aleqt (10122) 2021/06/28

إصدار يومي باتفاق خاص مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية لم تكن هذه المرة الأولى التي تحاول فيها كاتالين كاريكو إقناع المشككين بأخذ اكتشافاتها العلمية على محمل الجد. كـان ذلـك عام عاما 15 ، بعد أن أمضت نحو 2004 في التحقيق في مرسال الحمض النووي الريبي (الرنا)، المادة الوراثية التي تعمل كنوع من الناقل في جسم الإنسان، حيث تنقل الوصفات من حمضنا النووي إلى جزء الخلية الذي ينتج البروتينات. بعد عدد لا يحصى من البدايات الخاطئة والمنعطفات الخاطئة حققت تقدما، وأرادت تقديم براءة اختراع. لكن للقيام بذلك، كان عليها أن تقنع مسؤول الملكية الفكرية في جامعة بنسلفانيا، التي كانت تعمل فيها كباحثة في ذلـك الحين. كان اجتماعهما يسير بشكل سيئ. تتذكر كاريكو: "لم يكن متحمسا للغاية، وظل يسأل: ما الفائدة من ذلك؟ شعرت بخيبة أمل شديدة لأنه لم يكن يفهم". عندما كانت تستعد للاعتراف بـالـهـزيمـة، لاحـظـت أن مـسـؤول تكنولوجيا المعلومات كان أصلع. "قلت له: ما رأيـك؟ قد يكون الرنا المرسال مفيدا لنمو الشعر. فجأة، انتعش. وسأل: حقا؟ فقلت: نعم، هذا ممكن، وكان متحمسا للغاية". وبحلول نهاية الاجتماع، وافق على إيداع براءة الاختراع. في ذلك الوقت، كان هذا انتصارا نادرا لكاريكو، التي استمرت أبحاثها حول الرنا المرسال المعدل لتمهد الطريق للقاحات فيروس كورونا التي تم تطويرها بسرعة البرق بوساطة بيونتيك / فايزر وموديرنا. مع أنها الآن يشاد بها كواحدة من الشخصيات البارزة التي سمح عملها للعالم بصد موجة الوباء، إلا أن معظم أقرانها العلميين رفضوا عملها لعقود من الزمان باعتباره شيئا ليست له أهمية كبيرة. في الحرم الجامعي، أصبحت تعرف باسم محتالة الرنا المرسال لميلها إلى دفع جزيئاتها إلى علماء آخرين، الذين كان موقف معظمهم مجرد تجميدها ونسيانها. إن كفاح كاريكو لإقناع مسؤول تكنولوجيا المعلومات المتشكك مجرد واحـد من عـدد من الأخطاء الوشيكة التي ربما كانت ستوقف نهائيا تطوير لقاحات الرنا المرسال. عــانى كثير مـن العلماء الآخـريـن عثرات محبطة على مدى عقود، في حين أن قلة من المستثمرين من القطاع الخاص، المهمين لتسويق التكنولوجيات الـجـديـدة، كانوا حريصين عـ دعــم منصة لقاح جديدة. الآن يتأرجح البندول في الاتجاه الآخر. رغم أن اختبار الرنا المرسال قد تم اختباره قليلا نسبيا على البشر قبل الـوبـاء، فـإن اللقاحات التي تستخدم تكنولوجيته تعمل بشكل جيد للغاية، مع معدلات فاعلية تزيد في المائة، كنسبة أعلى بكثير 90 على من اللقاحات المنافسة. كذلك تبدو، حتى الآن أكثر أمانا من اللقاحات الأخــرى، إذ لم يتم ربطها بتخثر الدم النادر والخطير المنسوب إلى لقاحات الفيروس الـغـدي الـتـي صنعتها أكسفورد / أسـ ازيـنـيـكـا، وجـونـسـون آند جونسون. والمستثمرون الأوائـل الذين خاطروا بأموالهم كوفئوا بما يصل إلى المليارات. يدعي أنصار الرنا المرسال، أن مجرد البداية. 19 - لقاحات كوفيد الآن وقد تم إثبات هذه التكنولوجيا، يقولون: إنه يمكن نشرها لمعالجة عديد من الأمـــراض، من السرطان والتليف الكيسي إلى فيروس نقص المناعة البشرية وأمــراض القلب. ومع ذلك، تعتقد مجموعة كبيرة من المختصين العلميين أنه ستمر عقود قبل أن تصبح التكنولوجيا مناسبة للغرض، وأن مخاطر الفشل التام لا تزال عالية. رغم دوره ضد كوفيد ، فهل يعد الرنا المرسال تغييرا 19 - علميا كبيرا للغاية، أم عجيبة مذهلة تحدث مرة واحدة؟ جرى اقتراح وجود الرنا المرسال من قبل اثنين 1961 لأول مرة عام من العلماء الفرنسيين، جاك مونو وفـرانـسـوا جــاكــوب. كـانـت هذه الفرضية مدفوعة قبل ذلك الوقت بعقد من الزمن باكتشاف الحمض النووي، الذي يحتوي على شفرتنا الجينية، ويطلق إشـــارات توجه الجسم لإنتاج البروتينات التي نحتاج إليها ليعمل بشكل صحي. فيحين كان هذا الاكتشاف رائدا، إلا أنه أنتج معضلة جديدة. يعيش الحمض النووي بشكل محكم في النواة، لكن البروتينات تصنع في السيتوبلازم، وهو جزء متميز تماما داخل الخلية. افترض مونو وجاكوب أنه يجب أن يكون هناك جزيء وسيط ينقل المعلومات بطريقة ما إلى مصنع تصنيع البروتين في الجسم .mRNA في m - المرسال الذي هو كان ينبغي أن تكون فرضيتهما قد عملت على تغيير وجه الأمور. يمكن تفسير قائمة طويلة من الأمـراض الـتـي تصيب الإنـسـان عـن طريق الحمض النووي الطافر، بما في ذلك الهيموفيليا ومرض باركنسون وربما مرض ألزهايمر. إذا تمكن العلماء من مقاطعة عملية نقل الرسائل الخاطئة عن طريق إدخال نسخ مصححة من الرنا المرسال في الجسم، فيمكنهم إيقاف الأمراض ذات الصلة. وجود ناقل بيولوجي من صنع الإنسان سيكون قادرا على اعتراض مجموعة غير صحيحة من التعليمات الجينية وتقديم النسخة الصحيحة بدلا من ذلك. ومع ذلك وبدلا من أن يعمل اكتشاف الرنا المرسال على إحداث ثورة تغير وجه العلوم الطبية، فقد أدى إلى شبه صمت استمر لأكثر من عاما. 40 بدأت كاريكو العمل على جزيئات الحمض النووي الريبي لأول مرة في ثمانينيات القرن المــاضيفي مركز زيجيد للأبحاث البيولوجية في موطنها المجر. لكن في ما كان سيصبح لازمة متكررة، نفد التمويل لمواصلة عملها وبـدأت البحث عن مؤسسة أكاديمية جديدة لدعمها. باعترافها الخاص، ليست لديها قدرة تذكر على إقناع الآخرين بأفكارها. عند شرح عملها، يتحرك عقلها بسرعة مليون ميل في الدقيقة. معظم الناس لا يستطيعون مواكبة ذلك. ، حصلت على وظيفة 1985 في في جامعة تمبل في بنسلفانيا، لكن الخروج من المجر، التي كانت لا تزال وراء الستار الحديدي في ذلك الحين، لم يكن أمـرا سهلا. قيود العملة الـتـي فرضتها الحكومة الشيوعية جعلت من المستحيل فعليا مقايضة الفورنت بـالـدولار. لذلك باعت وزوجها سيارتهما المستعملة دولار، 1000 من طـراز لادا مقابل ورتبا مقايضة عملات غير قانونية مع بعض الطلاب الأجانب، وتوجها إلى فيلادلفيا. تقول كاريكو: "قمت بلف النقود، وأدخلتها في دمية دب ابنتي البالغة من العمر عامين ثم قمت بخياطتها مرة أخرى". شرعــت في مهنة أكـاديمـيـة في الـولايـات المتحدة اتسمت بعدم الأمان. كانت باستمرار على شفا نفاد التمويل، وتتذكر قائلة: "كنت دائما تحت رحمة شخص ما". لكن كاريكو لم تفقد الثقة قط في إمكانات الرنا المرسال كجزيء قد يتحول يوما ما إلى علاج بشري - دواء أو لقاح يمكن أن ينقذ الأرواح. معملها في جامعة بنسلفانيا، التي ، كان مقابل 1989 انتقلت إليها عام جناح طبي وكانت أحوال المرضى فيه تقضمضجعها، قالت: "قلت لزميلي: إن علينا نقل علمنا إلى المـرضى. أشرت عبر النافذة يمكننا رؤيتهم وقلت: علينا أن نأخذه إلى هناك". ، بدأت كاريكو العمل 1997 في مع درو وايـسـ ن، زميل أكاديمي في الجامعة كــان يــدرس الخلايا التغصنية، التي تلعب دورا مهما في جـهـاز المـنـاعـة في الجسم. التقى الاثنان أثناء التناوب على آلة الميكروفيش التي كانا يستخدمانها لـقـراءة الأبـحـاث