aleqt (10097) 2021/06/04
الرأي في الفترة الأخيرة خصوصا في العقدين الأخيرين، شهدت السويد زيادة كبيرة في نسب القتل نتيجة إطلاق النار. في هذا الحقل بالذات كان للسويد قصب السبق في ارتفاع نسب الجريمة بشكل ملحوظ ومخيف مقارنة بالدول الأوروبية، وأيضا ضمن السياق السويدي. جرائم القتل بوسائل أخرى مثل السكاكين والعنف الناتج عنها بقيت ثابتة في العقدين الأخيرين، لا بل بعضها شهد انخفاضا. ماذا يكمن وراء زيادة نسبة الجريمة في السويد؟ استأثر آخـــر تـقـريـر عـــن نسبة الــجــريمــة في الـسـويـد باهتمام الصحافة والإعــ م في كثير من الدول. السويد شأنها شأن أي بلد آخر تقع فيها شتى أنواع الجرائم. إذن لماذا يكون لأي زيادة في نسبة الجريمة في السويد وقع خاصفي الإعلام يختلف عن تغطية معدلات الجريمة في أي بلد آخر؟. في الحقيقة لم أكترث للتقرير الدوري هذا، ولم يدر فيخلديفيحينه أنه يستحق التركيز عليه وكتابة مقال لقراء صحيفتنا عنه. وكذلك لم أتوقع أن يأخذ كل هذا المدى من التغطية في الصحافة العالمية، حيث تطرقت إليه وبإسهاب صحف في شتى أرجاء العالم بينها الصحافة العربية. والأمر الذي جعلني أخصص مقالا خاصا لشأن الجريمة في السويد كان ورود رسائل إلكترونية ونصية من القراء والمتابعين الكرام الذين طلبوا مني إدلاء الرأي إن كان ما تناقلته وسائل الإعلام صحيحا. ما ورد في الصحافة وما نقله لي متابعيي وقرائي صحيح ضمن السياق السويدي، لكن ليس بالخطورة التي جرى تقديمه فيها خارج هذا السياق. ما أعنيه هو أن زمن ترك أبـواب المنازل والشقق مفتوحة والتجوال دون خشية في مراكز بعض المدن ليلا ولا سيما في عطلة نهاية الأسبوع قد ولى. قد يستغرب بعض القراء إن نقلت لهم فحوى تبليغ من الشرطة على لوحة عامة بارزة في موقف للسيارات في منطقة شعبية في العاصمة ستوكهولم تحث فيها الناس على تفريغ سياراتهم من الأمتعة وإلا فإن السراق في انتظارهم للقيامفي ذلك. وقبل أسبوع، نصبت جهاز إنذار السرقة في بيتي حيث صار جزءا من متطلبات التأمين المنزلي. كل هذا لا يعني أن الحياة في السويد صارت لا تطاق. على العكس، لا تزال السويد بلدا آمنا والحياة فيها هانئة ونسبة الجريمة عموما هي الأقل مقارنة بأغلب دول العالم ومنها الأقطار الأوروبية. ما الخطب إذن؟ في الفترة الأخيرة، خصوصا في العقدين الأخيرين، شهدت السويد زيادة كبيرة في نسب القتل نتيجة إطـ ق النار. في هذا الحقل بالذات كان للسويد قصب السبق في ارتفاع نسب الجريمة بشكل ملحوظ ومخيف مقارنة بالدول الأوروبية وأيضا ضمن السياق السويدي. جرائم القتل بوسائل أخرى مثل السكاكين والعنف الناتج عنها بقيت ثابتة في العقدين الأخيرين، لا بل بعضها شهد انخفاضا. قد تبدو نسب جرائم الاغتصاب عالية جدا مقارنة بالدول الأخرى، بيد أن النظرة السويدية إلى عملية الاغتصاب تختلف اختلافا جذريا عن نظرة أي بلد آخر. بعض ما يعد هنا جريمة اغتصاب يعاقب عليها القانون، ينظر إليه على أنه أمر بريء لا يستوجب المساءلة في الدول الأخرى. ولنا في قضية جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس، مثالا لأن تهمة الاغتصاب التي وجهت إليه في السويد ربما لما يكترث لها أغلب دول العالم. لنعد إلى جريمة القتل بسبب العيارات النارية. ما يتبادر إلى الذهن مباشرة