aleqt (10150) 2021/07/26
الرأي التعافي من هذه الأزمة سيستغرق أعواما بالنسبة لمعظم الدول. لكن التحدي الأساسي أمام هذا الجيل من صناع السياسات يتمثل في إلهام الجيل المقبل لإعادة بناء مستقبل أكثر إشراقا. وعليهم اغتنام فرصة هذا التحدي، والتحلي بالجرأة مع وصول الأزمة الحالية إلى مفترق طرق. فالجمع بين الإصلاحات الداعمة للنمو والإنفاق من أجل التعافي سيؤدي إلى تحقيق الرخاء الذي وعدنا به مواطنينا، .19 - وهو ما يحدد مصيرنا في عالم ما بعد كوفيد اغتنام الفرصة لبناء عالم داعم للنمو فيما بعد الجائحة منذ ، أنفقت الحكومات 2020 ) آذار (مارس تريليون دولار لتقديم الدعم 16 المالي أثناء الجائحة، وقامت البنوك المركزية على مستوى العالم بزيادة ميزانياتها العمومية بقيمة تريليون دولار. وقد بلغت 7,5 مجمعة قدرها العجوزات أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، وقدمت البنوك المركزية كما من السيولة في العام الماضي يتجاوز ما قدمته في العشرة أعوام الماضية مجتمعة. وكان هذا ضرورة لا غنى عنها فأبحاث الصندوق تشير إلى أنه لولا الإجراءات التي اتخذها صناع السياسات لوصل الركود الذي وقع في العام الماضي، وكان أسوأ ركود في وقت السلم منذ حقبة الكساد الكبير إلى ثلاثة أضعاف المستوى الذي بلغه بالفعل. هذا هو ما آل إليه الحال، والسؤال هو إلى أي وجهة نتجه؟ في العام المقبل، مع تزايد إنتاج اللقاحات وأعداد متلقي التطعيم، وإعادة فتح مزيد من الاقتصادات، ينبغي أن يخطط صناع السياسات لتحول جوهري من السعي لإنقاذ اقتصاداتهم من الانهيار إلى تقوية هذه الاقتصادات لمواجهة أحداث المستقبل من خلال إصلاحات تركز على النمو. نعلم أن بعض الإصلاحات الداعمة للنمو تم تأجيلها، إن لم يكن قد تم التراجع عنها، وأن الاقتصادات أصيبت ببعض الندوب الغائرة. فقد تريليون دولار نتيجة 15 خسر العالم ناتجا بقيمة ، مقارنة بما توقعه الصندوق 19 - لجائحة كوفيد . إن الطاقة التي 2020 ) في كانون الثاني (يناير وجهت للإنفاق على عمليات التطعيم وخطط التعافي ينبغي أن توجه هي نفسها إلى التدابير الداعمة للنمو من أجل تعويض خسارة هذا الناتج. ومـن شـأن الآليات المعززة لإعــادة هيكلة الديون أن تساعد على التصفية العاجلة للشركات التي لا تملك مقومات الاستمرار وعلى توجيه الاستثمار إلى أفكار مبتكرة وشركـات جديدة. ومن شأن تعزيز سياسات سوق العمل النشطة، بما في ذلك متابعة ودعم عمليات البحث عن وظائف، وإعادة التدريب، أن تساعد أيضا على نقل العمالة إلى وظائف واعدة بمستقبل أفضل في قطاعات من الاقتصاد تتمتع بدرجة أكبر من الديناميكية. أما تحسين أطر سياسات المنافسة - وهـو محل نقاش جـار على قـدم وسـاق في أوروبا والولايات المتحدة - وتقليل الحواجز أمام الدخول إلى القطاعات الجامدة، فمن شأنهما أن يضمنا عدم إحاطة الشركات بخنادق للحماية، وهو الشرك الذي وقع فيه صناع السياسات في العام الماضي. وحـول مستقبل أكـر إشراقــا، فـإن اغتنام اللحظة الراهنة لإجراء بعض هذه الإصلاحات الصعبة يعني أن المحفزات النقدية والمالية التي لا تزال تتدفق ستكون نقطة انطلاق نحو مستقبل أكث إشراقا واستدامة وليس عصا تتكئ عليها نسخة أضعف من الاقتصاد السابق على كوفيد . فاغتنام الفرصة يمكن أن يحقق أعواما من 19 - النمو الصلب والتحسن في مستويات المعيشة . وتشير تقديرات صندوق النقد 19 - بعد كوفيد الدولي إلى أن الإصلاحات الشاملة المعززة للنمو على مستوى أسواق المنتجات والعمل والأسواق المالية يمكن أن