العلمية. يقول وايسمان: "كنت أنا وكاتي نتشاجر على من يستخدم الآلة قبل الآخر. واصلنا الحديث وقررنا محاولة إضافة الرنا المرسال الخاص بها إلى خلاياي. فوجئنا جدا بالنتائج". عندما أضاف وايسمان جزيئات الرنا المرسال إلى خلاياه، وجد أنها تثير استجابة مناعية التهابية، حيث عد الجسم أنها مادة دخيلة وشن دفاعا غاضبا. كان هذا محيرا، لأن جسم الإنسان يعج بالرنا المرسال المنتج بشكل طبيعي. كـان هذا خبرا سيئا لكاريكو، لأنه أشـار إلى أنه قد يكون من المستحيل تحويل جزيئاتها إلى علاج للأمراض البشرية. عثر الاثنان على مشكلة تساعد على تفسير السبب أن مجال أبحاث الرنا المرسال كان راكدا علميا لعقود. يقول وايسمان: "أظن أن الناس جربوها، لكنها فشلت. كانت المادة تسبب التهابات قوية، ويصعب العمل معها فوق الحد، لذلك لم يكن منهم إلا أن يستسلموا". ومع ذلك، استمر وكاريكو في التقدم. من الـخـارج، كـان الاثنان يشكلان ثنائيا غير متوقع. تقول كاريكو: "أنا متحمسة وصاخبة، وهو هادئ ويفكر. لكن لدينا معرفة مختلفة، وعلمنا بعضنا بعضا". رغم تناقضاتهما، فقد استقرا في إيقاع عمل ساعدته ميولهم الليلية. تروي كاريكو: "في منتصف الليل، الساعة الثالثة، كنت أرسل له شيئا وكان يجيب على الفور. هذا يجعلك تشعر أن الشخص الآخر واقف إلى جانبك، كتفا بكتف". ، بعد العمل معا لثمانية 2005 في أعـوام، حقق الاثنان تقدما كبيرا، ودونه لن تكون لقاحات الرنا المرسال موجودة: وجدا أنه 19 - ضد كوفيد من خلال إجراء تعديلات كيمياوية على الرنا المرسال، يمكنهما بعد ذلك إدخالها في الخلايا المتغصنة دون تنشيط استجابة مناعية، ما يعني من الناحية العملية خـداع الخلايا للاعتقاد بأن الجزيئات قد صنعت داخل الجسم بدلا من المختبر. وهذا يعني، من الناحية النظرية على الأقل، أن الرنا المرسال يمكن أن يتحول إلى علاج للبشر. تقول كاريكو: "كان الأمر أشبه بحلم أصبح حقيقة. قلت: يا إلهي. الآن يمكننا استخدامها". ومـع ذلــك، ظل التقدم بعيد المنال. حتى بعد نشر النتائج التي توصلا إليها، مجموعة رسائل الرفض من مقدمي التمويل العلمي استمرت في التراكم. يقول ويسمان: "كلانا كنا نعلم أن هناك إمكانات هائلة. كانت المشكلة أننا لا نستطيع إقناع أي شخص آخر". عـالم آخـر هو الـذي ساعد على تحويل حلمهما إلى حقيقة. لم يسمع ديريك روسي قط عن كاريكو ووايسمان، اللذين "لم يكونا عالمين معروفين على الإطـ ق"، كما يقول. ، كان يعمل أستاذا 2008 لكن عام مساعدا في كلية الطب في جامعة هـارفـارد ويحاول استخدام الرنا المرسال لصنع الخلايا الجذعية، وهي خلايا غير ناضجة لم تتطور بعد إلى نوع معين، على سبيل المثال خلية دماغية أو عضلية. استلهم روسي فـكـرة شينيا ياماناكا، العالم الياباني الذي أثبت أنـه من الممكن تحويل أي خلية في جسم الإنسان إلى حالة شبيهة بالخلايا الجذعية الجنينية عن طريق إدخال أربعة جينات. اكتشاف ياماناكا أكسبه في النهاية جائزة نوبل. لكن كانت هناك مشكلة: الجينات التي أدخلها انتهى بها الأمـر مرة أخرى في الحمض الـنـووي، وهـو حدث مسبب للطفرات زاد من فرصة إصابة الشخص بالسرطان. كانت فكرة روسي تكرار لإنجاز العالم الياباني باستخدام الرنا المرسال بدلا من ذلك، لإعادة برمجة خلايا الجلد البشرية حتى تتمكن من التصرف كما لو كانت خلايا جذعية. يوضح: "كانت تجربة ياماناكا رائعة، لكن النهج لم يكن مفيدا حقا مـن حيث الترجمة الطبية. لذلك رحنا نفكر: دعونا فقط نحذف