aleqt (10063) 2021/04/30
الرأي 13 كان تفشي الجائحة عاملا مساعدا وحافزا لكثير من الناس للجوء إلى الطبيعة. في بلد له مكانته في الثورة الرقمية، الوجود في مكان العمل لم يعد أمرا ملزما لكثير من المهن والأشغال، وزاد حب الناس للتجوال بعد تقييد السفر بسبب الجائحة، ومن ثم عزوف السويديين بصورة عامة عن السفر بالطائرة لنمو حركة بيئية قوية ترى في الترحال جوا أمرا مشينا. هوس التجوال في زمن الجائحة لم يستغل السويديون مادةفيدستورهم تسمح لهم بالتجوال والبقاء والمبيت في أي مكان تقريبا في بلدهم الشاسع مثلما هو الحال الآن. إنه موسم الهروب إلى الطبيعة أو ما يطلق عليه البعض هوس التجوال. والتجوال لا يعني تمضية ساعة أو بعض الساعة مشيا على الأقدام في الحديقة العامة القريبة من المنزل. التجوال يعني اللجوء إلى الطبيعة وتمضية أيام أو أسابيع وربما أشهر في رحابها. في المائة من مساحة السويد البالغة 97 نحو ألف كيلومتر مربع خالية من السكان، وعدا 450 مساحات صغيرة جدا، فإن الأرض وما فيها وما عليها تعد ملكا للدولة. في هذه المساحة الكبيرة يحق لأي مواطن سويدي أو مقيم فيها التجوال بحرية أو نصب خيمة مع كل ما تتطلبه من ملحقات للسكن فيها لفترة طويلة دون أي مساءلة. وبما أن التواصل الرقمي "الإنترنت" متوافر أينما كنت في هذا البلد، صار كثير من الناس يمضيأوقاتا طويلةفي الطبيعة ما دام باستطاعته التزود بما يحتاج إليه لإدامـة الحياة من خلال دراجته الهوائية أو سيارته التي يركنها بجانب خيمته أو مكان قريب منها. وكان تفشيالجائحة عاملا مساعدا وحافزا لكثير من الناس للجوء إلى الطبيعة. في بلد له مكانته في الثورة الرقمية، الوجود في مكان العمل لم يعد أمرا ملزما لكثير من المهن والأشغال. وزاد حب الناس للتجوال بعد تقييد السفر بسبب الجائحة، ومن ثم عزوف السويديين بصورة عامة عن السفر بالطائرة لنمو حركة بيئية قوية ترى في الترحال جوا أمرا مشينا. وأنت تجول في المساحات الشاسعة والغابات الكثيفة "تغطي الغابات ثلثي مساحة السويد"، تندهش لتناثر المنازل والبيوت السياحية (يطلقون عليها هنا "أكواخ الصيف"). من النادر ألا يملك سويدي منزلا "كوخا" في الطبيعة. كانت الناس في السابق تلجأ إلى هذه المنازل في الصيف، بيد أن الإحصاءات تشير إلى أن كثيرا منها كان مسكونا حتى في الشتاء في هذا العام. وتشجع وتساعد الدولة الناس على السكن والتجوالفي الطبيعة، حيث يبلغ حجم المحميات والحدائق العامة أكـر من مساحة دولـة مثل الدنمارك، وطول المسالك المبلطة لسير الدراجات الهوائية بعشرات الآلاف من الكيلومترات. ويحاول السويديون الاستفادة القصوى من فقرة في دستورهم تمنحهم حق التجوال والإقامة في أي بقعة يختارونها من أرضهم الشاسعة دون مساءلة شريطة ألا تكون جـزءا من الممتلكات الخاصة، والأخيرة حجمها صغير جدا، حيث يحتاج المرء إلى إذن من صاحب العقار الذيفي الأغلب لا يرد ويمنح عن طيب خاطر. وقد تكون الفقرة في الدستور التي تجعل من كل سويدي أو مقيم فيها وكأنه المالك الشرعي للطبيعة من أحب المواد الدستورية إلى قلوبهم. والمصطلح الذي يستخدمونه للإشارة لهذه ربمـا هو من أكث Allemansrätten الفقرة المصطلحات شيوعا. وأقـرب ترجمة عربية إليه قد تكون "حق الوصول العام" بمعنى أن أي شخص له حق الوصول والوجود في أي بقعة في السويد