aleqt (10574) 2022/09/23

يجود التاريخ بلحظات استثنائية عــى الأمــم والـــشـــعـــوب، تمـتـزج فـيـهـا عــنــاصر ذات ـي ـة "قيادة الدولة، تركيبة الــســكــان، النسيج الاجتماعي ..." بعوامل مـوضـوعـيـة "مـوقـع جـيـوسـراتـيـجـي، إكراهات طبيعية، معطيات إقليمية ..."، وقـبـل ذلك كله وبعده الوعي والإرادة، أي: النباهة في اقتناص الفرصة، فما أكثر الـفـرض الضائعة في سير الشعوب وتـــاريـــخ الــــدول. أضف إلى ذلك شرط القدرة عل التعبئة والحشد، حتى يذوب الجميع من أجـل تحدي تحقيق الحلم، ويصير الرهان رهان وطن، بصيغة نحن "الأمة" لا بلفظ أنا. يبدو أن المملكة كانتفي موعدها مع التاريخ، بإطلاق قيادة البلاد رؤية التي اجتمع فيها ما تفرق في 2030 غيرها من المشاريع والمخططات عل مستوى التصور والتخطيط والتنفيذ. فإطلالة سريـعـة عل الهندسة الكبرى لمحاور الرؤية، تثبت أن مهندس الرؤية سعى إلى أن تكون عابرة للزمن لا بدلالة روايات وأفلام الخيال العلمي، لكن بحرصها الشديد عل تعزيز الحاضر بإسناد الماضي استعدادا للمستقبل. كـانـت اسـتـعـادة المـــاضي، في مـروع الرؤية السعودية مميزة مـن ناحيتين، إحــداهــ : تعدي التاريخ القصير للمملكة نحو تاريخ موغل في القدم، ما يثبت عراقة أصول الأمة السعودية. فيما الأخرى مرتبطة بالاستعادة في حد ذاتها، فلم تكن بـداعـي التمجيد بقدر ما كانت من أجـل إعــادة الإحياء، بصيغ متناغمة وقوالب منسجمة مع تحديات العصر. تعد مناسبة الـيـوم الوطني للمملكة محطة لاستحضار معارك الآبـاء وتضحيات الأجـداد من أجل بـنـاء الــوطــن، والـتـذكـ بحجم التحديات الداخلية والخارجية التي ظفر المؤسسون برهانها. وتبقى كذلك لحظة مثالية لتجسير الزمن، أي ربط الماضي بالحاضر، بالتأكيد توشك أن تصير في 2030 أن رؤية الأفـق المنظور، فصلا من فصول تأسيس الدولة السعودية الحديثة بالنظر إلى كم الإكراهات التي تحف بها، وسقف الرهانات المرتبطة بها. نجحت قيادة المملكة في حياكة مشوع الرؤية، حتى أضحى بمنزلة وثيقة العقد الاجتماعي الجديد الــذي يربط الـدولـة بالمواطنين، ويتطلع من خلاله السعوديون إلى المستقبل. يوصف مشوع الرؤية بالحلم، وإن كان واقعيا أقرب إلى المغامرة، فرهان انتقال الدولة إلى استاتيجية جديدة بدل استاتيجية الاقتصاد النفطي وحدها، تكفي لإربــاك وخلط أوراق أي قائد أو زعيم سياسيغير محنك، مهما كانت شعبيته في الدولة، فالمخاطرة بقرار بهذا الحجم ينم عن حصافة ونظرة ثاقبة. أمـا وأن يتعزز ذلـك بمشاريع ضخمة، من شأنها إنجازها يشكل علامة فارقة في التاريخ البشي برمته، وليس فقط المملكة العربية السعودية، من قبيل: إقامة مدينة "نـيـوم"، فيما يشبه "قفزة نحو المستقبل"، عل مساحة بحجم دولة بلجيكا، مشوع فريد من نوعه أشبه بتحفة فنية من شأنها تغيير اقتصاد المملكة العربية، بالاعتماد عل أحــدث التقنيات التي يمكن ستحدث ثورة في الحياة اليومية. وكذلك الأمر مع مشوع الدرعية، الــذي يمثل "عــودة إلى المـاضي" لاستلهام مـعـالم أكــ مـروع ثـقـافي في الــعــالم، يـهـدف إلى تطوير التاث... وغيرها من الخطط والمشاريع، فدلالة ذلك أن القيادة مبدعة وملهمة، وقبل ذلك واثقة من قدرات وطاقات أبناء وبنات الوطن. ثقة تفيد التجارب التاريخية أنها ثابت من ثوابت نجاح أي