aleqt (10153) 2021/07/29
NO. 10153 ، العدد 2021 يوليو 29 هـ، الموافق 1442 ذو الحجة 19 الخميس الثقافية 13 قراءات كيف تقودنا الأرقام وتضللنا اللسانياتالشعرية السيميائية هايكو وادي زا بعد ترجمته إلى عشر لغات عالمية، صــدرت عـن الـــدار العربية للعلوم ناشرون، الطبعة العربية للكتاب الأكثر مبيعا على الإطلاق بعنوان "كيف تقودنا الأرقام وتضللنا"، والكتاب من تأليف الدكتورة سان بلو الكاتبة الهولندية وترجمة نور العيون حامد ومراجعة وتحرير مركز التعريب والبرمجة في بيروت. يعتبر الكتاب أن الأرقام تفرض علينا الإيقاع الذي يجب أن نعيش وفقه، فهي تخبرنا عن أدائنا في المدرسة، وكم يبلغ وزننا، وتطلعنا على نتائج الانتخابات، ومن خلالها نعرف حالة الاقتصاد. لكن على الـرغـم مـن ذلـك لا تبدو الأرقام موضوعية بالطريقة التي تبدو عليها، فخلف كل رقم قصة. يشرع هذا الكتاب في إزالـة الغموض عن عالم الأرقــام، بحيث يستطيع كل شخص أن يميز إذا كانت الأرقـام تستخدم على نحو صحيح أم يتم التلاعب بها، وهكذا يمكننا جميعا أن نسأل: ما الـدور الـذي نود أن تؤديه الأرقـام في حياتنا؟ قـام رومـــان ياكوبسن، المفكر ورائـد اللسانيات البنيوية، بمقاربة كل مضمار من مجالات الجهد البشري بطريقة ديناميكية ومتكاملة، فنشاطه مرتبط ارتباطا عضويا باللغة، فهو يؤمن بأن اللغة حتى إن لم تشترك مباشرة في عملية الخلق والإبـــداع في بعض الحالات، إلا أنها تظل المثال القائم على مثل هذا الفعل. ويثبت الكتاب أن طرائق اللسانيات الحديثة، التي وضعها ياكوبسن وزمـ ؤه الدارسون في حلقة موسكو وبـراغ اللغوية اتسعت، فهي بمنزلة أساس للتحليل العلمي لأي لغة أو رمز فني. وقد طور الباحث تقنيات جذرية جديدة لتحليل أنظمة الصوت اللغوية، ما أدى إلى تأسيس فرع حديث لعلم الأصوات واجترح طرقا للتحقيق في الشعر والموسيقى والفنون البصرية والسينما، حتى أصبح شخصية محورية في تكييف التحليل البنيوي مع تخصصات تتجاوز علم اللغة، بمـا في ذلــك الفلسفة والأنثروبولوجيا والنظرية الأدبية. ونذكر أن الكتاب صدر عن دار شهريار بترجمة رعد زامل. "كتاب الهايكو العربي وادي زا" كتاب جماعي من إعــداد وتنسيق وتقديم الكاتب الحسين بنصناع، ويضم سيرا ذاتية ونصوص هايكو لشعراء الهايكو المشاركين في الدورة الرابعة من مهرجان وادي زا الأدبي، إضافة إلى شعراء آخرين من مختلف الدول العربية. وفي تقديمه للكتاب، يؤكد بنصناع أن كتاب الهايكو العربي "وادي زا"، هو فضاء لبعض المشاهد التي تأملها شعراء وشاعرات الهايكو في الوطن العربي. جمعنا فيه عددا كبيرا من قصائد الهايكو التي تتغنى بوادي زا، ومن خلاله بكل وديان العالم العربي. وهو الفضاء الذي مكننا من التطرق إلى مواضيع الطبيعة بشكل معمق، ومحاولة اكتشافها واستكشافها. وأضاف أن "هذا الكتاب العربي الجديد، هو نتاج مسيرة سنوات من الكفاح من أجل الهايكو، من أجل الأدب، من أجل الثقافة، من أجل تاوريرت، من أجل وادي زا، من أجـل مهرجان وادي زا الأدبي والثقافي الدولي السنوي الذي تنظمه جمعية وادي زا للثقافة والإبداع والتنمية في تـاوريـرت في المغرب، الجهة التي أصدرت الكتاب". نص هل تسمين الذي ألقى هياما؟ أم جنونا بالأماني؟ أم غراما؟ ما يكون الحب؟ نوحا وابتساما؟ أم خفوق الأضلع الحرى، إذا حان التلاقي بين عينينا، فأطرقت، فرارا باشتياقي عن سماء ليس تسقيني، إذا ما؟ جئتها مستسقيا، إلا أواما * * * كم تمنى قلبي المكلوم لو لم تستجيبي من بعيد للهوى، أو من قريب آه لو لم تعرفي، قبل التلاقي، من حبيب! أي ثغر مس هاتيك الشفاها ساكبا شكواه آها.. ثم آها؟ غير أني جاهل معنى سؤالي عن هواها أهوشيء من هواها.. يا هواها؟ * * * أحسد الضوء الطروبا موشكا، مما يلاقي، أن يذوبا في رباط أوسع الشعر التثاما، السماء البكر من ألوانه آنا، وآنا لا ينيل الطرف إلا أرجوانا ليت قلبي لمحة من ذلك الضوء السجين أهو حب كل هذا؟! خبريني هل كان حبا بدر شاكر السياب شعر: "اسـكـن في قلب أســد، ولا تسكن في قلب إنسان.. فالإنسان كما يقال، بئر عميقة معتمة"، عـبـارة ارتمــت مـن عـ رفـوف المكتبة، فاقتحمت عقلي وقلبي بسلاستها، وأيقظت سلاسل الـحـ يـة المــوجــودة داخ ـل كـل مـنـا، فأمسكت بالكتاب و"فلفشت" بين أوراقــه كأنني أبعثر حفنة من أوراق الـورد، وأنتظر رؤيتها تطير نحو السماء، ضائعة بـ نسمات الـهـواء، فإذا بالكتاب الذي يحمل اسم "سم في الهواء" للكاتب جبور الدويهي يطير من على رفوف المكتبة ليستقر في حقيبتي. وصلت المنزل، وضعته بين رفاقه من الكتب التي أتوعد قـراءتـهـا، رغــم أنـنـي لا أجد الوقت الكافيفي ظل ما يعصف بحياتنا من مشاغل وهموم، لكني كنت دائما متوضئة بخرير الأمل، متيقنة بعظمة الحروف ومـتـعـطـشـة للقصص التي تشعرني بالنشوة الأدبية، ومرت بضعة أيـام والكتاب يستأنس برفاقه، إلى أن صعقت في أحد الصباحات المشرقة بخبر قاتم، هو وفاة الكاتب جبور الدويهي. بداية محزنة لقراءة ممتعة توجهت إلى رفـوف مكتبتي المتواضعة، وعاودت "الفلفشة" ، أقرأ بسطحية 207 بين أوراقه الـ رواية، بطلها الراوي الذي ينخرط في سرد الأحـــداث انطلاقا من ذاته ومن منظوره، شعرت لوهلة أن شيئا ما قد فاتني وأن الحياة غدارة، التقطت أنفاسي، وبدأت ارتشاف قهوتي على استهلالية الفصل الأول "سِفر الخروج"، تعرفت خلاله على الراوي، الابن الوحيد لأم دائمـة القلق على وحيدها، وأب يعمل في صناعة الأحـذيـة، وعمة مصابة بشلل نصفي، يعيشان في طرابلس قبل أن ينتقلا إلى حـي آخـر، "حملت أمــي أوعـيـة أزهـارهـا والإنجيل، تمسك أبي بالبريل كريم يلمع به شعره، وبقارئ الأسطوانات وأغلبيتها بصوت محمد عبدالوهاب، جمع عدة مصلح الأحذية ونقلها إلى البيت الجديد، لأن وصوله إلى حانوته الواقع في الحي المقابل بات غير آمن". فصل عاطفي يستكمل الكاتب في فصل آخر يحمل عنوان "مراس الحب والكتابة" رحلته، فيتعرف على فتاة، سألته عن الحياة في البلدة الجديدة، فأجابها "هذه القرية أشبه بالمنفى الجميل لأصحاب النفوس المكسورة، الهاربين مـن أعـبـاء العيش تـوقـا إلى سكينة مستحيلة"، وكانت تلك البداية لعلاقة جنونية يصفها الكاتب بالتفصيل المشوق، فكان يكتب لها، يقول: "أي لذة ستجد صديقتي عندما أكتب لها في إحــدى الرسائل: الأمــوات يـحـدقـون فـيـ حـولـهـم، لا يصدقون انفعالنا، أبله الساحة يـ ب من عين المـاء ويضربه الحنين إلى بلاد لم يغادرها"، وما كاد هذا الفصل أن ينتهي حتى انتهت قصة الحب، فيقول: "لا تأمنن إلى النساء ولا تثق بعهودهن.. فرضاؤهن وسخطهن معلقان بـصـدورهـن"، وهـذه النهاية كانت البداية للانتقال من مصر إلى بيروت. نحو السياسة وهـنـا بـــدأ فـصـل "قمقم المدينة"، حيث بدأ الراوي ينخرط في العمل السياسي "سافرت مع صديقين جديدين إلى عمان في الطريق إلى غور نهر الأردن للالتحاق بالعمل الـفـدائي"، يـروي لنا مـاذا كـان يفعل هو وصـديـقـه الـــذي يـتـحـول إلى خطيب في شارع المصارف ضد الرأسمال المالي، "يلفت أنظار المــارة ويسترسل حـول الدين والمـدرسـة والعائلة، يسميها أجهزة الدولة الأيديولوجية التي تعيد إنتاج علاقات السيطرة الطبقية بالتدريب على الطاعة وقبول الظلم كما هو، ومعاقبة الخوارج المتمردين". واستمرت قضية النزوح في فـصـل جــديــد يـحـمـل عـنـوان "أبيفانومان"، حيث انتقلا إلى منطقة الأشرفية، التي استقبلتهم في فصل يحمل اسم "أشباحي الألـيـفـة"، كالناجين مـن هلاك مؤكد، "شدوا على أيادينا ورحبوا بعودتنا بين أهلنا.. كدت أصحح لهم أننا لسنا من العائدين لأننا لم نقم هنا يوما، بل نحن وافدون جـــدد، نضيع في شـوارعـهـم التي اكتشفت أنها تلتف حول بعضها كالمتاهة، كلعبة السلالم والأفـاعـي، لكنني لم أرغـب في تنغيص فرحتهم بنا". يفوز بالنساء يـ ك أهله والبيت وينتقل للعيش وحـده في أحد فنادق العاصمة البسيطة، غريبا بين أناس يجهلهم ويجهلونه، ويبدأ في "فصل النساء" وهو يروي ما جرى له من مغامرات مع النساء، ينتهي بـه الأمـــر مـطـرودا من الفندق بعد استياء صاحبه من مغامرته مع زوجته "كان فوزي بهن سهلا في فندق العبور هذا.. أبسط لهن أحيانا ألغاز الشرق بلغتهن الأم، فآخذهن بدوري ستارا أطيل به ذهولي عن الثقب الأسود في حياتي". زواج ثم سجن انـتـقـل إلى حـيـاة جـديـدة في منزل مستقل مـع معلمة الفلسفة، التي تزوجها بعد أن تحول إلى "الأشوري المؤقت"، هــذا المـذهـب الـــذي اعتنقه مؤقتا ليتمكن من الـزواج