aleqt (10122) 2021/06/28

خـال الحرب الـبـاردة، كانت اجتماعات القمة بين الولايات المتحدة والاتـحـاد السوفياتي، بشكل عام، تهيمن عليها اتفاقيات ترمي إلى وضع قيود على استخدام الأسـلـحـة ال ـن ـوويــة والأنـظـمـة المصممة لإطلقها. لا تزال الولايات المتحدة وروسيا تناقشان هذه القضايا، لكن في اجتماعهما الأخير الذي انعقد في جنيف، ركز الرئيس الأمـريـي جـو بـايـدن والرئيس الــروسي فلديمير بوتين بشكل كبير على كيفية تنظيم السلوك في مجال مختلف: الفضاء الإلكتروني. تعد الرهانات كبيرة بالقدر نفسه. ليس من الصعب معرفة السبب. وفقا لريتشارد هاس، مؤلف كتاب Penguin العالم: مقدمة موجزة . إذ يعد الفضاء Press، 2020 الإلــكــ وني والإنــ نــت عاملين أسـاسـيـ لعمل الاقـتـصـادات الحديثة والمجتمعات والأنظمة السياسية والعسكرية وأي شيء آخر تقريبا، وهو الأمر الذي يجعل البنية التحتية الرقمية هدفا مغريا لأولئك الذين يسعون إلى إحداث مشكلت وأضرار غير عادية بأقل تكلفة. علوة على ذلك، يمكن للدول والجهات الفاعلة غير الحكومية تنفيذ هجمات إلكترونية بدرجة عالية من الإنكار، ما يزيد من إغراء تطوير واستخدام هذه المهارات. نحن نعلم متى ومن أين يتم إطلق الصاروخ، لكن قد يستغرق الأمر وقتا طويل لاكتشاف وقوع هجوم إلكتروني، وقد يستغرق الأمر وقتا أطول لمعرفة من الجاني. من شأن عملية تحديد المصدر البطيئة وغ ـ المـؤكـدة ه ـذه أن تجعل التهديد بالانتقام بعيد المنال، حيث يعد جوهر استراتيجية الردع. من المؤكد أن ما وضـع هذه القضية بشكل مباشر على جدول أعمال اجتماع بايدن وبوتين هو أن روسيا أصبحت عدوانية بشكل متزايد في الفضاء الإلكتروني، سـواء من خـال إنشاء حسابات مزيفة عـ شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير في السياسة الأمريكية أو عن طريق الوصول إلى البنية التحتية الحيوية، مثل محطات الطاقة. إن تعزيز أهمية القضية يتلخصفي حقيقة مفادها أن روسيا ليست وحدها: تفيد التقارير بـأن الصين تمكنت في مليون 22 من الوصول إلى 2015 ملف من ملفات موظفي الحكومة الأمريكية، التي تتضمن معلومات يمكن أن تساعد عـ تحديد من كـان يعمل لمصلحة مجتمع الاستخبارات الأمريكية. وعــ نحو مـ ثـل، هاجمت كــوريــا الـشـ لـيـة شركـــة سـوني "واخترقت جميع أنواع الاتصالات الخاصة" في محاولة لمنع توزيع فيلم ساخر يصور عملية اغتيال زعيم البلد. كل هـذا يشير إلى صعود الغرب المتوحش الحديث، حيث يعمل عديد من الأشخاص المسلحينفي فضاء تحكمه قوانين محدودة. تقليديا، فضلت الـولايـات المتحدة الإنـ نـت غير المنظم إلى حد كبير - باعتباره "مفتوحا وقابل للتشغيل المتبادل وآمنا ومـوثـوقـا"، وفقا لسياسة تم وضعها قبل عقد من الزمن - من أجل تعزيز التدفق الحر للأفكار والمعلومات. لكن حماس الولايات المتحدة لهذا النوع من الإنترنت تضاءل مع استغلل الخصوم لهذا الانفتاح لتقويض ديمقراطيتها وسرقـة الملكية الفكرية المهمة لـ داء والميزة النسبية للقتصاد الأمريك. السؤال المطروح الآن - الذي يعد طرحه أسهل من الإجابة عنه - هو: أين يتعين رسم الخطوط، وكيف نجعل الآخرين يقبلونها؟ من ناحية أخرى، لا تخلو الولايات المتحدة من التناقضات، حيث إنها تنفذ أيضا عمليات التجسس في الفضاء الإلكتروني "فكر في الأمـر على أنـه المكافئ الحديث لاستخدام البخار لفتح المغلفات وقــراءة بريد الآخـريـن"، ويقال: إنها قامت، إلى جانب إسرائيل، بتثبيت برامج خبيثة لتخريب برنامج الأسلحة النووية الإيراني. لذلك، من المفترض أن يكون أي حظر على الأنشطة في الفضاء الإلكتروني جزئيا. يتمثل أحد الأفكار الواعدة في متابعة مناقشات بايدن وبوتين، التي تشمل على وجـه التحديد حظر استهداف البنية الأساسية الحيوية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، السدود ومرافق إنتاج النفط والـغـاز والشبكات الكهربائية ومرافق الرعاية الصحية ومحطات الطاقة النووية والقيادة وأنظمة التحكم في الأسلحة النووية والمـطـارات والمصانع الكبرى. يمكن أن تصبح القدرات الإلكترونية سلحا للدمار الشامل عندما يتم اخـــ اق مثل هذه المواقع المهمة. حـتـى مـــع عـقـد مـثـل هـذه الاتفاقية، قد يكون التحقق من الالتزام مستحيل، لذلك قد ترغب الولايات المتحدة أيضا في تقديم درجة من الـردع لضمان احترام المشاركين في مثل هذا الالتزام لها. يمكن أن تتضمن سياسة الردع استعدادا علنيا لتنفيذ ردود متماثلة: إذا قمت باستهداف أو مهاجمة بنيتنا التحتية الحيوية، فسنفعل الشيء نفسه مع بنيتك التحتية. وقد تكون سياسة الردع أيضا غير متماثلة: إذا استهدفت منشآتنا أو هاجمتها، فسنعاقبك أو نستهدف مصالحك في أماكن أخرى. سيحتاج أي اتفاق من هذا القبيل أيضا إلى الدعم من خلل اتخاذ إجـراءات أحادية الجانب، نـظـرا إلى المـخـاطـر وحقيقة انتهاك الاتفاقيات الأخرى "مثل بعدم 2015 تعهد الصين لعام سرقـة الملكية الفكرية". على سبيل المثال، قد ترغب الولايات المتحدة في اتخاذ خطوات للحد من ضعف أنظمتها العالية القيمة. سيكون مـن الـــروري أيضا الإعــان أو التفاوض على عدم قبول المزاعم بجهل الحكومة أو إنكار تورطها في نشاط إلكتروني عــدواني، كما حـدث عندما قال بوتين: "إن حكومته لا علقة لها بهجمات برامج الفدية الروسية". القياس هنا هو الإرهــاب: ففي أيلول (سبتمبر) 11 أعقاب هجمات ، أوضحت الولايات المتحدة 2001 أنـهـا لـن تميز بـ الجماعات الإرهـابـيـة أو الحكومات التي قدمت لها الدعم أو الملذ. لذلك ستتحمل روسيا المسؤولية عن أعـــ ل الـجـ عـات الـتـي تعمل انطلقا من أراضيها. يجب أن يزيد الإصرار على المساءلة من حافز روسيا لكبح جماح مثل هذا السلوك. ومع مـرور الوقت، يمكن أن تعمل الاتفاقية بـ الـولايـات المتحدة وروسيا كنموذج يمكن أن تنضم إليه الصين وأوروبا ودول أخـرى. إذا تم تمديد الاتفاقية لتشمل الصين، فيمكن تضمين حظر سرقــة الملكية الفكرية "وعقوبات انتهاك الحظر". لا شيء من هذا يعني نزع السلح، لكنه المعادل الإلكتروني للحد من برامج التسلح النووي، وهو مكان جيد للبدء، مثل أي مكان آخر. NO. 10122 ، العدد 2021 يونيو 28 هـ، الموافق 1442 ذو القعدة 18 الإثنين أثـــارت الانتخابات الرئاسية الإيرانية مجموعة من الأسئلة، أبرزها: هل تعيش إيـران الثورة أيامها الأخيرة؟ حيث لم تستطع قيادات الرعيل الثاني منها الحفاظ عاما 40 على إرث الثورة بعد نحو من قيامها، خصوصا أن المرشد الثاني في عمرها القصير زمنيا، تعامل مع الملفات الداخلية بناء علىمصالحه الشخصية بكل أنانية، حتى ينقل إرثـه إلى ابنه أو أحد رجالاته المرتبطين بالعائلة ارتباطا وثيقا، ما نتج عنه أثر تدميري كبير في واقع الدولة الإيرانية نفسها في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية، وغيرها من اكتساب الكراهية وعـــدم القبول على مستوى