هو أن شخص لكل مليون نسمة نتيجة 4.6 مقتل إطلاق النار في السويد يعد الأعلىفي الدول الأوروبية. وهذا يعني أن إطلاق النار سبب شخصا في العام الفائت، 48 في مقتل .2020 هذه نسبة كبيرة وعدد لا يستهان به أبدا في بلد مثل السويد. وحاليا تعد السويد أسوأ بلد من حيث درجة العنف الناتج عن 22 استخدام البنادق وتأتي في رأس قائمة بلدا أوروبيا بعد كرواتيا. ومن ثم، ما قضية إطـ ق النار وبهذا الشكل الملحوظ في بلد يحظر فيه حمل واقتناء السلاح؟. ليس دفاعا عن السويد، لكن طريقة عمل الشرطة والأمن هنا تختلف جذريا عن الدول لأخرى. سياسة "القبضة الحديدية" حتى في التعامل مع العنف غير مرغوب فيها في هذا البلد حتى الآن. والعقوبات عدا تلك المتعلقة بالاغتصاب وحالات الاعتداء على النساء والأطفال تعد هينة مقارنة بالأماكن الأخرى، وهذا قد يكون واحدا من الأسباب التي تشجع على انتشار الجريمة في السويد في العقدين الأخيرين. وقد عزا التقرير الارتفاع الكبير في نسب القتل نتيجة إطلاق النار إلى تفشي الجريمة المنظمة في المدن الرئيسة خصوصا في الأحياء الشعبية، ولم تنج منه مدينة صغيرة مثل المدينة التي أقطنها. نظام العقوبات السويدي وطريقة تعامل الشرطة والأمن مع العنف جعلا من السويد منطقة جذب؟ لا بل ملجأ للجريمة المنظمة، خصوصا المتعلقة بغسل الأموال والمخدرات. وجريمة القتل أو حتى إطـ ق النار في هذه الحالة تتبعها جريمة قتل أخرى وإطلاق نار متبادل، وهذا ما أكده مسؤول الشرطة في إلقاء الضوء على الجريمة المنظمة في السويد، حيث قال: ما إن يقتل شخص في حي ما حتى يتم قتل شخص آخر بعد فترة وجيزة وضمن المدى الجغرافي ذاته. وإلى أن تغير السويد في سياسة ونهج العقوبات والتعامل مـع العنف، فإن المحللين هنا يتوقعون مزيدا مثل هذه الحوادث لأن المناخ الحالي موائم لنمو وانتشار الجريمة المنظمة. ابتكار الشركات والاستثمار الجريء لا يخفى أثر الابتكارات النوعية والتقنية الناجحةفي الدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية وزيـادة التنافسية في الأسواق والقطاعات المختلفة. لكن تظل معضلة التمويل وتوفير المـوارد المالية الكافية للمشاريع والمبادرات الابتكارية عموما لا تـوازي الاحتياج الفعلي أو الـ زم لتسيير تلك الابتكارات وتحويلها إلى فرص استثمارية قابلة للتسويق. والسبب الرئيس يعود إلى المخاطرة العالية التي تكتنف تلك المشاريع والمبادرات، وانخفاض نسب نجاحها. فبكل تأكيد لن يخاطر المستثمر بتعريض رأسماله للمغامرة دون عوائد مجزية للاستثمار أو بتأكيدات نجاح المشاريع أو الشركات المستثمر فيها، وكما يقال: فإن "رأس المال جبان". لذلك يعاني كثير من الشركات الناشئة القائمة على نماذج عمل أو منتجات أو خدمات ابتكارية في الحصول على تمويل يغطي تكاليف التطوير أو إثبات نجاح منتجاتها أو خدماتها أو الموارد المالية، التي تغطي الزيادة في تكاليف التشغيل والتطوير لمقابلة النمو والتوسع لتلك المنشآت. ولمعالجة هذا التحدي والعزوف عن الاستثمار في الشركات الناشئة عالية المخاطرة، نشأ ما يعرف بصناديق أو شركات الاستثمار الجريء. تقوم صناديق الاستثمار الجريء عادة بإدارة أصول مالية تعود لمستثمرين متعددين موزعة على حقائب استثمارية مختلفة للاستثمار في شركات ناشئة ذات طابع ابتكاري. ولتحييد