aleqt (10574) 2022/09/23

مجلس الشورى المفتوح قـــد يــتــحــدث الـــنـــاس عن الديمقراطية الغربية دون وعي بمـبـادئ الـشـورى الإسـامـيـة أو استحضار لتاريخنا الوطني الذي يشهد بما يفوق تلك الديمقراطية، وقد تبنى الملك عبدالعزيز سياسة الباب المفتوح والمجالسالمفتوحة للتواصل المـبـاشر بـن الـراعـي والرعية، وهو نهج إسلمي مأثور، فمجالسه الخاصة والعامة تعقد يوميا، ومن يريد مقابلته لا يمنع عنه أبـدا، وهو ملتزم بمواعيده لاستقبالهم التزاما دقيقا لدرجة أن موظفي ديوانه يضبطون ساعاتهم على حضوره هذه المجالس. بل إن أمر هذا الاتصال المباشر تـعـدى المـجـالـس والــلــقــاءات والزيارات إلى درجة الإعلن وتوزيع البلغات للمواطني بوجوب رفع شكاواهم ومظالمهم مباشرة إلى الملك ضد أي كائن كان وتحذير الموظفي من محاولة التأثير في مسار الشكوى، حيث جاء في أحد التعاميم: "على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلما وقع عليه أن يتقدم إلينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف في البريد أو البرق أن يتقبل الشكوى من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي وأحفادي وأهل بيتي، وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحـد الرعية عن تقديم شكواه مهما كانت قيمتها أو حاول التأثير عليه ليخفف لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب، لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد أو عدم نجدة مظلوم أو استخلص حق مظلوم. ألا قد بلغت اللهم فاشهد". وكـان الملك عبدالعزيز بسيطا في عاداته ومجالسه، بعيدا عن البروتوكولات المتكلفة، صريحا في سياسة حكومته. وكان في استطاعة أي فرد من رعاياه أن يتحدث معه ويصارحه برأيه لا يحول دون ذلك حجاب، كما أن قـراراتـه عموما لا تصدر إلا بعد استشارة وتبصر مع أركان الدولة ومستشاريها المكلفي ومع الخبراء والمختصي، إلا أنه كان حريصا على تطبيق مبدأ الشورى خصوصا في إدارة شـؤون الدولة المهمة وفيمعالجة القضايا الكبيرة، لأنه يرى أن رأي الجماعة أفضل من رأي الفرد، وكانت له أساليب مختلفة في تطبيق هـذا المبدأ واشــراك المواطني فيه، فإما أن يتم ذلك عن طريق اجتماع يدعو إليه من يرى من الأعيان وإما عن طريق اجتماع سنوي بمن يفد إليه منهم أو بواسطة المجلس العام اليومي الــذي لا يحصر النظر فيه على مسألة معينة أو عن طريق اجتماع خاص يحضره عدد محدود. على أن هناك -كما يشير إبراهيم العتيبي وغيره من المصادر- تجمعا سنويا في الرياض هو بمنزلة مجلس عام يحضره الأعيان ورؤساء العشائر وأمــراء الهجر من جميع أنحاء المملكة لمقابلة الملك وأخذ أعطياتهم السنوية، ويعد هذا التجمع أحد المحافل والمنتديات الإدارية والسياسية التي يتبارى فيه المجتمعون بإبداء آرائهم ويعرضون مطالبهم على الملك ويأخذون منه التوجيه. وشبيه بذلك تلك الجلسات اليومية العامة التي يعقدها الملك، وهي تمثل مجلسا عاما يوميا، لأنها عبارة عن ندوات إدارية يعالج فيها الحاضرون أمورهم وشؤونهم ثم يعرضونها على الملك، ومن خلل طـرح تلك الآراء يستشف الملك رغبات واهتمامات أبناء وطنه. وهـكـذا نـرى أن هـذا الاتصال المباشر للملك