aleqt (10017) 2021/03/15
NO. 10017 ، العدد 2021 مارس 15 هـ، الموافق 1442 شعبان 2 الإثنين درج التحذير في تقارير وعلى ألسنة ممثلي الأمــم المتحدة من خطر المجاعات في العالم باستمرار، لكن قلما نسمع كلاما عن معضلة فائض الطعام، وإن حدث، فغالبا ما يكون في مناسبة معينة فقط، رغم ما يكتسيه من راهنية قصوى، لا تقل أهمية عن سابقتها، وقد تتعداها متى أخِذت تداعياتها البيئية في الحسبان عند المقارنة، كما أن معالجتها قد تسهم بنسبة كبيرة في الحد من الأولى، أي المجاعة. يفيد تقرير صدر عن منظمة الأغدية والـزراعـة «الـفـاو»، بأن / 1 سكان العالم يهدرون سنويا الغذاء الموجه إلى الاستهلاك 3 البشري، وتعادل هـذه النسبة في لغة الأوزان والمقاييس، نحو مليون طن سنويا من 300 مليار و الطعام الضائع، كمية تكفي - وربما قد تزيد - لإطعام جوعى العالم كافة، المقدر عددهم مليون إنسان. 900 بنحو مـن جانبها، تـؤكـد منظمة الصندوق العالمي للطبيعة أن ما في المائة من جميع 50 إلى 33 بين المــواد الغذائية المنتجة على مستوى العالم، لا يتم تناولها أبـدا. تبقى هذه النسبة مقبولة جدا، متى تمت قراءتها في ضوء الإنتاج العالمي للطعام الحالي، مرة مما 17 فقد صارت الكمية أكثر عاما. 30 كانت عليه قبل لا تقف مشكلة الطعام المهدر عند حدود حرمان الجوعى منه، بل تتعداه نحو المساهمة بشكل كبير في تفاقم الأزمة البيئية على كوكب الأرض. تذهب تقديرات الخبراء إلى أن النظام الغذائي الــعــالمــي مـــســـؤول عـــن ثلث الانبعاثات الحرارية التي سببها الإنسان، وتعد الزراعة المكثفة سببا رئيسا لأزمة التنوع البيولوجي والتلوث العالمي، فإنتاج فائض الطعام مثلا، يضيع الربع من مصادر المياه، كما أن تحلله في مطارح النفايات، بلا أكسجين، يؤدي إلى إنتاج كميات مهمة من غـاز الميثان، عــ وة على إفـراز ثلاثة أضعاف مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتأتية من الطيران. ومن باب المقاربة، عدّ باحث أن فائض الطعام لو كان دولـــة، فستكون صاحبة ثالث أعلى انبعاثات غازية بعد الولايات المتحدة والصين. مـعـطـيـات حـــركـــت الأمـــم المتحدة، فوضعت أهدافا تحاول من خلالها مواجهة المشكلة، من أهداف 12 فحددتفي الهدف التنمية المستدامة خفض نصيب الـفـرد مـن النفايات الغذائية إلى النصف لـدى تجار التجزئة .2030 والمستهلكين بحلول عام ويتوقع أن يطرح موضوع هدر الـطـعـام، في أول قمة للأمم المتحدة حـول أنظمة الغذاء، مطلع خريف العام الجاري. وفي الـواقـع معطيات أخــرى، تفيد بأن تفاعل دول العالم، مع هذا الرهان العالمي، كان جد محتشم، لاعتبارات اقتصادية، كالرغبة في الربح، وأخـرى اجتماعية، ذات صلة بقيم وشيم الجود والكرم السائدة في الثقافة العربية. الاعتبار الأخير جعل المملكة العربية السعودية تتبوأ مراتب متقدمة، عربيا ودوليا، في قائمة الـدول الأكـ هـدرا للطعام في الـعـالم، برقم إجــ لي يتعدى ثمانية ملايين طن كل عـام، ما يجعل معدل الهدر في المملكة كيلو جراما، 427 لكل مواطن نحو وهذا ضعف المعدل العالمي. في الخليج دائما، تهدر الكويت نحو طنا سنويا، بنصيب 528 مليون و كيلو 364 فـردي يصل إلى نحو جراما في العام. يـضـيـع مـواطـنـو الــولايــات المتحدة أطعمة بقيمة تصل إلى مليون دولار، ما يعادل 162 نحو مليون طـن مـن الأكـــل، في 60 العام الواحد. وتبلغ تكلفة هذه الأطعمة على الحكومة الأمريكية مليار دولار في العام. 