aleqt (10728) 2023/02/24
الرأي أظهرت الحرب في أوروبا أن الغرب على شفا أن يفقد عقله، ونحن نفقد عقلنا عندما نقع في حفرة ثم نتعمد الحفر لكيلا نخرج منها. أي نظرة فاحصة للحرب هذه بعد مضي عام كامل عليها أظن سترى أن الصراع الحالي هو حتى الموت، وأن كل يوم يمر يزداد عمق الحفرة ويتعسر الخروج منها. كم عاما ستدوم الحرب الضروسفي أوروبا؟ عندما يقع نـاظـر قـــرائي الـكـرام على المقال هـذا، سيكون قد مضى عام كامل على الحرب في أوروبا. ومنذ بداية الشهر هذا وأنا أقرأ سيلا من المقالات في الصحافة الغربية حول هذه الحرب التي ميدانها حتى الآن أوكرانيا، بيد أن وقعها وتبعاتها وويلات نطاقها محسوسة على مجمل القارة الأوروبية برمتها. وأغلب ما قرأته يمثل هجوما على روسيا وشخص رئيسها فلاديمير بوتين. والذكرى السنوية لأي حدث تأخذها الصحافة الغربية بمنزلة جرد حساب يشبه إلىحد كبير المعلم الذي يقوم بتصحيح الدفاتر الامتحانية لطلبته. وتكيل الصحافة المديح لأداء أوكرانيا في الحرب وتمنحها من الدرجات ما قد يحسدها عليه أي طالب يدخل اختبارا، وتشيد بالحلف الأطلسي وثبات دوله في حرمان روسيا من الانتصار في الحرب، لا بل العمل على سحقها في النهاية. وهناك من الوسائل الإعلامية من قام بنشر أعـداد خاصة حول الذكرى السنوية الأولى للحرب في ثناياها كثير من التجييش على تسعير نيران المعركة وحرمان روسيا حتى من أي اتفاق أو وقف للنار لا ينتهي بها إلا وهي مكسورة الجناح. وفي آخر عدد لمجلة "نيوزويك" الأمريكية الشهيرة الذي جله مخصص لمناسبة مرور عام على هذه الحرب التي روعـت العالم، قـرأت خمسة مقالات طويلة تشيد بالجيش الأوكــراني وصلابته ومرونته، وتتهكم على الجيش الــروسي لتشبثه، حسب زعمها، بتقليد عسكري يعود إلى الحرب العالمية الثانية ويفتقر إلى المبادرة والتعلم من دروس المعارك التي خيضت خلال عام كامل من الحرب. سأترك باب الحكم على العلميات العسكرية ومسارها جانبا، حيث إنني لست محللا عسكريا. وغالبا ما أتجنب التخمين والتكهن بمسار الأحـــداث، لكن إن كانت دراســة التاريخ وقراءته بمنهجية تمنحنا ما قد تكون عليه الأمور في المستقبل، فإننا قد نكتب عن ذكرى مرور ليس عاما على هذه الحرب بل أعواما عديدة. ما لم تقع معجزة، فإن هذه الحرب مكتوب لها الاستمرار ولن تضع أوزارها حتى وقوع ما لا يحمد عقباه، وهو دمار هائل وشامل يغطي قـارة أوروبــا بمجملها، كما حدث في الحرب العالمية الثانية. لم تقع حرب في أوروبا إلا واستمرت أعواما عديدة، ولم تنته إلا بعد أن ثخنت جراح المتحاربين ووقعوا صرعى قتالهم المرير. حتى إن فاز طرف في الحرب في أوروبـا، وهذا ما يدلنا التاريخ عليه، فإن الذي يرفع راية النصر المزعوم لا ترفرف إلا على ركام المدن وجثث الضحايا. كل طرف حاول منذ البداية تجنب حرب طويلة، أي: أرادوهـا حربا خاطفة، لكنهم وقعوا في الفخ ذاته الذي وقع فيه أسلافهم في حروبهم العالمية والمناطقية. الغرب تصور أن حصاره الشامل غير المسبوق على روسيا سيركعها في غضون أشهر، وهذا لم يحدث، ولا أتصور