aleqt (10134) 2021/07/10

الرأي الاهتمام بصناديق الأوقاف الاستثمارية تطور مهم في هذه المرحلة في ظل سعي المملكة إلى تعزيز مساهمة القطاع الاجتماعي والخيري بشكل أكبر للاقتصاد، بما يعزز من استدامة الموارد للجهات المستفيدة من الوقف. لذا، فإن المؤسسات التعليمية والخدمية بصورة عامة، إضافة إلى المؤسسات الخيرية والأفراد، ينبغي أن تفكر في خطط لإنشاء مجموعة من الصناديق الوقفية المتخصصة والعامة، بما يعزز من كفاءة واستدامة وشفافية إدارة أموال الأوقاف. الصناديق الوقفية ودورها في استدامة موارد البرامج الاجتماعية وقعت جامعة الملك عبدالعزيز مع البنك الأهلي السعودي برعاية من أمير منطقة مكة المكرمة، والرئيس الفخري للوقف، اتفاقية إدارة صندوق وقف لغة القرآن الاستثماري "مبين"، التي تهدف إلى تنمية الأصول الموقوفة للصندوق واستثمارها بما يحقق الاستدامة المالية لمشاريع لغة القرآن. وهذه المبادرة تعد تطورا في مجال الأوقاف، وتقدم تنوعا في مصادر التمويل، وتهدف إلى أن تكون إدارة مـوارد الوقف أكثر كفاءة. والحقيقة، أن هناك مجموعة من المبادرات فيما يتعلق بإدارة الوقف، وتوجد نماذج سابقة، مثل مجموعة من الصناديق التي تديرها شركة الإنماء للاستثمار، مثل صندوق الإنماء الوقفي لرعاية الأيتام، وصندوق الإنماء وريف الوقفي، الذي توقف وحداته لمصلحة مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية. هـذا التطور مهم في هـذا المـجـال، وهو الاستثمارات الخاصة بالأعمال الاجتماعية بصورة عامة. وهـذه مبادرات يتوقع أن تحقق نجاحا على المستويين المتوسط والبعيد للمؤسسات الاجتماعية، التي بادرت بإطلاق هذه الصناديق لتنويع مصادر تمويلها من خلال استثمار مواردها وأصولها، إضافة إلى تشجيع المتبرعين للإسهام في دعم مشاريعها الاجتماعية التي نلمس جميعا أثرها بصورة واضحة. يتميز هذا النوع من الوقف بالحوكمة، وأنه يعتمد معايير عالية في إدارة الصندوق، من خلال تسليم إدارة هذا الاستثمار إلى جهات متخصصة وذات كفاءة وخبرة في اختيار الاستثمار المناسب على المدى البعيد، كما أنها تعد ذات شفافية عالية، خصوصا بالنسبة إلى المتبرع، إذ إن هذه الأمـوال يتم الإشراف عليها من جهات حكومية متخصصة، لها خبرة في متابعة هذه الاستثمارات والتأكد من سلامة الإجراءات الخاصة بتلك الأموال. من المهم اليوم أن يكون هناك تشجيع لمجموعة من المؤسسات للعمل على إنشاء صناديقها الوقفية، أو تكون بإدارة من قبل جهات متخصصة، ليعزز ذلك من استدامة تلك الموارد، وأن تشجع المجتمع والمانحين على التبرع لهذه الجهات ،ما يعزز من كفاءة إدارة الأموال وتعزيز الشفافية والحوكمة ولعل الجامعات معنية بهذا الأمر بشكل كبير خصوصا المشاريع النوعية في مثل الاهتمام بالقرآن أو مشاريع تعليم اللغة العربية، والبرامج المجتمعية بصورة عامة، أو العنصر الأهم في الدعم، وهو البحوث العلمية في مختلف المجالات التي من شأنها أن تحقق استدامة في المـوارد للأبحاث العلمية، وزيادة الإنفاق عليها، من خلال مصادر متعددة. وقد أدرك العالم بعد الجائحة أهمية دعم البحوث لتسريع وتعزيز جودة النتائج. إنشاء الصناديق الوقفية يمكن أن يكون عاما، ويمكن أن يكون متخصصا في مجال محدد، وهذا يعتمد على موارد الصندوق، فإذا ما كان يستهدف دعما من قبل المانحين، سواء من القطاع الخاص أو الأفراد، فإن تخصيص نوع البرنامج يمكن أن يكون مناسبا بصورة أكبر، لكن إذا ما كان المورد هو أصول تابعة للمؤسسة التي أنشأت الوقف أو متحصلات من خلال برامج وأعمال