aleqt (10153) 2021/07/29

12 NO. 10153 ، العدد 2021 يوليو 29 هـ، الموافق 1442 ذو الحجة 19 الخميس الثقافية لم يكد مسلسل "رشــاش" السعودي ينهي منتصف مشواره حتى ثارت الأسئلة حول حقيقة الأحـــداث التي تعيد إحياءها الدراما البوليسية، وتنسج منها حكاية لم ترو من قبل، بعد أن بقيت دفينة الأدراج لثلاثة عقود، في وقت كانت فيه حديث كل بيت فيثمانينيات القرن الماضي. "لـيـسـت كــل الـحـقـيـقـة".. هكذا صرح نجوم العمل عن مسلسلهم، الذي تصدر أحاديث المجالس وقـائمـة المواضيع الأكثر تداولا ورواجا عبر منصات التواصل الاجتماعي منذ عرض حلقته الأولى، وكان صناعه أكثر دقـة وصراحــة حينما كتبوا في بداية كل حلقة من حلقاته عبارة أن "المسلسل مستوحى من أحـداث حقيقية"، عن قصة من أرشيف الجهات الأمنية توثق جرائم قاطع الطرق الشهير، وآن لأحداثها أن تروى أخيرا في مسلسل سـعـودي بمواصفات عالمية. مولد النجوم بعد انتظار طويل، آن الأوان لأن يتجه الإنتاج السعودي إلى القصص الواقعية التي تلامس حياة الناس، فكان "رشــاش"، المسلسل الـذي يحاكي جرائم ارتكبتها عصابة الشاب رشاش من قطع طـرق وتهديد للمارة ونهب وسرقــة، انتهت بتنفيذ حكم القصاص بحقه في مدينة الرياض. ولأن الحكاية مليئة بالتفاصيل، كــان مسلسل "رشــــاش" ثريا بالأحداث والمواقف الـــعـــصـــيـــبـــة، وفي خطين مــتــوازيــ ، يتتبع العمل حياة رشاش وعالمه الإجرامي، وفي موازاته حكاية الضابط فهد، الـذي يكرس كل جــهــوده للقبض عــى رشــاش وتفكيك عصابته، والانتقام لمقتل شريكه وزميله عل يد العصابة، حيث يصور العمل جانبا من العمليات المعقدة لأجهزة الأمــن وبطولاتهم من أجل تتبع رشاش وأفراد عصابته واستباق تحركاتهم والتصدي لهم وتقديمهم إلى المحاكمة. ويسجل "رشــاش" بأنه كان مولدا لنجوم الدراما السعودية الحديثة، الذين استطاعوا أن يكسبوا رهان الجمهور، وأولهم النجم يعقوب الفرحان، الذي نـجـح في تـجـسـيـد شخصية جهيمان وأحداثها في مسلسل "الـعـاصـوف" في جزئه الثاني إلى جانب الفنان ناصر القصبي قبل نحو عامين، ويجسد اليوم شخصية زعيم العصابة رشاش، ومــن خــ ل أدواره المنتقاة والناجحة، أصبح الفرحان عل رأس مكاسب السينما والدراما السعودية آخـر عـرة أعـوام، ومــعــه نـخـبـة مـــن الـفـنـانـ السعوديين الذين دلف بعضهم من خلال "رشاش" عالم التمثيل للمرة الأولى فلمع نجمهم، حيث يشارك في البطولة نايف الظفيري، خالد يسلم، فايز بن جريس، حكيم جمعة، عبدالله البراق، إبراهيم الحجاج، أيمن مطهر، سمية رضا، والفنان فيصل الدوخي صـــائـــد الــجــوائــز السينمائية. أما التأليف، فكان لتوني جوردان كاتب السيناريو التلفزيوني البريطاني الشهير الحائز جـائـزتي "إيمــي" و"بافتا"، وفي رصيده عدد مـن الأعـــ ل العالمية، وكتب العمل دراميا كل من الشيخة سهى آل خليفة وريتشارد بيلامي، وإخـــراج البريطاني كولن تيج الفائز بجائزة "إيمي" والمرشح لجائزة "بافتا"، ويعرض عل منصة "شـاهـد" بـواقـع حلقة أسبوعية مدتها نحو ساعة من الـزمـن، حيث تعرض