aleqt: 5-4-2021 (10038)

14 NO. 10038 ، العدد 2021 أبريل 5 هـ، الموافق 1442 شعبان 23 الإثنين السياسية المالية 2008 في أعقاب أزمـة العالمية مباشرة، اتّخِذَت التدابير لمنع انهيار جهازي محتمل آخر. وكانت عملية الإصلاح مثيرة للجدال في ذلك الوقت، لكن التشريعات والضوابط التنظيمية ذات الصلة التي جرى تبنيها صمدت بنجاح ملحوظ. عاما، وفي مواجهة 12 بعد مـرور الأضرار البعيدة المـدى الناجمة عن جائحة فيروس كورونا في عام ، أثبتت شركات مالية خاصة 2020 ضخمة أنها أكثر مرونة وقدرة على الصمود، كما حظي صناع السياسات بالقدر الكافي من الدعم السياسي لاتخاذ خطوات ساعدت على تثبيت استقرار الاقتصاد العالمي، مقارنة بما كان ليحدث، ومن المرجح أن تضعه هذه الخطوات على الطريق . ما الذي 2021 إلى التعافي في عام قد يـأتي بعد ذلـك إذن؟ يتساءل سيمون جونسون، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، وأستاذ في كلية سلون لـإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. مع بدء بعض الدول التعامل مع ،2019 جائحة مرض فيروس كورونا من خلال برامج التطعيمفي الأغلب، بات بوسعنا - وفقا لجونسون - أن نأمل في مرحلة إصـ ح أخـرى بعد الأزمة، تهدف هذه المرة إلى الحد بشكل كبير من احتمالية حدوث جائحة عالمية أخرى أو صدمة صحية عالمية مشابهة. لكن الأمل لا يكفي. لسوء الحظ، هناك أربعة أسباب تحملنا على الاعتقاد بأن التقدم ربما يكون أبطأ وأشد صعوبة مما كانت المالية. 2008 عليه الحال بعد أزمة أولا، نحن لم نخرج من الأزمة ،2009 بعد. بحلول منتصف عام كانت الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي تـجـاوزا الأزمـــة المالية العالمية، وكــان بوسع مجموعة الدول السبع "ومعظم دول مجموعة العشرين" أن تتفق على الحاجة إلى تنظيم مـالي أكـ إحكاما للقطاع المـالي. في المقابل، لا تـزال دول كثيرة في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلكفي أوروبا، تناضلفيحربها ضد فيروس كورونا. ومن الصعب التركيز على أجندة إصلاحية عميقة في حـ لا تــزال الأزمـــة مستعرة والجيران يجادلون حول من يمكنه الوصول إلى أي كمية من اللقاح. ثانيا، لم تشهد كل الدول ذات 2008 التجربة هذه المرة. في الفترة ، كانت جميع دول العالم، 2009 - بلا أي استثناء تقريبا، عالقة في ــ أو يساورها قلق شديد بشأن ــ بعض جوانب الذعر المـالي الذي بدأ في "وول ستريت". صحيح أن التمويل العالمي يصل حقا إلى كل ركن من أركـان العالم، لكن عندما ،19 - يتعلق الأمر بجائحة كوفيد كانت بعض الدول ــ خاصة فيشرق آسيا ــ أفضل استعدادا، وتحركت بسرعة أكبر، فتجنبت بالتالي بعض التأثيرات الأشد خطورة. فالصين، على سبيل المثال، من غير المرجح أن تنظر إلى متطلبات سياسة ما بعد الجائحة عبر العدسة ذاتها التي ترى الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا الأمر من خلالها. مع ذلك، يستلزم منع الأوبئة أو التخفيف من حدتها تحركات عالمية المالية في 2008 حقيقية. كانت أزمة الأصل ظاهرة عبر ضفتي الأطلسي، مع انجرار دول أخرى إليها. لإصلاح المشكلات الأساسية ــ أو على الأقل جعل تكرار حدوثها أقل احتمالا ــ استدعت تلك الأزمة إصلاحا حقيقيا في الـولايـات المتحدة، فضلا عن القدر الكافي من التعاون في أوروبا "خاصة فيما يتصل بقواعد مثل متطلبات رأسـ ل الأسهم وكيفية التعامل مع تجارة المشتقات المالية عبر الحدود". وقد تعلمنا بكل تأكيد في الـعـام المـــاضي أن مسببات الأمــراض