المخاطر أو تقليل نسبة فشل تلك الاستثمارات، تقوم تلك الصناديق بالاستثمار في شركــات متعددة وقطاعات مختلفة لتوزيع نسب المخاطرة، لتنتهي بمعدلات مخاطرة منخفضة نسبيا على مستوى تلك الصناديق. ويقاس مدى نجاح الحقائب الاستثمارية بمستوى العائد على الاستثمار في الشركات الناشئة أو التقنية بشكل مجمل، وليس العائد على الاستثمار منشركة بمفردها، التي قد تصل أحيانا إلى عشرة أضعاف المبالغ المستثمر فيها أو تزيد. كما برهن عديد من الشركات التقنية الممولة بهذا النوع من النماذج المالية على تحقيق معدلات نمو ضخمة وزياداتفي الأصول والأرباح مثلشركتي أمازون وياهو، وكذلك عديد من شركات الاقتصاد التشاركي. في صناديق الاستثمار الجريء غالبا لا يملك المستثمرون صلاحيات لإدارة الصناديق الممولة من قبلهم، لضمان عدم إرباك الاستراتيجية الاستثمارية أو التدخل في قرارات الاستثمار أو التخارج من تلك الشركات. أخـ ا، أصبح عديد من الشركات الكبرى تولي مسألة الابتكار والإبداع، سواء على مستوى العمليات والتشغيل أو في إطلاق منتجات أو خدمات ابتكارية نوعية، أهمية كبرى في سياساتها واستراتيجيتها. لكن تظل معدلات الإخفاق في المبادرات الابتكارية للشركات أعلى من نسب النجاح، وذلك يعود لسببين رئيسين: أولا يدير بعض تلك الشركات مبادرات أو مشاريع الابتكار مثل إدارتها لمشاريعها التقليدية، وثانيها الاكتفاء بعدد من المبادرات المحدودة والاستغراق في استكشاف جدواها وقابلية نجاحها. من الحلول المقترحة لتحقيق النجاح في إطلاق المبادرات الابتكارية وتخطيها مرحلة الإثبات والاختبار إلى الإنتاج ودخــول الأســـواق، هو تبني نمـوذج صناديق الاستثمار الجريء. فبتخصيص الشركة صندوقا لتمويل المشاريع الابتكارية الخاصة بها والاستثمار في عدد كبير من تلك المبادرات سيساعدها أولا على توزيع نسب المجازفةفيحال إخفاق بعض منها على جميع المبادرات، وثانيا سيمكنها من سرعة استكشاف المبادرات غير القابلة للتطبيق أو النجاح. إن الاستعانة بنماذج عمل أو استراتيجيات مختلفة عن تلك الممارسات السائدة قد تفتح آفاقا جديدة سواء في الإدارة أو الابتكار والاستثمار. » 2 من 2 التعافي بعد الجائحة .. دول قائدة وأخرى متلكئة « أصبحت أوروبا أيضا في وضع أسوأ، بعد أن عانت ركودا مزدوجا والربع الأول من 2020 في الربع الأخير من عام ، بسبب موجة جديدة من الإصابات 2021 عام بعدوى فيروس كورونا وعمليات الإغلاق. وسيظل تعافيها ضعيفا خلال الربع الثاني من هذا العام، لكن النمو قد يتسارع في النصف الثاني من هذا العام إذا استمرت معدلات التطعيم في الارتفاع وظلت السياسات الكلية ملائمة. لكن الإلغاء التدريجي لخطط الإجازات والضمانات الائتمانية المختلفة قبل الأوان قد يفضي إلى حدوث ندوب وأشكال تباطؤ أكثر استدامة. علاوة على ذلك، في غياب الإصلاحات البنيوية اللازمة منذ أمد بعيد ستستمر أجزاء من منطقة اليورو في تسجيل نمو محتمل منخفضومعدلات ديون عامة عالية. وما دام البنك المركزي الأوروبي مستمرا في شراء الأصـول، فقد تظل الفوارق السيادية "الفرق بين عائدات السندات الألمانية والإيطالية تحديدا" منخفضة. لكن إلغاء الدعم النقدي تدريجيا أمر واجـب، فضلا عن ضرورة تقليص العجز. وسيظل شبح الأحزاب الشعبوية المشككة في أوروبـا