التكامل الكامل في أعمال الحمض النووي باستخدام الرنا المرسال. الرنا المرسال لا يتكامل في الحمض النووي. فهو لا يعود للدخول وبشكل دائـم، ليغير أي شيء من الناحية الوراثية". بدأ روسي بتحويل البروتين النور الفلوري الأخضر، الذي يعطي قنديل البحر توهجه الأثـــ ي، إلى الرنا المرسال قبل تطبيقه على الخلايا في طبق. إذا أضـــاءت الخلايا في الطبق، فستكون التجربة ناجحة. بدلا من ذلك، واجه العقبة نفسها التي أزعجت كاريكو ووايسمان. يقول: "كانت الخلية تستجيب كما لو أنه دخل عليها فيروس، وكانوا يقتلون أنفسهم". بينما كان روسي يبحث عن حل، عـ مصادفة عـ بحث كاريكو ، الذي مر 2005 ووايسمان من عام دون أن يلاحظه أحد إلى حد كبير في الأوسـاط العلمية الأوسـع. كان مفتونا بشكل خاص بفقرة محيرة دفنت في نهاية المقال، تشير إلى أن عملهما يشتمل على أمور لم يفصحا عنها: "الــرؤى المكتسبة من هذه الدراسة يمكن ... أن تعطي توجيهات مستقبلية لتصميم الحمض النووي الريبي العلاجي". يـقـول روسي: "قــرأنــا البحث المذكور وفكرنا أنه يمكننا أن نأخذ جزيئات الرنا المرسال التي تسبب لنا المشكلات ونجعلها تسير في جولة خفيفة داخل الخلية ولا يتم التعرف عليها". بعد إجراء التعديلات الكيمياوية على الرنا المرسال التي كان كاريكو ووايسمان رائدين فيها، كرر التجربة باستخدام البروتين الفلوري. هذه المرة تحولت الخلايا إلى اللون الأخضر الفاتح. وهكذا انتقلت الشعلة من كاريكو ووايسمان إلى روسي. نشرت نتائجه ولاقت استحسانا كبيرا، 2010 عام لكن لتحويل اكتشافه إلى واقـع طبي، احتاج روسي إلى المال وكثير منه. كـان هـذا يعني إنشاء شركة خاصة قادرة على جمع الأمـوال من المستثمرين. سرعان ما وجد من يتبنى أفكاره في شخص بـوب لانـجـر، مهندس كيمياوي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وعـمـ ق في عالم التكنولوجيا الحيوية. يتذكر لانجر: "روسي أظهر لي عرض شرائح وقال: إنه مهتم بتأسيس شركة، وفكرت: ممتاز، سيكون ذلك رائعا". بعد ذلك عرف روسي على نوبار أفيان، وهو صاحب رأسمال مغامر Flagship Pioneering أسس شركة شركة 2010 ، وبدأ عام 2000 عام للتسويق التجاري. للعلم كان اسمها موديرنا. مع أنه يشاد الآن بكاتالين كاريكو كواحدة من الشخصيات البارزة التي سمح عملها للعالم بصد موجة الوباء، إلا أن معظم أقرانها العلميين رفضوا عملها لعقود من الزمان باعتباره شيئا ليست له أهمية كبيرة. في الحرم الجامعي، أصبحت تعرف باسم محتالة الرنا المرسال. »2 من 1« كيف عمل الرنا المرسال على تغيير طبيعة اللقاحات ؟ مجرد البداية. 19 - يدعي أنصار الرنا المرسال أن لقاحات كوفيد من نيويورك ديفيد كراو الرنا المرسال تم اختباره قليلا نسبيا على البشر قبل الوباء اللقاحات التي تستخدم تكنولوجيا الرنا تعمل بشكل جيد للغاية المستثمرون الأوائل الذين خاطروا بأموالهم كوفئوا بما يصل إلى المليارات اقترح الرنا المرسال لأول مرة عام من قبل عالمين فرنسيين 1961 عاما. 40 بدلا من أن يعمل اكتشاف الرنا المرسال على إحداث ثورة تغير وجه العلوم الطبية، فقد أدى إلى شبه صمت استمر لأكثر من 11 NO. 10122 ، العدد 2021 يونيو 28 هـ، الموافق 1442 ذو القعدة 18 الإثنين عملت كاريكو مع درو 1997 في وايسمان زميل أكاديمي كان يدرس الخلايا التغصنية بدأت كاريكو العمل على جزيئات الحمض النووي الريبي في ثمانينيات القرن الماضي

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=