلى على الاستثمر تطورا إيجابيا. إضافة إلى تأثيرها الإيجابي في المناخ، ستوفر إعانات الدعم الأمريكية فرص عمل جديدة للشركات الأوروبية. من المؤكد أن بعض عناصر السياسة الأمريكية الجديدة تطرح بعض التحديات. يقدم قانون خفض التضخم دعم كبيرا للألواح الشمسية، وطاقة الرياح، وتخزين الطاقة، ومعدات الهيدروجين النظيف، لكن أغلب هـذه الفوائد تقتصر على المنتجين الذين يمكنهم إثباتشرط "صنع في أمريكا". يستثني هذا الترتيب بطبيعة الحال المصنعين الأوروبيين، الذين لا يتلقون إعانات الدعم ذاتها من الاتحاد الأوروبي. يزيد هذا من خطر إقدام بعضمصنعي المعدات ومنتجي الهيدروجين الأوروبيين على الرحيل من أوروبـــا والانتقال إلى الولايات المتحدة، لتشتد محنة قطاع الإبداع والابتكار الذي يفتقر بالفعل إلى التمويل في الاتحاد الأوروبي. في وقت حيث نحتاج إلى تعزيز سلسلة التوريد الناشئة للتكنولوجيا الخضراء، قد تعمل بعض بنود قانون خفض التضخم على تعطيلها، ما يعود بالفائدة على أمريكا على حساب أوروبا. لكن مـن خ ـ ل الإبـقـاء عـ قنوات الاتصال مفتوحة مع شركائنا الأمريكيين وتوجيه استثمراتنا في القطاعات الصحيحة، يصبح بوسع أوروبـا تحييد الأجــــزاء المـعـقـدة مـن قـانـون خفض التضخم في حـ تظل قـــادرة على الاستفادة من الأجزاء النافعة. هذا الحوار مصيري، لأننا نحتاج إلى إقناع الولايات المتحدة بإعادة النظر في بعض مواد قانون خفض التضخم، خاصة تلك التي تتعارض مع المبادئ الراسخة التي تقوم عليها المنافسة المفتوحة والعادلة.. يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» .2023 ، بروجيكت سنديكيت التحفيز من شأنه أن يجبر البنك المركزي الأوروبي ببساطة على زيادة أسعار الفائدة بسرعة أكبر. ما نحتاج إليه بدلا من ذلك هو الدعم الموجه، أو تحديدا الاستثمارات في قطاعات خضراء، ومن المرجح أن تساعد على تعزيز المرونة والقدرة التنافسية. وتجب تعبئة الموارد اللازمة بسرعة وعلى نطاق الاتحاد الأوروبي بالكامل، مع هدف صريح يتمثل في حشد الاستثمار الخاص. NO.10735 ، العدد 2023 مارس 3 هـ، الموافق 1444 شعبان 11 الجمعة 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se فيرنر هوير * رئيس بنك الاستثمار الأوروبي آنا بيردي * نائب مدير البنك الدولي لمنطقتي أوروبا وآسيا الوسطى
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=