aleqt: 29-9-2021 (10215)

الرأي سوق العمل .. المهارة ثم المهارة تعد سوق العمل ركيزة أساسية لأي اقتصاد في العالم، لأنها توفر أحد أهم عناصر الإنتاج، فهي القوى البشرية القادرة على تحريك العمل وقيادته، وأن النظرية الاقتصادية تؤكد أن لهذا العنصر سوقا تحدد قيمة قوة العمل فيها من خلال المنافسة، كما أن المنافسة هي الضامن الوحيد للجودة، سواء كانت هذه القوى وطنية أو أجنبية، أو بين القوى البشرية وقوة الآلة، وإذا كانت هناك منافسة وجودة فلا بد من تأسيس تنظيم للسوق، خاصة عندما تصل المنافسة إلى مستويات تؤثر بشكل جوهري في رفاهية الإنسان والمجتمعات. ونلاحظ أن المنظم للاقتصاد السعودي منذ البداية، اهتم بهذا الموضوع بشكل أساسي كدعامة أساسية، وفي وقت كان الاقتصاد الوطني يعتمد فيه على النفط فقط، وكان تطوير الكوادر السعودية يرتكز على ذلك بجهود شركة أرامكو، ثم ظهر القطاع البتروكيماوي ومن ثم جامعة الملك فهد البترول والمعادن، ثم توسع القطاع البنكي والمؤسسات التعليمية، وكلاهما يتطلب تنامي الطلب على الكوادر المؤهلة لهما حتى تشبعت السوق، في وقت كان فيه الاقتصاد العالمي والمحلي يتحركان بشكل قوي نحو قطاعات صناعية وهندسية وطبية ترتكز على الآلة والذكاء الاصطناعي. ولأن الاقتصاد لا ينتظر التعليم فقد تم ملء الفراغ بالعمالة الأجنبية، خاصة في المناصب القيادية والعالية المهارة، ومع التشبع هنا والمنافسة الحادة من الجانب الأجنبي هناك، فإن سوق العمل كانت بحاجة إلى إطار عمل جديد تماما، ولهذا أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برنامجا جديدا ضمن برامج رؤية المملكة لتنمية الموارد البشرية من أجل إصلاح الخلل في جانب العرض وتعزيز 2030 الطلب على الكادر السعودي المؤهل في قطاعات المستقبل خصوصا. ويختلف برنامج تنمية الموارد البشرية عن كل الجهود السابقة في عدة جوانب، أولها وأهمها أن خطط العمل السابقة كانت مقصورة على مفهوم التوطين، أو السعودة، وكانت المبادرات تعتمد على الضغط النظامي بفرض الغرامات على القطاع الخاص، عندما لا تتحقق نسب معينة في السعودة ودونما معالجة أساسية لجانب العرض من تأهيل وخلافه. والأمر الآخر هو، أن مشاريع السعودة كانت تبنى على جهود وزارة العمل ومكاتبها فقط، دونما مسؤولية مباشرة أو مشاركة واضحة من الجهات الأخرى ذات العلاقة، لكن مع البرنامج الجديد فإن مفهوم التوطين يأتي نتيجة طبيعية لما ستصل إليه مستويات العرض، فقد أشار وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إلى أن في المائة من الخريجين على الفرص الوظيفية 80 البرنامج يهدف إلى حصول شهرا من تخرجهم، ورفع نسبة التوطينفي الوظائف عالية 12 المناسبة خلال في المائة. وتجدر الإشارة هنا إلى عبارة الوظيفة المناسبة 40 المهارة إلى شهرا، فالعرض في سوق العمل يكون فعالا عندما يكون طالبو 12 خلال العمل مناسبين تماما لما تم طرحه من وظائف، وليس مجرد وجودهم في منصات طلب التوظيف، كما أن هناك عبارتين في غاية الأهمية، فالبرنامج يسعى لأن يكون المواطن السعودي منافسا عالميا في الوظائف عالية المهارة، فالتوطين يتضمن إصلاح جانب العرض من حيث نوعية الوظائف المطلوب عرضها، كما أن المنافسة العالية تؤكد أنه يجب على المتقدمين لهذه الوظائف تملك مهارات عالية تتناسب