أنه سيحدث. روسيا، بجيشها الجبار، تصورت ومعها كثير في العالم، أن عملياتها العسكرية ستكون خاطفة وتحصل على مرادها في غضون أسابيع وليس شهورا. القارئ النابه لتاريخ الحروب المدمرة في أوروبا لا بد أن يلحظ إشارات قلما يتطرق إليها الإعلام أو يرد ذكرها في الخطاب السياسي المرافق لهذه الحرب. هناك ما هو أبعد بكثير من الذي يطرق مسامعنا وما يسعى الإعلام الغربي إلى غرسه في أدمغتنا في حملة الإقناع وكسب العقول والقلوب. بين روسيا ومن يدور في فلكها في الغرب وبين أوروبا الغربية ومعها أمريكا صراع وخلاف يتجاوز بعده ما نقرأه وما يردنا من مسببات لوقوع هذه الحرب المدمرة واستمرارها. هناك بعد أيديولوجي ومذهبي. الطرفان وإلى اليوم يريان أن الآخر على باطل مذهبيا، والتاريخ شاهد على مذابح وحـروب مذهبية دامت عقودا ودمرت الحرث والنسل. شـدني مقال مترجم قرأته أخـ ا يذكر الغربيين كيف أنهم وجهوا حملة عسكرية كبيرة كانت وجهتها الظاهرة الشرق الأوسط، لكنها هاجمت من يختلف عنهم مذهبا في الفلك الــروسي ووقـع ما وقـع من مذابح ودمــار قد تخفق الكلمات في وصفه. لا يغرنكم التمدن والحضارة والرقي العلمي والتكنولوجي للغرب. تقول العرب عند الامتحان يكرم المـرء أو يهان، والحروب امتحان، والحرب الحالية في أوروبـا وبعد مرور عام عليها، أكبر اختبار يواجهه الغرب بعد الحرب العالمية الثانية. وإن كان لي أن أقوم بتصحيح دفتر الاختبار لهذه الحرب، أقول إن الغرب وأوروبا عموما أماطا اللثام عن دواخلهما ومكنوناتهما. الحرب أظهرت أن الغرب وأوروبا ليسا أكثر عقلانية وتمدنا وتقدما من حيث الفكر وبعد النظر من شعوب العالم الثالث، أو ما يطلق عليها حاليا شعوب جنوب الكرة الأرضية. لا بل قد يكون العالم الثالث أكثر رجاحة عقل عند وقوع صراع مسلح بين شعوبه. لقد أظهرت الحربفي أوروبا أن الغرب على شفا أن يفقد عقله، ونحن نفقد عقلنا عندما نقع في حفرة ثم نتعمد الحفر لكيلا نخرج منها. أي نظرة فاحصة للحرب هذه بعد مضي عام كامل عليها أظنها سترى أن الصراع الحالي هو حتى الموت، وأن كل يوم يمر يزداد عمق الحفرة ويتعسر الخروج منها. توفير بيانات عن الكوارث لإنقاذ الأرواح » 2 من 2 « خلال الصيف الماضي، طلب من مجموعة بيانات التنمية التابعة للبنك الدولي إجراء تقييم سريع للأضرار الناجمة عن الفيضانات في أسام وميجالايا في الهند، وكانت الفيضانات لا تـزال مستمرة. وباستخدام بيانات أجهزة الـرادار وبعض برامج المعالجة السحابية استنادا إلى الكود الذي قمنا بإتاحته للجمهور، استطعنا تحديد حجم المنطقة المتأثرة وعدد الأشخاص المتأثرين في أقل من ساعتين للمساعدة على توجيه الإجراءات السريعة والمناسبة. ويبدأ جانب كبير من هذا العمل بالاستثمار فيما أسميه "جاهزية البيانات" ـ أي: أنظمة جمع البيانات ونشرها، وحوكمة البيانات، واستخدام البيانات والإلمــام بالقراءة والكتابة والمعرفة، وإعـداد المعلومات الأساسية قبل وقوع الكوارث. ولتمكين جاهزية البيانات على نطاق أوسع، نحتاج إلى بناء أنظمة تعاونية جديدة من أجل