aleqt (10041) 2021/04/08

16 NO. 10041 ، العدد 2021 أبريل 8 هـ، الموافق 1442 شعبان 26 الخميس مصر تتزين بالتاريخ وللتاريخ حينما أرادت مصر أن تأخذ الـتـاريـخ في نـزهـة، شاهدها ملكا 18 العالم كله، وهي تنقل وأربع ملكات في موكب مهيب، ج ـاب شـــوارع الـقـاهـرة، وسط عروض ضوئية وموسيقية مبهرة، سجلت حدثا نـادرا، يحدث مرة في العمر. لم تكن هـذه "النزهة" هي الأولى للمومياوات الملكية المـــ يـــة، إنمـــا الـثـالـثـة في تاريخها، كانت النزهة الأولى من القصر الفرعوني إلى مرقدها في المدافن والمخابئ السرية، وبعد اكتشاف المدافن في القرن انتقلت في نزهة ثانية إلى 19 الـ المتحف المـــ ي الـواقـع في ميدان التحرير وسط القاهرة، أما النزهة الثالثة فكانت هذا الأسبوع، لنقل المومياوات من متحف ميدان التحرير إلى متحف جديد وأنـيـق، يقع في مدينة الفسطاط، أول عاصمة إسلامية في مصر. تحية خاصة لملوك مصر كانت مثل رحلة ملوك مـ عرض مسرحي كبير، شاهده ملايين عبر شاشات التلفزة مباشرة، فبعد عـام في المتحف 100 أن قضوا المصري، حان الوقت للانتقال في موكب إلى متحف أكثر تطورا، أطلق عليه "المتحف القومي للحضارة المصرية" في مدينة الفسطاط، جنوب القاهرة. مومياء لملوك 18 ضم الموكب وأربع مومياواتلملكات، تنتمي إلى ،20 و 19 و 18 و 17 عصر الأسرة الـ اكتشفت في مخبأين، الأول اكتشف ، والآخر في 1881 في الأقصر عام مقبرة أمنحوتب الثاني في وادي .1898 الملوك في الأقصر عام ، هم: سكنن رع، 18 الملوك الـ أحمس الأول، أمنحتب الأول، تحتمس الأول والثاني والرابع، سيتي الأول والثاني، رمسيس الثاني والثالث والرابع والخامسوالسادس والتاسع، أمنحتب الثاني والثالث، ومرنبتاح. والملكات الأربـع، هن: أحمس نفرتاري، الملكة تي، ميريت آمون، وحتشبسوت. وظهرت المومياوات محمولة على عربات مزينة بشكل خاص، على شكل كبسولات ملئت بالنيتروجين لضمان سلامتها، وصممت العربة على الطراز الفرعوني حاملة نعوشا زجاجية مؤمّنة، مع كتابة أسمائها بالهيروغليفية المصرية القديمة وكذلك باللغة العربية، قاطعة مسافة سبعة كيلو مترات خلال دقيقة، وسط حراسة أمنية 40 مـشـددة، وتقدم الموكب الـدراجـات النارية للحرس الجمهوري. وفي نهاية الرحلة، استقر الملوك أخيرا في المتحف، الــــذي افـتـتـحـه الـرئـيـس المصري عبدالفتاح السيسي قبيل انطلاق الموكب، وكان في استقبال المومياوات لحظة وصولها، فيما أطلق حرس الشرف طلقة تحية لملوك مصر من 21 أمام المتحف، في موقفسريالي. آلاف عام 6 لحن عمره لعل كثيرا من الأشياء انقرضت ولم تصلنا عن الفراعنة، لكن الموسيقى ليست أحدها، تخيل أن تسمع لحنا مصريا عمره ستة آلاف عام بآلات هذه الأيام، هذا بالضبط ما حـدث أثناء موكب المومياوات الملكية، فقد عزف الموسيقيون لحنا قديما كان يستخدمه قدامى المصريين في طقوس دفن الموتى. لمشاهدة الحدث التاريخي، لم يكتفِ المصريون بمشاهدته عبر الشاشات، بل تجمع آلاف على طول طريق الموكب لتحية الملوك من قلب الحدث، وهناك أقيمت مراسم فرعونية من ميدان التحرير، وفي نهاية الموكب أقيم حفل موسيقي، صاحبه عرض أفلام وفقرات تجسد أهمية الاحتفالية للمصريين. وازدان مـــيـــدان الـتـحـريـر بمسلة فرعونية تم جلبها من الأقـــ ، وتــم تـزيـ المباني المحيطة بالأضواء، فيما اكتمل قطعة 1600 المتحف باحتضان أثرية عن الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة، منذ عصور ما قبل التاريخ، مرورا بالعصور الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وصولا إلى العصر الحديث والمعاصر. وفي المــتــحــف، سـتـعـرض المومياوات في صناديق خاصة مجهزة بـــأدوات حديثة لضبط الـحـرارة والـرطـوبـة، وسيعرض بجانب كل مومياء التابوت الخاص بـهـا، في حــ تستقبل قاعة المومياوات الزوار ابتداء من يوم أبريل، الذي يوافق "يوم 18 الأحد التراث العالمي". وعـن الاحتفالية التاريخية، أكد خالد العناني، وزير السياحة ‏والآثار المصري، أن هذا العرض هو حدث عالمي فريد لن يتكرر، فيما يعد العرض‏جزءا من جهود مصر لإحياء صناعة السياحة التي تــررت مـن التبعات السلبية لجائحة فيروس كورونا. ومن المنتظر أن تفتتح مصر متحفها الآخر "المتحف المصري الكبير" قرب أهرامات الجيزة، في وقت لم تحدده بعد مــن الــعــام ال ـح ـالي، ويضم آثـارا فرعونية أبرزها مومياء توت عنخ آمـون "القرن قبل الميلاد"، 14 الـ ومجموعته كلها الــتــي اكتشفت ،1922 في عــام لــتــشــكــل هـــذه الــــ وح وجهة سياحية لعشاق التاريخ. مسلسل «الملك» يتوقف لأن الــ ء بالشيء يذكر، فقد أعلنت الشركة المنتجة لمسلسل "الملك" إيقاف تصويره وتشكيل لجنة عاجلة من قبل متخصصين في التاريخ والآثـار وعلوم الاجتماع لمراجعته، بعد أن كـان مقررا عرضه في المـوسـم الرمضاني المقبل، استجابة لآراء الجمهور، التي صاحبت موجة من الانتقادات الحادة. ويجسد المسلسل المـ ي التاريخي سـ ة الملك أحمس، وطــارد 18 مـؤسـس الأسرة الــــ الهكسوس، وهو مقتبس عن رواية "كـفـاح طيبة" لنجيب محفوظ أديب "نوبل" الراحل، من بطولة الفنان عمرو يوسف، وقد شهد خــ ل الأيـــام القليلة الماضية آلاف التعليقات التي توالت عقب منشورات ولقطات ترويجية للعمل على منصات التواصل الاجتماعي، كان النصيب الأكبر منها حول نجم العمل، الذي ظهر بلحية، وعينين زرقـاويـن، وبنية قوية، مفتولة العضلات، بينما تؤكد مراجع تاريخية أن الملك أحمس كان دون لحية كغيره من الملوك الفراعنة، نحيف الجسم، أسمر الوجه. كما طالت الانـتـقـادات أزيـاء الفنانة ريم مصطفى، التي جاءت عصرية، إذ ظهرت بعباءة سوداء وشعر أشقر مصبوغ، لا تتناسب وتلك الحقبة التاريخية، وانتقادات لأزياء وسمات شكلية طالت فنانين آخرين في العمل. كـــ أن أسـلـحـة المــعــارك المستخدمة ليست مـن سمات الـفـرعـوني، فيما دافـع الـعـ فنانون مشاركون في "الملك" بأنه عمل درامي بالدرجة الأولى، وليس تأريخا لتلك الحقبة، رغم إنفاق ملايين الجنيهات على تنفيذ المسلسل. وكان ممن اختاروا الحديث عن مسلسل "الملك" الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، الخبير والعاشق للتاريخ، الذي علق على من يقول: "إن العمل درامي"، بأنه "لا بد أن يشار في بداية العمل إلى أنه مستوحى فقط من التاريخ وليس له علاقة بـه"، مضيفا في مقابلة تلفزيونية أنه "لم يعجب بملابس أبطال المسلسل"، ووصفها بأنها "سيئة للغاية". وبّ أنه "حينما كان يعمل مع هوليوود لتنفيذ أي عمل تاريخي، كـان مستشارا لهم في الملابس والمعابد، بمعزل عن