aleqt (10504) 2022/07/15

الرأي NO. 10504 ، العدد 2022 يوليو 15 هـ، الموافق 1443 ذو الحجة 16 الجمعة 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدو رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني حسين مطر مدير التحرير علي المقبلي المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com تحول جذري في البيئة الجغرافية - السياسية »3 من 3« في ظل هذا الفضاء المعكر بأجواء الاختلاقات، تمثل الحرب وما تبعها من تجميد منسق وغير مسبوق للاحتياطيات الدولية للبنك المركزي الروسي تطورات جديدة ومهمة. وينبغي توخي الحرصفي مراقبة هذه القوى الباطشة والطاردة وإلا أدت إلى زيادة التفكك الاقتصادي. وتم تصميم قرار تجميد احتياطيات البنك المركزي لتسديد ضربة قوية في قلب "روسيا الحصينة"، أي الحصون الاقتصادية والمالية التي أرستها السلطات الروسية منذ التدخل العسكري الروسي في القرم . وكان من المفترض أن تسهم هذه الذخيرة 2014 في المائة من 37 الضخمة من الاحتياطيات الدولية ـ إجمالي الناتج المحلي الـروسي ـ في حماية روسيا من أي عقوبات مالية. وفي ظل تجميد جزء كبير من الاحتياطيات، أصبحت روسيا في الوقت الحالي تعتمد اعتمادا كبيرا على صادرات الطاقة المستمرة لتمويل عملياتها الحربية ـ وهو ما يمثل موطن ضعف كبيرا. غير أن فرض العقوبات على البنوك المركزية يثير تساؤلات حول جدوى الاحتياطيات الدولية الدولارية في المقام الأول بوجه عام، ولا سيما إذا بدتشروط تقييد استخدامها مجحفة، على الأقل من وجهة نظر الدول المالكة لهذه الاحتياطيات. ويشكل ذلك ما يمكن أن نطلق عليه "معضلة تريفين الجغرافية ـ السياسية"، حيث يمكن أن تؤدي التوقعات بفرض قيود مستقبلية على استخدام الاحتياطيات، بدلا من توقعات عدم كفاية الحيز المالي، إلى التحول بعيدا عن الأصول الدولارية. ومن هذا المنطلق، نجد أن الحرب سلطت الضوء على احتمالات عدم استقرار النظام الاقتصادي العالمي الحالي. وفي هذه البيئة الجديدة، أصبح صندوق النقد الدولي يواجه أسئلة وجودية مهمة. فباعتباره مؤسسة عالمية تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي العالمي، قد تزداد صعوبة العمل في بيئة تتسم بالاستقطاب الجغرافي ـ السياسي. والحل الملائم هو خفض الطموحات والتركيز على الكتلة التي تربطها تحالفات تاريخية مع الدول الأوائل التي وقعت اتفاقية بريتون وودز. غير أن ذلك لن يفلح في مواجهة التحدي التاريخي الماثل أمامنا. فقد سلطت الحرب الضوء على احتمالات عدم استقرار النظام الاقتصادي العالمي الحالي. عوضا عن ذلك، علينا أن ندرك أن عالما مشتتا يعني عالما أكثر تقلبا وضعفا، وقيودا أكبر على الأصول الآمنة، وشبكة أمان مالي عالمية أقل شمولا. وهذا العالم في حاجة أكبر، لا أقل، إلى صندوق النقد الدولي. وباعتبارنا مؤسسة، علينا أن نجد سبيلا لتحقيق مهمتنا في تقديم المساعدة المالية والخبرة عند اللزوم، والحفاظ على جميع دولنا الأعضاء وتمثيلها، حتى إن بـات ذلـك أشـد صعوبة في ظل الأوضـاع السياسية الحالية. ذلك أنه إذا ما بدأت طبقات البيئة الجغرافية ـ السياسية في التفكك، فسيتعين علينا مد مزيد من الجسور، لا القليل منها. بعد انقلاب الطاولة، صار النفط والغاز العملة النادرة والسلاح الأكثر تأثيرا في الحرب، حيث ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية يرى الغرب ذاته أمام قوة تبدو قاهرة تجعل دولة جبارة، مثل ألمانيا، تهتز مثل الريش أمام ريح شحة الوقود الأحفوري وارتفاع أسعاره. نعم الحرب في أوروبا قلبت الطاولة، لكن ليس لمرة واحدة، بل لمرات عدة والحبل على الجرار. تفعيل التبادل التجاري .. وبتكلفة أقل تايلاند وعـاصـمـتـهـا بانكوك مركز تجاري مهم في الشرق الآسيوي،‏وتقدم صناعات وخدمات لوجستية لصناعات متعددة سواء الآلات والمعدات الكهربائية والميكانيكية وقطع الغيار وصناعة الـروبـوتـات والأقمشة والصناعات الغذائية، التي تدعمها طبيعة الدولة ذات الأنهار والتربة الخصبة، حيث تعد من الـدول الزراعية المهمة، ومنتجا بارزا للغذاء في آسيا، خاصة الأرز ومدخلات الأعلافوالزيوت الغذائية والفواكه المجففة. كما تعد مركزا مهمافيصناعة المجوهرات، حيث يتم تصنيع أفضل المجوهرات، خاصة من الألمــاس والأحـجـار الكريمة التي يتم قطعها في أوروبا وفي بلجيكا تحديدا وعمل التشطيبات لها وتثبيتها على الذهب والفضة في تايلاند وتعتبر في ذلك صناعة متكاملة، كما تشتهر البلاد بالمصحات والمنتجعات الصحية والعلاجية والعلاج الطبيعي. ومـن هنا تتبين أهمية الاستفادة من التطور الذي تتميز به هذه الدولة في تطوير المنتجعات السياحية والصحية، خاصة أن المملكة تشهد حاليا نهضة وصناعة سياحية قادمة، ولدينا مقومات طبيعية محلية لهذه الصناعة، حيث توجد العيون الحارة التي تنبع وتتدفق طبيعيا في جنوب مكة المكرمة وشرق مدينة الليث في قرية "زميقة" ذات المياه المعدنية والكبريتية، كما توجد عيون حارة في منطقة جازان في قرية العارضة درجة ولم 73 تصل فيها درجات الحرارة إلى تستغل بعد حتى الآن الاستغلال الأمثل. وقد طورت تايلاند علامات تجارية محلية لتشغيل هذه المنتجات السياحية والفنادق يمكن الاستفادة منها أيضا وربما أقل تكلفة من بعض العلامات التجارية السائدة حاليا، وفي قطاع التصنيع الغذائي تعد تايلاند رائدة في ذلك، ما يقلل من الفاقد من الإنتاج الزراعي ويتيح فرص عمل كبيرة للمواطنين. ومـن هـذا المنطلق زار تايلاند وفد شخص" من رجال وسيدات الأعمال 100" السعوديين‏وبعض رؤســاء اللجان في غرفة الرياض واتحاد الغرف السعودية، ولقي استعدادا من الجانب التايلاندي متمثلا في نـائـب رئـيـس الــــوزراء وزيـر الخارجية التايلاندي، ورئيس الغرفة التجارية التايلاندي، وعديد من المسؤولين التايلانديين وترتيب زيـارة لبعض المدن الصناعية في شرق تايلاند وعـديـد من المصانع عكست آفاق التعاون المقترحة لتفعيل العلاقات التجارية بين البلدين ووقعت على أثر هذه الزيارة عدة اتفاقيات بين الوفد السعودي والتايلاندي. ‏شارك من‏الجانب التايلاندي شركات كبيرة 18 شركة في قطاع اللوجستيات و 19 منها شركة في الإنشاءات 22 شركة في التصنيع و شركة في 20 شركة في المجوهرات و 20 و 19 شركة في القوى البشرية و 11 الزراعة و شركة في تصنيع 20 شركة في القطاع الطبي و شركة في القطاع 15 الأغذية والمشروبات و العقاريوعدد كبيرمن الشركاتوالمؤسسات الصغيرة، ومن هنا يتبين المجالات التي تتميز بها تايلاند والتي تعد فرصة للتبادل التجاري السعودي - التايلاندي. ‏وسيكون لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين آثـار جانبية إيجابية في كل هذه المجالات، نظرا لانخفاض التكلفة ووجود المنتجات بجودة مقبولة، ولا نغفل مهارة العمالة والحصول على الخبرات التقنية في هذه المجالات. تتبين أهمية الاستفادة من التطور الذي تتميز به هذه الدولة في تطوير المنتجعات السياحية والصحية، خاصة أن المملكة تشهد حاليا نهضة وصناعة سياحية قادمة، ولدينا مقومات طبيعية محلية لهذه الصناعة، حيث توجد العيون الحارة التي تنبع وتتدفق طبيعيا في جنوب مكة المكرمة وشرق مدينة الليث في قرية "زميقة" ذات المياه المعدنية والكبريتية. أوروبا .. انقلبت الطاولة يا للغرابة! لقد قلبت الطاولة وفي انقلابها صــارت الـــدول في أوروبــا تتحسس رؤوسها. لا شك، أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والحرب المدمرة التي ميدانها حتى الآن الأراضي الأوكرانية، قلبت الطاولة وكل ما عليها على رؤوس الجالسين حولها وتحتها. وبوديشرح، ولو بإيجاز شديد، مصطلح "قلب أو يقلب الطاولة" الذي لا أظن منشأه لغة الضاد، بل هو جزء من اللغة أو الخطاب الذي استعاره العرب في العصر الحديث من اللغة الإنجليزية .to turn the tables عند ترجمتهم لعبارة وتشير العبارة هذه، حسب معجم جامعة كمبردج، إلى تغيير في الحالة أو الوضع أو الواقع الذي نحن فيه الآن بحيث يصير قصب السبق أو الأفضلية أو التفوق في يدنا وتحت تصرفنا بعدما كان في يد غريمنا. قد يكون هذا المصطلح واحـدا من أكثر المصطلحات