منتصف الليلة حلقته السادسة، من أصل ثماني حلقات. ليس وثائقيا بـطـل المـسـلـسـل يعقوب الفرحان، المقل في ظهوره عبر منصات التواصل، تحدث في مقابلة تلفزيونية بأنه خضع أمام 2020 لتجربة أداء بداية مخرج العمل، التي انطلق بعدها مباشرة التصوير، وبين أن العمل مستوحى من القصة الحقيقية، وليس تجسيدا أو وثائقيا أو سيرة ذاتية لرشاش المجرم الشهير في ثمانينيات القرن المـاضي، لكنه يروي قصة مثيرة قادرة عل كسب اهتمامه وإبهاره. وأكــد الفرحان أنهم تلقوا تدريبا عل الأسلحة والقنص، فيما اهتم فريق العمل بأغلبية المشاهد الخطرة، مستعينا بـــبـــدلاء ومــحــرفــ ، ع ـدا مشاهد الفنان فايز بن جريس بشخصية "عـمـر"، الــذي أدى مشاهده بنفسه، ولا سيما مشاهد المطاردات التي تتطلب القيادة بتهور وسرعة. وكـان للحرية والثقة اللتين أولاهــــ المــخــرج الـ يـطـاني للمواهب السعودية دور في إبراز إمكاناتهم، وجعل الشخصيات حقيقية، ما أدى إلى تفاعل الناس مع القصة وأحداثها، عل حد تعبير الفرحان. ويعود يعقوب الفرحان ليؤكد أن القصة تتطرق إلى شاب توفي والده في طفولته، وعانى وضعا مـاديـا صعبا، وتـولـت والدته تربيته، إذ بذلت ما في وسعها لتصنع منه رجلا، لكنه كبر وفي داخله الصراع الذي عاش معه، وسرعان ما راح يبرر لنفسه طريق الـر الـذي سلكه، في مـوازاة اكتشافه عمليا مقدار ما يملكه من كاريزما وتأثيرفي الآخرين. فـيـ أكـــد الــفــنــان نـايـف الظفيري، الـذي أدى شخصية الضابط فهد، تلقيهم تدريبات رماية حية عل أيدي مختصين، واتفق معه زميله فايز بن جريس، مبينا أن العمل تم في ظروف قاسية مثل فتة الحظر الكلي والإغــ ق الـذي فرضته جائحة كورونا، فضلا عن أجواء الصحراء الحارة وقسوتها. لا ينتمي إلى هذا العالم مـا بـ الخير والـــر، كانت شخصية "عـمـر" إحـــدى أهم مفاصل المسلسل، فهو صديق رشـــاش الـــوفي الـــذي يحمل مشاعر متناقضة، يتغلب فيها الخير عل الش حينا، ويحمل براءة في داخله دائما، وعاطفة يستشف المـشـاهـد من ملامحها أنـه لا ينتمي إلى هذه الثلة. شخصية عمر، التي يؤديها ابـن جريس، تكشف عن صراع داخـ لشاب أجـ عل دخول هذا العالم الإجرامي، ويعجز عن إيجاد مخرج، في انفعالات نفسية متعبة، تعايش معها الفنان وحمل أفكارها خلال تصوير امتد ساعة في اليوم، طيلة 13 لنحو شهور، إلى درجة جعلته يتحدث مع المحيطين به وكأنه عمر فعلا. يعرف فايز بنفسه كممثل، ،MBC بحسب بيان لمجموعة بأنه شاب سعودي نشأ في قرية قريبة من الرياض، وانتقل إلى أمريكا لدراسة منصات التواصل الاجتماعي، فيما يخوض أيمن المطهر أول تجاربه التمثيلية في "رشــاش" من خلال مصلح، الشخصية الهادئة من الخارج وفيها كثير من الغموض، وتعتمد عليها العصابة في تنفيذ المهمات الخطرة التي تحتاج إلى قرارات جريئة، لكنه شخصية عنيفة من الداخل، وأهدافه ضبابية وغـ واضحة، ولديه نـوع من المتعة في تنفيذ الأعمال العنيفة وغير الإنسانية. وكـانـت مـفـاجـأة المسلسل النجم إبراهيم حجاج، الذي انتقل من "الستاند أب كوميدي" إلى تجربة "الأكـشـن"، مقدما