aleqt: 31-5-2021 (10094)

NO. 10094 ، العدد 2021 مايو 31 هـ، الموافق 1442 شوال 19 الإثنين أخذ الصراع بين الدول الكبرى أشكالا كثيرة، بسبب حجم التقدم العلمي والتكنولوجي الكبير، والهدف من ذلك هو الهيمنة وبسط النفوذ على العالم بعد السيطرة على مجالات الصناعة والاقتصاد، وكـــان شائعا أن أبـــرز مجالات السيطرة العالمية للدول الكبرى الاقتصادية والعسكرية، وبدأت هــذه العناصر تكتسب مناحي أخرى على أصعدة متعددة، كغزو الفضاء، والتسليح غير التقليدي، حتى وصلت الحال إلى الهيمنة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي كـرط أسـاس لضمان بقاء هذه المجتمعات البشية في الطليعة، لكن معادلات السياسة والاجتماع فرضت تحديات أخـرى أوجدتها الظروف اللحظية أو التراكمية، كالأمن الاجتماعي والمكون الشاب للدولة، الذي أجبر دولا أوروبية على فتح باب اللجوء أمام الباحثين عن الحياة الكريمة والفارين من نيران الحروب وويلاتها، للاستفادة منهم جراء وصول مجتمعاتهم إلى الشيخوخة، وخوفا من اندثارها. لم يخطر ببال أحـد أن تكون الهيمنة الصحية أحد أهم أشكال الهيمنة التي ستسيطر على العالم في يـوم مـا، فما شهده العالم الـعـام المــاضي كـان استثنائيا، 19 - حيث غـ ت جائحة كوفيد ملامح الحياة على سطح الكوكب، إضافة إلى جميع موازين القوى، من خلال شل حركة العالم بشكل تام لأشهر قبل التمكن من اكتشاف اللقاح، الذي لم تظهر إيجابياته وسلبياته حتى هذه اللحظة، لكن بلا شـك، كـان الناس في مختلف العالم يقفون على رجل ونصف حتى يتمكن العلماء مـن توفير لقاح، بعد أن دقت أرقام الإصابات والوفيات الحدود المليونية، ليكون على الدول الكبرى مسؤولية تجاه نفسها، بتحقيق الهيمنة الصحية كشط أساس في معادلة السيطرة على العالم، وضمان كلمة مسموعة لها عالميا، فمن يملك اللقاح يملك في المقابل ثروة اقتصادية مجدية، تمكنه من فرض إرادتـه على بقية الكيانات الأخرى. تحاول القوى الدولية التقليدية بـــذل جـهـود لـحـ يـة الـسـيـادة الصحية، التي ظهرت لديها للمرة الأولى في النصف الأول من العقد الأخـ من القرن المــاضي، عقب نش برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريره للتنمية البشية، حيث أشار لأول مرة إلى هذا المفهوم، ليكون أحد عناصر الأمـن البشي، التي تقف إلى جانب الأمن الاقتصادي، وكذلك المجتمعي والبيئي وغيرها، لكن التعريف بقي مبهما أو بلا معنى لأعوام حتى جاءت الجائحة، التي جعلت من هذا المجال المتعلق مـبـاشرة بحياة الإنـسـان ضرورة كبيرة، تضمن بقاء أو فناء أمم بحد ذاتها، لذلك كانت الحاجة إلى الإنفاق على الأبحاث العلمية ضرورة قــصــوى، لـإسـهـام في إيجاد حل للمعضلات التي تصيب البشية، خصوصا تلك التي بدأت في الظهور بعد التحول المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري، الذي غير من ملامح الكوكب الكيمياوية، وسمح بظهور كائنات دقيقة فائقة الخطورة. لعبت العولمة دورا مهما في تشكيل هالة الأمن الصحي كضرورة بعد دورها الكبيرفي انتشار الأوبئة بين الــدول، إذ لا يقف الأمـر عند الموضوع كونه صحيا بحتا، فهو يدخل في إطــار مـعـادلات القوة والـتـوازنـات بين الــدول الكبرى، التي تسعى لنش نفوذها وبسط سيطرتها عـ الـعـالم