مع هذه الوظائف. هنا تتضح وبصورة جلية في المائة من 80 المفاهيم العميقة التي تقف خلف هذا البرنامج. فحصول الخريجين على وظيفة هو تحد كبير للبرنامج، فالإحصائيات تشير إلى أن في 28 ألف خريج سنويا، ومع استمرار النمو بنسب تصل إلى 400 هناك نحو شهرا 12 في المائة خلال 80 المائة في بعض المناطق، فالعمل على توظيف ألف خريج سنويا، وهذا يتطلب نموا مماثلا في 320 يعني إيجاد وظائف لـ القطاعات الاقتصادية والصناعية حتى توفر وظائف كافية، لأن التركيز على عنصر الإحلال قد لا يكون كافيا بذاته. هذا ما يقودنا إلى فهم المقصود من البرنامج، فهو لا يرتكز في نجاحه على جهود وزارة الموارد البشرية فقط، بل لا بد من مشاركة وزارات أخرى، من أهمها التعليم والصناعة. ولهذا، جاءت الجلسة الحوارية للكشف عن تفاصيل وأهداف ومبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية، بمشاركة من وزيري التعليم والصناعة، ما يظهر إشارة واضحة إلى أن البرنامج شامل لعدة قطاعات. ولتحقيق هذا، فقد تضمن البرنامج إنشاء وحدة استشراف العرض والطلب، وتكون معنية بالاستشراف والتنبؤ بالتخصصات المطلوبة في الاقتصاد السعودي وبرامج الرؤية والقطاعات الجديدة المستقبلية، كما أن هناك مبادرة لتسريع المهارات وإعادة تأهيل الشباب ممن تخصصوا في تخصصات ليس لها مستقبل وظيفي، وذلك من خلال الشراكة مع القطاع الخاص تتيح مجالا واسعا لوزارة الصناعة في تطوير جانب العرض ودمج الخريجين بالقطاع الخاص واستشراف المستقبل. وقد أشار وزير الصناعة إلى أن برنامج تنمية القدرات البشرية سيكون أساسيا في جانب قطاع الصناعة والتعدين، لأن هذا القطاع بالذات يشكل مستقبل الاقتصاد السعودي غير النفطي، فالبرنامج سيكون له دور أساسي في إيجاد الكفاءات والقدرات القادرة على إحداث نقلة كبرى في هذا القطاع، وهذا يذكرنا بالنجاحات الكبيرة التي نتجت عن تحريك قطاعات النفط والبتروكيماويات من خلال خريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، كما أن التقدم السريع في قطاعات الذكاء الاصطناعي يتطلب تقاربا نشطا بين وزارتي التعليم والصناعة. وهنا يتضح دور التعليم في جانب إصلاح العرض بتحقيق مفهوم المواطن السعودي منافس عالميا، فالوصول إلى الوظائف سيكون مرتبطا بمستوى وجود الكفاءة أساسا، وإذا كان الأصل في الوظائف كونها حقا للمواطن أولا، لكن هذا لا يعني ألا يكون المواطن كفؤا لها، لأن التشبث بمفهوم حق العمل للمواطن دون كفاءة يعني فقدان الاقتصاد السعودي قدراته التنافسية ما ، فالمخطط السعودي 2030 يعطل تحقيق عديد من برامج رؤية المملكة يسعى إلى تحقيق مفهوم حق العمل للمواطن ونجاح الاقتصاد في التقدم، ولذا لن يتم تجسير هذه الفجوة بين الموضوعين ما لم يكن هناك تأهيل قوي للخريجين. وقد أكد وزير التعليم، أن برنامج تنمية القدرات البشرية، يوفر إطارا لإعداد المواطن لسوق عمل يكون فيها منافسا وتحقيق استدامة من خلال إتاحة فرص التعلم المستمر مدى الحياة لكل مواطن، ما يعني أن التغيرات المستقبلية في الاقتصاد والصناعة ستنعكسفيحينها على التعليم الذي سيعيد تأهيل المجتمع بمختلف الأعمار للموضوعات المستجدة، فالبرنامج يهتم بالمواطن من مرحلة مبكرة، وهي رياض الأطفال، امتدادا إلى أن يتخرج من المرحلة الجامعية ويدخل سوق العمل، وما