aleqt (10002) 2021/02/28
الرأي المطلوب من جميع دول العالم أن تسرع إلى تطبيق منهج الرقمنة في كل أعمالها، وأن تواجه بشجاعة جائحة الفقر في الفنيين الرقميين حتى لا تقع فريسة وباء الجهل الرقمي، الذي بدأ يلمح إلى خطورة غياب أصحاب المهارات الرقمية عن مؤسساتنا الإدارية والفنية. العصر الاصطناعي ومستقبل الوظائف لم يعد في مقدور الشركات والمؤسسات الإبقاء علىموظفيها التقليديين، وبالذات في الإدارة العليا، إذ إن العصر الاصطناعي بدأ يدق بقوة أبواب هذه الشركات ويطالبها بإحلال موظفين من أصحاب المهارات الرقمية محل الموظفين التقليديين الذين لم يستطيعوا أن يغيروا بوصلة مهاراتهم ويحموا شركاتهم من الخسائر الفادحة التي أخذت تهدد بقاء واستمرار الشركات. ويرى أصحاب الشركات أن حظوظ شركاتهم في المستقبل مرتبطة بشكل كبير بقدرتها على اجتذاب مجموعة من العاملين المؤهلين في مجالات تكنولوجيا المعلومات، وأن الصبر على الموظفين التقليديين قد نفد، وأن الوقت قـد حـان كي يـغـادر الموظفون التقليديون مواقعهم للمؤهلين والمتخصصينفي تكنولوجيا المعلومات. ووفقا لما ورد في تقرير مستقبل الوظائف في مليون وظيفة 75 من المتوقع أن يتم إلغاء 2018 ، وفي الوقت نفسه فإن العالم 2022 بحلول مليون وظيفة 133 الرقمي يستطيع أن يوفر نحو في إطـار الوظائف الرقمية التي بـدأت تجتاح المؤسسات والشركات في كل أنحاء العالم. وما يجب أن نسلم به أن نقص الكوادر الفنية المدربة بات يطول كل دول العالموليس فقط دولا بعينها .وترى دول الخليج العربي أنها معنية جدا بتوفير وتأهيل مزيد من الكوادر الرقمية حتى لا تتعرض خططها التنموية الطموحة إلى الانحسار بسبب عدم توافر الكوادر الرقمية التي يقع عليها عبء تحريك المشاريع وتنفيذ برامج الخطط التنموية، وعلى سبيل المثال، فإن المؤسسات الصحافية في دول الخليج هي أكثر المؤسسات التي تحتاج إلى توفير الكوادر المؤهلة رقميا، وإلا فإن البديل المؤسف هو الإغلاق ــ لا سمح الله ــ ومغادرة سوق الإعلام. وفي ضوء ذلك، فإن سوق العمل ستحتاج إلى إعادة تشكيل المهارات الوظيفية في المائة من الموظفين بحلول 54 لما لا يقل عن .2022 حتى لا نذهب بعيدا، فـإن دول العالم جميعها في حاجة إلى تطوير مناهجها التدريبية والتعليمية، بحيث يوفر النظامان التدريبي والتعليمي العدد المطلوب من الكوادر الماهرة في مجالات تقنية المعلومات. ولـذلـك نستطيع الـقـول، إن المؤسسات والشركات ترى أن حظوظها المستقبلية مرتبطة بشكل متزايد بقدرتها على اجتذاب مجموعات من العاملين الماهرين في مجالات تكنولوجيا المعلومات، ومن المتوقع أن يصبح هذا النقص أكثر حدة في الأعوام القليلة المقبلة مع دخول الثورة الصناعية الرابعة في مراحلها المتقدمة. ووفقا للبيانات الصادرة عن مؤسسة استشارات سيكون هناك 2030 الموارد البشرية أنه بحلول مليون موظف في 85 نقص عالمي يزيد على مجالات تقنية المعلومات، وهذا النقص يمثل تريليون 8.5 عائدات سنوية ضائعة قيمتها نحو دولار. وبناء على ذلـك تتوقع مؤسسة كورن فيري، أن تشهد الولايات المتحدة وروسيا نقصا قوامه ستة ملايين عامل لكل منهما، في حين قد تواجه الصين عجزا في القوى العاملة يقدر بـ مليون عامل من ذوي المهارات في تكنولوجيا 12 المعلومات. ويقول آلان جورينو رئيس مجلس إدارة مؤسسة كورن فيري، إن هناك طلبا مرتفعا على علماء البيانات ومهندسي البرمجيات والمبرمجين وخبراء الحوسبة السحابية ليس فقط في شركات البرمجيات وشركات التكنولوجيا، وإنما أيضا في الشركات المالية الكبرى التي أصبحت التطبيقات الرقمية فيها من