1.5 نحو أما في أوروبا، فبريطانيا كانت على مدار أعوام عديدة صاحبة أسوأ الأرقام، إذ تبلغ قيمة المنتجات الغذائية التي ترميها كل أسرة في يورو سنويا، 800 بريطانيا نحو وتظهر الأرقام أن ما يقدر بنحو مليون طن من الغذاء سنويا، 6.7 مليون طن من 21.7 وهذا يمثل في 32 الغذاء المشترى، أي أن المائة من الطعام المشترى، لا يؤكل في بريطانيا. النتائج ذاتها يؤكدها تقرير حديث صـدر قبل أسابيع فقط، / 3 دولــة، ليشمل 54 امتد على البشرية، مع التركيز الحصري 4 على ما يحصل للمواد الغذائية على مستوى المستهلك، وليس الطعام الذي يتلف خلال الإنتاج أو التخزين أو التوزيع. حيث أفاد بأن الطعام المهدر في المنازل وحدها كيلو جراما للفرد سنويا 74 يمثل في المتوسط حول العالم. ففي بريطانيا - على سبيل المثال - حيث يشيد التقرير بدقة البيانات، تمثل النفايات الصالحة للأكل نحو ثماني وجبات لكل أسرة كل أسبوع. 931 يضيف التقرير أن نحو مليون طن من المــواد الغذائية 2019 المعدة للاستهلاك لعام انتهى بها المطاف في صناديق في 17 النفايات، وهـذا ما يمثل المائة من إجمالي الأغذية المتاحة للمستهلكين، بـرسـم الـعـام المرجعي ذاتـه. يعادل وزن هذه النفايات، بحسب معدي التقرير، ما مليون شاحنة محملة 23 يقرب من طنا مليئة بأكملها، 40 بالكامل، تزن وهو ما يكفي للدوران حول الأرض سبع مرات. نقرأ من حين إلى آخر عن مبادرة، هنا أو هناك، لوقف الهدر، فقد أصدر مجلس الشيوخ الإيطالي - على سبيل المثال - قانونا جديدا يهدف إلى توفير مليون طن من أصـــل خمسة مـ يـ طـــن، من الطعام المهدر كل عـام، وذلك بتذليل العقبات أمام المتبرعين بالطعام، ودفـع المـزارعـ إلى التخلي عن المنتجات الـراكـدة، لجمعيات خيرية من دون تكبد تكاليف. سارت فرنسا في المنحى ذاتـه، بإقرارها قانونا يمنع هدر أطعمة المتاجر الـكـ ى، وذلك بإجبارها على التبرع بها للجمعيات المختصة بدلا من إتلافها، إن لم تتمكن من بيعها، رغم صلاحيتها للاستخدام الآدمي. حاول رواد التكنولوجيا بدورهم الدخول على الخط، بأفكار تقدم حلولا تسهم في تدوير الطعام الفائض، وإعـــادة استغلاله عن طريق تطبيقات تساعد على حل هــذه المـسـألـة. وذهـــب آخــرون حد طرح تطبيقات تساعدك على التخطيط للوجبات الأسبوعية، بما فيها تعليم كيفية تجنبشراء منتج غذائي غيرجيد. وتبقى فكرة التبادل الإلكتروني للأطعمة الفائضة أحد الحلول المقترحة لتقليل الخسائر في المائة 50 الغذائية، ولا سيما أن من الطعام المهدر يكون داخل المنازل. كل ما سبق، لا يجعل الهدف من أهداف التنمية المستدامة 12 قريب المنال، إذ لم تبق سوى تسعة أعوام فقط، ولا تزال وتيرة التصدي للمشكلة بطيئة جدا، على الصعيد العالمي. باستثناء الدنمارك التي نجحت في تخفيض كيلو جــرامــات، المسجل 105 كمتوسط إهدار منزلي سنوي في ، إلى أقل من 2014 الدولة عام النصف، بفضل عدد من المبادرات التي تتناول مشكلة إهدار الطعام، وكانت أشهرها حركة "أوقفوا هدر الطعام" لسيلينا جو المهاجرة الروسية النشيطة في مجال الأغذية قبل ثمانية أعوام. كيلو جراما للفرد سنويا في المتوسط حول العالم 74 فائض المنازل يمثل هدر الطعام العالمي يستنزف ربع مصادر المياه منظمة الصندوق العالمي للطبيعة: إلى 33 ما بين % من جميع 50 المواد الغذائية المنتجة على مستوى العالم لا يتم تناولها أبدا لا تزال وتيرة التصدي للمشكلة بطيئة جدا على الصعيد العالمي. من