شخصية قحص، الرجل المخيف والقوي، الشير والمتبلد عاطفيا، كما يقول،فيحين يؤديشخصية الأخوين سلطان ومهل الفنانان حكيم جمعة وعبدالله البراق. فسلطان أصغر أفراد العصابة سنا، لكنه طريف وسليط اللسان، والأقل إدراكا للعواقب، ودائم التشكيك في قـــرارات رشـاش، لكونه قليل الثقة بالآخرين، فيما نالت شخصية مهل وابــ من الإشادات عل منصات التواصل، الذي أجاد اللهجة وظهر كأنه رجل عصابات مطابق تماما لما هو في مخيلة الجمهور. الأقوى تأثيرا حين نتناول مسلسل "رشاش" من حيث تأثيره في المشاهدين، قد يكون هو العمل الأكثر تأثيرا خليجيا، بعد مسلسل "طاش مـا طـــاش" الـشـهـ ، والعمل الـسـعـودي الأول الــذي يكسر في موقع 10 من أصل 9 تقييم العالمي المتخصص في IMDb الأفـ م، وأسهم في ذلك توافر ترجمة باللغة الإنجليزية. وبحسب حقائق أرقام نشتها منصة "شـــاهـــد"، فـــإن كلمة "رشاش" تصدرت عمليات البحث عـى "جـوجـل" داخــل المملكة يوما الماضية، محققا 30 خلال الـ طفرة، كأعل نسبة نمو في حجم البحث، فيما ظل اسـم الفنان يعقوب الفرحان في قائمة الأكثر بحثا عل "جوجل" لثلاثة أسابيع، ومشاهدات للقطات المسلسل مليون 11 عل المنصة تجاوزت مشاهدة. في المائة 70 وكشفت عن أن من المشاهد تم تصويرها في الصحراء، من بينها ستة انفجارات رئيسة وأخـرى فرعية، في وقت 120 كان يتطلب وجود أكثر من شخصا في المــوقــع لتصوير مشهد واحـد، وتدريبات لفريق العمل عل الحركات الصعبة، كما ممثلا بديلا 24 تمت الاستعانة بـ ومحتفا لتنفيذ المشاهد الخطرة، لتؤكد هـذه الأرقــام والحقائق خطورة التجربة وقدرتها عل الارتقاء بالأعمال السعودية إلى مستوى متقدم عربيا وعالميا، وولادة مواهب جديدة تـــتـــصـــدر المـشـهـد مستقبلا. من أرشيف الجهات الأمنية مستعيدا أحداث الثمانينيات «رشاش» .. بطولات الأمن ضد أخطر مجرم الضابط فهد ولادة مواهب جديدة تتصدر المشهد مستقبلا. من الرياض جهاد أبو هاشم % من 70 المشاهد تم تصويرها في الصحراء تطلبت وجود شخصا 120 أكثر من لتصوير مشهد واحد غالبا ما تكون الأعمال المتمردة عل قواعد التصنيف الأدبي نوعية في مضمونها، لقدرة أصحابها عل إبداع إيقاع جديد في الكتابة والتأليف، يمزج في محتواه بين ضوابط أكثر من جنس أدبي. كان هذا حال بهروز قمري، الأكاديمي الإيـــراني أسـتـاذ علم الاجـتـ ع والتاريخ في جامعة برينستون الأمريكية، في مؤلفه الصادر باللغة الإنجليزية، بعنوان: "تذكر أكــ : داخــل الـثـورة الإيـرانـيـة" )، والمـرجـم حديثا إلى 2016( اللغة العربية، "قافلة الإعـدام: مـــذكـــرات سـجـ في طـهـران" )، حيث يجد القارئ نفسه، 2020( صفحة، في منزلة 270 طيلة وسطى بين المذكرات والرواية. يمزج كتاب "قافلة الإعدام" بين التأمل والتوثيق والـرأي، فحضر التأريخ لذاكرة الثورة الإيرانية، ومعهسرد جرائم أصحاب العمائم في حق الشعب الإيراني، وظهرت الهواجس ومعها الأماني والأحلام، فيما يشبه سجل يوميات للراوي، أو البطل "أكبر" الاسم التنظيمي لبهروز قمري، خلال فتة الاعتقال. وبينهما صرف الكاتب المواقف