بعد ذلك، كما أن منافسة المواطن السعودي في سوق العمل تتطلب وجود تعليم منافس أولا، ولهذا يركز البرنامج على التصنيف العالمي للجامعات، بوصول جامعة في العالم، وتحقيق جامعة 100 ست جامعات سعودية ضمن أفضل الملك سعود مركزا ضمن أفضل عشر جامعات عالمية أيضا. ولتحقيق منافسة عالمية للتعليم لضمان وصول الخريجين في جميع المراحل إلى المستويات المنشودة، فإن البرنامج يتضمن دورا مهما لهيئة تقويم التعليم، لتحديد المهارات للمهن القطاعية ووضع الحلول المناسبة لمعالجة الفجوة بين المهارات المطلوبة للوظائف ومهارات الأفراد. الطريق إلى العدالة السعرية للأراضي والعقار أظهرت المـتـوسـطـات الـسـعـريـة لـــأراضي والعقارات السكنية طوال أكثر من عام مضى، معدلات نمو غير مسبوقة خلال فترة وجيزة، وحسبما وثقته البيانات العقارية عبر المؤشرات المنشورة على موقع وزارة العدل حتى نهاية الأسبوع الماضي، سجل المتوسط العام لأسعار الأراضي السكنية على مستوى أيلول (سبتمبر) 23 المملكة خلال الربع الثالث "حتى في المائة، وسجل 34.1 "، نموا سنويا وصل إلى 2021 المتوسط العام لأسعار الشقق السكنية للفترة نفسها نموا في المائة، فيما سجل المتوسط 18.4 سنويا وصل إلى العام لأسعار الفلل السكنية عن الفترة نفسها نموا سنويا في المائة، ووصل متوسط الأسعار في السوق 15.8 بلغ العقارية المحلية على مستوى العموم إلى مستويات مرتفعة جدا، عدت بعيدة عن قدرة كثير من الباحثين على تملك أراض أو وحدات سكنية، وهو الأمر الذي أصبح ملموسا من الجميع سواء المتعاملين من ملاك الأراضي والمطورين العقاريين، أو من المجتمع الاستهلاكي وهو الطرف المتضرر بالتأكيد من التضخم الراهن في الأسعار السوقية للراضيوالعقارات على حد سواء. وكما سبق إيضاحه في مقالات وتقارير أخيرة، جاءت تلك الارتفاعات السعرية المسجلة على مستوى مختلف الأصول العقارية السكنية، التي شهدت انطلاقتها السعرية ، كاستجابة مباشرة 2019 للعلى بصورة لافتة مع مطلع لتزايد وتيرة ضخ القروض العقارية الممنوحة للفراد طوال تلك الفترة الماضية، التي وصل حجمها منذ كانون الثاني إلى أعلى من 2021 ) حتى نهاية تموز (يوليو 2019 ) (يناير في المائة 95.3 مليارات ريال، أي بما تجاوزت نسبته 308 مليار 323.1( من إجمالي قيمة صفقات القطاع السكني ريال) خلال الفترة نفسها، وأسهمت بدورها تلك القروض العقارية في الدفع بقوى الطلب على الأراضي والوحدات ألف عقد تمويل عقاري، كانت 647 السكنية نحو تنفيذ نحو كفيلة بتحفيز جانب العرض على زيادة الأسعار السوقية، والاستفادة القصوى من الإقبال المجتمعي على تملك الوحدات السكنية المدعوم بتيسير الحصول على التمويل اللازم، والمدعوم أيضا على مستوى تحمل أجزاء كبيرة من الفوائد البنكية المحتسبة على تلك القروض العقارية. في المقابل، وتزامنا مع تلك الفترة نفسها، لم تشهد السوق العقارية المحلية تحركا مماثلا من حيث السرعة على مستوى تطبيق المراحل التنفيذية لنظام الرسوم على الأراضيالبيضاء في المدن والمحافظات، الذي اكتفى بتطبيق المرحلة الأولى من النظام في أربع مدن فقط (الرياض، جدة، الدمام، مكة المكرمة) طوال الأعوام الماضية، ولا تزال أوضاع التنفيذ حتى تاريخه عند نقطة ما تم الإعلان عنه قبل أكثر من عام من تاريخه في شأن بقية المراحل التنفيذية التالية، الذي تضمن الإعلان عن البدء بتنفيذ المرحلة الثانية من النظامفي كل من الرياضوجدة والدمام قبل نهاية العام الجاري، ولم يصدر حتى تاريخه أي إعلان إلحاقي عما تم في هذا الشأن من تطورات أو إجراءات، كما تضمن الإعلان السابق خلال العام الماضي عن بدء تنفيذ المرحلة الأولى من نظام الرسوم على مدينة إضافية أخرى، وصدر في 17 الأراضي البيضاء في خصوصه عديد من الإعلانات المتتالية عن الإجراءات التي تمت، وأن إجراءات استكمال التنفيذ تسير وفق مراحلها الزمنية المعتادة، وهذا بالتأكيد يعد أمرا إيجابيا بالنسبة للمدن التي تم الإعلان عن بدء التطبيق فيها، ويؤمل أن تسهم تلك الإجـراءات في كبح الارتفاعات المطردة في أسعار الأراضي والعقارات الموجودة في تلك المدن والمحافظات. إنما يعد التحدي الأكـ كامنا في المـدن الرئيسة، التي شهدت ولا تـزال ارتفاعات مطردة في الأسعار، ويؤمل أن تأخذ الإجراءات المرتبطة بتنفيذ بقية مراحل نظام الرسوم على الأراضي البيضاء فيها وتيرة أسرع مما هو قائم الآن، والوصول بها إلى المستوى الأعلى فعالية وكفاءة اللازم لكبح التضخم الراهن في الأسعار، والعمل في الأجلين المتوسط والطويل على إعادتها إلى مستوياتها العادلة سعريا، وبما يتلاءم مع قدرة الأفراد والأسر من حيث الدخل، وهو الهدف المرحلي الذي ،2020 أصبح واجبا تحققه ضمن برنامج التحول الوطني ممثلا في خفض مكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى إجمالي دخل الفرد السنوي من عشر مرات إلى خمس مرات. وكما هو قائم الآن بموجب المؤشرات العقارية المنشورة عبر موقع وزارة العدل بصورة منتظمة، فإن متوسط الأسعار السوقية لمختلف الأصول العقارية يفوق تلك المستهدفات، ما يؤكد الأهمية القصوى لاستكمال تنفيذ جميع الأدوات الكفيلة بتحقيق العدالة السعرية للصول العقارية السكنية على وجه الخصوص، التي يأتي في مقدمتها استكمال جميع المراحل التنفيذية لنظام الرسوم على الأراضي البيضاء، وتمكين النظام - حال تنفيذه بصورة كاملة - من تحقيق أهدافه الثلاثة الرئيسة، ) زيادة المعروض من الأراضي المطورة 1( : المتمثلة في ) توفير الأراضي 2( . بما يحقق التوازن بين العرض والطلب ) حماية المنافسة العادلة 3( . السكنية بأسعار مناسبة ومكافحة الممارسات الاحتكارية. ختاما، يوجد عديد من المحاور والعوامل الأخرى، التي أسهمت ولا تزال في الارتفاع المطرد لأسعار مختلف الأصول العقارية، وقد سبق تناولها بكثير من الحديث والتحليل من قبل المختصين في الشأن العقاري، وتحظى بأهمية عالية بكل تأكيد، سواء من حيث تأثيرها في الأسعار بالارتفاع أو من حيث الحلول والمقترحات الموضوعة لأجلها، إلا أن الـوزن النسبي الكبير الذي يشكله عنصر الأرض في مجمل تكلفة الوحدة السكنية في المائة من إجمالي التكلفة)، يؤكد بما 75 إلى 65( لا يدع مجالا للشك الأهمية القصوى لنظام الرسوم على الأراضي، التي تحولت طـوال الأعــوام الطويلة الماضية إلى عنصر للاكتناز أو الاحتكار والمضاربة أكثر من توظيفها للاستخدام والبناء والتشييد، وتركز تلك التعاملات العقارية بين ملاك الأراضي والمضاربين في السوق، أكثر من المستهلكين النهائيين الباحثين عن التملك والسكن فقط، وهنا تكمن أهمية استكمال تنفيذ جميع مراحل النظام، التي ستعمل على تفتيت عمليات