الجديدة من الممكن أن تنشأ في أي مكان ثم تنتشر بطرق غير متوقعة، وأننا في احتياج إلى نظام لمراقبة الأمـراض يغطي كل شخص على وجه الأرض. لكن بناء هذا النظام لن يكون سهلا ما لم تجعله كل الحكومات على رأس أولوياتها. ثالثا، من الـواضـح أن الصحة الـعـامـة الأفــضــل تكلف أمـــوالا حقيقية، ويصدق هذا بشكل خاص في الولايات المتحدة، التي قصرت بشدة في الاستثمار في توفير الرعاية الصحية الأساسية لسكانها. ولا يخلو الأمـر من بصيص من أمل، بما في ذلك قدرة أمريكا المتزايدة عـ توسيع نـطـاق الاخـتـبـارات التشخيصية، واحتمال أن تساعدنا بعض التكنولوجيات المرتبطة أيـضـا على 19 - بجائحة كوفيد التصدي لأمـراض أخـرى. لكن، من سيدفع مقابل نشر هذه التكنولوجيا في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلكفي الدول منخفضة الدخل؟ أخـ ا، هناك كثير من البيانات المهمة حول التمويل، في حين إن عبء المرض العالمي لا يُرى إلا من منظور تقريبي إلى حد كبير. من المؤكد أنه ليس من السهل علىصناع السياسات الوصول إلى جميع بيانات القطاع المالي وفهمها. ومع ذلك، نجد أن الوضع في مجال التمويل أفـضـل كـثـ ا مـن وضــع الصحة العامة، حيث لا تملك سلطات دولة ما "ولنقل مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة" سـوى قـدرة مـحـدودة للغاية على الوصول إلى ما يحدث في أماكن أخرى بالقدر الكافي من التفاصيل وحسن التوقيت بما يسمح لها بأن تكون مفيدة. الخبر السار فيما يتصل بالولايات المتحدة هو أن إدارة الرئيس جو بايدن تتعامل مع مشكلة الصحة العامة في الـبـ د، فتوفر دفعة مالية أولية مفيدة لتعزيز الاقتصاد، وترسي الأساس لتجديد الاستثمار في البنية الأسـاسـيـة المطلوب بشدة، بما في ذلك "كما نأمل" كل ما هو مطلوب لدعم صحة عامة أقـوى. ويبدو أن الإدارة الأمريكية تـدرك أيضا أن السياسة الصحية تشكل بُعدا مهما من أبعاد السياسة الـخـارجـيـة. عـ سبيل المـثـال، بمساعدة الـدول في الحصول على لقاح يمكن التعويل عليه، نعينها على التعافي الآن ونبني الثقة اللازمة للتعاون معها في المستقبل، في الكفاح الذي لا ينتهي ضد الأمراض المعدية. تُرى، هل يمكننا أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فنطبق الدروس المستفادة من الجائحة على تغير المناخ والطقس المتطرف القاسي الذي يواجه العالم؟ هل نتمكن من تطوير تكنولوجيا مفيدة لتقليص المخاطر، وبناء القدر الكافي من التعاون لنشرها ــ ودفـع تكاليف استخدامها ــ في مختلف أنحاء العالم؟ في التعامل مع الجائحة المالية، انتظرنا حتى 2008 وأزمة وقوع الكارثة، قبل أن نتحرك أخيرا. لكننا لا نملك هذا الترف عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ. هل نتمكن من تطوير تكنولوجيا مفيدة لتقليص المخاطر؟ 2008 «الجائحة» في ميزان أزمة من الصعب التركيز على أجندة إصلاحية عميقة في حين لا تزال الأزمة مستعرة والجيران يجادلون حول من يمكنه الوصول إلى أي كمية من اللقاح المالية ظاهرة عبر ضفتي الأطلسي مع انجرار دول أخرى إليها. 