أهـم أدوات تنفيذ الأعـ ل وتحقيق التقدم، وفي ضوء ذلك، فإن المخاطر الاقتصادية ستتزايد مع تغلغل التكنولوجيا في عدد متزايد من القطاعات، فقد ارتفعت حصة التكنولوجيا من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بأكثر من ستة أضعاف منذ . وهـذا يعني أن النقص في المهارات 1980 البشرية سيؤدي إلى خسائر كبيرة لأي اقتصاد يعاني عجزا ونقصا في القوى العاملة المدربة والمؤهلة. ونلاحظ في المؤسسات المختلفة لدى دول الخليج نقصا ملحوظا في المهارات، وأن من يدير المؤسسات اليوم هم مجتهدون ينقصهم مزيد من الدراسات، ونؤكد أن الرقمنة مجموعة مجالات علمية تحتاج إلى دراســات ومؤهلات متخصصة ولم تعد مجرد اجتهادات شخصية. إن التغيرات الكبيرة في سوق العمل يجب أن تتبعها تغيرات كبيرة في النظام التعليمي وبناء المهارات، ونعترف أنه لم يسبق أن كان الاستثمار في البشر له هذه الأهمية التي تشهدها أسواق العالم اليوم. إن الثورة الصناعية الرابعة جعلت رأس المال البشري هو حجر الزاوية للنجاح والبقاء والاستمرار. ويـبـدو أن جائحة كـورونـا أكــدت ضرورة الاهتمام بالاستثمار البشري كمورد مهم من موارد استمرار الحياة وتحقيق النجاح والأرباح، حيث إن الطلب على الأطباء والممرضين والأطقم الطبية بلغ أقصىمداه في فترة اجتياز الوباء لكل أنحاء دنيانا. إن المطلوب من جميع دول العالم أن تسرع إلى تطبيق منهج الرقمنة في كل أعمالها، وأن تواجه بشجاعة جائحة الفقر في الفنيين الرقميين حتى لا تقع فريسة وباء الجهل الرقمي، الذي بدأ يلمح إلى خطورة غياب أصحاب المهارات الرقمية عن مؤسساتنا الإدارية والفنية. المؤسسات الصغيرة .. المشورة مع التمويل أولى درجات سلم الأعمال التي وإن زلت القدم فيها وتجب المحاولة مرة ومرات أخرى هي المؤسسات الصغيرة، ولذا تحرص الدول ومنها بلادنا على دعم السالكين لهذا التدرج لإيجاد شريحة قوية تستطيع الانتقال إلى المستوى المتوسط ثم إلى قطاع الأعمال القوي والمشاركفي تشكيل الاقتصاد الوطني مع بقية القطاعات الأخـرى، وعلى صعيد الشباب والشابات الذين أصبحت أقدامهم على أولى درجــات سلم الأعمال بعد انتظار طويل للوظيفة، فإن آمالهم كبيرة بأن يشار إليهم وإليهن في المستقبل مع كبار رجال وسيدات الأعمال في دولة دورة النجاح فيها سريعة، حيث تتمتع بسوق كبيرة وكثافة سكانية مناسبة مع دعم كبير من الدولة. يقول أحدهم: حينما تخرجت من الجامعة بحثت طويلا عن وظيفة ولم أجد، ولعل ذلك كان خيرا لي فقد اتفقت مع مجموعة من الزملاء على تكوين شركة صغيرة لتجارة المواد الغذائية وبدأنا، ثم واجهتنا مشكلة التمويل واستلفنا من جميع أقاربنا، واكتشفنا أن التمويل وحده لا يحقق النجاح، وإنما نحتاج إلى رأي وتخطيط يعتمد على خبرة لا تتوافر لدينا، ومن تجربة هؤلاء الشباب أقول، إن المشورة يجب أن تصاحب التمويلحتىلا يتمصرفرأسالمال والقروضدون أن يتحقق النجاح، وليس معنى ذلك أنني أقلل من خطوة توفير التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي اتخذتها الدولة بتأسيس بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة بهدف التوسع في التمويل الرأسمالي وكفالة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام الجهات في 95 التمويلية عبر برنامج كفالة بنسبة تصل إلى المائة من حجم القرض، كما يدرس الإقراض المباشر ضمن الحلول التي سيطلقها البنك خلال العام الجاري. ويقول المهندس صالح الرشيد محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، إن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يحظى بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة، وقد تجسد هذا الاهتمام بإطلاق بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي سيكون مظلة موحدة لتمويل هذا النوع من المؤسسات عبر مختلف حلول التمويل. وهنا أضيف أن المشورة لا تقل أهمية عن التمويل وأقترح على "منشآت" التعاقد مع بيوت خبرة سعودية لتقديم الاستشارات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على أن تكون هذه البيوت الاستشارية قادرة على استحضار التجارب الناجحة للدول الأخرى في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويأتي هذا الدعم الاستشاري على غرار ما تقدمه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للجمعيات الأهلية والخيرية عبر مكاتب مراجعة الحسابات والاستشارات الإدارية، التي تتعاقد معها الوزارة على حسابها وتقدم خدماتها مجانا لهذه الجمعيات. وأخيرا: دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من " التي تشمل جميع 2030 أهم أهداف ومحاور "رؤية قطاعات العمل والإنتاج، ولعل هذا المحور بالذات يعد من أهم حلول مشكلة البطالة التي تعانيها دول العالم، فالحلول لم تعد إحداث وظائف فقط، وإنما فتح مجال الأعمال الحرة لاستيعاب الشباب والشابات عند تخرجهم من الجامعات مع تقديم المشورة والتمويل الميسر، الذي يضمن نجاح مؤسساتهم الصغيرة لتصبح متوسطة ثم كبيرة في وقت قياسي. » 3 من 2 اجتناب التباعد .. مفترق طرق للاقتصاد العالمي « ومن شأن هذا التباعد المفروض أيضا أن يعمق الندوب الاقتصادية طويلة الأجل الناجمة عن الأزمة، ما يمكن أن يزيد من صعوبة الحد من عدم المساواة وتعزيز النمو والوظائف. ولنفكر في تحديات الفترة المقبلة: فبالنسبة لاقتصادات مجموعة العشرين وحدها، من المتوقع مليون 25 أن تبلغ خسائر الوظائف الكلية أكثر من ،2022 مليونا في 20 وظيفة هذا العام ونحو مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة. وبالتالي، مرة أخرى، نجد أنفسنا في مفترق الطريق – فإذا أردنا تحويل مسار هذا التباعد الخطر بين الـدول وداخلها، يجب أن نتخذ إجراءات قوية وفورية على صعيد السياسات. وأرى هنا ثلاث أولويات: أولا، تكثيف الجهود لإنهاء الأزمـة الصحية: نعلم أن الجائحة لن تنتهي في أي مكان إلى أن تنتهي في كل مكان. ورغـم انخفاض الإصابات الجديدة أخيرا على مستوى العالم، فإننا نشعر بالقلق من احتمال الحاجة إلى جولات متعددة من التلقيح بغية الحفاظ على المناعة من السلالات المتحورة الجديدة. ولهذا نحتاج إلى تعاون دولي أقوى بكثير من أجل تسريع نشر اللقاحات في الدول الفقيرة. ومن الـروري توفير تمويل إضافي لتأمين الجرعات المطلوبة وسـداد تكلفة الترتيبات اللوجستية. وبالتالي، فمن الـــروري أيضا إعــادة توزيع اللقاحات الزائدة في الوقت المناسب من دول الفائض إلى دول العجز، وتحقيق زيادة كبيرة في وما بعده. وأحد 2022 طاقة إنتاج اللقاحات في الخيارات التي قد تكون جديرة بالنظر تأمين منتجي اللقاحات من مخاطر الإنتاج الزائد عن الحاجة. ونحتاج أيضا إلى ضمان إتاحة مزيد من الأدوية واختبارات الكشف عن الفيروس، بما في ذلك تحديد السلاسل الجينية للفيروس، مع تجنب فرض قيود علىصادرات الإمدادات الطبية. وهناك حجج اقتصادية دامغة تؤكد أهمية العمل المنسق. ومن الممكن أن يؤدي تعجيل التقدم في إنهاء الأزمة الصحية إلى رفع الدخل العالمي بمقدار تسعة تريليونات دولار على أساس تراكمي في . ومن شأن هذا أن يعود بالنفع 2025-2020 الفترة على كل الدول، بما في ذلك نحو أربعة تريليونات دولار تحصل عليها الاقتصادات المتقدمة – وهو ما يتجاوز بكثير أي مقياس للتكاليف ذات الصلة باللقاحات. ثـانـيـا، تكثيف الـجـهـود لمكافحة الأزمــة الاقتصادية: اتخذ العالم إجراءات متزامنة وغير مسبوقة بقيادة دول مجموعة العشرين، بما في تريليون دولار تقريبا. 