aleqt (10105) 2021/06/11
الرأي كثيرون يمنحون "إريكسون" الحق للوقوف في وجه الحكومة السويدية في حرمان "هواوي" من المشاركة في تشييد البنى التحتية للجيل الخامس للإنترنت. لكن الصين حالة خاصة بالنسبة للسويد ومعها ربما شركاؤها في الاتحاد الأوروبي: وجود الصين في السويد حيوي للاقتصاد السويدي، ووجود السويد في الصين حيوي أيضا للاقتصاد السويدي، معادلة ذات طرفين، تميل كفتاها لمصلحة الصين في أي صراع تجاري. «هواوي» وإصلاح ذات البين بين الصين والسويد وبينما يمـــرر جـــاج أولــســون ركــاض حاسوبه عـى الرسائل التي تكدستفي بريده الإلكتروني، وقعت عيناه عل خطاب من أحد السفراء المهمينفيستوكهولم. وما إن نقر عل العنوان، وإذا به أمام نصلم يتوقعه حتى في أوحش أحلامه. ولشدة انذهاله وخوفه، ما كان منه إلا إرسال النص للشرطة وتبليغهم أن خطبا قد يحدث له. نص الرسالة كان فيه تهديد واضح لأولسون وتحميله تبعات كتاباته النقدية في صحيفة سويدية شهيرة. من يكون السفير يا ترى؟ وأي سفير يتجرأ عل تهديد صحافي سويدي بتبعات خطيرة إنلم يكف عن الهجوم المستمر الذي يشنه عل الدولة التي يمثلها؟. قد يتبادر إلى ذهن القراء الكرام أن السفير هذا لا بد أن يمثل الولايات المتحدة، حيث لا يتورع دبلوماسيوها عن الدلو بمواقف أو نشر تصاريح أو إرسال خطابات يصعب عل الآخرين حتى التفكير فيها. أو قد يكون السفير هذا ممثلا لدولة لها شأن كبير في السويد إلى درجة يرى فيها أن لا حرج للكتابة إلى صحافي من أجل التنبيه أن كتاباته النقدية تجاوزت الحد المسموح به وإن لم يضع قلمه جانبا، فإن عواقب وخيمة ستكون في انتظاره. الدولة التي لها شأن في السويد، أو التي تضعها السويد في الحسبان قبل اتخاذ أي خطوة ما هي إلا الصين. والسفير الذي كتب رسالة إلكترونية، مهددا صحافيا سويديا لم يكن إلا السفير الصيني في ستوكهولم. وهـب الإعـــ م السويدي ومعه الأحــزاب السياسية والـرلمـان للدفاع عن الصحافي أولسون، وعلت أصوات مطالبة بطرد السفير الصيني، لكن الأقوال والتصريحات والمواقف شيء والمصالح التجارية شيء آخر. وقف المجتمع التجاري والصناعي السويدي معارضا أي توجهات أو خطوات رسمية تؤجج الموضوع، أو بالأحرى تؤثر في مصالح السويد في الصين، أو من وجود الصينفي السويد. الصينيون حــاضرون بكثافة في السويد بعد تملكهم عشرات الشركات الكبيرة، ولهم استثماراتهم الواسعة في البلد الذي يؤدي إلى تشغيل عشرات الآلاف من الأيدي العاملة. وعندما استبعدت السويد شركة هواوي من الاشتراك في المناقصات الخاصة لإنشاء البنى التحتية لشبكة الجيل الخامس للإنترنت، وقفت شركة إريكسون السويدية الشهيرة ضد القرار خشية أن يوثر ذلكفي نشاطاتها في الصين. "إريكسون" كانت الشركة رقـم واحـد في العالم لتجهيز أسواق الاتصالات بالبنى التحتية. ورغم أن "هواوي" حديثة العهد "أسست عام " مقارنة بـ "إريكسون" "أسست عام 1987 "، إلا أن الأولى لحقت بالأخيرة وسبقتها. 