2008 كانت أزمة من الرياض «الاقتصادية» عكست زيارة مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي، مدى عمق العلاقة بين الأشقاء في العراق والمملكة العربية السعودية، من خلال حفاوة الاستقبال والتقارب بين الدولتين في الآونة الأخيرة، إذ مثلت الـزيـارة أهمية وحـدة المصير العربي تجاه المد الإيراني في المنطقة، من خلال الاتفاقات الاقتصادية والأمنية، التي تدعم استقرار العراق وأمنه، بتوحيد الجهود لاستعادة هيبة دولـة المؤسسات بعد عبث الميليشيات الطائفية التابعة لنظام الملالي في طـهـران الـداعـم للجماعات الانفصالية التخريبية، التي تدمر دولا عربية في سبيل الحصول على دعمها، وتمكينها من اعتلاء السلطة في تلك الدول. زيارة الكاظمي للسعودية تشكل ملامح المرحلة المقبلة أمنيا، خصوصا أن أي اصلاح اقتصادي يحتاج إلى بيئة أمنية مستقرة تجذب الاستثمارات، وانطلاقا من السياسة السعودية المبنية على حسن النوايا تجاه الأشقاء، شهدت زيـارة الكاظمي تأسيس صندوق سـعـودي عـراقـي مـشـ ك يقدر رأسماله بثلاثة مليارات دولار، إسهاما من السعودية في تعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية في العراق بما يعود بالنفع على الاقتصادين السعودي والعراقي، من خلال تعزيز فرص الاستثمار للشركات السعودية. وتعد زيـارة الكاظمي للرياض رسالة قوية تجاه محاولات الهيمنة الإيـرانـيـة، التي أتعبت العراق وشعبه مـن الفساد والـدمـار، مخلفة منه بقايا دولــة ينهشها الفساد والبطالة والـديـون، في الوقت ذاته الذي ينعم بخيراته قادة النظام الإيــراني، من خلال الحصول على اتفاقات اقتصادية ظالمة، نفذها أشخاص محسوبون على إيران، ليكون نتاج هذا الفساد المستشري في البلاد منذ سقوط ، تراجعا حكوميا 2003 بغداد في غير قادر على القيام بمسؤولياته، ليعاني العراق الفقر والطائفية والإرهـــاب، في ظل ازديــاد حركة الهجرة القسرية والطوعية، بسبب الأحداث التي عاشتها البلاد خلال عاما. 18 المملكة اليوم ملتزمة بالثوابت التي قامت عليها منذ توحيدها في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، التي تبنتها تجاه الملف العربي ووحدة المصير المشترك، تجاه التحركات التوسعية الطائفية الإيرانية وغيرها على التراب العربي مهما كان الثمن. رحلة العودة من الرياض إلى بغداد مختلفة كثيرا عن رحلة الـذهـاب، ففي انتظار الكاظمي مواجهات شرسة على الأرض، إذ تقاوم الميليشيات المحسوبة على إيــران المشاريع الإصلاحية والمستقلة التي تقوم بها الحكومة العراقية لكبح النفوذ الإيـراني، من خلال محاولاتها تهميش دور مؤسسة رئـاسـة الـــوزراء هناك والعمل ضدها، إضافة إلى التغول عـ مؤسسة الجيش العراقي بإغراء الشباب العراقي بالالتحاق بميليشيات مسلحة تعمل خارج إطـــار الــدولــة، تمتلك النفوذ والسلاح لتنفيذ عمليات وهجمات عسكرية ضد مصالح الدولة، كما يجري استهداف القواعد العسكرية الأمريكية، ما يهدد صفو العلاقة بين بغداد وواشنطن، التي ردت أخيرا على استهداف مصالحها في أربيل شمال العراق بقصف موقع حدودي بين العراق وسورية. تحركات الكاظمي نحو الحاضنة العربية، في حاجة إلى جهود كبيرة على الأرض، إذ تتداخل المشكلات في الساحة العراقية وتترابط في تسلسلها، فمجمل مشكلات الــعــراق اقـتـصـاديـة ذات بعد أمني، في ظل تهميش دور دولة المؤسسات والقانون، التي طالما عانت النفوذ الإيــراني والإرهـاب الـداعـي والـــ اع بينهما على حساب تدمير الدولة العراقية، لذلك على الكاظمي تسوية الملفات ذات الأولوية، التي تسحب البساط من تحت النفوذ الإيـراني هناك، وتسهل من تنفيذ المشروع الوطني العراقي المدعوم عربيا. طريق الكاظمي ليس مملوءا بالورود، بل على النقيض تماما فهو مليء بالأشواك على المستوى المحلي العراقي، إذ يواجه الرجل ضغوطا كبيرة من قبل قادة الحشد الشعبي المحسوبين على إيران، فالمتنفذون من قادة الحشد دعوه إلى عدم الخوضفيشؤون ليست من اختصاصه مثل