المنطقة والعالم. التجارب أثبتت أنـه لا مكان للتغيير في ظــل وجـــود هـذه الزمرة الحاكمة بالنار والحديد، الـتـي أجـــ ت الشعب الإيـــراني على مقاطعة الانتخابات بنسبة في المائة 48 وصلت إلى نحو مليون منهم 4.2 ، أدلوا بأصواتهم اخـتـاروا وضـع ورقـة بيضاء، ما أدى إلى إضعاف الشرعية للدولة الإيرانية، التي تشهد احتجاجات شبه سنوية تطالب برحيل هذا النظام. بل شك، عمقت هذه الانتخابات الـــ خ بـ أعـضـاء المنظومة الواحدة والتابعين للنظام، حيث أدى تصرف المرشد الأحادي إلى اتخاذ قرار بإبعاد أغلبية المرشحين لمصلحة الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، الأكثر تزمتا وتشددا وولاء لـه، قاضيا بهذا الاختيار على آخر فرص الإصـاح المرجوة من الانتخابات في هذه الفترة الحرجة من عمر البلد، حيث إن جميع الوجوه الظاهرة على الساحة التي ستتولى زمـام الأمــور في البلد ترتبط إما بالدم أو بالنسب مع المرشد، وهذه ظاهرة جديدة في النظام الإيراني، الذي سيكون ذا طابع ملك أسري. وعلى الرغم من استبعاد أغلبية المـرشـحـ ، إلا أن المعارضة الإيرانية في الخارج لم تر فرقا بينهم، فهم واجـهـة للمرشد والنظام وينفذون ما يطلب منهم، فهم أدوات للهدف ذاتـه، الذي يسعى إلى الحصول على سلح نووي وبرنامج صاروخي يهدد أمن واستقرار المنطقة. كــ أكــــدت مــريــم رجـــوي، زعيمة المعارضة الإيرانية، أن كل المرشحين للرئاسة متفقون على تصدير الإرهـــاب، والتدخل في شؤون دول المنطقة، والسعي إلى امتلك أسلحة نووية، في الوقت الــذي يشهد فيه الـشـارع حالة من الغضب والغليان التي تنبئ بأن المجتمع الإيــراني على عتبة الانفجار، وأن القمع الوحشيلم يعد قادرا على منع الانتفاضات، مشيرة إلى أن أي امتياز سياسي واقـتـصـادي للفاشية الدينية الحاكمة في إيـــران سيشجعها على زيادة قمع الشعب الإيراني، وتكثيف عـدم الاستقرار ونشر الحروب في المنطقة، وتطوير برامجه الصاروخية الباليستية والنووية. مطالبة الدول الأوروبية بتحديد مرتزقة النظام واعتقالهم ومعاقبتهم وطردهم تحت أي عنوان كانوا من أوروبــا، وإغلق سفاراته وممثلياته التي هي في الـواقـع مراكز تجسس وتجنيد لـإرهـابـيـ والـتـخـطـيـط ضد المعارضة الإيرانية. رغبة المرشد خامنئي في تطهير النظام وترسيخه، ليست وليدة اللحظة، لكن المستجد فيها أنه يـريـد تمكين مسؤولين تربطه بهم علقات ذات طابع عائلي، فالشخصيات التقليدية يتم حرقها وتقديمها أكباش فداء، حيث ظهر إلى السطح أخـ ا خـاف داخلي بين المقربين من المرشد، وذلك بنشر وحيد حقانيان أحـد أبرز المسؤولينفيمكتبخامنئي مقالا نقديا لمعظم كيانات الدولة، بما في ذلك مجلس صيانة الدستور، بسبب عملية الرفض الجماعية للمرشحين، ليكون حقانيان موضع شك في الآونــة الأخـــ ة، لتشن وكالة أنباء "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري انتقادا حادا وعلنيا عليه، كما طالبته بالتوقف عن إلحاق الضر بالنظام من خلل هذه التصريحات. يتجاوز الــ اع بين رجـالات المرشد حدود الانتخابات، فهو صراع من أجل مكتسبات ما بعد المـرشـد، فيما تتعدى النظرة حـدود الــ اع، لتكون السلطة موضع اتهام بأنها تريد تجاوز أزمة الانتخابات الرئاسية وإقصاء الوجوه الإصلحية من المشهد، بتقديم كبش فداء، فاللجوء إلى الأساليب الملتوية من الفضائل للنظام الإيـــــراني، فالتصرف بطريقة هجومية للتحصن ضد