ولأي فترة زمنية شريطة ألا تكون جزءا من الممتلكات الشخصية. ولأهمية هذه المـادة الدستورية، فإنه يتم تدريسها في المدارس وممارستها على أرض الواقع من خلال الرحلات المدرسية. والمـادة أيضا ترد بشكل تفصيلي في مناهج تعليم اللغة السويدية الخاصة بالأجانب واللاجئين. وتنظم شركـات خاصة مدعومة من الدولة رحلات إلى الغابات القصية والجبال والبحيرات والسهول والغابات الكثيفة غايتها التأقلم مع الطبيعة والمناخ والحيواناتكي تصبح جزءا مكونا للحياة الشخصية، وليس مكانا أو أشياء يخشى الناس الوصول إليها. و"حق الوصول العام" له شروطه من حيث التعامل مع الطبيعة والأشـجـار والحيوانات والأرض والبحيرات وطريقة معالجة الفضلات والقمامة وغيرها. وبمـرور الزمن، صار لمفهوم "حق الوصول العام" قوانينه وتعليماته، لذا يجري تدريسه ضمن المناهج المدرسية وله كتبه وأبحاثه. والحقوق الكثيرة التي يمنحها الدستور في هذا المضمار ترافقها واجبات ومسؤوليات كثيرة منها احترام وجود الآخرين في المكان نفسه أو بالقرب منه. والحقوق هذه تسمح للناس بقطف الثمار البرية وجمع الحطب والصيد بـ وط في أي بقعة تقريبا. وكذلك تمنحهم الفرصة للسباحة في البحيرات الكثيرة بحرية، أو الوقوف على سواحلها ورمي الحصىفي المياه، نشاط يحبذه كثيرون. وتــروج مؤسسات وشركــات السياحة هنا لـ وكأنه معلم أو نصب تاريخي Allemansrätten وحضاري وثقافي للتباهي كما تتباهى الأمم الأخرى بآثارها ومعالمها المادية وتروج لها لجذب السياح. هناك لازمة يكررها الآباء والأمهات لغرسها في ذهن الأطفال ويبدو أن أغلب الناس هنا تعرفها وتمارسها وهي: "لا تخرب، لا تزعج". حتى الآن، هناك شبه التزام مطلق بهذه اللازمة، حيث الكل يحاول البناء والحفاظ على المنجزات دون تشويش أو ضوضاء. هلستكونشبكات الاتصالات مصدرا للطاقة؟ لا يزال الوقود الأحفوري المصدر الرئيس لإمدادات الطاقة العالمية والخيار الأول في السوق العالمية، لما يتمتع به إنتاج الطاقة الكهربائية من النفط بكفاءة إنتاج عالية مقارنة بالمصادر الأخـرى. لكن لعدة عوامل من أبرزها المخاوف من نضوب مخزونات الطاقة من الوقود الأحفوري والانبعاثات الكربونية الناتجة من عمليات الإنتاج، نشأت تقنيات أخـرى مولدة للطاقة واشتهر على تسميتها بمصادر الطاقة المتجددة. تتنوع مصادر الطاقة المتجددة لتشمل الطاقة المستمدة من الضوء أو الرياح أو الأمواج البحرية أو حتى الحرارة. من أبرز تلك التقنيات تقنية الخلايا أو الألواح الشمسية التي تعمل على توليد تيار كهربائي ناتج عن امتصاص الضوء في مادة السيليكون. تستخدم الألواح الشمسية عالميا على نطاق واسع لتوليد الكهرباء، لكن لا تزال القدرة الكلية لإنتاج كميات كافية من الطاقة لا توازي الطلب ولا ترقى لمستويات الوقود الأحفوري، بدليل أن مصادر الطاقة من النفط تستخدم كمصادر احتياطية في أوقات الذروة أو عند الطلب العالي. يضاف إلى الجوانب السلبية لتقنية الخلايا الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية انخفاض ) في المائة. 