في كل المجالات، وهذا الصراع كان حاضرا في خطابات الرئيس الأمـريـي السابق دونالد ترمب، الذي كان يصف فـ وس كورونا بالفيروس "الصيني"، الذي كان يعده لعبة سياسية صينية، للسيطرة على العالم، متهما إياها بتصديره من مدينة ووهان إلى العالم. لا يقتصر دور الأمـن الصحي أو السيادة الصحية على مواجهة الفيروسات أو صناعة اللقاحات لها أو تحدي الأوبـئـة، بل وضع أطر لتجاوزات بعض الكيانات، التي تعتمد الكيانات السياسية على فرض معادلة الحصول على أسلحة استراتيجية، لضمان وجودها في خريطة السياسة العالمية، فيما تطور دول أخرى برامج أسلحةسرية خطيرة كالغازات السامة وغيرها من المركبات الكيمياوية ذات الضرر الكبير، فيما تحاول بعض الجهات توفير الطاقة، من خلال مفاعلات نووية يعتقد أنها آمنة ونظيفة، لكن التسريبات الإشعاعية في مفاعل فوكوشيما الياباني وما تبعها من أضرار خلفت قتلى وعاهات دائمة، إضافة إلى التلوث البيئي، ولا تنسى البشية أزمة مفاعل تشنوبل، التي ضعف قنبلة 200 لامست حـدود هيروشيما، لتبقى ضرورة السيادة الصحية لدى هذه الدول ملحة. كشفت جائحة كورونا عن أن العالم لم يكن مستعدا بشكل كاف لمواجهة وباء مستجد وواسع النطاق، كما حدث في بداية عام ، ليبرز عديد من المؤشرات 2020 على التنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى التقليدية الولايات المـتـحـدة، وروســيــا، والـصـ ، والاتحاد الأوروبي، لتعزيز سيادتها الصحية، من أجل تحقيق مكاسب استراتيجية، بناء عـ تحقيق مكاسب سريـعـة، مـن خـ ل بيع الكمامات الصحية، والمعقمات، وأجـهـزة التنفس، فيما نشطت ثقافة المستشفيات الميدانية، وهذه كانت منفعة للدول المصنعة للأجهزة الطبية، لتتمكن هذه الدول من ضرب عصفورين بحجر واحد، أولا مكاسب مادية، ثانيا مكاسب تتعلق بالثقة والاحـــ ام كنش النفوذ، من خلال المساعدات. كما شهدت الأســواق الصحية حروبا من تراشق الاتهامات تتعلق بأفضلية لقاح على الآخر والتشكيك في هـذا اللقاح لمصلحة لقاح آخر، لكن الدراسات العلمية كانت بالمرصاد لهذه الاتهامات، وكانت اللقاحات ذات فاعلية كبيرة على عكس ما كـان يـروج لها، لكن لا يعني ذلـك عـدم وجــود أعـراض جانبية مصاحبة، تسببتفي وفيات وجلطات لنسب قليلة جدا ممن أخـــذوا اللقاح، ولم يخف على أحد وجود صراع بين المختبرات العلمية، وذلك لعدم وجود أي تنسيق بين المختبرات المتنافسة، كما نزلت الحكومات بثقلها المالي والسياسي لدعم هذه المختبرات، ما يوحي بأن البحث عن التلقيح ليس مجرد مسألة صحية بقدر ما يتعلق بالأمن القومي والسيادة. تـصـدر صراع الهيمنة على السيادة الصحية بين الخصمين التقليديين للقوى العظمى أمريكا والصين، ليأخذ صراعهما التجاري والعسكري أبعادا أخـرى بشكل كبير، وشبه كثيرون أزمة كورونا بين بكين وواشنطن بأزمة الحرب الـــبـــاردة، كـ سبق أن فرضت عقوبات اقتصادية عليها، أمام المحاكم للحصول على تعويضات بمئات المليارات من الـدولارات، فيما كانت الصين ترد على الولايات المتحدة، بأن واشنطن هي سبب انـتـشـار الــفــ وس في الصين، لأنها أرسلت جنودا أمريكيين إلى مدينة ووهـــان وكـانـوا يحملون الفيروس، وتستمر معركة السيادة الصحية بين الدولتين إلى مرحلة يوم من حكم الرئيس 100 أول جو