الاكتناز والاحتكار والمضاربة على الأراضي، ومن ثم المساهمة في توازن الأسعار وتحقق استقرارها عند مستويات عادلة، وهو الأمر الذي سيلبي بدوره احتياجات الاقتصاد الوطني ومتطلبات المجتمع دون تكاليف مرتفعة، ودون الحاجة إلى اقتراض أحجام كبيرة من الأموال اللازمة، وبما يحد في الأجلين المتوسط والطويل من الآثار العكسية في الاقتصاد والتنمية لتلك القروض المرتفع حجمها، إضافة إلى أقساط سدادها المكلفة. يعد التحدي الأكبر كامنا في المدن الرئيسة، التي شهدت ولا تزال ارتفاعات مطردة في الأسعار، ويؤمل أن تأخذ الإجراءات المرتبطة بتنفيذ بقية مراحل نظام الرسوم على الأراضي البيضاء فيها وتيرة أسرع مما هو قائم الآن، والوصول بها إلى المستوى الأعلى فعالية وكفاءة اللازم لكبح التضخم الراهن في الأسعار، والعمل في الأجلين المتوسط والطويل على إعادتها إلى مستوياتها العادلة سعريا، وبما يتلاءم مع قدرة الأفراد والأسر من حيث الدخل. هيروكو أورا وليليانا شوماخر * اقتصاديان في إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية ـ صندوق النقد سيناريوهات عمل بنوك تحت » 3 من 1 الضغط « تتضمن زيارة طبيب القلب غالبا اختبارا للقدرة على تحمل الجهد. فمراقبة الأنشطة الروتينية لا تكفي لتحديد صحة المريض، ولذلك يطلب الطبيب إلى المريض أن يمشي أو يعدو على جهاز المشي/ العدو أو يستخدم بدالات عجلة ثابتة إلى أن تتلاحق أنفاسه بسرعة، لأن تشخيص بعض مشكلات القلب يكون أسهل عندما يعمل القلب بجهد أكبر وبنبضات أسرع. وقد لا تظهر على المريض أي علامات أو أعراض للمرض عندما يكون في وضع الراحة، ولكن يتعين أن يعمل القلب بجهد أكبر خلال التمرين فيحتاج بالتالي إلى قدر أكبر من الدم والأكسجين. فإذا أشار القلب إلى أنه لا يحصل على قدر كاف من الدم أو الأكسجين، فيمكن أن يساعد ذلك الطبيب على تحديد مشكلات محتملة. ويحدث شيء مشابه لذلك عندما يجري الاقتصاديون للبنوك، التي تمثل عصب عمل الاقتصاد، اختبارات للقدرة على تحمل الضغوط. وتكون الغاية من هذه الاختبارات تحديد البنوك التي تعاني مشكلات وإصلاحها، والحد من احتمالات حدوث أزمة مصرفية. فوقوع أزمة مصرفية لدى إعسار عدة بنوك أو انعدام قدرتها على سداد المدفوعات دون تأخير يؤدي إلى إرباك الاقتصاد بالحد من إمكانية النفاذ إلى القروض طويلة الأجل أو السيولة اللازمة لإنتاج السلع والخدمات وتوزيعها. ويؤثر ذلك بدوره في النمو وتوظيف العمالة، وفي سبل عيش الأشخاصفي نهاية الأمر، وأن اختبارات القدرة على تحمل الضغوط تقيم قدرة البنوك بمحاكاة أدائها في سيناريوهات اقتصادية بالغة الشدة. وللحد من مخاطر وقوع أزمة مصرفية تربك الاقتصاد، يتعين تحديد مواطن الضعف لدى البنوك في وقت لا يزال يكون فيه متسع لتصحيحها. ولكن، مثلما هي حالة قلب الإنسان، ربما لا تكون مواطن الضعف الكامنة في المؤسسات المالية بادية بمجرد النظر إلى أدائها السابق حين يكون الاقتصاد يعمل بسلاسة ودون مشكلات ضاغطة. ولتقييم سلامة البنوك تقييما سليما، يتم إخضاعها لاختبارات للقدرة على تحمل الضغوط، وتؤدي عمليات افتراضية لقياس أدائها في ظل سيناريوهات اقتصادية كلية ومالية بالغة الشدة - مثل حدوث ركود حاد أو جفاف أسواق التمويل. وتعنى اختبارات القدرة على تحمل الضغوط غالبا بتقييم جانبين من