الهجمات المدروسة أمر محسوم من قبل رجـالات المرشد، لذلك تعد السلطة التقييم الـذاتي النقدي بصورة عامة مذلا ومدمرا للذات، وعليه يتم اختيار أكباش فداء لتحييد اللوم عنها وإلقائه على أطـراف أخـرى، وهـذا يظهر المـرحـيـة الــتــي حــدثــت بين حقانيان وبعض رجالات المرشد خامنئي، إذ تعد منهجية النظام الوضوح والـ احـة من ضروب السذاجة، وتحاط جميع المسائل تقريبا بالالتباس عمدا، ويقود الاعــ اف باقتراف الهفوات إلى فقدان النفوذ. أنتجت الانتخابات الأخـ ة أجواء سلطوية بحتة في البلد، إذ تصنف الأوضاع المختلفةفيخانة النجاحات الكاملة أو الإخفاقات الكاملة، وهـذه الثنائية تتجلى في السلوك السياسي، في الأطر الداخلية والخارجية، فالتشارك وتقديم تـنـازلات للتوصل إلى تـسـويـات مـدعـاة للخطر على مستقبل النظام، وتعد السيادة الوطنية على طريقة "نحن مقابل هـم"، ما يـؤدي إما إلى العزلة أو اضطرار الآخرين إلى الرضوخ بالكامل للمطالب الإيرانية. الأخبار القادمة من هنا وهناك في إيـــران تظهر بـدايـة صراع جديد يكمن في التوقعات بمن يكون خلفا لمحمد جواد ظريف وزير الخارجية، حيث إن هنالك خمسة مرشحين إلى الآن لهذا المنصب: سعيد جليلي، وعلي بـاقـري كني، ومنوتشهر متك "وزير الخارجية في عهد أحمدي نجاد"، وحسين أمير عبداللهيان "معاون وزير الخارجية الإيراني الأسبق"، ومحمد صادق خرازي، مـن بـ هــؤلاء الخمسة ثلثة أسماء معروفة جيدا في المنطقة، واســ ن أقـل شهرة، هـ : علي باقري كني، ومحمد صادق خرازي. بـاقـري كني يعمل مساعدا لرئيسيفيسلطة القضاء للشؤون الدولية، وهو نجل محمد باقري كني المـرجـع الديني، العضو السابق في مجلس خبراء القيادة، وترتبط عائلة كني بعلقة مصاهرة مع عائلة خامنئي، فشقيقه مصباح الهدى باقر كني متزوج من هدى حسيني أصغر بنات خامنئي، وهو خريج كلية الاقتصاد ودرس في جامعة الإمام صادق. أما محمد صادق خرازي فهو 58" أيضا من أصهار خامنئي عـامـا"، ولـه خـ ة دبلوماسية واسعة، حيث كان يعمل سفيرا لدى فرنسا، وشارك ضمن فريق بقيادة ظريف في المفاوضات النووية، الذي توصل إلى اتفاق نووي مع إدارة الرئيس الأمريك الأسبق باراك أوباما، وهو نجل المرجع الشيعي محسن الخرازي عضو مجلس الخبراء السابق، وابـن كمال خـرازي شقيق وزير الـخـارجـيـة الإيــــراني الأسـبـق، وترتبط العائلة بعلقة مصاهرة مـع عائلة خامنئي، فشقيقته سوسن خرازي هي زوجة مسعود الابن الثالث لخامنئي، كما ترتبط بعلقة مصاهرة مع عائلة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، فصادق الخرازي نفسه متزوج ابنة شقيقه رضا خاتمي. ويدير خرازي موقع "إيران" دبلوماسي الشهير. وجوه سياسية جديدة ترتبط إما بالدم أو بالنسب مع المرشد إيران .. مقاطعة شعبية لانتخابات «عائلية» رجوي: كل المرشحين للرئاسة متفقون على تصدير الإرهاب والتدخل في شؤون دول المنطقة والسعي إلى امتلك أسلحة نووية عمقت هذه الانتخابات الشرخ بين أعضاء المنظومة الواحدة. من الرياض محمود عبدالعزيز إحداث مشكلات وأضرار غير عادية بأقل تكلفة استهداف البنية الرقمية .. هجمات بدرجة عالية من الإنكار يمكن أن تصبح القدرات الإلكترونية سلحا للدمار الشامل عندما يتم اختراق مثل هذه المواقع المهمة أين يتعين رسم الخطوط، وكيف نجعل الآخرين يقبلونها؟ من الرياض «الاقتصادية» السياسية 15

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=