مشوع تغيير أو مخطط تطوير في العالم. وقــد كانت الـقـيـادة واعـيـة بهذا المعطى، وبدا ذلك من خلال حرص مشوع الرؤية عل إبداع حلول من بنات أفكار المواطنين، استنادا إلى البيئة والثقافة والـراث والتجربة ... السعودية، دون الحاجة إلى تقليد الآخرين واستنساخ تجاربهم أو استجدائهم -بشكل شخصي- لاجـــراح حـلـول وبــدائــل للوطن والمواطنين. لذا اتشحت مشاريع التغيير والتحديث في البلد بلمسة سعودية خالصة، قلما تجد لها نظيرا في مكان آخر في العالم. ترقى الأح ـداث أعـ ه، بمعية ما تعيشه المملكة العربية السعودية عل وقعه، في الأعــوام الأخـ ة، إلى مقام تأسيس جديد للدولة. فـ يحدث مرشح أن يصبح في المستقبل القريب محطة في سجل التطور والنهضة، لا يمكن تجاوزها في تاريخ بناء الدولة السعودية. لا سيما مع قيادة شابة طموحة لا تعتف بالمستحيل، فقد جاء جوابها فلسفيا حين سئلت تاريخ الفراغ من تنزيل الرؤية، أي موعد نهاية البناء الجديد للدولة، فكان جوابه "إنني أرى خط النهاية، فهذا الأمر يعني أنني قائد سيئ، فخط النهاية يعد شيئا بعيدا، كل ما عليك القيام به هو الركض، والاستمرار بالركض بسرعة أعل، والمواصلة في إيجاد مزيد من خطوط النهاية، والاستمرار في الركض". هكذا تصنع المملكة إذن ثورة حقيقة مستندة في ذلك إلى ثلاث ركــائــز: عـى رأسـهـا الخصوصية الحضارية بإرثها التاريخي الكبير والمـــتـــنـــوع، وعـمـقـهـا ال ـع ـربي والإســـ مـــي، ومكانتها الدينية الـعـالمـيـة. إلى ج ـان ـب المـوقـع الاستاتيجي المثالي بجغرافية وسط ثلاث قارات، ومساحة شاسعة، أكبر عالميا"، 12" دولةفيالشق الأوسط ومؤهلات طبيعية استثنائية، وموارد البشية فتية ونشيطة إذ العقول والأنامل السعودية من تصنع التغيير للظفر بمعركة التحديث. عـ وة عل القوة الاقتصادية، فهي تنمي عضو في مجموعة العشين الكبار ، وواحدة من أكبر الاقتصادات G20 العالمية. فضلا عن الثقل السياسي للمملكة، خليجيا وعربيا وإسلاميا، فكانت دوما الوجهة المثل بحثا عن حلول لأزمات المنطقة برمتها. تـكـتـب صـفـحـة جـــديـــدة في تاريخ المملكة العربية السعودية بثورة هادئة متكاملة، بعيدا عن الإيديولوجيا الفارغة والجلجلة الصاخبة والشعارات الرنانة. ثورة يتوقع أن تـراخـى آثـارهـا خـارج حدود البلاد، لتشمل منطقة الخليج برمتها، فالقواسم المشتكة بين دول المنطقة عصية عن العد، ما سينعكس عل تطلعات الشعوب دول المجلسورهانات قادتها كذلك. صفحة جديدة تكتب في تاريخ المملكة العربية السعودية عن طريق ثورة هادئة متكاملة بعيدا عن الإيديولوجيا الفارغة والجلجلة الصاخبة والشعارات الرنانة على مستوى التصور والتخطيط والتنفيذ .. اجتمع فيها 2030 رؤية ما تفرق في غيرها من الرباط محمد طيفوري تعيش المملكة العربية السعودية، منذ أعوام على وقع ثورة تحديثية هادئة لا تخطئها عين المراقب الخارجي، قوامها موجة تغيير جذري وتحول عارم، يغشى البلاد طولا وعرضا. فالإجماع منعقد، في الداخل قبل الخارج، على أن المملكة سائرة بعزم وثبات وخطا حثيثة، نحو تشييد دولة سعودية حديثة، قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. 11 .10574 ، العدد 2022 سبتمبر 23 هـ، الموافق 1444 صفر 27 الجمعة إصدارات

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=