القصة"، متناولا أيضا لحية الفنان عمرو يوسف "التي لا يجب أن تكون، فالبيئة الفرعونية يجب أن يتم تمثيلها جيدا". ورجح حواس فشل المسلسل، لأنه "بعيد تماما عن حقيقة التاريخ الـفـرعـوني"، معلقا "أنـــا شفت نمـوذج بشع"، وقـال ما معناه: "ماذا سيخسر المخرج باستشارة رجل آثار؟". رحلة ملوك مصر كانت مثل عرض مسرحي كبير شاهده ملايين عبر شاشات التلفزة مباشرة لعل كثيرا من الأشياء انقرضت ولم تصلنا عن الفراعنة لكن الموسيقى ليست أحدها من الرياض جهاد أبو هاشم «أدب المنفى» .. رحلة البحث عن الوطن عاد الحديث، منذ مطلع الألفية الثالثة، عن "أدب المنفى"، وفرض نفسه بقوة، في العشرية الأخيرة، عقب الأحــداث التي كانت دول عربية عدة مسرحا لها. إذ لعب هــذا الأدب دورا مـحـوريـا في تقاسم كثيرين تجاربهم الحياتية المريرة، في الوطن وبين الأهل، أو في عالم الاغتراب والمنفى، أو بينهما خلال أطوار الرحلة، وتحوّل تدريجيا إلى قناة للبوح، يُكشف من خلالها عن معاناة الروح وجراح الذاكرة. لم يستقر النقاد إلى اليوم، على رأي واحـد بشأن التسمية، فتيار يتمسك برفض عـدّ "أدب المنفى" جنسا أدبـيـا بالمعني الدقيق، وسـنـده في ذلــك، أن هذا الأدب يلازم حدث النفي أو واقعته، سواء كان طوعا أو كرها، فهو شبيه بأدب المقاومة أو أدب الرحلة.. ويتسع ليضم في ثناياه الأجناس الأدبية المعروفة كافة، "شعر وروايـــة وقصة ومـ ح وسيرة وحتى اليوميات..". السجال بشأن التسمية، لا يلغي أصالة هذا الأدب وقِدمه، فقد حض عبر التاريخ، لدى شعوب، وفي ثقافات مختلفة، بأوصاف أخـرى أساسها الابتعاد القسري عـن رحــاب الـوطـن. صحيح أن حضوره بات كثيفا، بفعل العولمة وثـورة الاتصالات والمعلومات، وما يتلو لحظة مغادرة الوطن، ويرافق عملية "عبور الحدود" من تأويلات، أهي هجرة أم نفي أم لجوء. يُذكر أن الكتّاب أطلقوا تسميات أخـــرى عـ هــذا الأدب، لعل أشهرها "أدب الاغـ اب" و"أدب المـهـجـر".. وانـتـ ت التسمية الأخـ ة على نطاق واسـع، بدءا ،19 من النصف الثاني من القرن الـ ولا سيما أنها ارتبطت بقائمة مـن الشعراء المغتربين، ممن قـادوا حركة التجديد في الشعر العربي "الرابطة القلمية، العصبة الأندلسية.."، لكن الفارق بّ بينهما، فــ"أدب المنفى" يختلف عن "أدب المهجر" اختلافا واضحا، كون الأخير حبس نفسه في الدلالة الجغرافية، فيما انفتح الأول على سائر القضايا المتصلة بموقع المنفي في العالم الـذي أصبح فيه، دون أن تغيب عنه قضايا العالم الذي غادره. انتصرت الثورة التكنولوجية من جانبها، لمصلحة "أدب المنفى" عـ حـسـاب "أدب المهجر"، فالمهجرلم يعد ذاك المكان الذي تقل فيه احتمالات عودة من يذهب إليه، لأن تطور وسائل النقل والمــواصــ ت والاتــصــالات عبر الأقمار الاصطناعية غيرت الظروف وبدلت الأحوال، ما انعكس بجلاء عـ طــرق التفكير والـتـأويـل، فلم يعد المهجر بتلك الدلالة القديمة، ولم يعد الأديب غائبا عن مجريات الأحداث في وطنه، بل أضحى رغـم النفي حـاضرا، بشكل أعمق وأكـ فاعلية، في الخارج. بذلك يتجسد في الساحة الأدبية، وبشكل فعلي، مفهوم "الحضور الغياب" الفلسفي الذي طرحه فلاسفة، أمثال: هايدجر، ليفيناس، ودريدا. عربيا، حض "أدب المنفى" في الثقافة العربية عبر التاريخ، وتـــجـــ في