بها، بعد تعذر عقد قرانهما عند أي من طائفتيهما. انتقال آخر مهم ولافـت يحدث في حياته، إثر دخوله السجن حيث أمضى ما يزيد على عامين، بعد ضربه زوجته وكــره يدها واتهامه بمحاولة قتلها، ويبدو أنه دخل السجن طوعا "سجينا متطوعا"، راضيا بمصيره. مصير مأساوي للأصدقاء وفي فصل "الــســويــداء"، يـبـدو مستخفا بـكـل مــا في الـعـالم الـخـارجـي، بماضيه كما بمستقبله، ويبني علاقات إنسانية مع السجناء ويخرج منه بصداقة تركت أثرها في نفسه لاحقا. بعد خروجه من السجن يجد نفسه وحيدا بعد غياب آخر أصدقائه ورفاقه في الحياة، ابن خالته أسود البشرة الذي عاد إلى إفريقيا، وصديقه السوري الكردي الآتي من سورية وقـد تعرف إليه في السجن، وكان الراوي قد ساعدهما ماديا ومعنويا، غـادر كل منهما إلى البلد الذي أتى منه "ياماسوكرو وتـل الـذهـب" إلا أنـه يكتشف أن كليهما لقي مصيرا مأساويا، الأول يختطف ويختفي، والثاني يموت غرقا في محاولة هجرة غير شرعية إلى أوروبا. العزلة الأبدية يقرر هجر المدينة وضواحيها، وينقب عن بيت معزول في قرية مشرفة على بيروت، حيث يدخل في عزلة طوعية وكلية منقطعا عن العالم، وفي ختام روايته يقول: "الآن بعدما دار الزمن دورتــه كاملة، سيقرع الرجال بابي.. سيأتون عند انبلاج الفجر وسأكون نائما، سأستفيق ولن أفـتـح، ولـن أســأل صـارخـا من هـنـاك؟.. سيقدمون على خلع الباب.. يدورون على أنفسهم فلا يجدون شيئا، المكان مكشوف ولا مجال للاختباء فيه، سيسقط في أيديهم ولـن يعرفوا أنني لوحت بجناحي، وفي أول إقلاع صباحي، حلقت مـع الحمام بعيدا نحو السماء الزرقاء حيث اختفيت، أنا والـرف في الأفق البعيد". أغلقت الــروايــة مقشعرة الـبـدن، ها هو الكاتب جبور الدويهي يـودع قــراءه برواية، يلمح في نهايتها إلى المـوت، كأنه كان يشعر أنه على أعتاب الرحيل، فأصدر الرواية ورحل، دون أن يشهد نجاحاتها، فهنيئا لنا بـالإرث الثقافي الـذي تركه الراحل، وله الرحمة في مثواه الأخير. حياته ومؤلفاته بـدأ جبور الدويهي حياته الأدبــيــة بمجموعة قصصية عنوانها "المـــوت بـ الأهـل ، لتأتي 1990 نعاس"، صـدرت بعدها روايته الأولى "اعتدال ، بعد ذلك 1995 " الـخـريـف نراه يتمركز في حكاياه أكثر في طرابلس وزغرتا من خلال "ريا ، و"عــ وردة" 1998 " النهر ،2006 " ، و"مطر حزيران 2002 ، و"حي 2010 " و"شريد المنازل ، و"طبع في 2014 " الأمـ كـان ، و"ملك الهند" 2016" " بيروت ، ومـــن ثــم "ســـم في 2019 الهواء". يسدل الستارة على حياته بين دفتي كتابه الأخير الروائي جبور الدويهي .. حكاية نزوح وسجون وشجون أصدر الكاتب الرواية ورحل دون أن يشهد نجاحاتها .. إرث ثقافي تركه الراحل جبور الدويهي من بيروت أميرة حمادة
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=