وضع البنك، هما الملاءة والسيولة، لأن وجود مشكلات في أحدهما يمكن أن يتسبب في خسائر ضخمة ويؤدي في نهاية المطاف إلى وقوع أزمة مصرفية. وتقاس ملاءة المؤسسة بالفرق بين أصولها وديونها. فإذا كانت قيمة أصولها تتجاوز ديونها، فإنها تكون ذات ملاءة ــ أي يكون لديها رأسمال سهمي موجب. إلا أن استمرار قيمة كل من الأصول والخصوم يعتمد على التدفقات النقدية المستقبلية، التي تعتمد بدورها على الأوضاع الاقتصادية والمالية المستقبلية. وحتى تكون للمؤسسة ملاءة، يتعين أن تحتفظ بحد أدنى من رأس المال السهمي الموجب الذي يمكنه استيعاب الخسائر إذا ما وقعت صدمة، مثل حدوث ركود، تتسبب في عجز العملاء عن سداد قروضهم. وربما يلزم المؤسسة أن تحتفظ برأسمال يزيد على هذا الحد الأدنى لضمان استمرار ثقة مصادر تمويل البنك "مثل المودعين أو مستثمري الجملة" والحصول على التمويل بتكلفة معقولة. ويعنى اختبار الملاءة من اختبارات القدرة على تحمل الضغوط بتقييم ما إذا كان لدى المنشأة المعنية رأسمال كاف لاستمرار ملاءتها في بيئة مفترضة من التحديات الاقتصادية الكلية والمالية. وهو يقدر أرباح البنك وخسائره والتغيرات التي تطرأ في قيمة أصوله في ظل السيناريو المعاكس. وتكون عوامل المخاطر في الغالب خسائر محتملة نتيجة لعدم قدرة المقترضين عن السداد "مخاطر الائتمان"، وخسائر من الأوراق المالية نتيجة لتغييرات في أسعار السوق، مثل أسعار الفائدة وأسعار الصرف وأسعار الملكيات العقارية "مخاطر السوق"، وارتفاع تكاليف التمويل نتيجة نقص ثقة المستثمرين بجودة أصول البنك "مخاطر السيولة". كلمة الاقتصادية في نهاية المطاف، قد يتبين لنا أن السيناريو المفرط التفاؤل المثمن في الأسواق المالية حاليا مجرد حلم بعيد المنال. وبدلا من التركيز الـمـرضي على السيناريو المعتدل، ينبغي للمراقبين الاقتصاديين أن يتذكروا "كاساندرا" (أميرة طروادة التي دأبت على التنبؤ بسوء الطالع)، التي قوبلت تحذيراتها بالتجاهل إلى أن فات الأوان وسبق السيف العذل. » 2 من 2 الاقتصاد المعتدل يحتضر « قد تـتـسـبـب مـجـمـوعـة من صدمات العرض السلبية المستمرة في الأمد المتوسط في الحد من النمو بمرور الوقت ودفع تكاليف الإنتاج إلى الارتـفـاع، ما يضيف إلى الضغوط التضخمية. كما أشرت سابقا، قد تنبع مثل هـــذه الــصــدمــات مـــن تـراجـع العولمة وارتفاع تدابير الحماية، وتفتت سلاسل التوريد العالمية، والـشـيـخـوخـة الـديمـوغـرافـيـة (السكانية) في الاقتصادات النامية والناشئة، والقيود المفروضة على الهجرة، و"الانـفـصـال" الصيني الأمريكي، والتأثيرات التي يفرضها تغير المناخ على أسعار السلع، والأوبئة، والحرب الإلكترونية، وردة الفعل العنيفة ضد فجوات التفاوت في الدخل والثروة. في هـذا السيناريو، سترتفع عـائـدات السندات الاسمية إلى مستويات أعـ كثيرا مـع تقلب تـوقـعـات الـتـضـخـم. وستكون العائدات الحقيقية أيضا أعلى (حتى إذا ظلت البنوك المركزية وراء المنحنى)، لأن نمو الأسعار السريع المتقلب من شأنه أن يعزز علاوة المخاطر على السندات الأطول أجلا. في ظـل هـذه الـظـروف، ستكون أسواق الأسهم مستعدة لتصحيح حــاد، وربمــا إلى منطقة السوق الهابطة (يعكسهذا انخفاضا بنسبة في المائة على الأقل من أعلى 20 مستوى بلغته أخيرا). يتسم السيناريو