25( كفاءتها الإنتاجية التي لا تتجاوز الـ والخصائص ذاتها من انخفاض في الطاقة الاستيعابية أو تدني كفاءة الإنتاج تنطبق كذلك على الطاقة المولدة من الرياح. يضاف إلى ذلك أن مصادر الطاقة المتجددة لا تناسب جميع دول العالم، إما لمحدودية تعرض بعض المناطق من الكرة الأرضية لأشعة الشمس طوال العام، أو لهدوء الرياحفي مناطق أخرى. ومع كل تلك السلبيات، يظل إنتاج الطاقة من مصادر متجددة أولوية على مستوى العالم للحد من آثار التغير المناخي، وكذلك لجدوى تلك التقنيات اقتصاديا على المستوى البعيد. ونتيجة لتلك التحديات التي أظهرتها مصادر الطاقة البديلة، استثمر عديد من مراكز الأبحاث والجامعات المهتمة بمواضيع الطاقة المتجددة في استكشاف تقنيات أخرى قد تلبي الطلب المتزايد على الطاقة وتحقق مكاسب اقتصادية في آن واحد. من المجالات التي طرأت أخيرا ونالت اهتماما متصاعدا مجالات أبحاث توليد الطاقة الكهربائية من شبكات الاتصالات اللاسلكية. لكن ما هي فلسفة توليد تلك الطاقة وما كيفية نقلها؟ كما هو معلوم فإن الاستخدام المتزايد على خدمات الاتصالات والبيانات اللاسلكية نشأ عنه انتشار غير مسبوق لمحطات الاتصال اللاسلكية "أبراج الجوال على سبيل المثال" وللأجهزة المتنقلة. تتواصل تلك الأجهزة مع المحطات الأرضية عبر الأثـ من خـ ل موجات كهرومغناطيسية، وتحمل تلك الموجات قدرا مناسبا من الطاقة لتستطيع نقل رسائل البيانات والاتصالات من المرسل إلى المستقبل أو بشكل معاكس. لذا تتناول الأبحاث إمكانية الاستفادة من الطاقة المضمنة في تلك الموجات والعمل على تجميعها وإرسالها للمستقبل النهائي. وبالفعل أثبتت عدة أبحاث وتجارب معملية إمكانية تجميع وتوليد الطاقة من موجات شبكات الاتصالات اللاسلكية، لكن بنسب كفاءة منخفضة. من أبرز التحديات في تلك التقنية تدني كفاءة توليد الطاقة الكهربائية وعدم قدرتها على قطع مسافات طويلة نسبيا بين المستقبل والمرسل. لكن هل من الممكن أن تكون شبكات الاتصالات مصدرا للطاقة، وهل نستطيع على سبيل المثال أن نشحن أجهزتنا النقالة عبر الأثير؟ هذا ما سنتعرف عليه في المستقبل. 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعد رئيس التحرير عبدالله البصيلي مديرو التحرير علي المقبلي سلطان العوبثاني حسين مطر المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com » 2 من 1 تغير المناخ وجغرافيته السياسية « يبرز اسم الاتحاد الأوروبي باعتباره أحد رواد العمل المناخي على مستوى العالم. أخــ ا، وافقت الهيئات التشريعية والحكومات الأوروبــيــة على قانون المناخ الأوروبي الذي يرسخ هدف الحياد المناخي في قوانيننا. في ظل الصفقة الخضراء باعتبارها استراتيجية النمو التي ننتهجها، جنبا إلى جنب مع هدف خفض بما لا يقل عن 2030 الانبعاثات بحلول عام في المائة، يسير الاتحاد الأوروبي على 55 الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول . لكن أوروبا ليست وحدها: فالآن 2050 عام تتطور كتلة حرجة على مستوى العالم مع اتجاه مزيد من الدول إلى تعزيز التزامات إزالة الكربون. أكدت الاجتماعات الأخيرة مع جون كيري، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون المـنـاخ، أن الاتـحـاد الأوروبي والـولايـات المتحدة يعملان من كثب مرة أخرى لحشد تحالف دولي حول هدف رفع الطموحات المناخية بشكل كبير في قمة الأمم المتحدة للمناخ التي تستضيفها مدينة جلاسجو في .COP26 ) تشرين الثاني (نوفمبر نحن لا نملك ترف إه ـدار أي وقـت. إن تغير المناخ دون ضابط أو رابـط مع ما يترتب على ذلك من موجات جفاف مدمرة، ومجاعات، وفيضانات، ونزوح جماعي