التي تسعى إلى استغلال الأزمة يلوح في الأفق باستمرار. كانت عـودة اليابان أيضا أبطأ كثيرا. فبعد الإغلاق للسيطرة على موجة جديدة من الإصابات، شهدت اليابان نموا سلبيا في الربع الأول من هذا العام وتناضل الآن للإبقاء على دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية في طوكيو على مسارها الصحيح. واليابان أيضا في حاجة ماسة إلى إصلاحات بنيوية لزيادة النمو المحتمل والسماح بضبط الأوضاع المالية العامة في النهاية. وربما يصبح دينها العام الهائل غير مستدام في نهاية المطاف، رغـم استمرار بنك اليابان في سك النقود. أخـ ا، أصبحت التوقعات أكثر هشاشة في عديد من الاقتصادات الناشئة والنامية، حيث تستمر الكثافة السكانية العالية، وأنظمة الرعاية الصحية الأضعف، ومعدلات التطعيم المتدنية في السماح بانتشار الفيروس. وفي عديد من هذه الدول تراجعت معنويات الأعمال والمستهلكين ونضب معين الدخل من السياحة والتحويلات من الخارج وأصبحت معدلات الدين مرتفعة بالفعل وربما غير قابلة للاستمرار، وأصبحت الظروف المالية محكمة، نظرا لارتفاع تكاليف الاقتراض والعملات التي أصبحت أكثر ضعفا. علاوة على ذلك، نجد أن الحيز المتاح لتيسير السياسات محدود، وفي بعضالحالات قد تتقوضمصداقية السياسة بفعل السياسات الشعبوية. تعد الهند، وروسـيـا، وتركيا، والـ ازيـل، وجنوب إفريقيا، وأجزاء عديدة من منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، والــدول الأكثر هشاشة المستوردة للنفط في الشرق الأوسط، بين الاقتصادات الأكثر اضطرابا التي يجب أن تراقب عن كثب. كما تشهد دول عديدة كسادا مليون شخص 200 وليس ركودا. وأصبح أكثر من عرضة للعودة إلى الانـــزلاق إلى براثن الفقر المدقع. وما يزيد من تفاقم أوجه التفاوت هذه هو أن الدول الأكثر عرضة للجوع والمرض تميل أيضا إلى مواجهة القدر الأعظم من التهديد من تغير المناخ، وستظل بالتالي مصادر محتملة لعدم الاستقرار. بينما تتعافى الثقة في عموم الأمـر، يتمتع بعض الأسواق المالية بوفرة عبثية، وهناك كثير من المخاطر الكامنة والشكوك. ومن المرجح أن تؤدي أزمة مرض فيروس كورونا إلى اتساع فجوات التفاوت بين الـدول وداخـل كل منها. وكلما ازداد تخلف هذه الفئات المستضعفة عن الركب تعاظم خطر عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسيوالجيوسياسيفي المستقبل. خاص بـ "الاقتصادية" .2021 ، بروجيكت سنديكيت أصبحت التوقعات أكثر هشاشة في عديد من الاقتصادات الناشئة والنامية، حيث تستمر الكثافة السكانية العالية، وأنظمة الرعاية الصحية الأضعف، ومعدلات التطعيم المتدنية في السماح بانتشار الفيروس. NO. 10098 ، العدد 2021 يونيو 4 هـ، الموافق 1442 شوال 23 الجمعة 13 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعد رئيس التحرير عبدالله البصيلي مديرو التحرير علي المقبلي سلطان العوبثاني حسين مطر المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام Saudi Research & Media Group د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se نورييل روبيني * أستاذ الاقتصاد - كلية ستيرن لإدارة الأعمال - جامعة نيويورك د. محمد راشد الشريف * أستاذ هندسة الاتصالات المشارك
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=