الأخير بتباطؤ النمو. قد يتبين أن ضعف الطلب الكلي ليس مجرد نوبة ذعر عابرة بل هو في حقيقة الأمر نذير بالوضع الطبيعي الجديد، وخاصة إذا جرى سحب التحفيز النقدي والمالي قبل الأوان. في هذه الحالة، سيؤدي انخفاض الطلب الكلي وتباطؤ النمو إلى انخفاض التضخم، وستخضع الأسهم للتصحيح حيث تعكس توقعات النمو الأضعف، وستزداد عائدات السندات انخفاضا (لأن الـعـائـدات الحقيقية وتوقعات التضخم ستكون أقل). تـرى أي من هذه السيناريوهات أكثر ترجيحا؟ في حين كان معظم المحللين وصناع السياسات يدفعون بالسيناريو المعتدل، فأنا أخشى أن يكون سيناريو فـرط النشاط الاقـتـصـادي هـو الأكـــ ترجيحا. فنظرا للسياسات النقدية والمالية والائتمانية المتساهلة اليوم، سيتسبب انحسار المتحور دلتا وما يصاحبه من اختناقات العرض في زيــادة النمو بشكل مفرط، وهذا سيجعل البنوك المركزية عالقة بين المطرقة والسندان. ففي مواجهة فخ الديون واستمرار التضخم عند مستوى أعلى من المستهدف، يكاد يكون من المؤكد أن يؤدي هذا إلى تثبيط همة البنوك المركزية وتخلفها عن المنحنى، حتى مع بقاء السياسات المالية أكثر تساهلا مما ينبغي. لكن في الأمد المتوسط، بينما تضرب الاقتصاد العالمي مجموعة متنوعة مــن صــدمــات الـعـرض السلبية المتواصلة، قـد تنتهي بنا الحال إلى ما هو أسـوأ كثيرا من الركود التضخمي المعتدل أو فرط النشاط: ركود تضخمي كامل مصحوب بمعدل نمو أقـل كثيرا ومعدل تضخم أعلى كثيرا. الواقع أن إغـراء خفض القيمة الحقيقية لنسب الديون الاسمية الضخمة ذات أسعار الفائدة الثابتة من شأنه أن يقود البنوك المركزية إلى التكيف مع التضخم، بدلا من محاربته، والمـجـازفـة بالتسبب في انهيار الاقتصاد والسوق. لكن نسب الدين اليوم (الخاصة والعامة) أعلى كثيرا مما كانت عليه 20 خلال فترة سبعينيات القرن الـ التي اتسمت بالركود التضخمي. وسيواجه وكـ ء القطاعين العام والخاص المثقلون بالديون ومن أصحاب الدخول الأقل كثيرا شبح الإفـــ س بمجرد أن تدفع عـ وة مخاطر التضخم أسعار الفائدة الحقيقية إلى الارتـفـاع، ما يمهد الـسـاحـة لأزمـــات ديـــون الـركـود التضخمي التي حذرت منها. في نهاية المطاف، قد يتبين لنا أن السيناريو المفرط التفاؤل المثمن في الأســواق المالية حاليا مجرد حلم بعيد المنال. وبدلا من التركيز الـمـرضي على السيناريو المعتدل، ينبغي للمراقبين الاقتصاديين أن يتذكروا "كاساندرا" (أميرة طروادة التي دأبت على التنبؤ بسوء الطالع)، التي قوبلت تحذيراتها بالتجاهل إلى أن فات الأوان وسبق السيف العذل. خاص بـ «الاقتصادية» .2021 ، روجيكت سنديكيت تـرى أي من هذه السيناريوهات أكثر ترجيحا؟ في حين كان معظم المحللين وصناع السياسات يدفعون بالسيناريو المعتدل، فأنا أخشى أن يكون سيناريو فرط النشاط الاقتصادي هو الأكثر ترجيحا. فنظرا للسياسات النقدية والمالية والائتمانية المتساهلة اليوم، سيتسبب انحسار المتحور دلتا وما يصاحبه من اختناقات العرض في زيادة النمو بشكل مفرط، وهذا سيجعل البنوك المركزية عالقة بين المطرقة والسندان. نورييل روبيني * أستاذ فخري ـ كلية شتيرن لإدارة الأعمال ـ جامعة نيويورك ـ كبير خبراء الاقتصاد Motamarat District P.O.Box 478 Riyadh Arabia Tel: +966112128000 Fax: +966114417885 www.aleqt.com edit@aleqt.com جريــدة العــرب الاقتصاديــة الدوليــة تشــكر أصحــاب الدعــوات الصحفيةالموجهةإليهاوتعلمهمأنهاوحدهاالمسؤولةعنتغطية تكاليــف الرحلــة كاملــة لمحرريها وكتابهــا ومصوريهــا، راجية منهم عدمتقديمأيةهدايالهم،فخيرهديةهيتزويدفريقهابالمعلومات . الوافيةلتأديةمهمتهمبأمانةوموضوعية المقرالرئيسي الشركةالسعوديةللطباعةوالتغليف المركزالرئيسي: 11523 الرياض 50202 ص.