ربحية، فإن المناسب أن تكون صناديق عامة للمؤسسة ذات مرونة في تحديد الأعمال التي تستفيد من هذا الصندوق، إلا أن المبادرة بإنشاء صناديق من هذا النوع ستعزز مبكرا موارد المؤسسات الاجتماعية والخيرية، بل الحكومية، خصوصا في قطاعي التعليم والصحة، وتجعل من خدماتها أكثر مرونة وتأثيرا. من المقترح في هذه المرحلة أن يكون هناك منصات تشرف عليها هيئة الأوقاف، تهتم بالتعريف والتشجيع، للإسهام في هذه الصناديق الوقفية، وذلك على غرار منصة إحسان، أو يمكن أن تدرج ضمن الخيارات المتاحة لمنصة إحسان، لتوحيد منصات التبرع، بما يسهل من الوصول إليها ويطمئن المجتمع فيما يتعلق بموثوقيتها، كما أن على الهيئة العامة للأوقاف مسؤولية التعريف بهذه الصناديق الوقفيةفي المجتمع، حيث تعد الأوقاف أحد أفضل خيارات التبرع، ويمتد أثرها إلى ما بعد وفاة الشخص، ويبقى ثوابها ما بقي أصلها، وأثره في المحتاجين. هذا أحد أهم الحوافز التي تجعل المجتمع أكثر إقبالا على المساهمة في الأوقاف، بل سنشاهد مستقبلا أن كثيرا من الناس سيميلون في وصيتهم إلى تسليم هذه الأموال لصناديق الأوقاف باعتبارها أكثر استدامة من الأوقاف التي تدار من قبل أحد أفراد العائلة، الذي قد لا يكون لديه الكفاءة والوقت لإدارة أموال وقف والده. فالخلاصة، إن الاهتمام بصناديق الأوقاف الاستثمارية تطور مهم في هذه المرحلة في ظل سعي المملكة إلى تعزيز مساهمة القطاع الاجتماعي والخيري بشكل أكبر للاقتصاد، بما يعزز من استدامة الموارد للجهات المستفيدة من الوقف. لـذا، فـإن المؤسسات التعليمية والخدمية بصورة عامة، إضافة إلى المؤسسات الخيرية والأفراد، ينبغي أن تفكر في خطط لإنشاء مجموعة من الصناديق الوقفية المتخصصة والعامة، بما يعزز من كفاءة واستدامة وشفافية إدارة أموال الأوقاف. لماذا يفضل القطاع الخاصالأجانب؟ » 4 من 1 « الأمر المستقر والسائد بين الاقتصاديين أن البطالة ترتبط بمعدل النمو الاقتصادي، إلا أنه كلما زاد النشاط الاستثماري في القطاع الخاص، ارتفعت معدلات توظيف الأجانب مقابل نمو محدود في وظائف السعوديين، ويمكن تفسير ذلك من خلال فهم السياق التاريخي لنشوء القطاع الخاص وطبيعة الاقتصاد الوطني وبعض المفاهيم الاجتماعية الخاصة بالعمل. تاريخيا، كانت قرارات التوطين تبنى على أسس تنظيمية وليست اقتصادية، أي دون اعتبارات لخصائص الوظائف الاقتصادية ومـدى ملاءمتها للمواطنين أو حتى معرفة تصنيفاتها من حيث المجموعات التي تنتمي إليها، مثل وظائف الأعمال الحرة الفردية أو المهنية أو وظائف الأعمال لدى الغير بأجور أو وظائفشركات تعتمد على استثمارات ضخمة أو تصنيفاتها كشركات حكومية أو مساهمة أو خاصة، إضافة إلى نوع استدامة تلك الوظائف كونها مؤقتة أم دائمة، وتجاهل طبيعة القطاعات الاقتصادية وميكانيكية عملها من منظور اقتصادي. أي أن سعودة الوظائف كانت في الماضي أمرا شموليا ويعاكس الخصائص الاقتصادية للوظائف وتفضيلات المواطنين، ولا سيما أن هناك عوامل اجتماعية وتاريخية وسلوكية وتشوهات في مفاهيم العمل لدى القطاعين الخاص والعائلي، شكلت لاحقا معوقات خفية جعلت البطالة تبدو بين المواطنين متجذرة وغير مشخصة، لذلك أخفقت قرارات سعودة وتوطين بعض الأنشطة، وأشهر تلك الأنشطة، الخضار والذهب وقطاعات التجزئة، في حين أن وزارة العمل سابقا، وبحسب الاستقراء العام لسلوك قراراتها تاريخيا، طبقت سياسات التجاهل المحمود في ملاحقة الأجانب حتى لا تؤثر في استثمارات القطاع الخاص أو على تلبية حاجات المستهلكين بسبب ندرة المواطنين للعمل في