بايدن، إذ تبادل مسؤولون أمريكيون وصينيون عبارات حادة، في أول محادثات رفيعة المستوى تجريها الإدارة مع الصين، واتهم المسؤولون الصينيون الولايات المـتـحـدة بتحريض دول على مهاجمة الصين، أما الأمريكيون فقالوا: "إن الصينيين جاءوا بنية العجرفة". فيما لعبت العولمة دورا مهما في تشكيل هالة الأمن الصحي كضرورة السيادة الصحية .. ذراع جديدة للسيطرة على العالم شهدت الأسواق الصحية حروبا من تراشق الاتهامات تتعلق بأفضلية لقاح على الآخر والتشكيك في هذا اللقاح لمصلحة لقاح آخر تحاول القوى الدولية التقليدية بذل جهود لحماية السيادة الصحية. من الرياض محمود عبدالعزيز انتحر أو قـتـل، لا يهم، فالنتيجة واحــدة، نهاية أبي بكر شيكاو أمير الحرب وأحد أكـر الإرهابيين وحشية في الـعـالم، الــذي حـول جماعة "بــوكــو حــــرام" مــن طائفة متطرفة مغمورة في صحراء إفريقيا إلى جيش منظم من "الجهاديين"، وخلفت حربه مع الدولة النيجيرية عشات الآلاف من القتلى، وامتدت تأثيراته إلى أربع دول مجاورة. لا تأكيد رسمي من جانب التنظيم المتطرف ولا الدولة النيجيرية عن مقتل الرجل، رغم انتشار وتداول الخبر على نطاق واسع في وسائل إعلام إفريقية ودولية، تلتقي على واقعة الـوفـاة دون الاتفاق بشأن الكيف. فـروايـة أولى تفيد بأنه رفـض التنازل عن قيادة التنظيم، وفجر سترة ناسفة ارتداها داخل لباسه، ما أودى بحياته ومن كان في جلسة المفاوضات معه. فيما الرواية الثانية تقول: "إنه قتل خلال مواجهات مع مجموعة متطرفة أخرى، في إطار صراع النفوذ وإحكام السيطرة"، وتتبنى روايــة ثالثة فرضية انـتـحـاره بعد تـأثـر جماعته بتداعيات الانشقاقات الداخلية والعمليات الجوية من قبل الجيش النيجيري وأنشطة قــوات دول بحيرة تشاد في غضون الأشهر الثلاثة الماضية، مـع انتهاز مقاتلي الفصيل المنشق والمنافس. مهما يكن من أمــر، بشأن كيفية الـوفـاة، يبقى المؤكد أن شيكاو المعروف بعناده، ورفضه الخضوع لأي أوامـر خارجية منذ توليه قيادة "بوكو ، بعد 2009 حـــرام"، عــام مقتل مؤسسها محمد يوسف، الذي شكل قتله على يد قوات الأمن نقلة جديدة للتنظيم من العنف إلى التسلح، لن يخرج مجددا للسخرية والاستهزاء، مثلما حدث غير ما مرة، كان ، عقب إعلان 2018 آخرها عام الجيش النيجيري مقتل زعيم الجماعة. بايعت جماعة "بوكو حرام" تنظيم داعش خلال قيادة ابن ولاية يوبي لها، بالتحديد في في بيان 2015 ) آذار (مــارس بصوت شيكاو، لتغير الجماعة اسمها فتصبح ولايـــة غرب إفريقيا. عـام بعد المبايعة سيعزل أبوبكر البغدادي شيكاو ويعين أبو مصعب البرناوي محله، ما أحـدث مجموعتين متطرفتين، فصيل تاريخي بقيادة أبي بكر شيكاو، وجماعة جديدة معترف بها من قبل تنظيم داعش، يقاتلان الجيش النيجيري كل على حدة، وتدور بينهما اشتباكات للسيطرة على المنطقة. يتذكر الـعـالم بـــأسره أبا بكر شيكاو بواقعة "فتيات ، حيث 2014 شيبوك"، عام تلميذة من إحدى 276 اختطف المــدارس الداخلية في جنح الليل. أطلق سراح بعض منهن، فتاة 100 بينما لا تـزال نحو مفقودة أو في الأسر. وكانت وحشية شيكاو في استخدام النساء والفتيات في التفجيرات الانـتـحـاريـة، فكان يرسلهن ملفوفات بالمتفجرات على أجسادهن، مستخدما إياهن قنابل بشية رغما عنهن. أوقـع التمرد الـذي يشهده شمال شرق نيجيريا، منذ أكث من عشة أعوام، بقيادة جماعة ألف 40 بوكو حـرام أكث من قتيل، وكـان سببا وراء نزوح مليوني شخص، فيما امتدت تداعيات أعــ ل العنف إلى دول مجاورة كالنيجر وتشاد والكاميرون. يبقى أكث الأسئلة تداولا على الألسن بعد التحقق من واقعة الوفاة، هو ماذا بعد أبي بكر شيكاو؟ فكيفية الوفاة التيتمت بعيدا عن القوات الحكومية النيجيرية تثبت حقائق وتنفي أخـرى في الوقت ذاتــه. لعل أولها ما جاء على لسان ممثلي الحكومة من هزيمتها مقاتلي ولايــة غـرب إفريقيا، فقدرة هـذه العناصر على الوصول إلى الـرجـل والـجـلـوس معه على طاولة التفاوض، لا بل وتفضيله الموت بدلا عن قبول نتائج المفاوضات، كفيلة برسم صورة قوة وحجم تنظيم ولاية غرب إفريقيا. وبقدر ما تثبتواقعة القضاء على شيكاو تراجعا لنفوذ "بوكو حرام" في المناطق التقليدية التي هيمنت عليها نحو عقد فـأكـر، إلا أنها في المقابل تعني صعود تنظيم داعش في ثوب ولاية غرب إفريقيا في كل هذه المناطق التقليدية. ومن شأن مقتل الرجل أن يسهل عملية انضمام مقاتلي "بوكو حرام" إلى ولاية غرب إفريقيا، ما يعني أن هـذه الأخــ ة قد عـادت إلى أصلها، إذ انشقت الجماعة عن "بوكو حـرام"، بعد خلافات حول أيديولوجية شيكاو وطبيعة قيادته. يعد كثيرون واقعة القضاء عــ أبي بـكـر شـيـكـاو تمثل نهاية حقبة بالنسبة إلى الدولة النيجرية، وبدء رحلة جديدةفي مكافحة التطرف مع عودة اسم أبي مصعب البرناوي إلى واجهة المـشـهـد، فـهـذه الشخصية التي لم تحظ باهتمام كبير، على مـدار الأعــوام الماضية، رغم رمزيتها كنجل لمؤسس جـ عـة بـوكـو حـــرام، مرنة وقابلة للتفاوض مع الحكومة والمسؤولين مقارنة بشيكاو. ويعزز هـؤلاء طرحهم بإنكار "داعــش" على "بوكو حـرام" إفراطها في التكفير والهجوم على المساجد والمسلمين. على المبشين بهذا القول أن يــتــذكــروا جـيـدا مقولة "ليس في القنافذ أملس"، فالتنظيمات الإرهـابـيـة على اختلافها تــرب م ـن معين واحد، عقيدة التطرف، التي لا تؤمن سوى بالسلاح والعنف والدم، دون حاجة إلى التذكير بالدور النوعي للأمير الجديد للتنظيم أبي مصعب البرناوي في تعزيز ولاية غرب إفريقيا، ، وتبنيه سياسة 2016 منذ عام أكث تطورا تجاه المجتمعات المحلية. كما أن البرناوي المنتصرأمير بغنائم جديدة، فقد انضم عدد من كبار قادة "بوكو حرام" إلى ولايــة غـرب إفريقيا، ما يعني أن ولاية غرب إفريقيا قد سيطرت على مخزون الجماعة من الأسلحة والذخائر، وأنها اسـتـولـت عــ مـنـافـذ جمع الـعـوائـد والـتـمـويـل بشكل الضرائب والرسوم المفروضة على السلع وممتلكات سكان المناطق التي كانت "بوكو حـــرام" تسيطر عليها، من شـأن هـذه المغانم أن تعزز طموحات البرناوي لتصل إلى شيكاو، وقد تتجاوزه في ظل الوهن الكبير للدول في منطقة الساحل. مع عودة اسم «أبو مصعب البرناوي» إلى واجهة المشهد مقتلشيكاو .. معين الإرهاب واحد وإن تغيرت الزعامة من شأن المغانم أن تعزز طموحات الجماعات الإرهابية في ظل الوهن الكبير للدول في منطقة الساحل كيفية الوفاة تمت بعيدا عن القوات الحكومية النيجيرية. ماذا بعد أبي بكر شيكاو؟ من الرياض «الاقتصادية» السياسية 13

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=