رواجا في وسائل الإعلام بشتى من شباط 24 أصنافها منذ بداية الحرب في الـ (فبراير) الماضيحتى الآن. ويبدو أن الطاولة التي انقلبت لم تحتو صنفا واحدا من الطعام، بل كان عليها تشكيلة من الأطعمة الأساسية التي لا تسير الحياة دونها. وكل ما عليها قلبت موازينه وتحول إلى سلاح في المعركة ربما أشد فتكا من الأسلحة التي يتبارز فيها القطبان ـ روسيا من جهة وأمريكا وحلفاؤها من جهة أخرى ـ على الأرض الأوكرانية. وإن استأثرت أخبار الحرب في أوكرانيا على واجهات الصحف ووسائل الإعلام وجداول أعمال الساسة في الغرب في الأشهر الأولى منذ انطلاقها، فإن وهج العمليات العسكرية وتغطيتها الإخبارية بدأ يخفت رغم أن شراسة المعارك لا تزال فيضراوتها. ويبدو أن ما قلبته الطاولة على الرؤوس، ليس فقط العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ونشوب نزاع دموي يعد الأسوأ منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في القارة الأوروبية، بل شؤون أخرى ربما لم تكن بالحسبان ولم يدر في خلد أمهر المحللين أنها ستصبح أصدق أنباء من السلاح. يقحم الغربومعه روسيا أحدث ترساناتهم العسكرية في المعركة، وصرنا نقرأ أو نسمع عن أسلحة مهولة ذات فتك لا سابق لها مع أرجحية اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل. مع ذلك، يبدو أن الغرب ومعه روسيا غير مكترثين لسيل الدماء واستخدام أسلحتهم المدمرة والدقيقة دون حد ورقيب. أدخل الصراع أسلحة أخرى في المعركة، وفي مقدمتها النفط والغاز والقمح ومواد غذائية أساسية أخرى. ودخلت مفردة «المجاعة» الخطاب الذي يرافق الحرب، وصار العالم يخشى أن يقع مئات الملايين من البشر ضحية عدم توافر الغذاء بعد أن قلبت الحرب في أوكرانيا الطاولة، وكـل هـؤلاء الضحايا لا ناقة ولا جمل لهم بهذه الحرب والاستراتيجيات التي ترافقها. ولم يبق أيشيء كان على الطاولة المقلوبة على حاله، إلى درجة أن ما كان الحصول عليه بوفرة وسعر متاح ومن المسلمات صار أشبه بالعملة النادرة. قــادة العالم «الـحـر» وأقـطـاب العالم يتخذون الحصار سلاحا لردع بعضهما بعضا، ولكسب حرب قد تسحق رحاها العالم. وعندما يشتكي فقراء العالم ـ وأغلب المليارات الثمانية من البشر فقراء ـ أن القمح صـار شحيحا، وأن أوضاعهم المعاشية والمالية لا تمكنهم شراءه بالأسعار الحالية، يعيد أقطاب العالم «الحر» قلب الطاولة على الرؤوس مرة أخرى، وهذه المرة من خلال حجج واهية عن السبب والمسبب. وانقلب مع الطاولة كثير من الموازين، منها موازين المنطق وإشغال العقل إلى درجة أن دولة مثل السويد التي كانت تتباهى، لا بل يتباهى العالم بها، لرجاحة عقلها وحياديتها وجنحها للسلام قلبتها الطاولة على عقب أيضا. وأخطر ما أحدثته الطاولة المقلوبة هو أننا صرنا نعيش في عالم أصبح فيه الكيل بالميزان والقسط أقرب إلى المستحيل، حيث صارت الدول الأوروبية والغربية تبخس الناس بصورة عامة، حتى ناسها بصورة خاصة، أشياءها. وانـقـ ب الطاولة نتج عنه انـقـ ب في المعايير، منها ما يتعلق بالأخلاق، ومنها ما يرتبط بالسلع الاستراتيجية، مثل النفط وأسعار العملات والتعامل بين الدول. قبل عامين ونيف، كـان تجار النفط في أمريكا على استعداد لدفع مبالغ قد تصل إلى دولارا للبرميل، للتخلص مما بحوزتهم من 40 نفط بعد انهيار أسعاره إلى ما دون الصفر. بعد انقلاب الطاولة، صار النفط والغاز العملة الـنـادرة والـسـ ح الأكـ تأثيرا في الحرب، حيث ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية يرى الغرب ذاته أمام قوة تبدو قاهرة تجعل دولة جبارة، مثل ألمانيا، تهتز مثل الريش أمـام ريح شحة الوقود الأحفوري وارتفاع أسعاره. نعم الحرب في أوروبا قلبت الطاولة، لكن ليسلمرة واحدة، بل لمرات عدة والحبل على الجرار. د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se بيير ــ أوليفييه غورينشا * مدير إدارة البحوث ــ صندوق النقد الدولي محمد جابر السهلي * مختصفي التنمية

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=