1876 كانت هناك خشية كبيرة في السويد من أن تتخذ الصين إجراءات ضد "إريكسون" ونشاطها في الأســواق الصينية بعد القرار السويدي القاسي لحرمان "هــواوي" من المشاركة في تحديث بنى الإنترنت السويدية -أقول "القاسي" لأن السويد ذهبت أبعد من الدول الأوروبية الأخرىفي قطع درب "هواوي" من المشاركة في مناقصات الجيل الخامس. رفعت "هـواوي" قرار الحكومة السويدية بحرمانها من المشاركة في مناقصات الجيل الخامس إلى المحاكم، ولا يزال هناك أمل في تغير المواقف. قصة "هـــواوي" في السويد قصة شيقة. لقد جلبت هذه الشركة العملاقة - التي لم تفلح عظمة أمريكا ومعها حلفاؤها الغربيون في تركيعها رغم ما يفرضونه عليها من حصار وعقوبات - للصين من مزايا ما قد يفوق الانتصار في معركة حاسمة. قصة "هــواوي" تبناها المجتمع التجاري والصناعي السويدي، الذي يدعو اليوم صراحة إلى فصل المصالح التجارية عن التوجهات السياسية. المصالح، تجارية كانت أم غيرها، لها الأفضلية في العلاقات الدولية، لكن السويد وإلى وقت متأخر كانت تحاول التشبث بمواقف أو وجهات نظر الأفضلية فيها لما تراه يقع في خانة الأخـ ق وحقوق الإنسان، ولهذا تدعي السويد أنها تمتنع عن بيع سلاحها الفائق التطور إلى الدول التي هي في حالة حرب أو تقع فيها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. ربما الموقف من "هـواوي" بدأ يفرض عل السويد توجها مختلفا في الأمور التجارية، التي يريدها أصحاب الأعمال أن تكون خارج الرغبات ووجهات النظر السياسية. لا غرابة أن يكون مقر "هواوي" في ضواحي ستوكهولم مقابلا لمقر شركة إريكسون وبالذات في منطقة كيستا، حيث تتكدس كبى الشركات المعرفية وشركات التواصل والذكاء الاصطناعي في السويد والعالم مكونة ثاني أكب تجمع لها بعد سيليكون فاليفي الولايات المتحدة. وكثيرون يمنحون "إريكسون" الحق للوقوف في وجه الحكومة السويدية فيحرمان "هواوي" من المشاركة في تشييد البنى التحتية للجيل الخامس للإنترنت. لكن الصين حالة خاصة بالنسبة للسويد ومعها ربما شركاؤها في الاتحاد الأوروبي: وجود الصين في السويد حيوي للاقتصاد السويدي، ووجود السويد في الصين حيوي أيضا للاقتصاد السويدي، معادلة ذات طرفين، تميل كفتاها لمصلحة الصينفي أيصراع تجاري. سيكون أكب مكسب للصين لو أن إجراءات الحكومات الغربية ضد "هــواوي" أدت إلى تغيير في المواقف، ليس الحكومية، بل مواقف الشريحة المؤثرة من التجار والشركات وأصحاب المصالح والعلماء والباحثين. وهذا يبدو ما يحدث حاليا في السويد، حيث ينبي السفير الصيني مؤنبا ومهددا ومحذرا صحافيا سويديا دون أن يكون لموقفه غير المسبوق هذا أي تبعات ليس فقط عل التجارة، بل حتى عل السياسة. تكرار الأخطاء .. معادلة الخسائر أثناء حديث عفوي مع صديق لي حول بعض المشاريع المتعثرة رغم المحاولات المتكررة لتحقيق نتائج إيجابية، ذكر في معرض حديثه ألا نتوقع نتائج مختلفة عند تكرار المحاولة نفسها بحذافيرها. لقد استوقفني حديثه، وبالفعل من غير المنطقي أن نعاود عمل الشيء نفسه ونتوقع حدوث شيء مغاير. وهذا قادني إلى استحضار مقولة لألبت أينشتاين: "الجنون هو تكرار الأمر ذاته وتوقع الحصول عل نتائج مختلفة". فمعاودة ارتكاب الخطأ نفسه مرة بعد مرة يتحول من مسألة اعتباره خطأ إلى كونه إصرارا عل اتخاذ القرار نفسه. لكن ما الذي يدفع البعض لارتكاب الأخطاء نفسها وعدم الاستفادة من تجاربهم السابقة، سواء عل مستوى الأفراد أو المؤسسات والشركات؟. عل المستوى الشخصي، من الأسباب الجلية في تكرارنا الأخطاء هو صعوبة إدراكنا فعلا أننا نرتكب خطأ. قد يتولد لدينا شعور بأن ما نعمله صحيح وملائم لكن يتخلله بعض المصاعب والتحديات التي تحول دون تحقق النتائج المطلوبة في وقت أسرع، بينما الواقع يجسد أن