الابتكار، فضلا عن توحيد الجهود للاستثمار في قدرات البيانات وأنظمة البيانات في الـدول حتى يمكنها توقع الكوارث والتصدي لها على نحو أفضل. وثالثا من الــروري أن تكون جهودنا بشأن جمع بيانات الكوارث مستندة إلى تحقيق القيمة والإنصاف وبناء الثقة، وفي الوقت الذي نستكشف فيه كيف يمكننا استخدام مصادر البيانات الجديدة من خـ ل شراكــات جماعية للتخفيف من حدة الكوارث وحماية الفئات الأكثر ضعفا بيننا، يجب أن نكون على دراية تامة بالحاجة إلى حوكمة قوية للبيانات وضمانات ضد إسـاءة استخدام هذه البيانات. ولا يمكن بناء أنظمة فاعلة للحد من الكوارث استنادا إلى توافر البيانات إلا عندما تستطيع الدول استخدام البيانات العامة المتاحة للجمهور والبيانات من الشركات الخاصة وإعادة استخدامها، والاستفادة من أوجه تضافر الجهود لإيجاد قيمة أكبر. وعلينا أيضا ضمان استفادة كل شخص وكل بلد على قدم المساواة من البيانات. كما أن بناء الثقة في سلامة نظام البيانات بتوخي اليقظة والحرص على مواجهة الأضرار المحتملة، بما في ذلك الجرائم الإلكترونية والتمييز، أمر لا يقل أهمية عن ذلك. وفي الأساس، علينا العمل على تحقيق ما ورد ، البيانات 2021 في تقرير عن التنمية في العالم من أجل حياة أفضل حيث يدعو هذا التقرير إلى "عقد اجتماعي جديد بشأن البيانات" يسترشد بمبادئ القيمة والإنصاف والثقة. ونظرا إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزيد من معدلات تواتر وشدة الكوارث الطبيعية، علينا أن نكون أفضل استعدادا وتأهبا من أي وقت مضى لإنقاذ الأرواح وسبل كسب العيش، ولا سيما في الـدول الأقل دخلا. ويتطلب هذا التحدي غير العادي استجابة استثنائية وجماعية. ومع البيانات الصحيحة، يمكننا المضيفي الطريق الصحيح. » 2 من 1 اليابان والحتمية الاستراتيجية « في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أعلن فوميو كيشيدا رئيس الوزراء الياباني توسع القوة العسكرية الأكـ طموحا في اليابان منذ إنشاء قوات الدفاع عن الذات في . سيرتفع الإنفاق الدفاعي الياباني 1954 البلاد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي 2 إلى ـ 1976 ـ ضعف المستوى الـذي ساد منذ وترسم استراتيجية الأمن القومي الجديدة كـل الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية التي ستستخدمها اليابان لحماية نفسها في الأعوام المقبلة. الأمر اللافت للنظر خصوصا هو أن اليابان ستحصل على نوع من الصواريخ بعيدة المدى قد وعدت بالتخلي عنها من قبل، وستعمل مـع الــولايــات المتحدة على تعزيز الدفاعات الساحلية حول "سلسلة الجزر الأولى" قبالة سواحل الصين. في الشهر المـاضيفي واشنطن، بعد الجولة الدبلوماسية التي قام بها كيشيدا عبر عديد من دول مجموعة السبع، تعهد هو والرئيس الأمريكي جو بايدن بتعزيز أواصر التعاون الدفاعي. بين العوامل التي عجلت بهذه التغييرات زيادة عدوانية الصين ضد تايوان، وخصوصا حرب روسيا وأوكرانيا، التي ذكرت جيلا جديدا بطبيعة العدوان العسكري. بطبيعة الحال، يخشىبعضجيران اليابان