حـــضـــور ثـيـ ت الاستبعاد والـخـروج والهجرة، حيث تصبح لحظة النفي والنبذ علامة فاصلة في حياة الفرد أو الجماعة، لما تنطوي عليه من شرخ في سـ ة الفرد مثلما في تـاريـخ الـجـ عـة. فكتب أدبــاء وشعراء نصوصا بديعة وقصائد خالدة، تؤرخ لوشائج وعلقم هذه التجربة الإنسانية. نذكر للمتنبي قوله: "وهكذا كنت في أهـ وفي وطـنـي/ إن النفيس غريب حيثما كانا"، ولأبي تمام قصيدة نختار منها: "خليفة الخض من يربع على وطـن/ في بلدة فظهور العيس أوطــاني، بالشام أهلي وبغداد الهوى/ وأنا بالرقتين وبالفسطاط إخواني، وما أظن النوى ترضىبما صنعت/ حتى تطوح بي أقصى خراسان". وقال ابن زيدون، أحد رواد هذا الجنس في الأندلس، "خليلي لا فطر يسر ولا أضحى/ فما حـال من أمسى مشوقا كمن أضحى؟، لئن شاقني شرق العُقاب فلم أزل/ أخص بممحوض الهوى ذلك السفحا". تطول القائمة، لتضم أسـ ء كبيرة، على مر الأجيال والحقب، بصمت في النثر كما في الشعر، من طينة أبي حيان التوحيدي وأبي فراس الحمداني والمعتمد بن عباد وأحمد شوقي وعلال الفاسي وطه حسين.. يُعد إدوارد سعيد، المفكر الفلسطيني، صاحب تأصيل بديع في "أدب المنفى"، بدءا من سيرته الذاتية "خارج ) التي يحمل 1999( " المكان عنوانها أكثر من دلالة على النفي والاغــ اب، وصولا إلى كتاب "تأملات حول )، الذي 2000( " المنفى يتطرق فيه سعيد إلى بـواعـث النفي وآثــاره بقوله: "النفي لا يقتصر مـعـنـاه عــ قضاء أعـــوام ي ـرب فيها المــرء في الشعاب هائما على وجهه، بعيدا عـن أسرتـه وعـن الـديـار التي ألفها، بـل يعني إلى حــد مــا أن يصبح منبوذا إلى الأبــد، محروما على الدوام من الإحساس بأنه في وطنه، فهو يعيش في بيئة غريبة، لا يعزيه شيء عن فقدان المـاضي، ولا يقل ما يشعر به من مرارة إزاء الحاضر والمستقبل". وكان المنفى آخر كتابات الشاعر الفلسطيني محمود درويــش، أربـعـة أشهر قبل رحيله، في مقالة في المجلة الثقافية "عدد "، فكتب 2008 ) نسيان (أبـريـل بروح متفلسفة عن المنفى: "هكذا يضخم المنفي جماليات بلاده، ويضفي عليها صفات الفردوس المفقود. وحيث ينظر إلى التاريخ بغضبلا يتساءل: هل أنا ابن التاريخ، أم ضحيته فقط؟ يحدث ذلك عندما يكون المنفى إجباريا …"، وهناك منفى اختياري، حيث يبحث المنفي عن شروط حياة أخرى.. عن أفق جديد، أو عن حالة من العزلة والتأمل، واختبار قدرة الذات على المغامرة والخروج من ذاتها إلى المجهول، والانخراط في التجربة الإنسانية، باعتبار الوجود الإنساني كله شكلا من أشكال المنفى. يـــبـــدو أن نبوءة درويــش تتحقق راهنا، بفضل الثورة الرقمية، وهذا ما كشفت عنه أعمال إبداعية لمبدعين معاصرين، فتجربة تخطي الحدود لم تعد شرطا للنفي، فما أكثر المنفيين داخل الوطن، وما أكثر المغتربين في حضة الوطن، أو بتعبير الشاعر "الوطن ليس دوما في الوطن، والمنفي ليس دائما في المنفى". حضر «أدب المنفى» في الثقافة العربية عبر التاريخ. يعد إدوارد سعيد المفكر الفلسطيني صاحب تأصيل بديع في «أدب المنفى» بدءا من سيرته الذاتية «خارج المكان» من الرباط محمد طيفوري في نهاية الموكب أقيم حفل موسيقي. لم تكن هذه «النزهة» هي الأولى للمومياوات الملكية المصرية. الثقافية

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=