السياسية لـرائـح واسـعـة في المجتمع، حول مجريات الأحداث في الساحة الإيرانية بعد الثورة. ما سبق نسج خيوط تجربة روائية بمسحة أكاديمية، حـول العقد الأول للثورة الإيرانية، بانتصاراتها وانكساراتها، من خلال تحولات حياة أناس عاديين. دافع قمري عن هذا الأسلوبفي الكتابة، في أكثر من حوار ومقابلة، فقد منحه فرصة التعبير بحرية أكبر عن لواعج وأحوال المعتقلين السياسية والإنسانية، في لحظة تحول تاريخية "ملهمة" بالنسبة إلى كثيرين، وإن كانت بعض تفاصيلها مجهولة داخـل إيــران وخارجها، وأتاح له إمكانية الخروج عن ردهات "أدب السجون"، بما يعنيه منسرد مأساوي للحياة داخل المعتقل، وما يرافقها من بطش وعنف وعسف سياسي، نحو التكيز عل الجانب الإنساني، وذلك بإنعاش الذاكرة بتفاصيل دقيقة وحميمية من عالم السجناء، تجعلهم في أعين القراء بشا عاديين أكثر منهم أبطالا، يتحدثون ويتصرفون كأي إنسان آخر يتحرك في ضوء شبكة معقدة من التفاعلات، اندمجت فيما بينها بشكل إرادي أو لا إرادي، فألقت بهم في السجن باعتبارهم أعداء للثورة. حـــاول رجـــال المــرشــد جهد الإمكان التويج لسردية مثالية حول الثورة الإيرانية، لكن الواقع اليومي بحكاياه وأخباره، يصر عل خدش الصورة بحقائق صادمة ومؤلمة، عن ثورة مسروقة، من خلال ذكريات أقاربه وأصدقائه عـن إيـــران، قبل دخـولـه سجن الخميني وبعده. ذكريات كشفت - كما جاء عل لسان السارد - عن تحولات عميقة داخـل إيـران، فقد كشفت عن "التعطش إلى السلطة وتحول الأصدقاء إلى أعداء، والثوار إلى موظفي أمن، والسجناء إلى محققين، وقادة المجتمع إلى جواسيس، وأفراد العصابات المدنيين إلى قتلة، والمعلمين إلى شرطة أخلاق، والطلاب إلى مخبرين...". نسجت هـذه التحولات داخل المجتمع بتفاعلاتها المختلفة خــيــوط قـصـص الشخصيات التي تشارك معها قمري حجرة المحكومين بالإعدام، في سجن إيفين السيئ السمعة في إيران، وتخللها بين الفينة والأخرى سرد لــتــجــارب إنسانية مـؤثـرة في صدقيتها وصدقها، تفيض ألما وحبا للحياة، عاشها سجناء ينتظرون الإعدامفي غياهب السجن، فيملأون فراغات المـوت بالموسيقى الكلاسيكية والــــشــــعــــر والأحـــ م. ذلك بـــعـــدمـــا قـــرر نـظـام المــ لي تسجيل حقوق ملكية الــثــورة بـاسـمـه وحـــده، مــقــررا تصفية اليسار الإيـــراني بمختلف تلاوينه بـشـكـل وحـــي، عبر قوافل الإعدام التي ذهب ضحيتها آلاف المـنـاضـ ت والمـــنـــاضـــلـــ الثوريين. نجح الـروائي في تلبس كل شخصية من المعتقلين، ونقل بلسانهم أهـــم الأحـــــداث الــتــي سبقت اعتقاله وسجنه، وضمه إلى فئة المحكومين بــالإعــدام، واصفا الوضع داخل سجن إيفين الشهير المثقل بأعمال التنكيل التي كانت ترتكب بحق المعارضين. وكشف عن أهوال ما يجري هناك، في عبارة بليغة أوردها رجل سجن، "دخلت عموديا وستغادر أفقيا". ما أكثر قصص الثورة التي تأكل أبناءها، التي يسردها الكتاب، بعدما استولى المرشد عل الحكم في إيـران، وأحيانا ظلما وجورا، كحال السجين نصرالله، الذي اعتقلوه بدلا من أخته الصغيرة، "جاءوا