من أنها قد تعود إلى موقفها العسكري الذي . عندما 20 كانت عليه في ثلاثينيات القرن الـ عمل سلف كيشيدا، الراحل آبي شينزو، على توسيع التفسير الدستوري للدفاع عن الذات ليشمل المهام الجماعية مع حلفاء اليابان، تسبب ذلك في تأجيج المخاوف داخل المنطقة وبين بعض شرائح المجتمع الياباني. لكن مثل هذا الجزع يمكن الحد منه عن طريقشرح الخلفية الدرامية الكاملة. بعد الحرب العالمية الثانية، ساءت سمعة النزعة العسكرية بشدة داخل اليابان، وليس فقط لأن الدستور الذي فرضته الولايات المتحدة قضى بأن يكون دور المؤسسة العسكرية اليابانية مقتصرا على الدفاع عن الـذات. أثناء فترة الحرب الباردة، كان أمن اليابان يعتمد على التعاون مع الولايات المتحدة. وعندما انتهت الحرب الباردة في تسعينيات ، عد بعض المحللين في كل من 20 القرن الـ البلدين المعاهدة الأمنية الثنائية التي كانت من بقايا الماضي، وجرى 1952 سارية منذ إنشاء لجنة يابانية لدراسة ما إذا كان بمقدور اليابان الاستغناء عنها، من خلال الاعتماد على الأمـم المتحدة، على سبيل المثال، بدلا منها. لكن نهاية الحرب الباردة لم تكن تعني أن اليابان لم تعد تعيش في منطقة خطرة. فجارتها الأقرب إليها كوريا الشمالية، التي يحكمها نظام ديكتاتوري لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، واستثمر موارد البلاد الاقتصادية الشحيحة على نحو مستمر في التكنولوجيا النووية والصاروخية. المـصـدر الأكــ والأطـــول أمــدا للقلق هو صعود الصين، التي تجاوزت اليابان باعتبارها الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد ، وتنازع سيطرة اليابان 2010 في العالم في على جزر سينكاكو في بحر الصين الشرقي. وفي الشمال، نجد روسيا المسلحة نوويا التي تطالب بـأراض تسيطر عليها بالفعل . وعلى الجبهة 1945 كانت تابعة لليابان قبل الاقتصادية، تظل اليابان معتمدة على واردات تنتقل عبر مناطق متنازع عليها مثل بحر الصين الجنوبي. هذا مصدر دائم للخطر، لأن منطقة شرق آسيا، على النقيض من أوروبا بعد، لم تستفد قط من المصالحة الكاملة بين المتخاصمين أو المؤسسات الإقليمية القوية الراسخة.. يتبع. خاص بـ«الاقتصادية» .2023 ، بروجيكت سنديكيت نهاية الحرب الباردة لم تكن تعني أن اليابان لم تعد تعيش في منطقة خطرة. فجارتها الأقرب إليها كوريا الشمالية، التي يحكمها نظام ديكتاتوري لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، واستثمر موارد البلاد الاقتصادية الشحيحة على نحو مستمر في التكنولوجيا النووية والصاروخية. NO.10728 ، العدد 2023 فبراير 24 هـ، الموافق 1444 شعبان 4 الجمعة 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مديرا التحرير علي المقبلي أحمد العبكي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se جوزيفس. ناي الابن * أستاذ في جامعة هارفارد، ومساعد وزير الدفاع الأمريكي سابقا هايشان فو * كبير الإحصائيينفي البنك الدولي ومدير مجموعة بيانات التنمية
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=