aleqt: 22-02-2023 (10726)
تعد الدولة القومية من ثمرات نظام )، وتفيد في دلالتها 1648( وستفاليا توافق وانسجام السياسي مع الثقافي والإثني في رقعة جغرافية معينة، ما يوجد لدى هذه القومية أو تلك شعورا بالانتماء المشترك إلى كيان الدولة/ الأمة. رغبةفيتذكية هذا الحس الواقعي تارة والمتخيل تارة أخرى، تولدت في الوعي الجمعي فكرة الاحتفاء بالمناسبات الوطنية والأحــداث القومية، للزيادة من قوة ومتانة هذه الرابطة، فجاءت متنوعة حسب السياقات، ما بين الأعياد (الوطني، الجمهورية، الاستقلال...) والأيام (التحرير، الدستور...). ويحدث أحيانا، أن تضطر قوميات إلى صناعة هذا الانتماء، ولو بشكل قسري، باختراع – واللفظ هنا للمؤرخ البريطاني إريك هوبزباوم – مناسبات وأحداث وتقاليد وطقوس، ذات طبيعة رمزية أو شعائرية أو احتفالية، من شأنها أن تساعد على تأسيس هـذا الانتماء المشترك بين أبناء الدولة الواحدة، من قبيل فكرة النشيد القومي والعلم الوطني.. حتى قيل إن جل دول أوروبا شهدت، في الربع الأخــر من القرن ، إنتاجا للتقاليد بالجملة، لكونها 19 الـ عناصر جوهرية في تشكيل الهوية القومية الجامعة للقطر. إذا كانت الـــدول، واستدراكا على أسلوب الحديد والـنـار التي أنتجت القومية في أوروبـــا، تبتكر الأحـداث والوقائع بحثا عن صناعة انتماء، يعبد الطريق نحو تأسيس هوية جماعية مشتركة بـ أبـنـاء هــذا الإقليم أو ذاك. فكيف الأمـر بالنسبة لـدول ذات تاريخ مجيد وحافل، بسرديات ملحمية وبـطـولات تاريخية حبلى بـالـدلالات والرمزيات، التي تجعل أبناء وبنات الوطن فخورين بأنفسهم من خلال استعادة تاريخ آبائهم وأجدادهم، الذي يؤكد أصالة الهوية وصدق الانتماء وعراقة الأصـل، بالكشف عن الجذور الراسخة والممتدة للدولة والأمة. قرار قيادة المملكة العربية السعودية الاحتفاء بيوم التأسيس، الذي شباط (فبراير)، 22 يصاف الذي يؤرخ لحظة فارقة في تاريخ البلاد، بإعادة ضبط بوصلة التاريخ على الحقائق لا التزوير والمغالطات، معلنا أن أصول الدولة السعودية، وعلى عكس ما يتداول عقب إعلان 20 بربط ميلادها بالقرن الـ الملك عبدالعزيز آل سعود ميلاد الدولة الحديثة، فالنشأة الأولى للدولة تمتد عام، وبالتحديد مع 300 إلى أكثر من تولي الأمي محمد بن سعود الحكم في .1727 ) شباط (فبراير 22 الدرعية، بتاريخ بذلك تكون الدولة السعودية في نشأتها، قرينة تأسيس المملكة المتحدة ، أخــذا في الحسبان الاتحاد 1707 السياسي بين مملكتي إنجلترا واسكتلندا في مملكة موحدة اتخذت اسم مملكة بريطانيا العظمى. وأقدم بعقود زمنية من عدد كبي من الدول، مثل الولايات 13 المتحدة التي أصـدرت ولاياتها الـ وثيقة التأسيس والاستقلال بعد نحو نصف قرن من قيام المملكة العربية تمـوز (يوليو) عام 4 السعودية، في ، وفرنسا التي لم تعلن قيام 1776 ، أي بعد 1789 الجمهورية الفرنسية إلا ستة عقود من ولادة الدولة السعودية. مقارنة قد تبدو لكثيين اختزالية وانتقائية في التعاطي مـع أحــداث التاريخ، فلدى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا امتداد سابق للحظة ميلاد الدولة الحديثة أو نشأة الأمة القومية. تظل هـذه الحجة صحيحة ومنطقية إلى أبعد حد، فذكرى التأسيس قرينة الكلام عن ولادة الدولة القومية بالمعنى الحديث للمفهوم، أما قبل ذاك التاريخ فلدى كل هـذه الأقـــوام من إفرنجة وإنجليز وأمريكان، وغيهم سي خاصة بهم، كما لدى السعوديين بدورهم سيتهم البطولية. تكشف المراجع التاريخية أن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن من سلالة حكام إمارة الدرعية الضاربة في التاريخ، التي تعاقب عليها، منذ القرن التاسع الهجري، عاما، أبناء الأمي مانع بن 280 وخلال أكثر ربيعة المريدي الحنفي، وصولا إلى الأمي المؤسس الذي عمل على بناء الدعائم الأولى للدولة بمقوماتها الحديثة. وذلك بتحقيق الوحدة وإقامة العمران وضمان الاستقرار وتنظيم الاقتصاد وتأمين التجارة وغي ذلك من المهام التي تنهض بها الدول المعاصرة اليوم. استطاع مؤسس الدولة السعودية صيانة إمـــارة الـدرعـيـة مـن الفوضى السياسية السائدة في منطقة الجزيرة العربية، ونجح في تأسيس كيان سياسي نـاجـح، سـارعـت القبائل والإمـــارات المتحاربة في المنطقة