المسار الذي نتجه فيه أو الأعمال التي ننجزها بالطريقة نفسها تقع في دائرة الخطأ. من الأسباب لتكرار الأخطاء نفسها كثرة المشاغل والتوهان في دوامة الحياة بشكل يجعلنا لا نعي بشكل كامل تفاصيل ما نقوم به. أيضا البعضلا ينظر إلى الماضي ويتعلم من الدروس والتجارب التي مرت به، فيفوت عل نفسه الفرصة لتفادي الأخطاء وتكرار التجارب الخاطئة نفسها. يضاف إلى ذلك العادات والممارسات التي اعتدناها تدفعنا غالبا لعمل المحاولات نفسها بالأسلوب والنسق أنفسهما. كذلك التعنت أو العناد من الصفات السلبية التي تحجب عن صاحبها رؤية النورفي نهاية النفق، وتوقعه فيشرك أخطائه. أما عل مستوى الشركات والمؤسسات، فإن تفادي تكرار الأخطاء يتسم بالصعوبة لتعقيدات وحجم الأعمال، وعدم مرونة وصول المعلومات في الهياكل التنظيمية الكبيرة. في الشركات التي لا تتسم بالشفافية والتواصل الفعال بين الإدارات وموظفيها قد تلجأ عل سبيل المثال لتجاهل الأخطاء والأزمات خوفا عل سمعتها. وفي أفضل الأحـــوال، قد تستجيب المؤسسات لتلك الأخطاء أو الأزمـات، لكن بصورة بطيئة أو مستعجلة جدا متجاوزة ممارسات تصحيح الأخطاء المتبعة في تلك الحالات. أما بالنسبة للشركات التي تطبق أعل معايير الشفافية وحوكمة عملياتها، فقد تتفادى تكرار أخطائها لفترة من الزمن، لكن مع التقادم واستطالة الأمد قد يتحول التركيز إلى المسائل التجارية كتعزيز الربحية وتحقيق المستهدفات الاستثمارية. من الأمثلة عل تكرار الأخطاء المنهجية التي تسببت في خسائر فادحة بسبب تغير التركيز مع تقادم الزمن، ما حدث الذي انفجر بعيد 1986 للمكوك الفضائي "تشالنجر" عام ثانية، بسبب خلل في الحلقات المطاطية المثبتة 73 انطلاقه بـ بالمكوك. واستجابة لذلك الحادث المؤلم، راجعت وكالة ناسا إجراءاتها الداخلية وعززت من تدابير السلامة لضمان ، انفجرت المركبة 2003 عدم تكرار ذلك الخطأ. لكن في عام الفضائية كولومبيا، بسبب خلل فني في العازل الحراري أثناء عودتها للأرض. تظل الأسباب الفنية المسببة للحادثتين مختلفة، لكن يعزو الخباء السبب في ذلك إلى التغير في التركيز عل مسائل السلامة إلى مسائل أخرى مع تباعد الفترة الزمنية بين الواقعتين. عموما تتساوى النتائج مع الطرف الآخر من المعادلة إذا كانت تحوي المدخلات أو التجارب والممارسات نفسها، وتوقع خلاف ذلكضرب من الجنون. » 2 من 2 مجموعة السبع والإحكام الضريبي ونهاية العولمة المفرطة « تزداد قــوة الحجة لمصلحة فرض أرضـــيـــة م ـشـ ك ـة ل ـرائ ـب الشركات عندما تكون تفضيلات الدول مماثلة وعندما تكون راغبة في تجنب معضلة السجين عندما يكون السبب الوحيد لخفض الضائب هو منع رأس المال من الذهاب إلى مكان آخر. قد ينطبق هذا عل أغلب الدول المتقدمة، لكن ليس جميعها بكل تأكيد، كما تشير أمثلة مثل أيرلندا وهولندا وسنغافورة. لكن عندما يكون الاختلاف بين الدول كبيرا من حيث مستويات التنمية وغير ذلك من الخصائص، فقد يكون المناسب في إحدى الدول عقبة أمام النمو في بلد آخر. ربمـا تشتكي الـولايـات المتحدة والـدول الأوروبـيـة التي تفرضضرائـب مرتفعة من خسارة العائدات الضيبية عندما تحافظ الدول الفقيرة عل معدلات أدنى. لكن لا يوجد ما قد يمنع هذه الدول من فرضضرائب علشركاتها المحلية من جانب واحد بمعدلات أعل: إذ يمكنها ببساطة تطبيق الضيبة عل الأرباح العالمية التي تجنيها