aleqt: 22-02-2023 (10726)

تخلد المملكة العربية السعودية اليوم، ذكرى تأسيس الأركان الأولى للدولة، قبل ثلاثة قـرون، على يد الإمـام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن. ذكرى الحاضر كانت لحظة المـاضي المفصلية، فقد دشنت ولادة الدولة السعودية صاحبة السلطة والسيادة، مرحلة جديدة في شبه الجزيرة العربية، قوامها نشر الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة برمتها. مناسبة مشرقة في التاريخ العريق للمملكة، بل هي البداية واللبنة الأولى لـدولـة رابـط قادتها، جيلا بعد جيل بعزم وإصرار، من أجل صناعة أمجاد دولـــة قـويـة رائــــدة، فرضت نفسها في معادلة السياسية والاقـتـصـاد محليا وإقليميا ودوليا. فالمملكة بفضل إرادة وعزيمة القيادة، من لحظة ) حتى عهد 1727( التأسيس ،)2015( الرؤية النهضوية صنعت مكانتها كقوة دولية تستشار ويطلب رأيها في كل الملفات والقضايا في المنطقة. في الاحــتــفــاء بـيـوم التأسيس، تحكي المملكة للداخل والخارج قصة تمتد عـ مــدار ثلاثة قـرون، والقادم أفضل بإذن الله، كما تشكل المناسبة فرصة لإنعاش ذاكــرة الشباب السعودي بالتضحيات الجسام، عبر التاريخ، للأجداد والآباء من أجل الوطن، وتذكير بمدى رسوخ وثبات نظام الحكم في البلد، بإظهار أواصر العلاقة المتينة بين القيادة وعموم أبناء الوطن في مختلف العصور والحقب والمحطات النضالية دفاعا عن أحواز الدولة السعودية. إذا كان الاحتفال باليوم الوطني في أيلول (سبتمبر)، الذي يؤرخ لملحمة 23 توحيد الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، للبلاد قبل زهاء تسعة عقود من الزمن، فإن يوم التأسيس يمثل ذكرى أقدم وأعــرق عن بناء الـدولـة. بهذا تكون المناسبتان تكامليتين تعبران عن جوهر السعودية الحديثة، فــالأولى تمثل ذكرى تأسيس وميلاد الدولة، ونشأة الأمة السعودية. فيما ترمز الثانية إلى لحظة اكتمال صرح الدولة، بتحقيق الوحدة ولم الشمل، وما تلاه من رحلة البناء والتشييد إلى أن دخلت نادي الكبار في العالم. 20 الـ تكامل وتناغم تكشف عنه الهوية البصرية، بشعار "يوم بدينا"، المختارة للدلالة عـن الـحـدث، فوسط الرمز رجل يجمل راية في إشارة إلى أمجاد وبطولات الرجل السعودي، محاط بأربعة رمـوز اختيرت بعناية فائقة، لتجسيد مقومات الأصالة والتاريخ والهوية السعودية. فالتمر دلالة على النماء والحياة والكرم، والمجلستعبير عن الوحدة والانسجام الاجتماعي والثقافي، والخيل دليل على البطولة والشجاعة والشهامة، وأخيرا السوقفي إشارة إلى النشاط الاقتصادي والتجاري للمملكة عبر التاريخ. عناية قيادة المملكة بالمستقبل لم يبعد عن ناظريها إعـادة الاعتبار لوقائع وأمجاد التاريخ، بالانتصار للوطن وذاكـرة المجتمع السعودي، ففي قرار القيادة الاحتفال بذكرى يوم شباط (فبراير) من 22 التأسيس، في كل عام، أكثر من رسالة مباشرة إلى الداخل والخارج، مفادها أن عمر هذه المملكة المجيدة يعد بالقرون وليس بالأعوام، كما تتداول سرديات اختزالية منحازة. فالسعودية ليست دولة طارئة على التاريخ ولا على الجغرافيا، بل دولة عريقة ضاربة الأطنابفي التاريخ، وما حديث كتب التاريخ عن محطات تأسيسية في مسار الدولة السعودية سوى دليل قاطع على ذلك، فحقيقة الحقب الثلاث لن تستقيم في دولة عمرها بالأعوام. مـن شـأن هـذه الـذكـرى الجديدة المحتفى بها أن تفتح أعين الأجيال الصاعدة على صفحات مشرقة من تاريخ ومسيرة الدولة، وتزيد في تعزيز قيم الوطنية والإحـسـاس بالانتماء والشعور بالهوية السعودية بين أبناء وبنات الوطن. وقبل ذلك كله، تمثل رؤيـة من رؤى القيادة الثاقبة بشأن المستقبل، فتحفيز الهمم وحشد السواعد لبناء مستقبل ساطع، تكون استنادا إلى سرديات وشواهد التاريخ التي توقظ الـ ارة في النفوس، فلا ترضى بديلا دون النجوم، اقتفاء لأثر الأجـــداد وخطى الأســـ ف... وذكـرى تأسيس مجيدة للمملكة قيادة وشعبا. عناية قيادة المملكة بالمستقبل لم يبعد عن ناظريها إعادة الاعتبار لوقائع وأمجاد التاريخ بالانتصار للوطن وذاكرة المجتمع السعودي من الرباط محمد طيفوري رسوخ وتأثير .. من «يوم بدينا» وحتى عهد الرؤية النهضوية قوة دولية تستشار ويطلب رأيها في كل الملفات والقضايا حقائق تاريخية عديدة تقودنا في مجملها إلى حقيقة واحــدة