ترفع النمو السنوي في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بما يزيد على نقطة مئوية واحــدة في اقتصادات الأسـواق الصاعدة والاقتصادات النامية خـ ل العقد المقبل. وسيكون بمقدور هذه الدول أن تضاعف سرعة تقاربها من مستويات المعيشة السائدة في الاقتصادات المتقدمة عما كانت عليه في أعوام ما قبل الجائحة. وبالنسبة للاقتصادات المتقدمة، من شأن الزخم الدافع للنمو والإصـ ح أن تساعد على سداد الديون الناشئة عما قدم من دعم غير مسبوق، ما يوسع المجال أمام الاستثمارات الضرورية ويقلل الحاجة إلى رفع الضرائب. وإزاء ارتفاع التضخم عن مستوى التنبؤات وعدم التيقن من توقيت انحسار العوامل الدافعة له، فإن الإصلاحات الداعمة للنمو التي تستهدف جانب العرض تتيح الوقاية من أي مخاطر تضخمية مزمنة تنشئها الضغوط على جانب الطلبفي الولايات المتحدة والدول الأخرى. وبالنسبة لدول الأسواق الصاعدة التي تمكنت من الاحتفاظ بقدرتها على النفاذ إلى أسواق رأس المال العالمية، يمكن للإصلاحات أن تعزز أساسياتها الاقتصادية وتدعم ثقة المستثمرين فيها حتى مع تشديد الأوضـاع المالية، خاصة إذا استمر التضخم في الاقتصادات المتقدمة. أما في الدول منخفضة الدخل التي استنفدت حيز الحركة الذي تتيحه سياساتها، فإن عائد الإصلاحات الموجهة للنمو يمكن أن يكون كبيرا بما يكفي لتجنب التقشف المالي الشديد، ما يسمح لها بحماية الإنفاق الاجتماعي والصحي على المدى القصير مع تعزيز قدرتها على الاستثمار في رأس المال البشري على المدى الطويل. وليس من المحتم أن يتم كل ذلك دفعة واحــدة. فالتعافي من هذه الأزمـة سيستغرق أعواما بالنسبة لمعظم الــدول. لكن التحدي الأساسي أمام هذا الجيل من صناع السياسات يتمثلفي إلهام الجيل المقبل لإعادة بناء مستقبل أكث إشراقا. وعليهم اغتنام فرصة هذا التحدي، والتحلي بالجرأة مع وصول الأزمة الحالية إلى مفترق طرق. فالجمع بين الإصلاحات الداعمة للنمو والإنفاق من أجل التعافي سيؤدي إلى تحقيق الرخاء الذي وعدنا به مواطنينا، وهو ما .19 - يحدد مصيرنا في عالم ما بعد كوفيد ما حدث اختلاف لا خلاف " قبل + تابعت كثيرا الطرح الذي عقب اجتماع "أوبك أسبوعين تقريبا، الذي طرح فيه تمديد اتفاقية خفض ، واعترضت عليه الإمارات. 2022 الإنتاج حتى نهاية عام هذا الطرح منه السمين والموضوعي، ومنه الغث البعيد كل البعد عن الموضوعية، بل يعكس أمنيات طالما تمنوها وطالما ارتطمت هذه الأمنيات بالواقع وانكسرت وذهبت هباء منثورا، حيث سعى كثير من وسائل الإعلام، وكثير من الأقلام لتصوير هذا الاختلاف أنه خلاف بين السعودية والإمارات. بل تمادى البعض بصفاقة أن ما حدث هو من إرهاصات انهيار التحالف بينهما، وأن الخلافات عميقة ولم يظهر منها إلا رأسجبل الجليد، لن أسلط الضوء في هذا المقال على العلاقة بين السعودية والإمارات، ففي اعتقادي أنها علاقة غنية عن التعريف، وفوق الوصف، ولا تحتاج إلى الوقوف عليها وتوضيحها، وتفنيد مزاعم بل أقول أمنيات من ملأوا وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ضجيجا. بداية يجب التنويه والتذكير أن "أوبــك" بقيادة السعودية قامت وما زالت تقوم بتحرك مرن إيجابي واستثنائي يهدف إلى استقرار وتوازن أسواق النفط لمدة أطول، وهذه المرونة منقبة لها وليست مثلبة والأرقام تشهد بذلك، ولا أصدق ولا أجدى من لغة الأرقـام. السعودية دائما، كما أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، تلتزم بالمحافظة على تـوازن السوق، لتحقيق نمو اقتصادي