الشركات المحلية، موزعة وفقا لحصة الإيرادات التي تجنيها من السوق المحلية. وكما زعم زوكمان، تستطيع كل دولة أن تفعل ذلك بمفردها، دون مواءمة عالمية أو حتى تنسيق. هذا هو تحديدا ما يتوخاه البند الثاني في اتفاقية مجموعة السبع "وإن كان يقطع جزءا من الطريق فقط". بموجب الاتفاقية، يتعين عل أكب الشركات متعددة الجنسيات التي في المائة أن 10 لا تقل هوامش ربحها عن في المائة من أرباحها العالمية 20 تخصص للدول التي تبيع فيها منتجاتها وخدماتها. السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تفضل حدا أدنى عالميا، إضافة إلى التوزيع الوطني، هو أنها لا تريد وضع شركاتها في موقف غير مـوات مقارنة بشركات دول أخـرى من خلال فرض الضيبة عليها بمعدلات أعل كثيرا. لكن هذا الدافع التنافسي لا يختلف عن رغبة الدول الفقيرة في جذب الاستثمار. وإذا كانت الغلبة للولايات المتحدة والخسارة للدول الفقيرة، فإن هذا سيكون راجعا إلى القوة النسبية، وليس المنطق الاقتصادي. في البداية، كانت إدارة بايدن تريد تحديد الحد الأدنى للضيبة العالمية عند مستوى في المائة. وربما تكون التسوية النهائية 21 في المائة منخفضة بالقدر الكافي 15 بنسبة لتقليل التوترات مع الدول الأكثر فقرا والسماح للأخيرة بالمشاركة. وقد يتحقق التوازن بين القواعد العالمية والسيادة الوطنية عل النحو اللائق في هذه الحالة. لكن من منظور دول مثل الولايات المتحدة، يأتي هذا عل حساب إيرادات ضريبية أقل، ما لم يكن البند الثاني من التخصيص معززا. في نهاية المطاف، من المرجح أن يثبت النظام العالمي الذي يعمل عل تعزيز قدرة الدول فرادى عل تصميم وإدارة أنظمتها الضيبية عل ضوء احتياجاتها وتفضيلاتها، كونه أكثر قوة واستمرارية من محاولات تنسيق الضائب الدولية. الأمر الواضح الآن هو أن الدول التي تعمل كملاذاتضريبية خالصة -المهتمة فقط بتحويل الأرباح الورقية دون جلب رأسمال جديد- ليس لديها ما تشكو منه. إذ إنها كانت تقدم للشركات العالمية خدمة عظيمة من خلال تسهيل التهرب الضيبي، بتكاليف كبيرة تتحملها خزانات دول أخرى. الحق: إن القواعد العالمية مبرة بشكل كامل لمنع سلوكيات إفقار الجار السافرة عل هذا النحو. وتعد اتفاقية مجموعة السبع خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. خاص بـ "الاقتصادية" .2021 ، بروجيكت سنديكيت الأمر الواضح الآن هو أن الدول التي تعمل كملاذات ضريبية خالصة - المهتمة فقط بتحويل الأرباح الورقية دون جلب رأسمال جديد - ليس لديها ما تشكو منه. إذ إنها كانت تقدم للشركات العالمية خدمة عظيمة من خلال تسهيل التهرب الضريبي، بتكاليف كبيرة تتحملها خزانات دول أخرى. NO. 10105 ، العدد 2021 يونيو 11 هـ، الموافق 1442 الجمعة غرة ذي القعدة 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعد رئيس التحرير عبدالله البصيلي مديرو التحرير علي المقبلي سلطان العوبثاني حسين مطر المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام Saudi Research & Media Group د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se داني رودريك * أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي - كلية جون كينيدي - جامعة هارفارد د. محمد راشد الشريف * أستاذ هندسة الاتصالات المشارك
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=