الرياض «الاقتصادية» تتوجه الأنـظـار مـجـددا إلى البرازيل بعد تبرئة الرئيس السابق 18 لولا دا سيلفا، الذي قضى نحو شهرا خلف القضبان، بعد اتهامه بقضايا الفساد وغسل الأموال مع عـدة مسؤولين في الـدولـة ممن خدموا معه في أثناء فترة حكمه، من قبل القاضي سيرجيو مورو، الـذي يشغل حاليا منصب وزير الـعـدل، لتتجدد آمــال الرئيس السابقفي العودة إلىحكم البلاد، التي كان رئيسها للمرة الأولى عام ، قادما 2011 واستمرت حتى 2003 من الأحياء الفقيرة، التي بدأ حياته بها كماسح للأحذية في مدينة فراتكو التابعة لساو باولو، ليكون من أبرز الرؤساء في تاريخ البلاد، خصوصا أنه المنقذ، الذي انتشلها من شبح الإفلاس، دون أن يسلب الأغنياء أموالهم أو يزيد الفقراء فقرا فوق فقرهم. دا سيلفا الـقـادم مـن رحم الأزمـــات يــرى أن سجنه فرصة لإعـادة تقييم الوضع، قائلا عن ترشحه لانتخابات العام المقبل "ليس لدى ذهني وقت للتفكير في الترشح، وعندما يحين وقت سيكون من 2022 مناقشة عـام دواعـي سرورنـا الشديد أن نعلن ذلك للشعب البرازيلي"، متوعدا بإسقاط الرئيس الـحـالي جايير بولسونارو، من خلال مخاطبته برلمانيين سابقين وحاليين في بلاده، مضيفا "اتخاذ خطوة إلى الأمام والتحدث عن كيفية الإطاحة بالرئيس الحالي سيجعلاني أكثر سعادة" - بحسب "بلومبيرج" -، فيما يرى الرئيس السابق أنه ستطرأ على بلاده تغييرات عدة، أبرزها تغيير القواعد التي فرضتها شركة النفط البرازيلية "بـ وبـراس"، مــؤكــدا سـعـيـه لـلـتـواصـل مع المـؤسـسـات السياسية ورجــال الأعـ ل وأعضاء مجلس النواب لإنشاء جبهة ديمقراطية، لمواجهة مخاطر تغول "بتروبراس" النفطية. تـعـرضـت الـــ ازيـــل لأزمـــات اقتصادية خانقة في ثمانينيات الـقـرن المـــاضي، أجـ تـهـا على اللجوء إلى البنك الـدولي بهدف الاقتراض، ليفرض عليها إجراءات مجحفة، جعلتها أسيرة لسياسات البنك الـدولي، الذي فرض عليها تسريح ملايين العاملين، إضافة إلى خفض أجور من تبقى منهم في مركزه، وإلغاء الدعم، وتوجه الاقتصاد نحو الانهيار، ما جعلها عرضة لتدخلات أطراف خارجية في تحديد مصيرها، حتى طالب البنك الدولي البرازيل بإقرار تشريعات دستورية، ما أثار حفيظة الشعب الـ ازيـ وأشعل شرارة التوتر السياسي في البلاد، لكن الرئيس السابق عند وصوله إلى منصبه لجأ 2003 كرئيس للبلاد في عام إلى سياسة متفردة، ناجحة في نتائجها، مرضية لجميع الأطراف. حـظـيـت تـجـربـة دا سيلفا المتوازنة بقبول شعبي واسع شمل أصحاب رؤوس الأمـــوال وعامة الشعب، فلم يكن يرسم خطته للإنقاذ باللجوء إلى جيب الشعب ومدخراته، لكن لجأ إلى سياسات تقشفية مقبولة بـدأت من رأس الهرم أي مؤسسة الرئاسة وطالت جميع القطاعات، لتتمكن الدولة من النهوض بنفسها وتصبح قوة اقتصادية حقيقية، ومنافسا عالميا في مختلف المجالات التنافسية الاقتصادية، لتصبح البرازيل في المرتبة التاسعة على مستوى أكبر اقتصادات العالم، وفي المرتبة الأولى على مستوى أمريكا اللاتينية مع متوسط ناتج محلي للفرد يبلغ نحو ستة آلاف دولار في عام ، بعد أن كانت تعاني ما 2007 ،2002 يسمى "أزمـة الثقة" عام لتتصدر في الوقت الحالي البرازيل مكانة مرموقة كأحد أكبر المصدرين في الـعـالم، حيث وصـل حجم مليار دولار 137.6 صادراتها إلى ، فيما تشير 2006 أمريكي في عام توقعات المحللين الاقتصاديين إلى أن تتصدر البرازيل قائمة التصدير .2050 حتى نجاح سياسة دا سيلفا كان