إلى الالتحاق به، نتيجة ما وفرته الدولة السعودية الجديدة من أمـن واستقرار وازدهــار للمنطقة برمتها. فالعدل والقانون - أي توفي الأمن وحماية الإنسان - كانا الغاية والهدف من وراء التأسيس، ولا سيما أنها تقع في موقع جغرافي في مفترق طرق تجارية ما بين شمال وجنوب الجزيرة، وليست الدعوة الدينية كما يشاع، باعتبار أن التمسك بالإسلام كان منتشرا وسط القبائل في شبه الجزيرة العربية قبل تأسيس الدولة السعودية. قرار المملكة تخليد يوم التأسيس هو اعتزاز بهذه الصفحات الملهمة من الدولة السعودية في نشأتها قرينة تأسيس وأقدم بعقود 1707 المملكة المتحدة عام زمنية من عدد كبير من الدول مثل الولايات المتحدة استطاع مؤسس الدولة السعودية صيانة إمارة الدرعية من الفوضى السياسية السائدة في منطقة الجزيرة العربية ونجح في تأسيس كيان سياسي ناجح عبر توفير الأمن وحماية الإنسان العدل والقانون .. الغاية والهدف من وراء التأسيس محمد طيفوري من الرباط تاريخ مجيد لجيل الآباء المؤسسين، ومن تلاهم من أراعيل قادة تفانوا في خدمة الأمــة والــوطــن، حتى أضحت فترات حكمهم المتعاقبة لبنات راسخة في بناء دولـة قوية وازنة إقليميا ودوليا. وتشييد صرح المملكة العربية السعودية، بعمق تاريخي وحضاري وإنساني، حيث تتكشف عرى التلاحم المتين بين القيادة والشعب على امتداد الحقب والـعـصـور، فأضحى الأمــر قصة منقوشة في بطن الذاكرة الوطنية السعودية، تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، فهي مصدر عز وافتخار لأبناء وبنات الوطن داخل وخارج البلد. مع حفظ تاريخ الآباء المؤسسين واستذكاره نفتح الباب على مصراعيه لحفظ القيم. كما أن هناك من يبحث عن الحكم من أجل الحكم ذاته، وما تجلبه السلطة من نشوة السيطرة. هناكفي المقابل أيضا من يضحي ويخاطر بنفسه وماله من أجل إشاعة الأمن والاستقرار وتمكين قيم العدالة والقانون والمساواة بين أفراد المجتمع. وهـؤلاء هم من منّ الله بهم على هذه الأرض الطيبة كآباء مؤسسين منذ ثلاثة قـرون. كما يقر بذلك عديد من المؤرخين والباحثين حول فكرة تأسيس المدينة - الدولة (الدرعية) على يد مانع المريدي، الممتدة على ضفاف وادي حنيفة بشكل متعرج، ليطلق عليها اسم العوجا، الذي منه استمد أهلها نخوتهم المعروفة "حنا هل العوجا" المرتبطة بالمكان وليس القبيلة تأكيدا على إشاعة المدنية والتآخي بين جميع أفراد المدينة - الدولة آنذاك. إدراك سابق لمحيطه شهدته الدرعية طريق وملتقى عديد من الحضارات والثقافات بضرورة البناء والتعايش المشترك والانفتاح على الآخر بغض النظر عن هويته العرقية أو الثقافية. وهي القيم ذاتها التي استمد منها مؤسسو الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، الإمام محمد بن سعود والإمام تركي بن عبدالله والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، سياساتهم وصولا إلى عهد زاهر تعيشه اليوم المملكة العربية السعودية؛ متوج برؤية واضحة المعالم والأهداف والمنجزات. تاريخ عريقضارب بجذوره أعماق الحضارة الإنسانية لا يزال فيه كثي من قصص نجاح الأجداد والآباء وبطولاتهم وتضحياتهم التي يجب أن تروى وتدرس لما تحمله من إلهام وتحفيز تحتاجه رؤية اليوم وأبناؤها المخلصون الطامحون لما هو أفضل وأجمل لبلدهمفي ظل قيادة حكيمة ورشيدة. فهناك دراسات كثية تشي إلى أن البلاد التي تسود فيها القيم تكون أكثر نضجا، وفهما للحياة، إضافة إلى أنها مجتمعات مبدعة في حياتها أوصلتها إلى نجاح عظيم، فالقيم هي التي تبني الأمة أو تهدمها، كما أن التفكي القيمي الأخلاقي هو الذي يدفع الإنسان إلى السمو، والرفعة باستمرار وإلى الأفضل. ويبقى أنه مع حفظ تاريخ الآباء المؤسسين كقدوات حسنة واستذكاره في مثل هذه المناسبات الغالية على الوطن والمواطن فإننا نفتح الباب على مصراعيه لحفظ القيم التي تميز مجتمعنا واستثمارها وتنميتها عاما بعد آخر وجيلا إثر جيل. إدراك حضاري سابق لمحيطه شهدته الدرعية ملتقى عديد من الثقافات قيم الآباء المؤسسين .. وقود الإنجاز وشعلة الرؤية السعودية من الرياض تركي التركي NO.10726 ، العدد 2023 فبراير 22 هـ، الموافق 1444 شعبان 2 الأربعاء 3
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=