ب +966112128000 ه اتف: +966112884900 ف اكس: فرع جدة 21441 جدة 1624 ص.ب +96626396060 هاتف: +96626394095 ف اكس: فرع الدمام +96638471960 هاتف وفاكس: البريدالإلكتروني: mppc@mpp-co.com مراكزالطباعة السعر: ريالان قيمة الاشتراك السنوي داخل المملكة العربية ريالا 730 السعودية خارجالمملكة عبر مكاتب الشركة السعودية للأبحاثوالنشر لمزيد من الاستفسار، الاتصال على 800 2440076 بريد إلكتروني: info@arabmediaco.com موقع إلكتروني: www.arabmediaco.com 1319 - 0830 ردمد: ISSN 1319 - 0830 الاشتراكالسنوي الشركة السعودية للتوزيع 11585 الرياض 62116 ص.ب +966114419933 هاتف: +966112121774 فاكس: بريد إلكتروني: info@saudi-distribution.com وكيل التوزيع في الإمارات الإمـارات شركـة الإمـارات للطباعـة والنشر +97143916503 دبي: هاتف: +97143918354 ف اكس: +97126733555 أبوظبي: هاتف: +97126733384 فاكس: وكيل التوزيع في الكويت شركة باب الكويت للصحافة +96522272734 هاتــف: +96522272736 ف اكس: وكيلالتوزيع الشركة العربية للوسائل المركز الرئيسي 11495 الرياض 22304 ص.ب: +96612128000 هاتف: +966114429555 فاكس: بريد إلكتروني: info@arabmediaco.com موقع إلكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني 800 2440076 وكيلالاشتراكات London T : +4420 78318181 F : +4420 78312310 Manama T : +9731 7744141 F : +9731 7744140 Cairo T : +202 7492996 F : +202 7492884 Washington DC T : +1 202 6628825 F : +1 202 6628823 Beirut T : +9611 800090 F : +9611 800088 Abu Dhabi T : +9712 6815999 F : +9712 6816333 Rabat T : +212 37682323 F : +212 37683919 Jeddah T: +96612 2836200 F: +96612 2836292 Dammam T: +96613 8353838 F: +96613 8340489 Makkah T: +96612 5586286 F: +96612 5586687 Khartoum T: +2491 83778301 F: +2491 83785987 Amman T: +9626 5517102 F: +9626 5537103 Kuwait T: +965 3997931 F: +965 3997800 Dubai T : +9714 3916500 F : +9714 3918353 T: +9662 2836200 F: +9662 2836292 المكاتب جدة دبي الدمام لندن المنامة مكةالمكرمة القاهرة واشنطن الخرطوم بيروت عمّان أبوظبي الكويت الرباط الريــاض الشــركة الســعودية للأبحــاث والنشــر - الشركة الخليجية للإعلان والعلاقات العامة نرحب باتصالكم داخل المملكة: 920000417 هاتف: +442074046950 لندن: +97143914440 دبي: +33153776400 باريس: للتواصل من مختلف الدول: + 966114411444 الإدارة العامة: : موقع إلكتروني www.alkhaleejiah.com : بريد إلكتروني hq@alkhaleejiah.com الوكيلالإعلاني NO. 10215 ، العدد 2021 سبتمبر 29 هـ، الموافق 1443 صفر 22 الأربعاء 12 عبد الحميد العمري * عضو جمعية الاقتصاد السعودية @AbAmri

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=