تنفيذ هجمات ضد القواعد الأمريكية، خصوصا تلك التي جاءت عقب مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في بغداد العام الماضي، بغارة جوية أمريكية، حيث طالبه البعض صراحة مثل القيادي قيس الخزعلي بحصر مهامه "في تدبير الشؤون المعيشية للعراقيين، بعيدا عن المسائل الكبيرة"، قاصدا بذلك النفوذ الإيرانيفي البلاد. وسبق أن وقفت الرياض إلى جانب العراق في وجه إيران بالمال والسلاح، لكن سرعان ما انكشفت نوايا الرئيس العراقي آنــذاك، واحتل الكويت وقصف الرياض بالصواريخ، صانعا شرخا كبيرا في وحدة الكيان العربي، لكن اليوم ومع جدية رسمية وشعبية عراقية بالعودة إلى الحاضنة العربية، تقف الرياض قلبا وقالبا مع العراق في توجهاته بالانفصال عن إيران. إلى ذلـــك، يعيد الانـفـتـاح السعودي على العراق إلى الأذهان العلاقة السعودية اللبنانية، التي قدمت الرياض كثيرا من الجهود الدبلوماسية لمنح لبنان الأمن والاسـتـقـرار، لكن عــدم جدية الفرق السياسية هناك وقياداتها كلف لبنان وعمقه العربي سيطرة ميليشيا حـزب الله على الدولة اللبنانية والتغول عليها، إضافة إلى نهب مقدرات الدولة وخزانة البنك المركزي لمصلحة دعم الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني شبح الانهيار من جـراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية، إذ يخضع لبنان للهيمنة الإيرانية، بسبب ما يسمى العهد الجديد، وهـو تحالف الرئيس ميشيل عون وحـزب الله وحركة أمل، وتغليب المصالح الحزبية على المصلحة الوطنية، وتهميش باقي مكونات الشعب اللبناني، فيما تشهد هذه الأيـام استمرار استعصاء ولادة حكومة لبنانية جـديـدة برئاسة سعد الحريري المكلف منذ نحو ثلاثة أسابيع، إذ تمـارس إيــران نفوذها بشكل مضاعف لإخـراج الحكومة بشكل مشوه يمنعها من قيادة البلاد. وتهدف طهران إلى صنع نماذج حكم رسمية وشبه رسمية متوافقة مع توجهاتها، لتكون أنظمة تدير دولا فاشلة سياسيا واقتصاديا واجـتـ عـيـا، بحجة مواجهة النظام الرأسمالي ومحاربة أمريكا ومشاريعها ونفوذها في العالم وتحديدا الشرق الأوسط والخليج العربي، فيما يكمن الهدف الرئيس غير المعلن والواضح في الحصول على سلاح نووي، مدعوم ببرنامج تسليحي للأنظمة الصاروخية بعيدة ومتوسطة المــدى، التي تهدد المنطقة والعالم بـأسره، لإخضاع مزيد من الــدول لولاية الفقيه، وتأليب الأقليات الشيعية على النسيج المجتمعي للدول. ووفــقــا لمـجـريـات الأحـــداث السياسية في المنطقة، تظهر الرغبة السعودية تجاه التقارب العربي - العربي حقيقية وصادقة، ونـابـعـة مـن قلب مخلص، من خـ ل هدفها السامي المنصب عـ مساعدة شعوب المنطقة على العيش في سـ م وكرامة، فالمصالحة الخليجية، تقرب من وجهات النظر وتعزز من وحدة الــصــف الـــعـــربي، فـيـ تسير جهود لتسوية الأوضــاع القائمة في اليمن، مـن خـ ل مـبـادرات سعودية متلاحقة لإنهاء كابوس تغول ميليشيا الحوثي على البلاد، فيما ترعى المملكة أي جهود لنشر الاستقرار والسلامفي ليبيا. زيارة الكاظمي تشكل ملامح المرحلة المقبلة أمنيا وسياسيا السعودية والعراق .. قوتان في جسد عربي واحد المملكة ملتزمة بالثوابت التي قامت عليها منذ توحيدها في عهد الملك المؤسس تجاه الملف العربي ووحدة المصير المشترك جانب من الاستقبال الرسمي لرئيس وزراء العراق. ولي العهد يصحب رئيس الوزراء العراقي في جولة في الدرعية التاريخية. من الرياض محمود عبدالعزيز

RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=