تلك الوظائف. في سياقنا التاريخي نفسه، ونتيجة للإيرادات الكبيرة، أنفقت الدولة بسخاء على كل شيء تقريبا، وفي ذلك الوقت كانت تنافسية المواطنين محدودة، وحتى لا تتوقف تلك الطموحات، استعان صناع السياسات الاقتصادية بمعظم جنسيات العالم، لتلبية الطلب، بمن في ذلك العمالة الأولية الرخيصة في قطاعي البناء والتشييد والتجزئة، ونشأ القطاع الخاص على عمالة رخيصة زاحمت المواطنين لاحقا، وجعلتهم خارج المنافسة، وتشكل لدى القطاع قناعات أن العمل ساعات طويلة وغياب الالتزامات الاجتماعية لدى الأجانب القادمين من دول فقيرة، أمـر طبيعي، وفي الوقت ذاتـه استجابت وزارة العمل سابقا لطلبات القطاع الخاص وضخت مزيدا من التأشيرات من أجل تلبية حاجة المستثمرين، لمنع تراجع خدمات المستهلكين، وهـذا الفخ كان من أصعب ما يواجهه أي وزير يحمل حقيبة البطالة والعمل، لأنه أمام خيار إيقاف طلبات النمو الاقتصادي أو عرقلتها بتوظيف السعوديين، ولذا كانت الحكومة ترفع من معدلات التوظيف لتخفيف معدلات البطالة، وهـو ما لا يعكس ديناميكية الأسواق التي تحفز على ربط الناس بوظائف الأسواق لا بوظائف الحكومات. الاستثمار ليس إدارة الأعمال كثيرا ما يخلط الناس بين الاستثمار وبين الأعـــ ل "ســـواء كانت تجارية أم صناعية أم حتى زراعية"، وقد كتبت في هذا مقالا سابقا، وأعيده بمعناه الآن، فكثير من الناس يمتلك مالا، ولديه أرصدة في البنك، مع ذلك يقف حائرا لأن هذه الأموال لا تنتج شيئا يستطيع استهلاكه، وإذا استهلكه تناقصت. والحقيقة، كما أشرت في المقال السابق، أن الثروة شيء مختلف اقتصاديا عن الدخل، فالدخل هو ما نستطيع استهلاكه مع بقاء الثروة كما هي. هذا المفهوم مهم جدا، يجب عليك عزيزي القارئ عدم تجاوز هذا ما لم تكن متأكدا من فهمه جيدا، "لا فائدة من ثروة لا تنتج دخلا"، ومع الأسف، فإن كل من يدخل عالم التجارة أو الصناعة والاستثمار، وكل المبادرين لا يقفون عند هذه المفاهيم واستيعابها بشكل كـاف، ولذلك يقعون بسهولة في الأخطاء القاتلة. ألف ريال في البنك، هل 100 إذا كان لديك مبلغ هذا يمثل ثروة؟ "نعم"، هل يمثل دخلا؟ "لا". أنت أمام خيارات عدة، منها الاحتفاظ بها، والصرف منها حتى تنتهي يوما ما، وإذا لم تصرف شيئا، فلا فائدة منها في حياتك، لكنها قد تكون دخلا لغيرك، مثل المساكين والفقراء عند دفع الزكاة المستحقة عليها، أو عندما تنتقل للورثة، لذلك قال الشاعر "ما زاد فوق الزاد خلفضائع .. فيحادث أو وارث أوعار". وإذا كنت تريد زيادة إنتاج الدخل أو زيادة حجم الثروة، فلا بد أن تقرر بين أمرين، أن تكون مستثمرا أو رجل أعمال، "رجل أعمال هنا تعني عندي الدخول شخصيا في إدارة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي". هكذا يتضح أن الاستثمار يعني "عدم" الدخول والمشاركة في إدارة الأعمال، إنما فقط منح الأموال أو الثروة عموما مهما كانت أشكالها، لمن يديرها ويعطي لك دخلا. وهنا أحذر، "إذا لم تكن تعرف شيئا في إدارة الأعمال، فلا تدخل في إدارة نشاط بنفسك"، ولا تقل إنني مبادر أو صاحب مبادرة. ولعلي هنا أعلق الجرس على أعناق مراكز وحاضنات الأعمال التي تورط الشباب في مبادرات وأفكار، بينما هؤلاء الشباب غير مؤهلين ولا قادرين على إدارة الأعمال، ولم يستوعبوا الفرق بين إدارة الأعــ ل وبين الاستثمار، وقد حذرت من هذا مرارا. الـفـرق بـ الأعـــ ل بأنواعها كـافـة وبين الاستثمار، فرق كبير، فالمستثمر يقدم في العادة رأس المال أو بعض وسائل الإنتاج، ولا يتدخل في آليات استخدام هذه الأموال، بل