عالمي قوي يساعد المنتجين والمستهلكين على تحقيق الازدهار، وأن النفط سيحتفظ بـدوره المستقر في توجيه دفة الاقتصاد العالمي، وسيظل حجر الأسـاس لمستقبل الطاقة المستدام، ونظرا لأهميته في تحقيق التقدم والازدهـار، ستبذل "أوبـــك" وشركـاؤهـا كل ما يتطلبه الأمـر للمحافظة على استقرار السوق وضمان عدم حدوث نقص في المعروض. عندما علق الأمير عبدالعزيز بن سلمان عقب الاجتماع "+ عما حدث، فهو يتحدث بصفته رئيسا لتحالف "أوبك 30 بمشاركة روسيا، ويتحدث من خبرة عميقة تجاوزت الـ عاما في هذا القطاع. نعم اعتراض الإمارات كان متأخرا وفي الجلسة الختامية، وكما أوضح الأمير عبدالعزيز أن هناك طرقا للتعامل مع هكذا اعتراضات ولها طرقها وإجراءاتها التي تكفل حق الجميع. ليس مهما الآن في رأيي تحليل ووصف ما حدث، فقد حدث وانتهى - ولله الحمد - باتفاق مرض لجميع الأطراف، وتمت مراجعة خط الأساس للإمارات والاتفاق عليه. الأهم أنه تم تجاوز هذا الاختلاف، فهو ليس الأول ولن يكون الأخير في أروقـة "أوبـك" وهذا أمر طبيعي. غير الطبيعي أن ينجرف البعض خلف هذه الحملات الإعلامية الموجهة، سواء بالسعي إلى تأجيج الرأي العام والتدليس وتشخيص القضية بين السعودية والإمارات، أو محاولة هز الثقة بـ "أوبك" وقدرتها على تجاوز الأزمات. دائما أقول: إن "أوبك" بقيادة السعودية وحلفاءها تتعامل دائما مع الواقع بحصافة وموضوعية ومهنية تخدم المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وتتعامل دائما مع الظروف الاستثنائية باستثنائية لا ينكرها منصف. سئل الأمير عبدالعزيز بن سلمانفي أحد المؤتمرات الصحافية عـن طبيعة الاخـتـ ف بـ السعودية والإمارات وكيف تم التوصل إلى حل؟ فقال: "أنتم تفترضون بكل غطرسة أنه ليست لدينا الموهبة الفنية والذكاء والدبلوماسية، وكنتم في غفلة كبيرة عما يربطنا ببعضنا، ما يربطنا أكبر بكثير مما نشرتم أنتم وغيركم مع الأسف". » 2 من 2 العالم الغني مدين للدول الجزرية « أشار تقرير صدر في الآونـة الأخيرة عن صندوق النقد الـدولي، إلى قياس التكاليف الإضافية التي تواجه الدول النامية الصغيرة في تحقيق أهداف التنمية التي 25 المستدامة، أن جميع الــدول الــ شملتها الدراسة جزء من مجموعة الدول الجزرية الصغيرة النامية باستثناء دولتين. ويخلص صندوق النقد الـدولي، مع تركيزه بصورة خاصة على التكاليف الإضافية لبناء بنية تحتية مستدامة في هذه الدول، وأن الدولة لا يمكنها تمويل 25 الجزرية الصغيرة الـ أهداف التنمية المستدامة بمفردها. إن تعهد المجتمع الدولي بعدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب في تحقيق التنمية المستدامة، لا يمكن الوفاء به إلا من خلال توفير تمويل إنمائي إضافي للدول الجزرية الصغيرة النامية. ومـع ذلــك، رغـم الاحتياجات العاجلة والمتزايدة بسرعة لعديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية، فإن هذه الأخيرة غير مؤهلة للاقتراض بشروط ميسرة من بنوك التنمية الرسمية، وصناديق المناخ الخاصة المنشأة حديثا. إذ يقال لها إنها غنية للغاية، حتى وهي تعاني كوارث بيئية مدمرة واحدة تلو الأخرى، حتى مع استمرار الوباء في شل اقتصاداتها وتعريضسكانها للخطر. وهناك ثـ ث طـرق رئيسة يمكن للدول الغنية، بل ينبغي من خلالها أن تسهم في تعويض الضرر الذي أحدثته. أولا، عليها أن تضخ مزيدا من رأس المال في بنوك التنمية متعددة الأطــراف بما في ذلك بنك الدول الأمريكية، وبنك التنمية الكاريبي، وبنك التنمية الآسيوي، وبنك التنمية