14 ذلك إجراءات مالية بقيمة وينبغي للحكومات أن تبني على هذه الجهود بالاستمرار في تقديم الدعم من المالية العامة – مع معايرته وتوجيهه بما يتلاءم مع مرحلة الجائحة، وحالة الاقتصاد، ومجال الحركة المتاح من خلال السياسات. والأمر الأساسيفي هذا السياق هو الحفاظ على الأرزاق، مع السعي لضمان عدم تدهور الأوضاع في الشركات التي كانت تتمتع بمقومات البقاء قبل الأزمة. ولا يتطلب هذا إجراءات مالية فحسب، بل يتطلب أيضا الحفاظ على أوضاع مالية مواتية من خلال سياسات نقدية ومالية تيسيرية، ما يدعم تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات. كذلك أدى التيسير النقدي الكبير من جانب البنوك المركزية الكبرى إلى تمكين عدة اقتصادات نامية من استعادة فرص النفاذ إلى أسواق رأس المال العالمية والاقتراض بأسعار منخفضة قياسية لدعم الإنفاق، رغم حالات الركود التاريخية التي تمر بها. ونظرا لجسامة الأزمة، فلا بديل لاستمرار الدعم الـذي تقدمه السياسة النقدية. غير أن هناك بواعث قلق مشروعة بشأن العواقب غير المقصودة، بما في ذلك الإفــراط في المخاطرة وطفرات السوق اللاعقلانية. ومن إحدى المخاطر في المرحلة المقبلة – خاصة في ظل تباين مستويات التعافي – احتمال تقلب السوق استجابة لتغير الأوضاع المالية. وسيكون على البنوك المركزية الكبرى الإفصاح بعناية عن خطط سياساتها النقدية للحيلولة دون التقلب الزائد في الأسواق المالية، سواء في الداخل أو في بقية العالم. ثالثا، تعزيز الدعم للدول المعرضة للخطر: نظرا للموارد المحدودة وحيز الحركة الضيق من خلال السياسات، قد يواجه عديد من دول الأسواق الصاعدة والدول منخفضة الدخل في وقت قريب عملية اختيار قاسية بين الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي ومعالجة الأزمة الصحية وتلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها. وزيادة تعرض هذه الدول للمخاطر لا تؤثر في آفاق التعافي من الأزمة بالنسبة لها فقط، بل تؤثر أيضا في سرعة التعافي العالمي والنطاق الذي يغطيه، ويمكن أن يكون عاملا مزعزعا للاستقرار في عدد من المناطق الهشة أصلا. وستحتاج الدول المعرضة للخطر إلى الحصول على دعم كبير في إطار جهد شامل... يتبع. من إحدى المخاطر في المرحلة المقبلة – خاصة في ظل تباين مستويات التعافي – احتمال تقلب السوق استجابة لتغير الأوضاع المالية. وسيكون على البنوك المركزية الكبرى الإفصاح بعناية عن خطط سياساتها النقدية للحيلولة دون التقلب الزائد في الأسواق المالية، سواء في الداخل أو في بقية العالم. 1987 أسسها سنة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز جريدة العرب الاقتصادية الدولية www.aleqt.com 1992 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير عبدالرحمن بن عبدالله المنصور مساعد رئيس التحرير عبدالله البصيلي مديرو التحرير علي المقبلي سلطان العوبثاني حسين مطر المراسلات باسم رئيس التحرير edit@aleqt.com NO. 10002 ، العدد 2021 فبراير 28 هـ، الموافق 1442 رجب 16 الأحد 11 aaalshiddi@gmail.com علي الشدي dr.amin.saaty@gmail.com د. أمين ساعاتي * كاتب اقتصادي وعضو هيئة تدريس كريستالينا جورجييفا * مدير عام صندوق النقد الدولي
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjc5MDY=