من أجل أختي. لم تكن في المنزل فأخذوني. لا يمكنني فعل شيء لأختي. لم أرها منذ أشهر"، أو الخال حسينصانع الأحذية "لم يكن الخال حسين رجلا سياسيا، كان صانع أحذية، صانعا جيدا للأحذية، لم يكن يهتم بالاتحاد أو العمال أو الملكية أو الاشتاكية". نقل الكاتب مقاطع معبرة عما يجري خلال أطوار التحقيق داخل المعتقل، "عند نهاية التحقيق في ذلك الوقت شيء من اثنين، إما أنهم ظنوا أنك كنت مذنبا لا يمكن تخليصك، وتستحق أن تعدم، وإمـا أنك كنت تافها، ويجب أن تبقى في السجن حتى إشعار آخر". وفي لحظة ما يدخل القارئ معه إلى غرفة التحقيق "نهضت أخطو 12 في الغرفة التي كـان طولها قدما، وعرضها تسع أقدام، لفتت قطرات ولطخات الدم المرشوشة عل الجدار انتباهي، بعد بضع دورات فقط مـن الـسـ جيئة وذهابا. من المفتض أنهم تركوا اللطخات عل الجدران كتذكير بكل اللغات الأخرى التي جرى التحدث بها هنا". يكشف الراوي عن أن كل ما يتم من إجراءات شكليات لن تغير شيئا في مصير المعتقلين، كما عبر عن ذلك محقق بقوله: "دعني أقول لك هذا، لسنا بحاجة إلى أن تخبرنا أي شيء حقا، الأسئلة بالنسبة إلينا هي لنرى هل أنت جاهز لتحمل مسؤولية ما فعلته، وإبداء الندم، ليست المعلومات هي ما نريده، نحن بحاجة إلى أن نحدد أين تقف الآن، هذا عائد إليك". وفي سياق الحديث عن معتقل آخر، ينقل عل لسان المحقق "نحن بحاجة لأن نحدد هل تغيرت وتريد أن تصلح الضرر الذي سببته أنت ورفاقك للثورة، أم أنك تنوي الاستمرار في مخططاتك وعصيانك". المعاناة النفسية للمعتقلين حضرت بقوة في الرواية، في شكل حــوارات داخلية، تكشف خوفا ممزوجا بالرهبة لـدى السارد، "فـكـرت في كـل المشتبه فيهم المحتملين، وكيف كانت علاقتي بهم، ما الذي عرفه كل واحد منهم عني، وكيف يمكنني أن أبتكر قصة قابلة للتصديق في كل حالة، ليس لحماية نفسي فقط، إنما لإنقاذهم أيضا"، ويتابع مناجاته في موضع آخــر، فيقول: "ليس هناك ما يمكن قوله، واجـه الأمـر، إما أن تعتف وإما أن تموت، ليس الأمر بذلك التعقيد، هل أنـت خائف من الموت؟ لا، أنا لست خائفا من الموت، بصدق أنا لست خائفا من الموت". مع كل صفحة في الكتاب يتيقن القارئ أن البون شاسع في إيران بين القمة والقاعدة، وأن الوعي الجمعي بـأن النظام أسـاس كل مشكلات الدولة في تزايد وارتفاع. ولا أدل عل ذلك مما قاله "أكبر" ،1984 عشية خروجه من السجن بعد إصابته بمرض السرطان الذي صـار منقذا لـه، عندها اقتبت منه إحدى الأمهات وسألته "كيف الوضع في الـداخـل؟"، فأجابها "نحن بخير في الــداخــل"، ثم الـعـبـارة المنقوشة عـى كرسي التحقيق التي اختارها عنوان فصل في الكتاب "هذا أيضا سيمر". سرد جرائم أصحاب العمائم في حق الشعب الإيراني «قافلة الإعدام» .. قصصمن أقبية سجون إيران «إما أن تعترف وإما أن تموت، ليس الأمر بذلك التعقيد». من الرباط محمد طيفوري نقل الكاتب مقاطع معبرة عما يجري خلال أطوار التحقيق داخل المعتقل. المعاناة النفسية للمعتقلين حضرت بقوة في الرواية.

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=