يراقب ويتأكد من حسن استخدامها، ومن تعظيم الدخل الناتج عنها، ولذلك فإن المستثمر الحصيف هو الذي يقيم الإدارة، خاصة نزاهة الإدارة وسمعتها، وليس من يعطي الأموال ويهبها دون فحص أو لمجرد وعد بالأرباح العظيمة، كما أن المستثمر الحريص هو الذي يستطيع المقارنة بين العوائد في جميع الأسـواق والقطاعات، ويـدرك بشكل دقيق حجم الأموال التي لديه وأفضل عائد يمكن تقديمه في كل قطاع، وأفضل إدارة تستخدم الأموال، فالمستثمر معني فقط بتقييم الإدارة، معني فقط بتعين وعزل المديرين، ومعني فقط بتقييم العوائد، فهو يكافئ الإدارة المميزة بمنحها الأموال التي تستطيع من خلالها تحقيق الاستدامة للأعمال، كما يعاقب الإدارة الفاشلة من خلال سحب استثماراته، وبالتالي تفقد أعمالها ووظائفها. هكذا هي الرأسمالية، وهكذا تعمل، لا رحمة ولا مجاملات، والرحمة هنا تعد خطأ، والمجاملات هي نوع من الموت البطيء. المستثمر الحريص يفهم لغة التقارير جيدا، ويراقب الأسواق والاقتصاد الكلي، ويتمتع بنظرة ثاقبة وحنكة وحكمة. في المقابل، هناك من يمارس الأنشطة دون معرفة كافية بـإدارة الأعـ ل، خاصة فيما يتعلق بالموازنات والتسعير، والمحاسبة وإدارة المخزون، وغيرها كثير، لذا فإن إدارة الأعـ ل علم يزداد تعقيدا مع مفاهيم مثل الحوكمة والمخاطر والامتثال، والأهم هو القدرة العالية على إدارة النقدية، والامتثال الضريبي. كل هذه القضايا، وغيرها، يجب أن تكون أساسية في مدير الأعمال، ولا بد فوق هذا وذاك أن يكون محبا حبا جما للمال، من لا يعشق المال بشكل يفوق أي عشق آخر، فلا يمارس إدارة الأعمال، وليعطي الأموال لمن يعشقها. ولقد واجهت كثيرا من الشباب يعشق عمله، ولديه قدرة على الإبداع، وهو وفق هذا وذاك يفهم كثيرا في الصناعة التي يعمل فيها، ويظن أنه بهذا العشق للعمل قادر على إدارة الأعمال، وهيهات كم من شاب خسر أمواله بسبب عشقه للعمل، وأبدع حتى سبق عصره، لكنه لم يعشق المال الذيصرفه أكثر من عشقه لعمله. مثل هذا قد يصبح موظفا عبقريا، وعالما فذا، ومدربا لا يشق له غبار، لكن ليس رجل أعمال، لأن أهم ميزة في رجل الأعمال عشقه للمال، عشق يجعله يسهر الليل، لأن أسعار الفائدة تغيرت بنصف نقطة. إذا اتفقت معي عزيز القارئ، فإن كثيرا من الأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي يسألون عن الاستثمار، وتأتي الإجابة عن إدارة الأعمال، بينما أتساءل، هل يقصد السائل هذا أم يعرف المجيب بم أجـاب؟ والسؤال الأكثر خطورة هو، إذا لم أكن هذا ولا ذاك، لا أعرف في مهارات الاستثمار ولست من رجال الأعمال، فماذا أفعل؟ أتمنى من القراء الإجابة عن هذا السؤال، وسأحاول الإجابة عنه مستقبلا. الفرق بين الأعمال بأنواعها كافة وبين الاستثمار، فرق كبير، فالمستثمر يقدم في العادة رأس المال أو بعض وسائل الإنتاج، ولا يتدخل في آليات استخدام هذه الأموال، بل يراقب ويتأكد من حسن استخدامها، ومن تعظيم الدخل الناتج عنها، ولذلك فإن المستثمر الحصيف هو الذي يقيم الإدارة، خاصة نزاهة الإدارة وسمعتها، وليس من يعطي الأموال ويهبها دون فحص أو لمجرد وعد بالأرباح العظيمة. NO. 10134 ، العدد 2021 يوليو 10 هـ، الموافق 1442 ذو القعدة 30 السبت 13 @AhmedAllshehri *مختصفي الاستثمار والسياسات الاقتصادية أحمد الشهري د. صلاح بن فهد الشلهوب * كاتب وأكاديمي متخصصفي التمويل الإسلامي salah.shalhoob@gmail.com د. محمد آل عباس * متخصصفي المراجعة الداخلية maalabbas@kku.edu.sa

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=