قوامها تبلور فكرة الدولة السعودية تاريخيا قبل قرون عدة سبقت ظهور المفهوم نفسه، ما يدل على أصالة سياسية متجذرة، فضلا عن الأصالة المجتمعية والدينية السابقة والعميقة لجزيرة العرب. ثلاثة قرون هي العمر الحقيقي للدولة السعودية بمراحلها الثلاث، ولهمة سعودية تماثل جبال طويق، كما يصفها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فعند دراســـة ظـاهـرة مدينة الدرعية، التي أسسها مانع المريدي، الميلادي 15 في منتصف القرن الـ ومـا نتج بعد ذلـك، يتبين 1446 لنا من معطيات عـدة أنـه أسس الدرعية، لتكون المدينة الدولة القابلة للتوسع مع الأيــام، فيما نستشف من مواقف أمراء الدرعية منذ الأمير مانع، أن هناك دستورا عائليا للحكم ركز على فكرة الدولة، والعنصر العربي، وهذا ما جعل هذه المدينة لا تقوم على عصبية قبلية، وإنما على أساس دولة عربية. المتأمل في الموقع الجغرافي لمدينة الدرعية يتضح له موقع استراتيجي لعاصمة دولـة كبرى، فمن أبرز مقومات ذلك وقوعها على أحد أهم الأوديـة في نجد، وهو "وادي حنيفة"، عدا أنها تقع في أحد أهم الطرق التجارية القديمة، ذلك الطريق الـذي تعد الدرعية في قلبه. لأنـــه لا يمـكـن الـحـديـث عن التأسيسدون الحديث عن المؤسس ودوره القيادي والمحوري، لا بد أن يذكر الإمـام محمد بن سعود الذي نشأ 1679 بن مقرن المولود وترعرع في الدرعية، واستفاد من التجربة، التي خاضها فيشبابه حين عمل إلى جانب والـده في ترتيب أوضــاع الإمـــارة، ما أعطاه إلماما ومعرفة تامة بكل التفاصيل. قيل من سخاء الإمام محمد بن سعود إن الرجل كان يأتيه من الدول يطلب منه شيئا كثيرا لوفاء دين عليه، فـإذا عرف أنه محق أعطاه إياه، حتى إنه في أحد الأعوام وفد عليه رجـل من أهـل بريدة اسمه ناصر بن إبراهيم، وكان تاجرا، لكنه أفلس، حيث كان يشتغل ببعض أمـوال الناس فصرفها في مهمات نفسه، وكان الذي عليه أربعة آلاف ذهبا، فلما وصـل الدرعية أبدى الأمـر لمحمد بن سعود، فأعطاه أربعة آلاف ذهبا. فقال له أولاده: "أتعطي رجلا لا تعرفه إلا بالاسم هذا المبلغ؟ فقال: نعم. يا أولادي، الدنيا إنما جعلت لكرامة بني آدم، فالخير منهم ذو الـ ف إذا ذل ينبغي إعانته بما يمكن لئلا يزدريه السفلة، ونـاصر بن إبراهيم قد سمعتم به أنه رجل كان ذا مال وشرف، وقد اضطره الزمان، فعلى الناس الكرام إبداء الخير لمثله". وهــذه ليست إلا مأثرة من عدة مآثر تناقلها الرواة عن كرم وحكمة 1765 الإمام الذي وافته المنية عام عاما من القيادة والتأسيس. 40 بعد ورغـم توسط الدرعية جزيرة العرب وانعزالها نسبيا عن الحواضر المحيطة إلا أنـهـا لم تــكــن بمنأى عن طرق التجارة والحج، بل في عمقها، مـا جعلها محط أنظار وترحال باستمرار، الـذي انعكس بـدوره على طبيعة شعبها وعلاقتهم بالآخر اقتصاديا واجتماعيا. فهناك من العابرين المـعـروفـ بعلمهم وفضلهم وتجارتهم من قرر البقاء والاستقرار حتى تلاقت الأعـــراق والمـعـارف لتقدم مزيجا شعبيا متميزا ومترابطا تحت قـــــيـــــادة راسـخـة تـتـوق لخير شعبها يتصفون بصفات العرب النبيلة، الكرم والمروءة والشجاعة والوفاء والحلم. أرض توسعت وشعب وقـادة التأموا جميعا على المحبة والعمل والإنـجـاز منذ ثلاثة قــرون حتى الـيـوم ليصنعوا دولـــة رؤيتها واضحة وأهدافها محددة، بينما طموحها عنان السماء. دولة راسخة في حضورها الاجتماعي الحضاري والسياسي القيادي وصــولا إلى حضورها الاقتصادي بوصفها ضمن الأقـوى عالميا، قصة نجاح 20 الــ لم تكن لولا النظرة الثاقبة لقادتها والثقة المتبادلة بينها وبين الشعب على مر الأجيال. أسس مانع المريدي مدينة الدرعية لتكون قابلة للتوسع مع الأيام الدولة السعودية .. أصالة متجذرة سياسيا ودينيا ومجتمعيا من الرياض «الاقتصادية» دولة راسخة في حضورها الاجتماعي الحضاري والسياسي وصولا إلى حضورها الاقتصادي قصة نجاح لم تكن لولا النظرة الثاقبة لقادتها والثقة المتبادلة بينها وبين الشعب على مر الأجيال رغم انعزال الدرعية نسبيا عن الحواضر المحيطة إلا أنها لم تكن بمنأى عن طرق التجارة والحج لم تقم الدرعية على عصبية قبلية وإنما على أساس دولة عربية. NO.10726 ، العدد 2023 فبراير 22 هـ، الموافق 1444 شعبان 2 الأربعاء 6

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=