من شأنه أن يغذي موجات هجرة جديدة ويزيد بشكل كبير من وتيرة وشدة النزاعات على المياه، والأراضي الصالحة للزراعة، والموارد الطبيعية. وفي الرد على أولئك الذين يشتكون من الاستثمارات الضخمة اللازمة للتصدي لتغير المناخ وخسارة التنوع البيولوجي، بوسعنا أن نشير ببساطة إلى أن التقاعس عن التحرك الآن من شأنه أن يكلفنا أضعافا مضاعفة. من خلال التصدي لأزمات المناخ والتنوع البيولوجي، سيكون الجميع في حال أفضل، وذلـك بفضل الوظائف الأفضل، والهواء والمـاء الأكث نظافة، وانحسار الجائحات المرضية، وتحسن الصحة والرفاهية. لكن كما هي الحال مع أي تحول واسع النطاق، ستلحق التغيرات المقبلة الضرر ببعض الناس وتعود بالفائدة على آخرين، ما يوجد التوترات داخل الـدول وبينها. وبينما نعمل على التعجيل بالانتقال من اقتصاد قائم على العناصر الهيدروكربونية إلى اقتصاد قابل للاستدامة يقوم على الطاقة المتجددة، لا يجوز لنا أن نتجاهل هذه التأثيرات الجيوسياسية. على وجه الخصوص، سيدفع الانتقال ذاته تحولات القوى بعيدا عن أولئك الذين يتحكمون في الوقود الأحفوري الذي يعد المصدر الرئيس لإمدادات الطاقة العالمية والخيار الأول المستقبلي ويـصدرونه، ونحو أولئك الذين يتقنون استخدام تكنولوجيات المستقبل الـخـ اء. على سبيل المثال، سيؤدي هذا الوضع المتغير إلى تحسين موقف الاتـحـاد الأوروبي عـ الصعيد الاستراتيجي، خاصة من خلال تقليل اعتماده على بعض الــواردات من الطاقة. في عام في المائة من احتياجاتنا من 87 ، جلبنا 2019 في المائة من احتياجاتنا من الغاز 74 النفط و من الخارج، ما أرغمنا على استيراد ما تتجاوز مليار دولار" من 386" مليار يورو 320 قيمته منتجات الوقود الأحفوري في ذلك العام. عـ وة على ذلـك، مع التحول الأخـ ، ستصبح نقاط الاختناق الاستراتيجية القديمة بدءا من مضيق هرمز أقل أهمية، وبالتالي أقل خطورة. شغلت هذه الممرات البحرية الخبراء الاستراتيجيين العسكريين عقودا من الزمن. وستصبح أقل عرضة للمنافسة على الوصول إليها والسيطرة عليها من قبل القوى الإقليمية والعالمية. كما سيساعد الاستغناء التدريجي عن بعض واردات الطاقة على تقليل القدر الذي يتمتع به بعض الدول من دخل وقوة جيوسياسية، مثل روسيا التي تعتمد بشكل كبير حاليا على سوق الاتحاد الأوروبي. بطبيعة الحال، قد تؤدي خسارة هذا المصدر الرئيس للإيرادات الروسية إلى عدم الاستقرار في الأمد القريب، خاصة إذا رأي الكرملين في ذلك دعوة إلى المغامرة... يتبع. خاص بـ "الاقتصادية" .2021 ، بروجيكت سنديكيت منخلال التصديلأزمات المناخ والتنوع البيولوجي، سيكون الجميع في حال أفضل، وذلك بفضل الوظائف الأفضل، والهواء والماء الأكثر نظافة، وانحسار الجائحات المرضية، وتحسن الصحة والرفاهية. لكن كما هي الحال مع أي تحول واسع النطاق، ستلحق التغيرات المقبلة الضرر ببعض الناس وتعود بالفائدة على آخرين، ما يصنع التوترات داخل الدول وبينها. NO. 10063 ، العدد 2021 أبريل 30 هـ، الموافق 1442 رمضان 18 الجمعة د. ليون برخو leon.barkho@ihh.hj.se د. محمد راشد الشريف * أستاذ هندسة الاتصالات المشارك فرانس تيمرمانز / جوزيب بوريل * نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية * نائب رئيس المفوضية الأوروبية
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=