عبدالعزيز بأفراد شعبه -كما يشير العواجي والتويم في دراستهما عن الإدارة المحلية في عهده- إضافة إلى توثيقه الصلة بـن الحاكم والمـحـكـوم، ساعد الملك عبدالعزيز على توسيع قاعدة المشاركة الشعبية عموما، كما استفاد منه كأداة فاعلة للرقابة الشعبية على المسؤولي والموظفي، إضافة إلى أنه أتاح الفرصة للنخب للمشاركة في طرح الآراء والأفكار، وشكل هذا الاتصال قنوات أساسية لمدخلت النظام السياسي والاجتماعي، حيث كـان وسيلة للتعرف على مطالب المجتمع واحتياجاته، كما كان له أثر فاعل في تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن الناس. أمـا إذا حدثت حادثة خطيرة أو مسألة تتتب عليها مسؤوليات كـ ى، فحينئذ تعقد المؤتمرات الـكـ ى الـتـي يطلق عليها عـادة مسمى "الجمعية العمومية"، وتأتيها الوفود من أطراف المملكة للتباحث والمناقشة حولها مع الملك عبدالعزيز مباشرة، واتخاذ القرارات التي تصب في المصلحة العامة، ويسعى الملك إلى تنفيذها بحرص واهتمام. المؤتمرات الوطنية - الجمعيات العمومية تشير المصادر الرسمية إلى أن الملك عبدالعزيز اعتاد منذ أن تولى الحكمعلى أن يدعو أهل الحل والعقد من شعبه لعقد جمعية عمومية تبحث الأمور المهمة والمشكلت العظيمة، وتطلع على الرأي العام فيما يجب عمله للبلد والعباد، وذلك تبعا لكتاب الله وسنة رسوله وجريا على قاعدة السلف الصالح. وهـذه الجمعيات تشبه المجالس النيابية التي تعقد في البلد الأخرى من حيث الغاية والنتيجة وإن كانت تختلف عنها في شكلها، بيد أن الطريقة التي سار عليها جللة الملكفي الدعوة كانت أجدى وأضمن لمصالح البلد من حيث نتائجها، لأن مقرراتها لا تؤخذ بالآراء كما هو جار في المجالس الأخـــرى، إنمـا تقوم مقرراتها على الحجج والبراهي. مؤتمرات الملك عبدالعزيز .. ذاكرة الديمقراطية السعودية سياسة الباب المفتوح والمجالس للتواصل المباشر بين الراعي والرعية ما زال في سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وتاريخ المملكة، جوانب مشرقة لم تسلط عليها الأضواء، ولم يهتم بها الباحثون، ولم تتركز عليها الدراسات رغم أهميتها الوطنية لارتباطها بالتاريخ السعودي الحديث ودلالتها على ملمح العبقرية السياسية الفذة لمؤسس المملكة وموحد أطرافها، بل صقر الجزيرة العربية وأكبر زعيم عربي ، خاصة 20 مسلم ظهر في القرن الـ أن في سيرته أولويات تاريخية نادرة لا يصح تجاهلها، ومنها ما سنتناوله في هذه الإضمامة التي هي في الحقيقة ملخص لكتاب سينشر قريبا تحت عنوان "المؤتمرات الوطنية في عهد الملك عبدالعزيز"، وننشرها في ذكرى اليوم الوطني المجيد لبعث صفحات التاريخ الغائبة عن ذاكرة الأجيال وإحياء معلومات ظلت حبيسة الوثائق وحق لها أن تطلق لتحلق بأمجاد الوطن وإنجازات القيادة وولاء الشعب في كل مكان وزمان. قاسم الرويس إعداد: باحث ومؤرخ كان الملك عبدالعزيز بسيطا في عاداته ومجالسه بعيدا عن البروتوكولات المتكلفة. اعتاد الملك عبدالعزيز أن يدعو أهل الحل والعقد لعقد جمعية عمومية تبحث الأمور المهمة والمشكلات العظيمة. 3 .10574 ، العدد 2022 سبتمبر 23 هـ، الموافق 1444 صفر 27 الجمعة إصدارات

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=