في سر الخلطة، التي اعتمدها، إذ رفع الضرائب على رجال الأعمال والفئات الغنية من الشعب، في المقابل منحهم تسهيلات كبيرة في الاستثمار وآلية تشغيل وتسيير لأعمالهم، إضافة إلى منح الأراضي مجانا، وكذلك تسهيل التراخيص وإعـطـاء قـروض بفوائد صغيرة ومساعدتهم عـ فتح أسـواق جـديـدة، في المقابل استبدل الدعم العيني بدعم نقدي، من خلال وضع بند في الموازنة العامة للدولة سماه "الإعانات الاجتماعية في المائة من 5 المباشرة" قيمته الناتج القومي للدولة يصرف في صورة رواتب مالية مباشرة للأسر 735 الفقيرة، هذا الدعم وقيمته مليون أسرة 11 دولارا يدفع لـــ مليونا برازيليا. 64 تشمل تشير الـدراسـات إلى تضاؤل فرص إعادة انتخاب الرئيس الحالي أمام هذه الإنجازات، خصوصا في ظل جائحة كورونا، إذ إن الرئيس ممن أنكروها جملة وتفصيلا، وهـو صاحب المقولة الشهيرة "إذا كانت حياتي في خطر فتلك مشكلتي أنا"، حتى اكتوى بنيرانها، ليصاب بها ويغيب عن الحكم فترة من الزمن بهدف العلاج، فيما مليون إصابة، 11 تسجل الدولة وربـــع مليون ضحية مـن جـراء الفيروس، فيما تتصدر البرازيل المرتبة الثانية في عدد الوفيات الناجمة عن مضاعفات الإصابة بعدوى كورونا، وعلى الرغم من كل ذلك ينتقد الرئيس بولسونارو "اندفاع العالم" لتوفير لقاح ضد فـ وس كـورونـا، مشيرا إلى أنه "لا يوجد ما يبرر اندفاع العالم لتوفير اللقاح"، مبررا انتقاده بأنه "يرى أن الوباء يقترب من نهايته"، وسبق أن واصل استخفافه بشراسة الفيروس وخطورته بلهجة ساخرة بأن "التطعيم سيكون مطلوبا، لكلبي فقط". حالها حال جميع الدول تعاني البرازيل اقتصاديا بسبب الجائحة وآثارها، إذ حذر وزير الاقتصاد البرازيلي باولو جويدز من انهيار البرازيل ماليا إذا مضت الحكومة قدما في إنشاء صندوق جديد لتعويض الــولايــات البرازيلية عن الإيـــرادات المفقودة نتيجة الجائحة، مؤكدا أن ديون البرازيل تزايدت بشدة خلال كورونا، في الوقت الذي تطالب فيه حكومات الولايات البرازيلية بتضمين إصلاح الـنـظـام الـ يـبـي، مــن خـ ل إنشاء صناديق تعويض تنموية إقليمية، لتعويضها عن الخسائر التي تكبدتها بسبب الجائحة، فيما ضخ بنك التنمية الوطني البرازيلي مليار دولار، بهدف 11 سابقا حماية الوظائف إزاء تبعات انتشار الفيروس. يتطلع الشعب الـ ازيـ إلى الانـتـخـابـات الرئاسية المقبلة بـشـغـف، لـتـحـديـد خـيـارهـم الديمقراطي، لكن الأزمــات التي عصفت بهم، خصوصا الجائحة، أعـــادت بهم الحنين إلى أطـ ل الـرئـيـس الـسـابـق، فيما يشكل خروجه من المعتقل قفزة نوعية ومعنوية، أحيت الآمال للشعب، بـعـودة الازدهــــار الاقـتـصـادي، واستعادة سمعة الدولة الجيدة ومكانتها الطبيعية بين الكبار، خصوصا أن البلاد نابتها سمعة سيئة بسبب تصرفات الرئيس، الـــذي شبهه كـثـ ون بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، المعروف عنه شخصيته الجدلية والتصرفات غير المتوقعة. الرئيس السابق القادم من رحم الأزمات يرى أن سجنه فرصة لإعادة تقييم الوضع البرازيل .. الاستخفاف بكورونا يهدد بولسونارو ويعزز فرصدا سيلفا الرئيس السابق لولا دا سيلفا من الرياض محمود عبدالعزيز حظيت تجربة دا سيلفا المتوازنة بقبول شعبي واسع شمل أصحاب رؤوس الأموال وعامة الشعب فلم يكن يرسم خطته للإنقاذ باللجوء إلى جيب الشعب الرئيس الحالي جايير بولسونارو السياسية 15
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=