الإفريقي. ومن خلال الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة في الأسـواق العالمية، يمكن لبنوك التنمية متعددة الأطـراف تحويل كل دولار إضافي من رأس المال المدفوع إلى خمسة دولارات إضافية أو أكث تخصص لقروضجديدة تقدم للدول التي هي في أمس الحاجة إليها. ثانيا، يجب على الدول الغنية فرضضرائب على شركـات الوقود الأحـفـوري للمساعدة على تغطية التكاليف العالمية المتزايدة الناجمة عن إنتاج الوقود الأحفوري. إن صناعة النفط والغاز تحتفظ بقيمة سوقية كبيرة، رغـم ضرورة تخلصها التدريجي من جزء كبير من منتجاتها الهيدروكربونية بحلول منتصف القرن. وبدلا من دفع أرباح ضخمة لمساهميها، عليها فرضضرائب على شركات النفط والغاز لزيادة الإيـــرادات حتى يتم تحويلها إلى الدول الجزرية الصغيرة النامية والــدول الضعيفة الأخـرى لتغطي تكاليف الأضرار المناخية والمرونة. ثالثا، يتعين على الدول الغنية فرضضرائب على طبقة أصحاب البلايين، خاصة الآن بعد أن ارتفعت ثروتهم إلى نسب لا يمكن تصورها. يحصلون 2755 فأثرياء العالم البالغ عددهم تريليون دولار، بزيادة قدرها 13.1 الآن على خمسة تريليونات دولار تقريبا منذ بداية الوباء. وأظهرت الإقرارات الضريبية التي تم تسريبها أخيرا، أن الأثرياء في الولايات المتحدة غالبا ما يدفعون ضرائب منخفضة بصورة غير متناسبة مع غيرهم أو لا يدفعونها. وينبغي أن يبدأوا في دفع نصيبهم العادل، بدلا من مجرد أخذ رحـ ت سياحية إلى الفضاء. ويجب توجيه الإيــرادات المضافة نحو احتياجات التنمية المستدامة الملحة، بما في ذلك احتياجات الدول الجزرية الصغيرة النامية. إن الـعـالم يقترب مـن نقطة الانهيار. فالأغنياء يأخذون اللقاح ويقصى الفقراء من ذلك، ينتجون انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويدفع الفقراء ثمن ذلـك. ويتمتع الأغنياء بمكاسب رأسمالية عالية بينما يفقد الفقراء وظائفهم وسبل عيشهم. لكن مصائرنا متشابكة في النهاية. فالأوبئة والأزمات البيئية العالمية لا تعترف بالحدود الوطنية. لذا تتطلب المصالح المستقبلية للعالم الغني العدالة، وحسن السلوك، واستراتيجية مالية عالمية تعترف بالاحتياجات الملحة للدول والشعوب الضعيفة، وتعالجها. خاص بـ "الاقتصادية" .2021 ، بروجيكت سنديكيت رغم الاحتياجات العاجلة والمتزايدة بسرعة لعديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية، فإن هذه الأخيرة غير مؤهلة للاقتراض بشروط ميسرة من بنوك التنمية الرسمية، وصناديق المناخ الخاصة المنشأة حديثا. إذ يقال لها إنها غنية للغاية، حتى وهي تعاني كوارث بيئية مدمرة واحدة تلو الأخرى، حتى مع استمرار الوباء في شل اقتصاداتها وتعريضسكانها للخطر. NO. 10150 ، العدد 2021 يوليو 26 هـ، الموافق 1442 ذو الحجة 16 الإثنين 11 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعدا رئيس التحرير عبدالله البصيلي سلطان العوبثاني مديرا التحرير علي المقبلي حسين مطر المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com جيفري ساكس / إيزابيلا ماسا * أستاذ في جامعة كولومبيا، ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة للأمم المتحدة * كبيرة الخبراء الاقتصاديين - شبكة حلول التنمية المستدامة للأمم المتحدة جيفري أوكاموتو * النائب الأول لمدير عام صندوق النقد، والمساعد بالنيابة لوزير الخزانة الأمريكي سابقا م. عبدالرحمن بن محسن النمري * مختصفي شؤون النفط
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=